الدليل المعتمد لنموذج أوسكار للكوتشينغ (الجزء الأول)
تُعَدُّ نماذج الكوتشينغ من أعظم أدوات الكوتشز؛ إذ توجه هذه النماذج ممارسات الكوتشينغ للكوتشز، وتحرص على أن يكون أسلوب الكوتشينغ للكوتش ملائماً لفلسفة الكوتشينغ الخاصة به.
يوجد العديد من نماذج الكوتشينغ التي يمكن للكوتش الاختيار منها، وأحد هذه النماذج هو أنموذج "أوسكار" للكوتشينغ (OSKAR)، فهو أنموذج يركز على الحلول.
يضمن أنموذج "أوسكار" للكوتشينغ أن يكون مُتلقِّي الكوتشينغ واضحاً بشأن النتائج المتوقعة. ومن خلال عقلية تركز على الحلول، يساعد الكوتش مُتلقِّي الكوتشينغ بالحصول على المعرفة الكاملة والموارد اللازمة لتحقيق النتائج، ويركز أنموذج "أوسكار" على التأكيد والإجراءات والمراجعة، ويسمح للكوتش بالتخطيط لجلسات الكوتشينغ الخاصة به من خلال توجيه تفكيره باستمرار نحو إيجاد الحلول.
قبل أن نفهم مزيداً عن أنموذج "أوسكار" للكوتشينغ، من الهام تقديم معلومات موجزة عن أنموذج الكوتشينغ. لنبدأ أولاً بمعرفة ما هو أنموذج الكوتشينغ ونتحدث عن أنواع مختلفة من نماذج الكوتشينغ.
قبل أن تستمر في القراءة، يجب أن تدرك أنَّ كونك كوتشاً جيداً لا يعني أن تكون قادراً على بدء أو إدارة أعمال الكوتشينغ؛ إذ إنَّ أقل من 24% من الكوتشز قادرون على الاستمرار والتركيز على الكوتشينغ طوال الوقت.
ما هو أنموذج الكوتشينغ؟
توفر نماذج الكوتشينغ إطاراً لعملية الكوتشينغ؛ إذ يوجد العديد من نماذج الكوتشينغ التي توجِّه مختلف الكوتشز. ودون أنموذج كوتشينغ، يصبح من الصعب على الكوتشز التخطيط لنهج الكوتشينغ الخاص بهم.
تمنح نماذج الكوتشينغ الكوتشز دليلاً يساعدهم على تنفيذ جلسات الكوتشينغ، وتضمن مثل هذه النماذج أن تكون ممارسة الكوتشينغ تتلاءم مع فلسفة الكوتشينغ الخاصة بالكوتش.
من دون نماذج، يصبح من الصعب على الكوتش البقاء على المسار الصحيح، وقد لا تكون جلسات الكوتشينغ فعَّالة. نتيجةً لذلك، قد تزداد معاناة الكوتش، ويجد صعوبة في تحقيق التغيير للعميل.
تضمن نماذج الكوتشينغ إجراء جلسات مفيدة، ومع أنموذج الكوتشينغ، يمكن للكوتش أن يثق باستراتيجياته في الكوتشينغ؛ إذ تمتلك نماذج الكوتشينغ المختلفة معاني مختلفة. على سبيل المثال، يركز أنموذج "غرو" للكوتشينغ (GROW) على تحديد أهداف واضحة، بينما يركز أنموذج "أوسكار" للكوتشينغ (OSKAR) تركيزاً كبيراً على الحلول.
يحدد أنموذج الكوتشينغ الذي يختاره الكوتش أسلوبه، ويؤثر أسلوب ونهج الكوتش تأثيراً كبيراً في ممارسة الكوتشينغ.
أنواع مختلفة من نماذج الكوتشينغ
يوجد نماذج كوتشينغ مختلفة، وكل أنموذج لديه معاني وأساليب خاصة به. بصفتك كوتشاً، يجب أن تعرف باختصار كل أنموذج كوتشينغ، وعندما تكون لديك فكرة عن ذلك، يمكنك اختيار أنموذج الكوتشينغ المناسب لك. يمنحك تعرُّف جميع نماذج الكوتشينغ أيضاً فرصةً لإجراء مقارنة وتحديد إيجابيات وسلبيات كل أنموذج.
أنموذج "غرو" للكوتشينغ (GROW)
يركز هذا الأنموذج على الأسلوب القائم على الهدف؛ إذ يتضمن وضع أهداف واضحة والتغلب على العقبات، ويؤكد اكتشاف البدائل واختيار الخيار الأفضل. وبعد تحديد الخيار الأفضل، يمكن وضع خطة عمل تُظهِر لمُتلقِّي الكوتشينغ طريقة التقدُّم. فيما يأتي مراحل أنموذج "غرو" للكوتشينغ:
- الهدف (Goal): تحديد هدف واضح.
- الواقعية (Reality): إجراء اختبار واقعي لمُتلقِّي الكوتشينغ، ويتضمن ذلك تحليلاً عميقاً للوضع الحالي لهذا الشخص.
- الخيارات (Options): اكتشاف أفضل الخيارات التي يمكن أن تساعد مُتلقِّي الكوتشينغ على التعامل مع المواقف؛ إذ يختار الكوتش الخيار الأفضل من بين جميع الخيارات الممكنة حتى يتمكن العميل من تحقيق أهدافه.
- طريقة التقدُّم (Way Forward): يقوم الكوتش بوضع خطة عمل لتوجيه مُتلقِّي الكوتشينغ لتحقيق التغيير.
أنموذج "أوسكار" للكوتشينغ (OSKAR)
يركز هذا الأنموذج على الأسلوب القائم على الحلول. فيما يأتي مراحل الأنموذج:
- النتيجة (Outcome): في البداية، يركز الكوتش على تحديد النتائج التي يريد العميل تحقيقها.
- القياس (Scaling): بعد أن يفهم الكوتش ما الذي يريد العميل تحقيقه، يستعمل تقنية القياس. هنا يطلب الكوتش من العميل أن يُقيِّم نفسه على مقياس يتراوح بين 1 - 10 حسب أهدافه. يساعد هذا الأمر الكوتش على تحديد الوضع الحالي للعملاء فيما يتعلق بأهدافهم.
- الخبرة والمعرفة (Know-How): في هذه المرحلة، يساعد الكوتش العميل على اكتساب المعرفة والموارد، ويساعد هذا الأمر العميل على الاقتراب من أهدافه.
- التأكيد والإجراء (Affirm and action): في هذه المرحلة، يحفز الكوتش العملاء من خلال تقديم تغذية راجعة إيجابية.
- المراجعة (Review): في هذه المرحلة، يراجع الكوتش العملية ويحدد الحاجة إلى التغييرات إذا لزم الأمر.
أنموذج "كلير" للكوتشينغ (CLEAR)
يُعَدُّ هذا الأنموذج من النماذج المشهورة أيضاً، ويتضمن المراحل الآتية:
- التعاقد (Contracting): في هذه المرحلة، يفتح الكوتش باب المناقشة لفهم أهداف وتطلعات العميل.
- الإصغاء (Listening): يصغي الكوتش بفاعلية لتحديد مشكلات العميل، ويساعد هذا الأمر على فهم وضع العميل فهماً أفضل.
- الاستكشاف (Exploring): في هذه المرحلة، يستكشف الكوتش الخيارات والإمكانات.
- الإجراء (Action): يضع الكوتش خطة عمل لمساعدة مُتلقِّي الكوتشينغ على تحقيق أهدافه والنجاح.
- المراجعة (Review): يراجع الكوتش عملية الكوتشينغ ويقرر احتياجات التغيير إن وُجدت.
أنموذج "التغيير" للكوتشينغ
يُستعمل هذا الأنموذج لإحداث تغيير في طريقة التفكير، ويساعد العملاء الذين لا يستطيعون فهم سبب عدم قدرتهم على تحقيق أهدافهم، كما يركز على إحداث تغيير في أسلوب تفكير العملاء.
أنموذج "الكوتشينغ لإزالة العقبات"
يواجه العملاء أحياناً إخفاقات مستمرة بصرف النظر عن صعوبة المحاولة، وفي هذه الحالة، يصبح حافزهم وثقتهم بأنفسهم منخفضين جداً. تؤدي المعتقدات المُقيِّدة أو الخوف المخفي إلى زيادة الموقف سوءاً. في هذا الوقت، يساعد أنموذج الكوتشينغ هذا على تدريب العملاء على النجاح.
تختلف نماذج الكوتشينغ هذه عن نماذج الكوتشينغ للأعمال.
الآن، لنبدأ بأخذ نظرة متعمقة عن أنموذج "أوسكار" للكوتشينغ.
أنموذج "أوسكار" للكوتشينغ أسلوب يركز على الحلول
طوَّرَ الدكتور "مارك مكيرغوف" (Mark McKergow) و"بول زد جاكسون" (Paul Z. Jackson) أنموذج "أوسكار" للكوتشينغ. يمكن للكوتش استعمال هذا الأنموذج للتركيز على الحلول أكثر من المشكلات، ويستعمله الكوتشز للتعامل مع أداء محدد أو مشكلات سلوكية.
توجد مراحل مختلفة لهذا الأنموذج، وقد ناقشنا هذه المراحل آنفاً. الآن، دعونا نفهمها على اختلافها بعمق:
● النتيجة
ما الذي يريد مُتلقِّي الكوتشينغ تحقيقه؟ يشمل هذا الأمر النتائج قصيرة وطويلة الأمد، والنتائج هنا يمكن أن تكون مساوية للأهداف.
في هذه المرحلة، يساعد الكوتش مُتلقِّي الكوتشينغ على تحديد أهدافه ونتائجه الرئيسة. ومن خلال طرح أسئلة الكوتشينغ، يحاول الكوتش توضيح أفكار العميل وفهمه، وقد تتضمن قائمة النتائجِ النتائجَ المتوقعة في نهاية عملية الكوتشينغ، ويشمل ذلك أيضاً النتائج المتوقعة في نهاية جلسة الكوتشينغ.
ينصبُّ التركيز الأساسي للكوتش على مساعدة مُتلقِّي الكوتشينغ على فهم سيناريو "المستقبل المثالي"؛ إذ يشجع الكوتش على التفكير خارج المألوف. يطرح الكوتش أسئلة افتراضية، ويساعد ذلك مُتلقِّي الكوتشينغ على اكتشاف التغيير الحقيقي الذي يرغب في تحقيقه.
● القياس
الآن سيكون مُتلقِّي الكوتشينغ واضحاً بشأن النتائج، وبعد ذلك تأتي مرحلة القياس. هنا يطلب الكوتش من العميل تقييم نفسه على مقياس يتراوح من 1 إلى 10؛ إذ يوضح هذا التصنيف موقع مُتلقِّي الكوتشينغ من النتائج المتوقعة.
من خلال التقييم، يمكن للكوتش فهم مقدار إدراك العميل لمواقفه الحالية، كما يساعد الكوتش على فهم مستوى الوعي الذاتي لدى مُتلقِّي الكوتشينغ.
يصنف معظم العملاء أنفسهم بتقييم 10 عندما يُطلَب منهم ذلك. بصفتك كوتشاً يجب أن تحرص على أن يكون العميل صادقاً بدرجة كافية، ويتطلب هذا الأمر جلسات كوتشينغ متكررة لفهم العملاء. بهذه الطريقة، يمكن للكوتش تعرُّف نقاط القوة والضعف لدى مُتلقِّي الكوتشينغ.
في أثناء التقييم، يجب عليك أيضاً أن تسأل مُتلقِّي الكوتشينغ عن سبب اختياره لهذا الرقم كتقييم، فقد تؤدي المناقشات في هذا الأمر إلى منح مُتلقِّي الكوتشينغ تصنيفاً مختلفاً. الهدف من هذه المرحلة هو جعل المُتلقِّي على علم تام بنفسه ووضعه الحالي.
● المعرفة والخبرة
تركز هذه المرحلة على زيادة المعرفة لدى مُتلقِّي الكوتشينغ. يوفر الكوتش الموارد اللازمة للمُتلقِّي حتى يتمكن من التفوق، ويساعده على تطوير المهارات والمعرفة والسلوك الذي سيساعده على تحقيق التغيير.
في هذه المرحلة، يتلقى الكوتش المساعدة من بيئة المُتلقِّي والخبرات السابقة، كما يوفر خيارات للمُتلقِّي لتذكيره بإجراءاته السابقة. يجعل الكوتش المُتلقِّي يدرك الأشخاص المختلفين المرتبطين بالمواقف التي يواجهها، ويحاول المُتلقِّي معرفة مَن يمكنه مساعدته وطرائق القيام بذلك.
الغرض من هذه المرحلة، هو زيادة معرفة المُتلقِّي. وبعد استعمال اختبار القياس، يحدد الكوتش المرحلة التي وصل إليها المُتلقِّي، ثم يخطط لكل الموارد التي يحتاج إليها المُتلقِّي لأداء أفضل في اختبار القياس.
● التأكيد والإجراء
في هذه المرحلة، يحفز الكوتش مُتلقِّي الكوتشينغ من خلال تقديم تغذية راجعة إيجابية. يُقدِّر الكوتش الإجراءات والآراء السابقة للمُتلقِّي، ويساعد هذا الأمر المُتلقِّي على بناء الثقة بنفسه، كما يقدِّر الكوتش المعرفة والصفات التي يمتلكها المُتلقِّي.
بعد ذلك، يضع الكوتش خطة عمل للمُتلقِّي، ويقدِّم خطوات عمل واضحة وتوجيهات؛ إذ يساعد هذا الأمر المُتلقِّي على البدء، كما يشجعه الكوتش على اتخاذ إجراءات صغيرة ويقدِّم له الدعم الكامل.
● المراجعة
في هذه المرحلة، يقوم الكوتش بمراجعة عملية الكوتشينغ وأداء المُتلقِّي، ويأخذ التغذية الراجعة من المُتلقِّي لقياس مستوى رضاه. يناقش العميل والكوتش المعايير المُحسَّنة. بالإضافة إلى ذلك، يناقشون ما يجب تحسينه بعد ذلك، وتحدث المراجعة عموماً في بداية كل جلسة كوتشينغ. بعد هذه المراجعة، يمكن للكوتش توجيه جلسة الكوتشينغ توجيهاً أفضل وفقاً للمراجعة.
سيساعدك أنموذج "أوسكار" للكوتشينغ جداً.
الخلاصة
لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن أنموذج الكوتشينغ، وذكرنا بعض أنواع النماذج ومراحل كل نوع، ثم تعمَّقنا بالحديث عن مراحل أنموذج "أوسكار" للكوتشينغ. سنتابِع الحديث في الجزء الثاني من المقال عن أسئلة الكوتشينغ المتعلقة بأنموذج "أوسكار"، ونقاط قوته وضعفه، وبماذا يختلف هذا الأنموذج عن بقية النماذج، وأين يمكنك استعماله.