الكوتشينغ وتدريب الفرق نصائح لتطوير مجموعات عمل مترابطة


 

قد يحصد عملك ثمار الكوتشينغ الفردي بالفعل، لكن هل سبق وأن فكرت في الكوتشينغ الجماعي؟

يساعد هذا النهج التنموي على تعزيز أداء فريق العمل بأكمله، ممَّا يخلق تأثيراً إيجابياً مضاعفاً داخل المؤسسة؛ إذ يشكل الكوتشينغ الآن نحو 12٪ من متوسط ميزانية التعليم والتطوير، وتمتلك العديد من المؤسسات برامج ثابتة لذلك.

يعدُّ الكوتشينغ وصفة رائعة لتحقيق أفضل النتائج، ويميل إلى أن يكون إجراء تصحيحياً على الرغم من شعبيته الواسعة، وهو أمر نحتاجه جميعاً كضرورة ملحة.

عندما يُطبَّق الكوتشينغ بصورة إيجابية على الأفراد والفرق، يكون تأثيره أكبر؛ وينطبق هذا خصوصاً على الاستثمار في تدريب الفريق.

تعمل الفرق على تحقيق هدف مشترك؛ لذلك يوفر الكوتشينغ الجماعي فرصة للأعضاء لتعزيز مهاراتهم الحالية، وتنمية الوعي الفردي والجماعي بشكل أكبر، والتعلم وتحقيق نمو الجماعي، وتحقيق أقصى إمكانات الفرق داخل المؤسسة.

بحسب رأي باتريك لينسيوني (Patrick Lencioni) -مؤلف كتاب "أوجه الخلل الخمسة التي تواجه أيَّ فريق" (The Five Dysfunctions of a Team)- تشترك الفرق عالية الأداء في الشعور بالتواضع، وتأتي من هنا القدرة على الإبقاء على فكرة الصراع الإيجابي؛ حيث يكون هناك ثقة متبادلة بين الأعضاء، ورغبة مشتركة في أن يصبحوا فريقاً أفضل، ويفكرون في الإجراءات السابقة وفيما إذا كان من الممكن تحسينها بأيِّ طريقة ممكنة.

تتطلب كل هذه الصفات من الفريق قبول مستوى معين من الضعف، والتساؤل بشكل جماعي عمَّا إذا كانوا يقومون بالأشياء الصحيحة، وفيما إذا كان بإمكانهم القيام بها بصورة أفضل؛ ويمكن تطوير كل ذلك من خلال الكوتشينغ الجماعي.

الانتقال من حالة "الفريق الجيد" إلى حالة "الفريق الأمثل":

إنَّ تحديد الحاجة إلى تدريب الفريق وتوقيته ليس أمراً واضحاً ومعداً مسبقاً، ولكن يوجد بعض المؤشرات التي يجب مراعاتها في ذلك.

يمكن القول بأنَّ الفرق الرائدة تكون راضية عن نفسها عموماً، وخاصة الأشخاص ذوي المراتب العليا في المؤسسات والمنظمات؛ وذلك من خلال ما يتعلمونه، وكيف يحفزون بعضهم بعضاً لتحقيق الإنجازات؛ لكن من خلال الكوتشينغ الجماعي، يمكن لهذه المجموعات أن تبتعد عن تعلم الأمور غير الهامة التي لم تعد تخدمها، وتتعلم بدلاً من ذلك بعض المهارات الجديدة.

كما يمكنهم أيضاً إعادة تعلم طريقة محاسبة بعضهم بعضاً بشكل فردي وككيان واحد بطريقة منهجية، بحيث يتيح لهم هذا الترابط والتقارب الناتج عن تطورهم تجنُّب أيَّ مشكلة مرتبطة بالمسائل الخارجية وغيرها من المشكلات الشائعة الناتجة عن متلازمة المؤسس (Founder's syndrome) -أو ما يُسمَّى تأثير غياب المؤسس، وهي الصعوبات التي تلاقيها المنظمات عندما يترك المؤسس عمله فيها لسببٍ ما- مثل حجب المعلومات الهامة عن أعضاء الفريق وغيرها.

"يعدُّ اللجوء إلى استخدام مدرب داخلي أم خارجي موضع جدل دائم".

قد يكون من الصعب تحديد الحاجة إلى الكوتشينغ الجماعي وتوقيته بالنسبة إلى إدارة الموارد البشرية، إذ لا توجد في كثير من الحالات إشارات تدل على أنَّ الفريق قد خرج عن مساره فعلاً؛ وبدلاً من مجرد تصحيح الخلل الوظيفي الحالي، يمكن أن يوفر الكوتشينغ الجماعي فرصة الحصول على فريق جيد، وتحسين الفريق الحالي.

إذا كانت مؤسستك تمتلك برامج تحوُّلٍ قيد التنفيذ، عليك اختيار الفرق ذات الأهمية البالغة لتركيز هذه الجهود عليها ودعمها بالكوتشينغ الجماعي؛ فبالإضافة إلى تحسين الأداء، يخلق هذا فرصة لاستخدام الأفكار المكتسبة كنماذج لأفضل ممارسات التعلم والتطوير في أقسام أخرى في المؤسسة.

نذكر فيما يأتي بعض التصورات التجارية الرئيسة التي يوفر الكوتشينغ الجماعي فيها عائداً واضحاً على الاستثمار (ROI):

  • التعامل مع الظروف الصعبة للسوق بسبب حالة عدم الاستقرار الاقتصادي.
  • تطوير طرائق تفكير جديدة تؤدي إلى مزيد من الابتكار عندما تتعرض الأرباح إلى ضغوطات العلامات التجارية المنافسة.
  • قيادة وإدارة التغيير بصورة ناجحة، والتغلب على المقاومة والجمود والتردد في عملية صنع القرار.
  • إعادة تنشيط وتوجيه الفرق القديمة.
  • مواجهة التحديات القيادية ومشكلات العلاقات داخل الفرق الحالية.
  • إعادة التوازن إلى القيادة العليا للتركيز على الاستراتيجيات بدلاً من التفاصيل التكتيكية.
  • نمذجة أفضل ممارسات العمل الجماعي في المؤسسة ليقتدي بها الآخرون.
  • دعم الفرق التي تقود المبادرات الجديدة أو تقود مشاريع التغيير التظيمية الرئيسة.

الشغف والحماس مقابل التحلي بالموضوعية:

غالباً ما يكون الكوتش التنفيذي الذي يعمل مع الأفراد شخصاً من خارج المؤسسة، ولكن هل ينبغي الاستعانة بكوتش من خارج المؤسسة دوماً؟

وفقاً لأبحاث الشركة العالمية للخدمات الاستشارية والتكنولوجيا (ICF)، يجرى أغلب الكوتشينغ الجماعي بالاستعانة بكوتش داخلي، وعادةً ما يكون من كبار المتخصصين في الموارد البشرية داخل المؤسسة.

بحكم التجربة، لا يزال اللجوء إلى كوتش داخلي أو خارجي موضع جدل؛ ففي حين تعتقد بعض المؤسسات أنَّ قادة الموارد البشرية مثالييون للإشراف على الكوتشينغ الجماعي كونهم يفهمون ثقافة المؤسسة وقيمها بشكل جيد، إلَّا أنَّ هناك جوانب أخرى عديدة يجب مراعاتها أيضاً.

يتمتع الكوتش الداخلي بمعرفة واسعة بالنظام وشغف المؤسسة، لكنَّه قد يفتقر إلى الموضوعية والمشروعية التي قد يحققها الكوتش الخارجي المستقل؛ حيث يعدُّ منح الفريق فرصة الكوتشينغ من قبل كوتش خارجي غير متحيز لأيِّ طرف ومتحرر من قيود المنظمة وجدول أعمالها أمراً مفيداً حقاً.

مثلما يحقق الفريق نتائج أكبر من مجموع نتائج الأعضاء منفردين، كذلك الأمر بالنسبة إلى الكوتشينغ الجماعي؛ حيث يُحدِث ذلك تأثيراً أعظم على الموظفين يتجاوز نطاق الفريق.

في مرحلة متقدمة، بمجرد أن يصبح الفريق قادراً على تحقيق الإدارة الذاتية بنفسه، تزداد قدرته على التعلم بشكل مستقل وتحمل المسؤولية المشتركة المتعلقة بالتطوير؛ ويمكن أن تساعد الاستعانة بمدرب داخلي في الحفاظ على الزخم، حيث تتطور حالة من النضج مع مرور الوقت.

يستحق تدريب مجلس الإدارة أو أعضاء الفرق رفيعة المستوى في المنظمة مجموعة من الأساليب والمزايا المختلفة قليلاً، ويعدُّ الكوتش الذي تحمل  مسؤولية الأرباح والخسائر أو واجه العديد من التحديات سابقاً شخصاً ذا قيمة خاصة هنا.

ورغم أنَّ الكوتش الداخلي قد يمتلك القدرات الفنية الكافية لتدريب فريق المجلس التنفيذي، إلَّا أنَّه قد يفتقر إلى الخبرة المباشرة والمناسبة، ولا يمكنه طرح الأسئلة الصحيحة؛ وقد لا تظهر هذه المشكلة عندما يعمل كوتش داخلي مع فريق أقل رتبة.

كما تعدُّ انتهاكات السرية وتضارب المصالح عوامل أخرى يجب مراعاتها عند مقارنة مزايا كوتش الفريق الداخلي أو الخارجي، خصوصاً عند تدريب الفرق عالية المستوى في المؤسسة.

قد يكون من الصعب العثور على خبير موارد بشرية كبير داخل المؤسسة، بحيث يمكنه تدريب فريق عالي المستوى دون أن تعيق هذه المشكلات تحقيق النتائج المرجوة؛ فعندما يتعلق الأمر بتدريب كبار المديرين التنفيذيين، تستحق الفرق الأعلى مرتبة إسهامات كوتش خارجي ذي خبرة كبيرة عند تدريبها.