التوجهات والإحصاءات للكوتشينغ عبر الإنترنت


في أقل من عقد من الزمان، شهد سوق الكوتشينغ عبر الإنترنت نمواً كبيراً؛ فارتفعت قيمته السوقية البالغة 2.19 مليار دولار أمريكي في عام 2022 إلى قيمة هائلة متوقعة تبلغ 6.79 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2031.

لقد استبدلنا الاجتماعات الشخصية بجلسات عبر الإنترنت، وهذا ليس مجرد حدث عابر؛ بل إنَّه تحول هائل؛ لذا سواء كنتَ كوتشاً مبتدئاً أم متمرساً في التكنولوجيا الرقمية، فستجد فائدة في هذا المقال الذي يتناول الكوتشينغ في العصر الرقمي.

الكوتشينغ التقليدي والكوتشينغ عبر الإنترنت: نظرة إحصائية

كان للكوتشينغ التقليدي سحره الخاص بدءاً من الحضور الجسدي والتغذية الراجعة الفورية والنشاط في مكان الاجتماع إلى الملاحظات الورقية والتربيت على الظهر، لكن بعد ذلك ظهرت شبكة الإنترنت، وفجأة وجد الكوتشز أنفسهم في ساحة جديدة تماماً، ساحة بلا حدود جغرافية، أو ساعات تدق، أو قيود مادية.

لقد بدأ الكوتشينغ الرقمي، وبدلاً من البيئة المكتبية المريحة، بدأنا بالانضمام إلى مكالمات تطبيق "زووم" (Zoom)، واستبدال السبورة بالشاشات المشتركة، ونقل تقنيات بناء العلاقات الشخصية إلى المجال الرقمي، لكن هل هذا التحول الرقمي يضر بفاعلية الكوتشينغ؟

دعونا نلقي نظرة على الأرقام، ففي عام 2011، قارنت الكوتش "روهوندا م. بيري" (Rhonda M. Berry) وفريقها بين كوتشينغ العصر الجديد والكوتشينغ التقليدي.

بعد تحليل وجهات نظر 102 من الكوتشز المتمرسين، وجدوا أنَّه لا يوجد فرق كبير في حل المشكلات بين الكوتشينغ وجهاً لوجه ونظيره الرقمي، سواء كنت تقدِّم الكوتشينغ لشخص ما في مكتب باهظ الثمن في وسط المدينة أم عبر مكالمة فيديو من منزلك المريح.

أظهرت دراسة أخرى آراء مماثلة؛ إذ وجدت أنَّ استراتيجيات الكوتشينغ عبر الهاتف والإنترنت لم تحقق نتائج إيجابية فحسب؛ بل تفوقت في بعض الأحيان على النهج التقليدي وجهاً لوجه، وعلى الرغم من ذلك - وبكل إنصاف - فإنَّهم يشيدون بنهج مدمج يجمع بين النهجين التقليدي والرقمي.

الكوتشينغ عبر الإنترنت أكثر من مجرد بديل مؤقت؛ بل إنَّه قوة هائلة في حد ذاته، وبفضل مزايا مثل المرونة، ومدى الوصول الأوسع، وحرية اختيار المكان، فإنَّه يُعَدُّ منافساً قوياً للكوتشينغ التقليدي، وبينما نقف على أعتاب هذا التطور في مجال الكوتشينغ، فمن الواضح أنَّ العالم الرقمي يوفر الراحة والفاعلية.

كوتشينغ الأعمال عبر الإنترنت: منظور تحليلي

هل تتساءل لماذا يتحدث الجميع عن الكوتشينغ عبر الإنترنت؟ دعونا نتعمق في الحقائق والأرقام لفهم الأسباب الكامنة وراء هذا التحول الهائل.

أولاً، لنتحدث عن هذا التحول الكبير الذي طرأ على عالمنا بعد الجائحة، فلقد تسببت "كوفيد-19" (COVID-19) من بين أمور أخرى في حدوث تحول جذري في ثقافة عملنا، فأصبحت نماذج العمل الهجينة هي الحل الأمثل لعدد من الشركات؛ إذ انتقل 80 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها إلى نهج العمل عن بُعد كلياً أو جزئياً.

كان يجب على قادة الأعمال إعادة التفكير وتجديد أساليبهم في تنمية الأفراد، فهذا التحول ليس مجرد نتيجة للجائحة؛ وإنَّما استجابة لتطور أوسع في مساحة العمل الحديثة، إضافة إلى ذلك، فقد أربكت الاستقالة الكبرى الجميع.

لتوضيح الأمر أكثر، ترك في تموز/ يوليو عام 2021 4 مليون أمريكي أماكن عملهم، وكان معظمهم من الموظفين في منتصف حياتهم المهنية، مع زيادة مذهلة في معدلات الاستقالة بلغت 20% بين عامي 2020 و2021؛ إذ دفعت هذه التغييرات الهائلة الشركات إلى الحصول على التوجيه والدعم المهنيين من الكوتشينغ وخاصةً الكوتشينغ عبر الإنترنت.

أفاد "المعهد الدولي للكوتشينغ" (The International Institute of Coaching) أنَّ 86% من الشركات التي استثمرت في كوتشينغ الأعمال عبر الإنترنت حققت عائداً ملموساً على استثماراتها.

تتحدث النتائج عن نفسها عندما نتعمق في كوتشينغ القيادة والكوتشينغ التنفيذي؛ إذ أفاد 70% من الأفراد الذين عملوا مع كوتش بتحسُّن كبير في أدائهم وعلاقاتهم وقدرتهم على التواصل.

إذا كنا نناقش وتيرة تحقيق الأهداف، فإنَّ الكوتشينغ التنفيذي كان له الفضل الأكبر في تخفيض معدلات التسويف، إضافة إلى ذلك، بلغ عائد الاستثمار من الكوتشينغ 37% على أقل تقدير، وبلغ 560% كحد أقصى، وبالنسبة إلى الشركات، كانت الآثار المترتبة على ذلك هائلة.

حقق الاستثمار في عافية الموظفين والمرونة والمهارات الشخصية عائداً على الاستثمار بنسبة 250% و256% على التوالي، ولاحظت المنظمات التي تعزز الشعور بالانتماء ارتفاعاً بنسبة 167% في صافي نقاط الترويج لموظفيها، أما الإنتاجية فقد ارتفعت بنسبة 21%، وانخفض معدل دوران العمالة بنسبة 65%.

تتمتع الشركات التي تطبق ثقافة الكوتشينغ بوجود نسبة 61% من الموظفين ذوي التفاعل العالي، متفوقة على الشركات التي تصل نسبتهم فيها إلى 53%، وهذا لا يتعلق بالأرقام فقط؛ بل بإحداث تأثير مضاعف بدءاً من رضى العملاء والامتثال التنظيمي وحتى تطوير المنتجات الجديدة وتحسين قيمة المساهمين، وفي جوهر الأمر، لم يعد الكوتشينغ الرقمي مجرد بديل بعد الآن؛ بل أصبح أداة فعالة.

الذكاء الاصطناعي والكوتشينغ عبر الإنترنت: لمحة عن المستقبل

مستقبل الكوتشينغ ليس رقمياً فقط؛ إذ دخل في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) الذي طغى على كل شيء، فتخيَّل عالم الكوتشينغ؛ إذ يحلل الذكاء الاصطناعي أنماط الكلام والعواطف والتوقفات المؤقتة في المحادثة لتقديم تغذية راجعة في الوقت المناسب.

لنفترض أنَّك تواجه تحدياً قيادياً ملحاً، وباستخدام الذكاء الاصطناعي - حتى قبل أن تنتهي من مشاركة قصتك - سيجمع لك البيانات من آلاف السيناريوهات المشابهة، ويحدد الاستراتيجيات الفعالة.

عُدَّ الذكاء الاصطناعي كوتشاً خارقاً يقدِّم ثمرة جلسات الكوتشينغ التي تُعَدُّ ولا تُحصى في جلسة واحدة، إضافة إلى ذلك، بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعتمدون على البيانات، يستطيع الذكاء الاصطناعي تتبُّع التقدم بدقة؛ إذ تمنحك منصتك المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحليلاً تفصيلياً للسبب والكيفية بالاعتماد على إحصاءات ذات صلة.

بدءاً من التوفيق بين العملاء والكوتش المثالي لهم وحتى الحصول على تغذية راجعة في الوقت المناسب في أثناء الجلسات، لا يمكن إنكار فوائد الذكاء الاصطناعي، فقد أدى تكامل برامج الدردشة الآلية والواقع الافتراضي والتغذية الراجعة في الوقت المناسب إلى تحسين عملية الكوتشينغ وتعزيز التجربة الشاملة للعملاء.

يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً أن يجعل الكوتشينغ فعالاً من حيث التكلفة وقابلاً للتطوير، ويمكن الوصول إليه في أي وقت ومن أي مكان، مما يشير إلى إمكانات الذكاء الاصطناعي في إضفاء المرونة على الكوتشينغ.

في حين أنَّ هذا يرسم صورة واعدة، فمن الهام أن نفهم أنَّ الذكاء الاصطناعي هو أداة، وليس بديلاً، إذا لا يمكن تقليد اللمسة الإنسانية والحدس والتعاطف بواسطة الخوارزميات.

تحديات الكوتشينغ عبر الإنترنت:

في حين أنَّ الفضاء الرقمي مثير جداً للكوتشينغ، غير أنَّ له تحديات خاصة ومعضلات أخلاقية، فهل فكرت يوماً في البصمات الرقمية التي نتركها وراءنا؟ نعم، نحن نتحدث عن خصوصية البيانات.

عندما تفصح عن مشاعرك للكوتش في جلسة عبر الإنترنت، فأنت تريد أن تظل هذه الدردشة بينكما فقط؛ إذ يُعَدُّ ضمان أمن جلساتنا بتشفير قوي أمراً ضرورياً، لذلك ينبغي أن تكون صريحاً مع العملاء بشأن المكان الذي ستذهب إليه بياناتهم.

بالحديث عن المحادثات الودية، أليس من الصعب إعادة إحياء تلك الأجواء المريحة وجهاً لوجه عبر الشاشة؟ حتى مع كل السحر التكنولوجي، فهو ما يزال في طور التقدم، والأمر كله يتعلق بالصدق مع العملاء بشأن تأثير التفاعل عبر الإنترنت.

لا تنسَ أيضاً أنَّ الإنترنت ليس رفاهية للجميع، فقد لا يتوفر لدى بعض الأشخاص اتصال سريع أو مكان هادئ للدردشة؛ لذا يجب علينا أن نكون مبدعين ومرنين في تنسيق جلساتنا.

تذكَّر أنَّ العالم مكان كبير، فقد يأتي العملاء من كل مكان، لذلك يُعَدُّ فهم حساسية الاختلافات الثقافية أمراً ضرورياً، وخاصةً للكوتشز الذين يرغبون في توسيع نطاق وصولهم عبر الحدود.

في الختام:

لقد أصبح واضحاً للجميع أنَّ الكوتشينغ عبر الإنترنت ليس مجرد توجُّه عابر، لكن إذا كنتَ ما تزال متردداً بشأن توسيع نطاق أعمال الكوتشينغ، فيجب عليك إلقاء نظرة سريعة على كيفية نجاح الآخرين؛ إذ تساعدك الدورات التدريبية عبر الإنترنت على توسيع نطاق أعمال الكوتشينغ والوصول إلى جمهور أوسع وتنويع مصادر دخلك.

إذا كنتَ مبتدئاً في العالم الرقمي، فلا تقلق، فقد أصبح البدء عبر الإنترنت أبسط من أي وقت مضى؛ إذ يكفيك نهج بسيط من 6 خطوات عن الكوتشينغ عبر الإنترنت لتعرف كل شيء، وإذا كنت تحب السفر، فيمكنك تقديم الكوتشينغ من أي مكان في العالم، أضف إلى ذلك أنَّ إمكانات النمو هائلة.

مع ظهور أدوات متقدمة باستمرار، أصبحت القدرة على تخصيص تجربة العميل وتحسينها لا مثيل لها، وباختصار، مستقبل الكوتشينغ الرقمي مشرق وواسع ومليء بالفرص، وسواء كنتَ كوتشاً متمرساً أم متبدئاً، فإنَّ المجال الرقمي يوفر لك طرائق للتعلم والنمو والازدهار بشكل لم يسبق له مثيل.