أوجه التشابه والاختلاف بين الكوتش والمنتور
لقد تناولتَ القهوة للتو مع أحد زملائك في العمل، ودارت بينكما واحدة من أروع المحادثات في حياتك، فقد ساعدت زميلك على حل مشكلة كانت تعوق تقدُّمه منذ عامين، فيشكرك ويقول لك: "يجب أن تكون كوتشاً"، وبعدها تخرج من المقهى والسعادة تغمرك، وقلبك مفعم بالامتنان، وتتطلع إلى مساعدة الآخرين، وعلى الرغم من أنَّ الفكرة أثارت اهتمامك، إلا أنَّك لا تعرف ما هو الكوتشينغ بالضبط.
تصل إلى المنزل وتبدأ البحث في هذا الأمر، وبمجرد كتابة الكلمة في محرك البحث، تحصل على ما يقرب من مليار نتيجة، إضافةً إلى مصطلح آخر يشبه الكوتشينغ، وهو المنتورينغ، فيزداد الغموض وتصبح عاجزاً عن معرفة المسار الذي يجب عليك اتباعه؛ لذا سوف نتعمق في هذا المقال لتحديد أوجه التشابه والاختلاف الرئيسة بين الكوتشينغ والمنتورينغ، ولنوجِّهك نحو المسار الصحيح.
أوجه التشابه الرئيسة بين الكوتش والمنتور:
هناك الكثير من العناصر المتشابهة بين الكوتشينغ والمنتورينغ، مثل: إقامة علاقة متينة بينك وبين عملائك، ودعم تطورهم، ورعاية العلاقة في الوقت الذي تعملون فيه معاً، وجوهرياً، يلتزم كل من الكوتش والمنتور بنجاح العميل، لكنَّهما غير مرتبطين به، فكلاهما يأمل أن يحصل العميل على أفضل قيمة من محادثاتهما، ويعلمان أنَّ مسؤولية اتخاذ الإجراءات الضرورية وتحقيق النتائج المرجوة تقع على عاتق عملائهم؛ إذاً، ما الفرق بينهما؟
أوجه الاختلاف الرئيسة بين الكوتش والمنتور:
على الرغم من تشابه الكوتشينغ والمنتورينغ في نواحٍ كثيرة، إلا أنَّ هناك بعض الاختلافات في النهج، وأهم اختلاف بين الدورين هو أسلوب تقديم المعلومات، فالنهج الأساسي للمنتور هو تقديم النصح، في حين أنَّ الكوتش نادراً ما يفعل ذلك؛ يقدِّم المنتور التوجيه والمعلومات، بينما يقدِّم الكوتش الإرشاد لاكتشاف تلك المعلومات.
تُعرِّف هذه الاقتباسات الشهيرة بوضوح كلا النهجين:
"يحرر الكوتشينغ إمكانات العملاء لتحسين أدائهم، فهو يساعدهم على التعلُّم بدلاً من تعليمهم". - تيم غالوي (Tim Gallwey).
"المنتورينغ هو عقل يستشيره العملاء، وأذن تستمع إليهم، وتوجيهٌ نحو الاتجاه الصحيح". - جون كروسبي (John Crosby).
هناك اختلاف رئيس آخر وهو أنَّ الكوتش لا يحتاج إلى معرفة أو مهارات أو خبرة سابقة في موضوع معين، بينما عادة ما يكون المنتور خبيراً في الموضوع، ولديه معرفة واسعة لدعم العميل، ويتركز دور الكوتش الرئيس على طرح الأسئلة واستنباط الأفكار؛ حيث يعرف الكوتشز أنَّ كل شخص لديه كل ما يحتاج إليه في داخله للوصول إلى الحياة التي ينشدها؛ لذلك، هم يبحثون عن طرائق لاستنباط أفكارهم حتى يتمكنوا من رؤية ذلك أيضاً.
من ناحية أخرى، ينصب تركيز المنتور على مشاركة الخبرة وتقديم المشورة؛ حيث يستخدم المنتورز معرفتهم ومهاراتهم وخبراتهم لتوجيه الآخرين، وعلى الرغم من أنَّهم يعرفون أنَّ عميلهم قادر على تحقيق النتائج التي يريدها، إلا أنَّهم يلعبون دوراً مباشراً في المحادثة.
يُسهِّل الكوتشينغ الوعي والتعلم الموجَّه ذاتياً، بينما يشارك المنتورز حكمتهم لتقديم المعرفة والتوجيه، وهذا هو السبب في أنَّك سترى أنَّه في جلسة المنتورينغ، سيتحدث المنتور معظم الوقت، بينما في جلسة الكوتشينغ، سيكون الكوتش هادئاً ويستمع إلى ما يقوله العميل في معظم الوقت، ويبدأ المنتور العلاقة مع عميل يعرف بالفعل ما يريده قبل بدء المحادثة، بينما يساعد الكوتش العميل على تحديد ما يريده وكيفية تحقيقه بنفسه.
أي النهجين يناسبك أكثر؟
الآن بعد أن عرفت أوجه التشابه والاختلاف بين الكوتش والمنتور، لنتعمق أكثر في معرفة أيهما أفضل بالنسبة إليك.
- يستمتع الكوتش بالفضول الذي يرى به الطرف الآخر عالمه، بينما يستمتع المنتور بمشاركة معرفته، وتوجيه عملائه لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة لهم.
- يستخدم الكوتش تجارب عملائه لتحقيق النتائج التي يريدونها، بينما يستخدم المنتور تجربته الشخصية لمساعدة عملائه على تحقيق النتائج التي يريدونها.
- يشجع الكوتش عملائه على التحلي بالمسؤولية الذاتية تجاه أفعالهم، بينما يقود المنتور عملية إرشاد وتوجيه مع عملائه.
- يركز الكوتش على مساعدة عملائه على فهم ما يريدونه حقاً، والتفكير في وجهات نظر مختلفة، واستكشاف إمكانات جديدة، بينما يعمل المنتور مع عملائه لمنحهم إرشادات مفصلة لتحقيق الهدف الذي حددوه مسبقاً.
- يتمتع الكوتش بعلاقة رسمية مع عملائه حيث تكون الجلسات مُنظَّمة ومحددة للعمل على تحقيق أهدافهم، بينما تكون علاقة المنتور بعملائه غير رسمية وتعتمد على مدى توفره.
كيف تجد الكوتش أو المنتور المناسب؟
إذاً، ربما تكون قد بدأت رحلة تحقيق أهدافك، ولكنَّك تبحث عن بعض الدعم الخارجي من قِبل كوتش أو منتور، وتريد أن تعرف كيف تجد الشخص المناسب.
كيف تجد المنتور المناسب؟
- عليك أن تكون واضحاً بشأن ما تريد تحقيقه على الأمدَين القصير والطويل، وكلما كنت أكثر وضوحاً بشأن أهدافك، هان عليك العثور على المنتور المناسب لك؛ وذلك لأنَّك ستعرف نوع الخبرة التي تبحث عنها.
- فكر في شخص تحبه أو تعدُّه قدوة لك، أو في الشخص الذي تريد أن تصبح مثله في السنوات الخمس أو العشر القادمة، مما يساعدك على معرفة صفات المنتور الذي تبحث عنه، ثم ابدأ بالبحث في شبكة معارفك الحالية.
- ابحث عن شخص لديه الوقت والاستعداد لمساعدتك في أثناء العملية حتى يكون هناك التزامٌ ومثابرة في علاقتك معه.
- كن واضحاً بشأن أي مجال من حياتك تحتاج إلى دعم فيه، فقد يكون مرتبطاً بحياتك أو علاقاتك أو مهنتك؛ وربما لست بحاجة إلى أهداف محددة، وإنَّما تحتاج فقط إلى معرفة أنَّك مستعد للتغيير والنمو في هذا المجال المحدد.
- ابحث عن كوتش متخصص في المجال الذي تريد تحسينه، وقرر ما المؤهلات الهامة أو غير الهامة بالنسبة إليك عند اختياره.
- ابحث عن شخص يفهمك، ويستمع لك دون أن يحكم على تصرفاتك، ويوفر لك بيئة آمنة لاستكشاف فرص ووجهات نظر جديدة؛ ويُفضَّل أن تجد شخصاً مرَّ بما تمر به الآن كونه يعرف أفضل الأساليب لمساعدتك.
كيف تجد الكوتش المناسب؟
يعتمد الوقت المناسب للبحث عن كوتش أو منتور على المرحلة التي أنت فيها الآن على الصعيد الشخصي والمهني، وعلى المرحلة التي تريد الوصول إليها، والعقبات والتحديات التي تواجهها، ونوع الدعم الذي تحتاج إليه.
لن يؤدي وجود شخص يدعمك في رحلتك إلى تسهيل تحقيق أهدافك فحسب؛ بل سيساعدك أيضاً على النمو على نحو أسرع وتحقيق أهدافك بكفاءة أكبر.