تباين المواقف بين أرباب العمل والموظفين بشأن التقييمات


إنَّه موسم التقييمات في مكان العمل؛ هل ما زالت تقنياتك في تقييم موظفيك قديمة؟ وكيف تضمن أن يشعروا بالحماس والتقدير عند اقتراب موعد المراجعة السنوية لأدائهم؟

هل تُقدِّر موظفيك؟ لا بُدَّ أنَّك تفعل ذلك، ولكن كيف تُظهر لهم هذا التقدير؟

يأتي الجزء الأكبر من شعور الموظفين بالتقدير في العمل من إتاحة الفرص لهم؛ لذا يجب أن يُعرض عليهم مسار وظيفي يُثير التحدي في نفوسهم، ويدفعهم للوصول إلى كامل إمكاناتهم؛ ويرجع تحقيق ذلك لحد كبير إلى وجود خطة تطوير شخصية لدى الموظفين، والاجتماع بانتظام مع مديرهم للبقاء في المسار الصحيح.

التنمية الشخصية وسيلة الناس في تقييم مهاراتهم وصفاتهم، والنظر إلى أهدافهم في الحياة ووضع أهداف طموحة؛ ووفقاً لتسلسل ماسلو الهرمي (Maslow’s Hierarchy) للاحتياجات، نحن نسعى جميعاً للوصول إلى قمة الهرم حيث يمكننا الوصول إلى إمكاناتنا الكاملة؛ لذلك، ليس هناك عمل فحسب، بل هناك حاجة إنسانية أيضاً للقيام بذلك بأسلوب صحيح.

عدم استثمار إمكانات الموظفين

كشف استطلاع للرأي أجرته شركة بريث ايتش آر (breatheHR ) أنَّ 30٪ من الموظفين لم يعقدوا اجتماعات مطلقاً حول تطورهم الشخصي؛ حيث تُوظِّف الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة المتحدة 15.7 مليون شخص، وهذا يعني أنَّ 4.7 مليون شخص -ما يقارب ثلث القوة العاملة في الشركات الصغيرة والمتوسطة- لا يحصلون على المدخلات اللازمة لتعزيز حياتهم المهنية.

يعقد 37٪ من الموظفين فقط اجتماعات مع مديريهم حول التنمية الشخصية مرة واحدة في السنة، وهذا يعني كمَّاً هائلاً من الإمكانات غير المُستَغلة.

يشبه هذا إلى حد كبير شراءك شجرة تفاح، ثم إهمالك سقايتها وتزويدها بالعناصر الغذائية التي تحتاجها لكي تُثمر؛ لذا ولكي يصبح الموظفون منتجين، عليك معرفة ما الذي يجعلهم يتصرفون بهذه الطريقة.

إنَّ التحفيز من طرائق ضمان قدرة الموظفين على الوصول إلى إمكاناتهم الكاملة؛ فإن لم يُحفزهم ما يفعلونه أو ما يصبون إليه، فمن الصعب على أي شخص التغلب على كسلهم.

كشف الاستطلاع أيضاً أنَّ 46٪ من أرباب العمل وجدوا التقييمات محفزة، بينما كانت نسبة الذين وجدوا ذلك من الموظفين 20% فقط، وكانت نسبة الذين يَعُدُّونها ثمينة منهم أقل من الخمس. من الواضح أنَّ سير العملية فيه خلل؛ لماذا هذا التباين المقلق في الشعور بالحافز تجاه التقييمات بين أرباب العمل والموظفين؟

هل التقييمات أولوية؟

غالباً ما يُنظر إلى التقييمات على أنَّها عمل روتيني يقوم به أرباب العمل، حيث أنَّها تحتاج  أكواماً من الأعمال الورقية، وكثيراً من التحضير من أجل تنفيذها بفعالية.

يرى كثيرون أنَّها مجرد عملية "وضع إشارات داخل مربعات، لا أكثر ولا أقل". في الواقع، عندما سُئل أرباب العمل عن أولويات أعمالهم، احتل رضا الموظفين وتقييمهم المرتبة الرابعة بعد الاحتفاظ بالعملاء والمشاريع الجديدة والتدفقات النقدية، مما يُشير بوضوح إلى شعور أرباب العمل بعدم المبالاة تجاه عملية التقييم؛ وهذا ما يفسر شعور أرباب العمل المرجح بالحافز بعد الانتهاء من التقييم.

إنَّها وظيفة أخرى وُضِعت إشارة عليها في قائمتهم، وهي كافية لجعل أي شخص يشعر بالتحفيز.

ومع ذلك، يريد الموظفون أن يفهموا أداءهم في العمل بحيث تكون التغذية الراجعة مفصَّلة وموضَّحة بالأمثلة، ويجب أن تكون سلبية وإيجابية.

تُعَد التغذية الراجعة أمراً بالغ الأهمية في التنمية الشخصية، ولكن على الرغم من ذلك، لا يتلقى 20٪ من القوى العاملة ضمن الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة المتحدة أيَّة تغذية راجعة على الإطلاق، بينما تبلغ نسبة الذين يتلقونها عند الطلب 21% فقط، وهذه مشكلة كبيرة؛ إذ كيف يمكن لأي شخص أن يتعلم ويتحسن دون تغذية راجعة؟

عندما يتعلق الأمر بالتغذية الراجعة والتقييمات، فإنَّ أرباب العمل والموظفين ينظرون إلى العملية من وجهات نظر مختلفة تماماً؛ حيث يريد أرباب العمل أن يكون لديهم عملية سنوية للتغذية الراجعة، دون أن يُدركوا أنَّ هذا النهج لم يعد كافياً، أمَّا الموظفون فيريدون نهجاً أكثر مرونة وديناميكية للتغذية الراجعة.

وستكون النتيجة قوة عاملة متحمسة منهمكة في العمل، وتُدرك كيف يرتبط دورها بالرؤية الأوسع للشركة، وكيف يمكنها التأثير بشكل إيجابي في تطورها.

من الهام جداً أن تُجرِي عملية التقييم والتنمية الشخصية في بداية المشروع مباشرةً، وأن تُوطِد التنمية الشخصية في ثقافتك، وبصرف النظر عن رغبتك في إنصاف موظفيك، فإنَّ الحافز يؤدي إلى أداء أفضل؛ لذلك من مصلحتك إنجاز هذه المهمة.

الخبر السار أنَّ عملية التقييم والتغذية الراجعة المجزأة وغير المتسقة سهلة الإصلاح نسبياً؛ حيث تتمثل الخطوة الأولى لرب العمل في التعامل مع موظفيه عن كثب، وفهم ما يحتاجون إلى تحسينه وما يمكن أن يتعلموه من التقييم لبدء تحفيزهم.

يتطلب الأمر أيضاً التحول من التقييمات السنوية التقليدية إلى الاجتماعات المنتظمة، والابتعاد عن نهج "مقاس واحد يناسب الجميع"؛ كونك تفعل شيئاً ما بطريقة واحدة، لا يعني البتة أنَّها صحيحة.

على الرغم من أنَّنا لم نطور بعد أداة لقراءة الأفكار تساعدنا في معرفة ما يريده موظفونا، إلَّا أنَّ عديداً من الأدوات المفيدة قد تساعد في تبسيط الإدارة الضرورية، وتوفير الوقت الذي يتيح لك إجراء محادثات وجهاً لوجه مع موظفيك.