الكوتشينغ عبر الإنترنت (الجزء الأول)

يشهد قطاع الكوتشينغ تنامياً غير مسبوق في العام الجاري وتُقدَّر قيمته بحوالي 5.34 مليار دولار، ويُتوقَّع أن تزداد بما يعادل 15.43% في نهاية العام. يبرز هذا النمو تزايد الإقبال على مبادرات التطوير الشخصي والمهني.

يتألف المقال من جزأين وهو يبحث في خطوات إطلاق مشاريع الكوتشينغ عبر الإنترنت.

تهدف مشاريع الكوتشينغ الإلكترونية إلى تقديم خدمات، وبرامج، وحزم، ودورات تساعد العملاء في تحقيق التغييرات التي يطمحون إليها عبر الإنترنت. يمكن إجراء هذه الجلسات عبر المكالمات الصوتية أو المرئية مع عملاء من جميع أنحاء العالم وفي كافة التخصصات والمجالات وعلى رأسها المهارات الحياتية، واللياقة البدنية، والمشاريع التجارية.

تشهد مشاريع الكوتشينغ التي تجري عبر الإنترنت طلب وإقبال متزايد، وهي تُعتبَر مصدر دخل ممتاز وفرصة ثمينة لبناء مسيرة مهنية مستقرة وناجحة.

فوائد إطلاق مشاريع الكوتشينغ عبر الإنترنت

تساعد مشاريع الكوتشينغ في تحقيق الاستقلال المهني والمادي، وهي تتيح لك إمكانية إصدار القرارات والأوامر، وتحديد عدد ساعات العمل كما تشاء. ,في ما يلي 5 فوائد لإطلاق مشاريع الكوتشينغ عبر الإنترنت:

1. توسيع قاعدة العملاء

يهدف إجراء الكوتشينغ عبر الإنترنت إلى تجاوز العوائق الجغرافية، مما يتيح للكوتش إمكانية الوصول إلى عملاء يقيمون في مختلف أنحاء العالم.

2. إمكانية العمل من أي مكان

يستطيع الكوتش أن يعمل في منزله، أو في أحد المقاهي المحلية، وأثناء تنقله وترحاله.

3. زيادة الأرباح عبر التخصص في مجال دقيق

يُنصَح بالتخصص في مجال دقيق من أجل زيادة أرباح المشروع التجاري وذلك عبر استهداف احتياجات ومتطلبات محددة لدى شريحة معيَّنة من العملاء.

4. تخفيض التكاليف

لا يتطلب إطلاق مشاريع الكوتشينغ عبر الإنترنت استثمار الكثير من الأموال، وهو يحتاج فقط لتوفر حاسوب واتصال مستقر بالإنترنت.

5. إمكانية التوسع

يوفر إجراء الكوتشينغ عبر الإنترنت خيارات توسع متنوعة مثل جلسات الكوتشينغ الفردية والجماعية، والحزم الرقمية التي تؤمن مصادر دخل متنوعة.

قصة نجاح الكوتش "براين بيترز" (Brian Peters)

يدير "براين بيترز" مشروع كوتشينغ عبر الإنترنت ويحصل على مدخول سنوي يوفر له حياة كريمة. يعيش "بيترز" في "الفلبين" (Philippines) ويكسب في الشهر الواحد ما يعادل مجموع ما كسبه طيلة سنوات عمله في التدريس.

يجري "بيترز" جلسات كوتشينغ عن بُعد مع رجال أعمال من كل أنحاء العالم، مما يوفر له الاستقلالية المهنية، والقدرة على العمل من أي مكان، وترتيب مواعيد جلساته في الأوقات التي تناسبه. تضم أنشطته في الأيام الاعتيادية إجراء جلسات الكوتشينغ مع العملاء، وقضاء ما يكفي من الوقت مع العائلة، مما يتيح له فرصة تحقيق التوازن بين حياته الشخصية والمهنية.

يتيح له العمل عبر الإنترنت إمكانية التواصل مع عملاء من كافة أنحاء العالم ومختلف المناطق الزمنية، مما يساعده في تحقيق أقصى فائدة ممكنة من يومه. يسهم نموذج العمل عبر الإنترنت في توفير تكاليف مقر الشركة وأجور المواصلات، مما يساعد في زيادة الأرباح.

خطوات إطلاق مشاريع الكوتشينغ عبر الإنترنت

في ما يلي 5 خطوات لإطلاق مشاريع الكوتشينغ عبر الإنترنت:

1. اختيار التخصص المناسب

كشفت إحدى دراسات "الاتحاد الدولي للكوتشينغ" (ICF) أنَّ 82% من مشاريع الكوتشينغ الناشئة تفشل في غضون سنتين على الأكثر. يعود السبب الرئيس لفشل هذه المشاريع في بداياتها إلى عدم اختيار التخصص المناسب. من الضروري أن تركز مشاريع الكوتشينغ التي تجري عبر الإنترنت على تخصص دقيق، وهذا يتطلب استهداف عملاء يحتاجون لمساعدة محددة تقع ضمن مجال خبرتك.

في ما يلي 4 أسئلة تساعد في تحديد تخصص الكوتشينغ:

1.1. هل لديك شغف تجاه تخصصك؟

يساعد عنصر الشغف في اكتشاف احتياجات العملاء، وأحلامهم، ومخاوفهم، مما يزيد من قدرتك على تحسين جودة الحلول التي تقدمها لهم.

2.1. هل ثمّة طلب على تخصصك؟

حاول أن تختار تخصص مطلوب في السوق، وليكن الكوتشينغ المهني الذي يستهدف شريحة كبيرة تتضمن حديثي التخرج والموظفين القدامى الراغبين بإحراز التقدم في مسيرتهم.

3.1. هل يستطيع العميل المستهدف دفع تكاليف الكوتشينغ؟

يجب أن تتحقق من قدرة العملاء على دفع تكاليف الجلسات، فعلى فرض أنّك تسعى للتخصص في مساعدة الأفراد في تخطي أزمات الإفلاس، عندئذٍ يجب أن تعي مدى سوء أوضاعهم المعيشية والمالية. هل تعتقد أنّهم سيقدرون على دفع أتعابك؟ حاول أن تختار تخصص يستهدف عملاء قادرين على دفع أتعابك بسهولة.

4.1. هل يقدم تخصصك حلول تستحق الأجر المطلوب؟

يعتمد مقدار المبلغ الذي يدفعه العميل مقابل الحل على مدى معاناته من المشكلة، ما يعني أنّك يجب أن تختص في حل مشكلة عويصة لكي تضمن إقبال العملاء على شراء خدماتك. مثال: تستثمر الشركات في الكوتشينغ القيادي إذا كانت تتعرض لخسائر مادية كبيرة ناجمة عن سوء الإدارة.

2. إنشاء موقع إلكتروني خاص بمشروع الكوتشينغ

يعتمد استقطاب العملاء المحتملين بشكل أساسي على الموقع الإلكتروني الذي يُستخدَم لترويج خدمات الكوتشينغ. يجب أن تنشر محتوى يوضح آلية العمل التي تتبعها لمساعدة العملاء في تحسين حياتهم.

في ما يلي 4 خطوات تضمن نجاح الموقع الإلكتروني في استقطاب العملاء:

• اختيار تصميم واضح وسهل الاستخدام.
• إضافة شروحات واضحة عن طبيعة خدماتك.
• نشر قصص نجاح العملاء السابقين وتزكياتهم.
• إبراز معلومات الاتصال في مكان واضح ضمن الموقع الإلكتروني.

فيما يلي 4 أخطاء يجب أن تتجنبها:

• ملء الموقع الإلكتروني بالمحتوى النصي.
• استخدام مصطلحات تخصصية أو تقنية معقدة.
• عدم إتاحة إمكانية استخدام الموقع الإلكتروني على الأجهزة المحمولة.
• إهمال التحديث المنتظم للمحتوى.

تنجح المواقع البسيطة في استقطاب العملاء أكثر من التصاميم المعقدة والمبهرجة، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أنَّ معظم الأفراد يتفاعلون مع المحتوى عندما يكون الموقع بسيط.

3. إعداد برنامج الكوتشينغ

يجب أن يبرز برنامج الكوتشينغ عروض البيع الفريدة، ويركز على مساعدة العملاء في التغلب على مشكلات محددة تقع ضمن مجال تخصصك. حاول أن تركز على المشكلات الشائعة، وتقدم الحلول والمصادر التي تساعد في التغلُّب عليها.

1.3. تحديد الأهداف

تقتضي الخطوة الأولى تحديد أهداف البرنامج، وهي تمثّل التغييرات والتحسينات التي يسعى المشاركون لتحقيقها في حيواتهم. مثال عن الأهداف الدقيقة: مساعدة المدراء الجدد في تنمية مهارات إدارة الفِرَق في غضون 3 أشهر.

2.3. إعداد محتوى البرنامج

ترتيب مواد الكوتشينغ في صيغة مجموعة من الخطوات أو الوحدات المتتالية، مع الحرص على إضافة أمثلة عملية وعناصر تفاعلية للحفاظ على اندماج العملاء. يمكن أن تضم برامج التطوير الإداري على سبيل المثال جلسات عن مواضيع التواصل، والتفويض، وتسوية النزاعات.

3.3. إنشاء نظام تسعير

يجب إنشاء نظام تسعير بناءً على خصائص الجمهور المستهدف، مع الحرص على مراعاة الإمكانيات المادية لذوي الدخل المحدود عبر طرح حزم أساسية منخفضة التكلفة.

لا بأس برفع أسعار الحزم الموجهة للعملاء الميسورين ماديّاً مثل الشركات والمؤسسات والخبراء، حيث يمكن أن تبلغ أسعار حزم الكوتشينغ الشاملة حوالي 10 أضعاف الحزم الأساسية.

4. اختيار الأدوات والمنصّة المناسبة

يجب اختيار أدوات تكنولوجية مناسبة لتقديم الكوتشينغ عبر الإنترنت. فيما يلي 8 خطوات لتجهيز المعدات والأدوات التكنولوجية اللازمة لإجراء الكوتشينغ عبر الإنترنت:

• إنشاء موقع إلكتروني يستقطب العملاء المحتملين ويعطيهم فكرة عن خدماتك، وذلك عبر استخدام منصة "ووردبريس" (WordPress)، أو "سكوير سبيس" (Square Space)، أو "ويكس" (Wix). تتميز هذه المنصات بمرونتها وسهولة استخدامها.
• استخدام أداة "تحليلات جوجل" (Google Analytics) لمتابعة أداء الموقع الإلكتروني، والحصول على معلومات الزوار، والاستفادة منها في فهم احتياجات الجمهور المستهدف وتعديل إستراتيجيات التسويق بناءً عليها.
• اختيار "نظام إدارة محتوى" (CMS) يساعدك في إنشاء المحتوى الرقمي وإدارته. يمكن إعداد وحدات برنامج الكوتشينغ باستخدام منصة "تيتشابل" (Teachable) التي تقدم أدوات مفيدة لتصميم الدورات عبر الإنترنت بسهولة.
• استخدام منصة "كاليندلي" (Calendly) لجدولة المواعيد، وحجز الجلسات، وضمان عدم حصول تعارض في المواعيد. يمكنك أن تنشر جدول أعمالك وتسمح للعملاء باختيار المواعيد التي تناسبهم من الأوقات المتاحة.
• إجراء الجلسات عبر منصات الاتصال المرئي التي تسمح لك بالتفاعل مع العميل وجهاً لوجه عبر الإنترنت مثل "زوم" (Zoom)، أو "جوجل ميت" (Google Meet).
• تنظيم تفاعلات العملاء وأتمتة المهام الإدارية، وإدارة العقود باستخدام أداة "جوت فورم" (JotForm) التي تتكامل بسهولة مع الموقع الإلكتروني، وتساعد في إتمام إجراءات التعاقد بسهولة وسرعة بالنسبة لكل من الكوتش وعملائه.
• استخدام أداة "ميل تشيمب" (Mailchimp) لأتمتة رسائل البريد الإلكتروني الترويجية، وإعلام الجمهور بالأنشطة الجارية، والحفاظ على اهتمامهم وتفاعلهم خلال التجربة.
• استخدام أداة "زابير" (Zapier) لأتمتة المهام الروتينية، وربط الموقع الإلكتروني مع "نظام إدارة المحتوى"، وبرمجيات البريد الإلكتروني، وغيرها، وهو ما يتيح لك إمكانية التفرغ لإجراءات الكوتشينغ.

5. بناء قاعدة العملاء

تضمن قاعدة العملاء استمرارية النشاط التجاري على الأمد الطويل، والتغلب على صعوبات إدارة المشروع عبر الإنترنت ومن أبرزها التسويق، وتحويل الزوار إلى عملاء، والحفاظ عليهم.

في ما يلي 4 إستراتيجيات تسويق فعّالة في مجال الكوتشينغ:

1.5. التسويق عبر البريد الإلكتروني

يتفقَّد معظم الأفراد البريد الإلكتروني يومياً، ويمكن أن يرسل كوتش التغذية على سبيل المثال رسائل بريد إلكتروني أسبوعية تحتوي على نصائح لتحضير وجبات سريعة صحية. حاول أن تضيف "دعوة إلى اتخاذ إجراء" (CTA) لكل رسالة بريد إلكتروني لكي تشجع العملاء المحتملين على الاشتراك في برامج الكوتشينغ.

2.5. تقديم مصادر إضافية مجانية

تقتضي هذه الإستراتيجية تقديم مصادر إضافية مثل الكتب الإلكترونية والعناصر المرئية لكي تبرز خبرتك وقدرتك على تقديم الفائدة. يمكن نشر هذه المصادر المجانية على الموقع الإلكتروني بهدف استقطاب الزوار.

3.5. نشر تزكيات العملاء السابقين

تهدف تزكيات العملاء السابقين إلى إثبات جدارتك وقدرتك على تقديم المساعدة وتزويد العملاء بالدعم الذي يحتاجون إليه لتحقيق أهدافهم. يبحث معظم الأفراد عن مراجعات العملاء السابقين قبل اتخاذ قرار الشراء، وهذا يثبت فعالية التزكيات في تعزيز المصداقية وزيادة المبيعات.

4.5. طلب الإحالات

يجب أن تطلب من عملائك الحاليين إحالتك إلى معارفهم وأصدقائهم مقابل الحصول على امتيازات أو خصومات معيَّنة لكي تنمِّي قاعدة العملاء.

في الختام

يتزايد الإقبال على إنجاز الأعمال عن بُعد في الوقت الحالي، حيث يفضل معظم الأفراد التعلم، والتسوق، والعمل عبر الإنترنت. يحاول العاملون في مجال الكوتشينغ التأقلم مع هذه النقلة النوعية عبر الانتقال لنموذج العمل عبر الإنترنت.

قدم الجزء الأول من المقال معلومات وافية عن إجراء الكوتشينغ عبر الإنترنت، والمزايا التي يقدمها لكل من الكوتش وعملائه، وشرح بالتفصيل خطوات إطلاق مشاريع الكوتشينغ عبر الإنترنت، تابعوا معنا في الجزء الثاني.