العقد في الكوتشينغ ضمانة لمنع الاحتيال
يفهم الكوتشز المحترفون والمختصون القيمة الجوهرية للتعاقد، حيث يشكل ضمانة لمنع الاحتيال والتلاعب بعملية الكوتشينغ، ويسمح بتوضيح المساعي والجهود المبذولة كافة لتعليم المتدربين ومدهم بالخبرات اللازمة ضمن إطار محدد.
ما هو العقد؟
يعرِّف قاموس أكسفورد الإنكليزي (Oxford English dictionary) العقد والاحتيال بما يأتي:
- العقد: الدخول في اتفاقية رسمية ومُلزِمة بالقانون.
- الاحتيال: عملية خداع تنطوي على أموال وسلع وما إلى ذلك، بحيث يستغل فيها المحتال ثقة الضحية.
أنصح بشدة بإبرام عقد لعملية الكوتشينغ؛ ولا أقصد بالعقد الاتفاق حول نسبة الدفع وترتيبات فسخ العقد وما إلى ذلك، بل إبرام اتفاقية واضحة تتضمن توضيح الأدوار والمسؤوليات وجميع الأمور الأساسية منذ البداية، وضمان التلخيص المستمر لتعلم العميل والاهتمام بالمسائل المطروحة في كل جلسة كوتشينغ.
برأيي، قد يكون عدم وجود عقد أو عدم وجود رغبة في وضعه مؤشراً على الاحتيال؛ فالتعاقد ليس اتفاقاً هيكيلياً فحسب، إذ لابدَّ أن يتضمن خطة، بحيث تتصدر مشكلات العملاء أساس العقد.
ينطوي العقد عموماً على عاملين اثنين:
- أولاً: الإلزام القانوني، أي أن يكون بياناً صريحاً يحتوي على التوقعات والالتزامات، بحيث يمكن للطرف الآخر التظلم في حال عدم الوفاء بها.
- ثانياً: ألَّا يجعلك عدم التعاقد تبدو كمحتال؛ ويعتمد هذا على المزاعم والعهود المقطوعة، وعلى ما فعلت لتلبية متطلبات العميل.
العقد الأولي
ابدأ العقد الأولي بالطلب من المُتعلِّم -لا أحبذ استخدام كلمة "المتدرب"؛ ذلك لأنَّنا جميعاً باحثون عن العلم- الإجابة عن خمسة أسئلة:
- ما الذي تريد تحقيقه من الكوتشينغ؟
- ما المطلوب مني تحديداً؟
- ما الذي لا تريده مني؟
- ماذا أتوقع منك؟
- ما الذي سيساعد الكوتشينغعلى تحقيقه في هذه المرحلة؟
إنَّ الإجابة عن هذه الأسئلة البسيطة والموجزة مفيد للغاية؛ وإذا لم تُبدِ اهتماماً حقيقياً في هذه المرحلة الحرجة، فسأشعر بالإهانة، وأعدُّك محتالاً؛ فأنا أعتبر الإجابات التي أتلقاها كمعلومات قيمة وغير متوقعة، ويمنحني هذا بُعدَ نظر وعلامات مبكرة تشكل اللبنة الأولى لبناء قاعدة تساعدني على تحديد طريقة العمل مع العملاء.
أنا أصوغ استجابتي الخاصة بعد تلقي هذه الإجابات بفترة قصيرة، وأعالج مباشرة المسائل المحددة والمطروحة للنقاش؛ ويجب هنا ألَّا أتسرع بكتابة العقد، وأن أختار عباراتي بعناية كيلا يمسي التدريب احتيالاً أو ينطوي على التلاعب.
تدفعني الإجابات عن تلك الأسئلة إلى اكتساب فهم صحيح للمسألة، وتسليط الضوء على الشكوك التي قد تعتريني، وتحديد التوقعات المبنية على السياق، لا سيما التوقعات ضمن إطار زمني محدد.
بمجرد تلقي الرد وإدخال بعض التعديلات المكتوبة، أتفق مع العميل على رؤية مشتركة للعناصر الأساسية لأدوار التدريب ومسؤولياته وتوقعاته، ويُبرَم العقد بمجرد أن يخضع إلى مراجعة أخيرة وتعديل قانوني مناسب.
يمكن استكمال هذه العملية البسيطة والسريعة على الهاتف، لكنَّ اللقاء المباشر أفضل، حيث يمكن الاتفاق على أرضية مشتركة تجعل الإجراءات واضحة وراسخة للعمل من خلالها.
إن لم يكن أحد الطرفين أو كلاهما راضياً عن العقد الأولي، فمن الأفضل تسوية الخلاف قبل البدء بعملية الكوتشينغ؛ كما أحبذ استخدام نموذج يدعو العميل إلى تقديم معلومات حول الأدوار الحالية والسابقة والظروف المحلية والتوقعات المستقبلية له.
قد يشعر الكثيرون بعدم جدوى هذه الإجراءات في العقد، وأنَّه يجب تسجيل الأشخاص والبنود والتوقيع عليه فقط؛ لكنَّني أحترم العملاء الذين يقدرون هذا الاهتمام غير العادي وغير المتوقع، ويرون أنَّ إظهار مخاوفهم العميقة هو ممارسة كوتشينغ متميزة.
استمرارية العقد
سيشجعك ما سبق على المباشرة؛ لكن يتمثل التحدي التالي في تتبع التقدم المحرز في كل جلسة كوتشينغ، والاهتمام بالمسائل المحددة التي يرغب العميل في العمل عليها.
أنا أحب البساطة، لذا أطرح الأسئلة التالية قبل فترة وجيزة من انعقاد الجلسات:
- ماذا تعلمت من جلسة الكوتشينغ الأخيرة؟
- ماذا فعلت -أو ما الذي تنوي فعله- بهذا الكوتشينغ بالتحديد؟
- على ماذا يجب أن نركز في عملنا في المرة القادمة؟
أنا أساعد العميل على الالتزام بالعملية في حال شعر ببعض الصعوبات خلالها، وأذكِّره بأنَّه وحده المستفيد منها؛ إذ يجب أن ينصب التركيز على من نساعدهم على التعلم، وأنا أعتقد أنَّه لمن الأخلاقي الإشارة إلى ذلك في العقد بدقة وصراحة كافيين.
فكما قلنا سابقاً: إنَّ التعاقد ليس اتفاقاً هيكلياً فحسب، بل لا بد أن يكون عملية تسمح للعميل بوضع خطة وإدارتها وفقاً لاهتماماته ومتطلباته الخاصة.
لا تُقدَّر المعلومات التي أكسبها من طرح الأسئلة الثلاثة الآنفة الذكر بثمن؛ فهي تساعدني على اكتساب الوعي بما يفيد العميل حقاً، وتقييم الجهود المبذولة لتطبيق التعلم؛ كما تسمح لي بالتحضير للجلسة التالية.
سيمسي الكوتشينغ دون هذا العقد سلسلة من خيبات الأمل، ممَّا يدفع الكوتش إلى الاستجابة للمسائل غير المتوقعة والأمور الهامة للعميل دون أي تحضير مسبق، وهذا أمر لن يرضي الطرفين.