صفات المدرب الجيد


بالتأكيد كنت في بعض الأوقات مندهشاً بطريقة تسهيل المدرب للفصول التدريبية ومساعدة المتعلمين على الاندماج، وقد لاحظتَ أيضاً بعضاً من أفضل صفات المدرب الجيد، ولديك إلى حدٍّ ما فكرةً عن الصفات التي تجعل المدرب رائعاً في عمله، وغالباً فكرت في أن تصبح مدرباً في مرحلة معينة من حياتك المهنية، ومع هذا، إذا كنت ترغب في معرفة ما الذي يجعل المدرب ناجحاً، أو إذا كنت تريد اتخاذ التدريب مهنة جديدة لك، فهذا المقال يناسبك بالتأكيد، لكن قبل أن نبدأ، نحتاج إلى ذكر فكرة خاطئة عن المدربين، وللقيام بذلك، دعنا نلقي نظرةً سريعةً عما يعنيه المدرب.

المدرب يعمل بالترفيه:

إنَّ المسؤولية الرئيسة للمدرب هي تسهيل الدروس، ونظراً لأنَّ هذه المهمة في اعتقادنا هي ما يفعله المدرب عادةً، ففي كثير من الأحيان، نقلل من أهمية دور المدرب ونعُدُّه مجرد مُيسِّر؛ وينتج عن ذلك مفهوم خاطئ بحيث نعتقد أنَّ مهارات مدرب الشركة الناجح تقتصر على التواصل فقط ومعرفة المنتج وقيمة الترفيه.

نعم، لقد قرأت ذلك بصورة صحيحة "قيمة الترفيه"؛ إذ يمكن عدُّ المدربين ببساطة أشخاصاً مُسلين إذا جاز التعبير، وإنَّهم خبراء متخصصون يقدمون الدروس ويحرصون على معالجة الموضوع بقدر كافٍ من الاهتمام والحماسة حتى لا يمل المتعلمون.

لكي نكون صادقين، إنَّ امتلاك الخبرة في المنتج والتسلية لن تحقق النتائج المرجوة في مجال التدريب والتطوير، وعلى الرغم من أنَّ مهارات التواصل والتيسير هي مهارات هامة للمدرب، إلا أنَّها ليست كل شيء في مهارات التدريب المؤسسي.

هذا الفهم السطحي لما يجب أن تكون عليه مهارات المدرب الجيدة، يجب التخلص منه، وبدلاً من ذلك، يجب امتلاك فهم أعمق للمهام الأخرى التي يجب أن يتصف بها المدرب ومعرفة الكفاءات المطلوبة منه؛ ولهذا السبب، نقدم لك قائمة بمهارات المدرب والصفات اللازمة للنجاح في هذا المجال، مع تحليل كل صفة قدر الإمكان حتى تتمكن من الحصول على فهم أفضل لما يتطلبه الأمر لتصبح مدرباً مثالياً.

5 صفات للمدرب الجيد:

الميزة الأساسية للحصول على وظيفة في مجال التدريب والتطوير هي أن تكون المهارات اللازمة لتكون مدرباً هي مهارات واحدة في جميع المجالات؛ إذ إنَّ المهارات المطلوبة للمدرب في مجال الأدوية هي نفسها في مجال التجارة بالتجزئة والتصنيع وتكنولوجيا المعلومات وغيرها الكثير؛ وهذا يعني أنَّ المدرب يحتاج إلى تعلم المهارات الكامنة وراء هذه الصفات الخمس من أجل النجاح في أيِّ مجال.

نقدم لك فيما يأتي قائمة بالمهارات والصفات التدريبية التي تجعل المدرب نموذجاً يُحتذى به:

1. المدربون هم مفكرون وشركاء استراتيجيون:

المدرب هو مفكر استراتيجي؛ إذ يمتلك المفكر الاستراتيجي فطنةً تجاريةً قويةً ولديه فهم جيد لطريقة تأثير عملية التدريب تأثيراً مباشراً في العمل، فلا يقتصر التفكير الاستراتيجي على كونه جزءاً من مهارات مدير التدريب فحسب؛ وإنَّما يمثل أحد صفات المدرب الجيد أيضاً.

من المؤكد أنَّ فهم الإيرادات والتكلفة وهامش الربح وعائد الاستثمار والتوظيف من شأنه أن يمنح المدرب رؤيةً أفضل عن طريقة تأثير دوره في المنظمة، وبالإضافة إلى ذلك، من الصفات الأخرى للمدرب الجيد أنَّه شريك استراتيجي؛ إذ توجد حاجة ماسة إلى المدرب لتطوير مهارات التواصل، فلاحظ أنَّ المدرب لا يعمل فقط مع المتعلمين؛ وإنَّما يجب عليه بناء شراكة استراتيجية مع نظرائه من أقسام العمليات والموارد البشرية والتسويق، وغيرها.

إنَّ تصميم عملية تدريب تتماشى مع الخطة العامة للشركة وبناء شراكة استراتيجية مع بقية أقسام الشركة هي من صفات المدرب الجيدة، وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ تبني طريقة التفكير القائمة على حجب المعلومات والمنافسة بين أقسام الشركة، سيكون السبب في فشل المدرب.

2. المدربون على دراية جيدة بالتصميم التعليمي:

من أفضل صفات المدرب الجيد أنَّه على دراية جيدة بعملية التصميم التعليمي، بصرف النظر عن تضمين هذه الصفة في قائمة مهارات مدير التدريب، إلا أنَّ التصميم التعليمي يُعَدُّ جزءاً هاماً من مجموعة كفاءات المدرب؛ إذاً ما هي مهارات التدريب اللازمة للتصميم التعليمي؟ المطلوب هنا، امتلاك معرفة عملية لتحليل احتياجات التدريب وتطبيق عملية التعلم الاستقرائي من خلال أساليب تعليم الكبار المختلفة.

إنَّ تحليل احتياجات التدريب، هو استخدام البيانات لتحديد الاحتياجات في المنظمة التي يمكن معالجتها من خلال نشاطات التعلم، ومن ناحية أخرى، فإنَّ أساليب تعليم الكبار هي مناهج تُحوِّل هذه النشاطات إلى تجارب تعليمية فعَّالة للمتعلمين البالغين.

باختصار، يحدد تحليل احتياجات التدريب الاحتياجات التي ستُعالج، بينما تحدد أساليب تعلم الكبار طريقة المعالجة، إلى جانب إتقان هذين الأمرين، يُعَدُّ امتلاك التفكير التحليلي والتصميمي أيضاً أحد الصفات الهامة للمدرب الجيد.

3. المدربون هم مديرو المشاريع:

بعد الانتهاء من التصميم التعليمي وكافة تفاصيله، فقد حان الوقت لتطبيق برنامج التعلم؛ إذ يتطلب القيام بذلك القليل من إدارة المشروع؛ وذلك لأنَّ المدرب في معظم الأحيان لن يدرِّس الدورة التدريبية فحسب؛ وإنَّما يجب عليه التخطيط لتنفيذ البرنامج وتنظيم الموارد المطلوبة.

إنَّ القدرة على إدارة المشاريع هي أيضاً إحدى الصفات المميزة للمدرب الجيد؛ لذا يتطلب إشراك أصحاب المصلحة الرئيسين والحصول على دعم الجميع للمبادرة مهارات الشراكة الاستراتيجية التي يمكن الاعتماد عليها.

4. المدربون هم ميسرو عملية التغيير والتعلم:

إنَّ مهمة المدرب الرئيسة هي تسهيل الدروس، لكن خلافاً لما هو شائع، فإنَّ هذه الميزة تمثل 20% فقط من مجموعة مهارات المدرب، وعلى الرغم من أنَّ تيسير الفصول التدريبية هو في حد ذاته جزءاً من صفات المدرب الجيد، إلا أنَّ الأهم من ذلك هو أنَّه من المتوقع أن يكون المدرب ميسراً للتغيير، أو الأفضل من ذلك شخصاً يدعو إلى التغيير.

مع القوى العاملة الموزعة في أرجاء العالم كافة والقابلة للتكيف اليوم وبيئة الأعمال الديناميكية، فإنَّ التغييرات مستمرة، وإنَّ العمليات والمعرفة التي كانت تمثل معايير قبل أيام قليلة يمكن أن تصبح اليوم قديمةً وغير صالحة في لمح البصر، وما نَعُدُّه يمثل الإرشادات ومعايير مجال العمل اليوم، قد يصبح مختلفاً غداً.

من المتوقع دائماً أن يكون المدرب قائداً للتغيير؛ إذ تتطلب العمليات الجديدة والمعرفة الحديثة دائماً نوعاً من التدخل التعليمي، بالإضافة إلى ذلك، ومع التغييرات المستمرة، لا بد من وجود ثغرات في الكفاءة والأداء، ويمكن للمدرب بدوره تقييم الحلول المُجدية والمستدامة والتوصية بشأنها.

5. المدربون هم المسؤولون عن التقييم:

ربما تكون هذه إحدى أكثر الصفات التي نتجاهلها لدى المدرب الجيد؛ إذ تشمل المهارات المطلوبة للمدربين فيما يتعلق بالتقييمات؛ على سبيل المثال لا الحصر: إجراء الاستطلاعات، ووضع اختبارات فعَّالة، وتقييم المتعلمين من خلال التغييرات السلوكية التي يمكن ملاحظتها، بالإضافة إلى ذلك، يُعَدُّ التحقق من توجهات الأداء السائدة والحوسبة من أجل عائد الاستثمار لبرنامج التعلم جزءاً من مجموعة مهارات الشخص المسؤول عن التقييم.

كما يؤدي إجراء التقييمات وتحليل البيانات دوراً كبيراً في أدوار ومسؤوليات المدرب؛ إذ يساعد هذان العنصران المدرب على تحديد احتياجات التعلم، ويمكنهما أيضاً المساعدة على تحديد نجاح أو فشل برنامج التدريب.

كيف تكون مدير تدريب جيداً؟

لقد ناقشنا أهم خمس صفات للمدرب الجيد؛ لذلك فإنَّ السؤال التالي هو: "كيف تصبح مديراً للتدريب والتطوير يتمتع بالمجموعة المناسبة من المهارات؟"، كنَّا نتحدث عمَّا هو متوقع من المدرب المثالي، أما الآن، دعونا نلقي نظرةً على ما هو متوقع من رئيسه.

ماذا يفعل مديرو التدريب والتطوير ليصبحوا مديرين مثاليين؟ في الواقع، يجب أن يتمتعوا بالصفات الخمس السابقة، مع امتلاك مهارات في إدارة الأفراد والشركة، وكما ذكرنا آنفاً، تنطبق جميع كفاءات المدرب على أيِّ مجال، وعلى الرغم من أنَّه من المتوقع أن يكون مديرو التدريب أكثر مهارةً في الأمور المذكورة آنفاً، إلا أنَّهم لا يُكلَّفون بإدارة القسم فقط؛ وإنَّما هم مسؤولون عن تدريب وتقديم المنتورينغ للمدربين المبتدئين.

ما الذي يميز المدرب الجيد عن المدرب الممتاز؟

إذا كنت تتطلع إلى بدء العمل في مجال التدريب والتطوير بصفتك مدرباً أو إذا كنت مدرباً تتطلع إلى بدء حياتك المهنية، فنحن نأمل أن تكون هذه القائمة قادرة على مساعدتك.

قالت الصحفية "هيلين توماس" (Helen Thomas) ذات مرة: "كل من لديه هاتف محمول يعتقد أنَّه مصور، وكل شخص لديه جهاز حاسوب محمول يعتقد أنَّه صحفي، ولكنَّهم يفتقرون إلى التدريب وليست لديهم أيَّة فكرة عمَّا نلتزم به من حيث المعايير مثل ما هو واقعي وما هو غير واقعي".

في الختام:

اليوم، يمكن لأيِّ شخص يتمتع بمهارات تواصل جيدة ومعرفة بالمنتج أن يقول بسهولة إنَّه يعرف طريقة التدريب، ومع ذلك، فإنَّ هذه الصفات الخمس هي التي تميز بين المدرب الجيد والمدرب الممتاز؛ لذلك بصفتك مدرباً، تأكد دائماً من الالتزام بهذه الصفات وممارستها.