الكوتشينغ في مكان العمل: التقنيات والأدوات والخطوات اللازمة لتطبيقه


ينمِّي أي قائد مهارات الكوتشينغ ويستفيد منها في رفع مستوى أداء أعضاء الفريق والروح المعنوية ضمن المؤسسة، فقد أصبحت المؤسسات تركز على تعزيز قدرة القائد على تنمية أعضاء فريقه، ولم يعد الكوتشينغ ضمن مكان العمل إجراءً كمالياً؛ بل أصبح مطلباً ضرورياً وأساسياً؛ إذ يبحث المقال في أساليب وأدوات وتقنيات الكوتشينغ ضمن مكان العمل ويقدِّم أمثلة عملية.

الكوتشينغ ضمن مكان العمل:

يُعرَّف الكوتشينغ ضمن مكان العمل على أنَّه "أسلوب تدريب يدفع القادة إلى مناقشة الأهداف الموضوعة، ودعم أعضاء الفريق، وتأمين بيئة تفاعلية للتواصل وتقديم الإرشادات والتوجيهات"، ويضم مصطلح الكوتشينغ ضمن المؤسسة جوانب وتطبيقات كثيرة، ويُجرَى في غالب الأحيان من قِبل موظف ضمن المؤسسة، مثل المدير أو قائد الفريق.

يشمل الكوتشينغ ضمن مكان العمل التخصصات الآتية، وذلك بحسب بيئة المؤسسة وحاجات الموظفين:

  1. كوتشينغ الفريق.
  2. الكوتشينغ التنفيذي.
  3. الكوتشينغ المهني.
  4. كوتشينغ الأداء.
  5. كوتشينغ العافية.

أمثلة عملية عن الكوتشينغ ضمن المؤسسة:

تجري مبادرات الكوتشينغ ضمن مكان العمل في العادة بغية تلبية أهداف عدة، انطلاقاً من حاجة المؤسسة إلى العمل على تحقيق التنمية والتطوير لأسباب متعددة تفرضها متطلبات الوضع الحالي في المؤسسة؛ إذ تعتمد إجراءات الكوتشينغ ضمن المؤسسة على أهداف العميل الشخصية والمهنية، وكيفية مساهمتها في نجاح المؤسسة.

فيما يأتي مثالان عن الكوتشينغ ضمن المؤسسة:

1. الكوتشينغ المهني:

يهتم بعض الموظفين بالكوتشينغ المهني؛ لأنَّهم يأملون الحصول على ترقية في العمل؛ إذ يبدأ برنامج الكوتشينغ المهني في العادة بإجراء عمليات تقييم تهدف إلى استكشاف مهارات الموظفين، وقِيمهم، واهتماماتهم، وحاجاتهم، ثم يأتي بعد ذلك مرحلة تحديد الأهداف، وفيها يجري التعاون ما بين الموظف والمشرف أو الكوتش بغية تحديد منصب يناسب الموظف، ويقوم الموظف بدوره بإعداد خطة عمل مصمَّمة خصيصاً لتحقيق هدفه المهني، وتشمل خطة العمل المحاور الآتية:

  • تنمية المهارات الضرورية للمنصب الوظيفي.
  • اكتساب المؤهلات أو الخبرات المطلوبة.
  • اقتراح أساليب للتغلب على التحديات التي تطرأ خلال مراحل التنفيذ.

تنجح عملية الكوتشينغ بالنسبة إلى المؤسسة عندما يتم إعداد وتأهيل مدير جديد، وكفء، ومتحمس، إلى جانب تمتُّعه بكافة المؤهلات والقِيم التي تتناسب مع ثقافة الشركة.

2. كوتشينغ القيادة:

يدرك القائد خلال جلسات تقييم الأداء بأنَّه يواجه صعوبة في التواصل مع أعضاء فريقه بفاعلية؛ إذ تضم بعض برامج كوتشينغ القيادة المؤسساتية تدريب الذكاء العاطفي، الذي يشمل المحاور الآتية:

  • إجراء تدريبات تهدف إلى تنمية مهارات الذكاء العاطفي.
  • تصميم برامج كوتشينغ تساعد القادة على زيادة إنتاجيتهم، وتوفير المزيد من الوقت لإجراء مقابلات فردية مع أعضاء الفريق.
  • الاستفادة من برامج كوتشينغ الثقة بالنفس في التغلب على الصعوبات التي يتعرضون لها.

تؤدي إجراءات الكوتشينغ الفعال إلى زيادة الألفة بين أعضاء الفريق، وتحسين مستوى التواصل فيما بينهم، وهو ما يساهم بدوره في تحسين الأداء وزيادة فاعلية العمل على مستوى المؤسسة ككل.

فوائد الكوتشينغ ضمن المؤسسة:

ثمة إجماع على فوائد الكوتشينغ ضمن مكان العمل على الرغم من تفاوت أهدافه من مؤسسة إلى أخرى.

فيما يأتي 3 فوائد رئيسة للكوتشينغ ضمن مكان العمل:

  1. رفع مستويات الكفاءة الشخصية للموظفين، وزيادة ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم، وشعورهم بالمسؤولية، وتحسين مستوى الأداء، والرضى، والمرونة، والتواصل ضمن مكان العمل.
  2. زيادة قدرة الموظف على التكيف مع بيئة العمل، وشعوره بالراحة والعافية ضمن المؤسسة.
  3. زيادة فاعلية فريق العمل، وذلك من خلال رفع مستوى الأمان النفسي والتواصل ضمن بيئة العمل.

كيفية تطبيق الكوتشينغ ضمن المؤسسة:

يتلقى القادة في المؤسسات التي تدعم ثقافة الكوتشينغ كامل الدعم الذي يحتاجون إليه لمساعدة الموظفين وإرشادهم خلال برامج التنمية، وتصبح فرص التدريب والتعلم، وتقديم التغذية الراجعة جزءاً أساسياً من استراتيجية الشركة الشاملة.

فيما يأتي 7 خطوات لتطبيق برنامج الكوتشينغ ضمن المؤسسة:

1. تحديد احتياجات الموظفين:

يدرك بعض الموظفين حاجاتهم وأهدافهم، لكن يُنصَح بإجراء محادثات وجلسات تقييم فردية قبل تصميم برنامج الكوتشينغ.

2. توضيح أهداف برنامج الكوتشينغ:

تشمل أهداف الموظفين إدارة الإجهاد الوظيفي، أو التخطيط للتقاعد، أو حل المشكلات، أو تنمية المهارات الوظيفية.

3. وضع خطة لبرنامج الكوتشينغ:

تقتضي هذه الخطوة إعداد خطة كوتشينغ لمراحل عملية التنمية، بحيث تُحَدَّد مدة البرنامج، وعدد الجلسات، وطبيعة الحضور فيما إذا كان عبر الإنترنت أو ضمن مكان العمل، إلى جانب تحديد مصادر مواد الكوتشينغ، مثل التمرينات، وأوراق العمل، والأدوات التربوية النفسية، وهيكلية العمل على سبيل المثال.

4. إعداد مواد الكوتشينغ:

قد تحتاج إلى تصميم نشاطات كوتشينغ مخصَّصة؛ وذلك بسبب طبيعة الكوتشينغ ضمن مكان العمل، التي تفرض تحقيق متطلبات وتلبية أهداف معيَّنة؛ إذ تستطيع استخدام القوالب الجاهزة أو تصميم قوالب جديدة تناسب احتياجات الكوتشينغ للشركة.

5. تقديم برنامج الكوتشينغ:

يُحَدَّد عدد ومواعيد الجلسات التي تُجرَى ضمن مكان العمل، والأخرى التي تتم عبر الإنترنت ضمن خطة برنامج الكوتشينغ.

6. متابعة تقدُّم الموظفين:

تتيح بعض البرامج تعقُّب تقدم العملاء بشكل تلقائي في جميع النشاطات التي تشاركها معهم، وتُستَعرَض النتائج والبيانات في واجهة لوحة التحكم، وبهذه الطريقة، تحدد الجوانب التي تحتاج إلى مزيد من الدعم والتشجيع، والحصول على تقارير تلخص النتائج، وإرسال رسائل تذكيرية عند الضرورة.

7. تقييم مدى نجاح البرنامج:

إنَّ تقييم مدى نجاح العملية في نهاية برنامج الكوتشينغ يعد طريقة فعالة لتحديد التحسينات الممكنة على النهج والبرنامج المستخدَم على حد سواء؛ إذ تتم عملية التقييم عبر إجراء نقاشات شخصية، أو اختبارات، أو تصميم استبيان للحصول على تغذية راجعة من الموظفين.

تقنيات وأدوات مساعدة:

يوجد عدد كبير من التقنيات والطرائق التي تطبِّقها من أجل زيادة فاعلية عملية الكوتشينغ؛ إذ تعتمد معظم هذه التقنيات على المهارات الشخصية التي يتمتع بها الفرد بالفطرة، لكن تجدر الإشارة إلى أنَّ هذه المهارات قابلة للتطوير والتنمية مع الممارسة:

1. الإصغاء الفعال:

تشمل هذه المهارة الإصغاء باهتمام للمتحدث، وتلخيص الأفكار التي طرحها، وإبداء التعاطف تجاهه، والتفاعل والرد على كلامه، وغيرها من التقنيات التي تساعدك على فهم وجهات نظر الموظف، وتحسين علاقتك معه.

2. المقابلات التحفيزية:

تُستخدَم الأسئلة لتحفيز الموظفين، واستخلاص المعلومات منهم، وتساهم المقابلات التحفيزية في دفع الموظفين للتفكير بإجراء تغييرات فعلية في حياتهم المهنية؛ لأنَّها تشجعهم على استكشاف اهتماماتهم وقِيمهم الشخصية.

3. تقديم تغذية راجعة:

لا يؤدي تقديم تغذية راجعة دقيقة وبنَّاءة في الوقت المناسب إلى تعقُّب تقدُّم الموظفين وحسب؛ بل إلى الحفاظ على اندماجهم وحماستهم على الرغم من العراقيل والتحديات.

أدوات كوتشينغ فعالة:

يوجد عدد كبير من التقنيات والأدوات التي تطبقها في مكان العمل باستخدام التمرينات والنشاطات التي أثبتت فاعليتها في برامج سابقة، وفيما يأتي بعض الأدوات الفعالة في برامج الكوتشينغ:

1. اكتشاف القدرات والإمكانات:

يوجد عدد كبير من الأدوات التي تساعد الموظف على تحديد قدراته وإمكاناته البارزة واستثمارها في تحقيق التقدم والتنمية.

2. تحديد الأهداف:

يجب تحديد أهداف برنامج الكوتشينغ بناءً على منهجية مدروسة ومحدَّدة.

3. تعزيز شعور المحاسبة الذاتية:

تكون زيادة شعور الموظفين بالمحاسبة والمسؤولية تجاه أدائهم وتقدمهم عبر تشجيعهم على وضع أهدافهم في صيغة عقد رسمي.

في الختام:

أصبحت برامج الكوتشينغ مطلباً أساسياً لكل من استراتيجية وثقافة المؤسسة، وذلك في بيئات العمل المتنامية وعالية الأداء؛ إذ يؤدي القائد دوراً محورياً في بناء مثل هذه الثقافة عندما يعطي الأولوية لعمليات الكوتشينغ ضمن فِرق وأقسام المؤسسة.