فهم ظروفك ما شعورك لو كنت خفاشا؟


هذا المقال مأخوذ عن الكاتب مارتن مكاي (Martin Mckay) والذي يحدِّثنا فيه تأثير الوباء في حياة الناس وكيفية تعامل الكوتشينغ معه.

لقد انتهى شهر كانون الثاني/ يناير من عام 2021، ولكن ما الذي تغيَّر؟ هل كان لديك وقت للتفكير في أسلوبك في الكوتشينغ بصرف النظر عن المرحلة التي وصلت إليها في تدريبك؟ كيف ينبغي أن نتصالَح مع المخاوف الجديدة السائدة نتيجة الوباء؟ من المحتمَل أن يستمر الكوتشينغ الافتراضي لبضعة أشهر، فما تداعيات ذلك؟

كان في إمكانك طرح الأسئلة في أثناء السير في الممرَّات، أو احتساء القهوة، أو انتظار المصعد، في حقبة ما قبل الجائحة، ولكن لا يمكنك فعل ذلك الآن، أو على الأقل ستفعل ذلك والكمامة على وجهك.

أوصى المؤلِّف مارتن هيل (Martin Hill) في إحدى جلسات الكوتشينغ التي كنت أُشرف عليها في المدرسة البريطانية للكوتشينغ بكتابَي "عادة الكوتشينغ" (The Coaching Habit) و"فخ النصيحة" (The Advice Trap)، وكلاهما للمؤلِّف مايكل بونجي ستانييه (Michael Bungay Stanier)؛ حيث يؤكِّد "ستانييه" على التقدُّم الكبير الذي قد يتحقَّق بالعودة إلى أبسط الأسئلة التي نطرحها على متلقي الكوتشينغ: "ما الذي يدور في ذهنك؟".

لقد مارست مؤخراً نشاطاً لطالما أثار اهتمامي لكنَّني لم أحافظ على ممارسته؛ حيث قرأت كتباً مرموقةً تتحدَّث عن فلسفة العقل، مع وضع الكوتشينغ نُصب عيني، فأدى الجمع بين هذه القراءة والإطار الإدراكي "لستانييه" إلى تعزيز هذه الأفكار القليلة بالنسبة إلى مبتدئ، كما أثارت محاضرات الفيلسوف جون سيرل (John Searle) عن العقل، والدماغ، والعلم، وكتابه العقل (Mind) نقاطاً شعرت بأنَّها تتعلَّق بمسؤولية الكوتش عند التحضير للإصغاء إلى فرد ما.

يمكن ببساطة تحديد مشكلة "العقل والجسم" التي يحللها في هذا الكتاب، ولكن من الصعب جداً حلها، فما هي علاقة عقولنا ببقية الكون؟ أو كيف يرتبط العقل بالدماغ؟ يبحث "سيرل" في هذه القضايا في محاضراته، وبالتحديد في كتابه، ولكن توخياً للغرض العملي من هذه المقالة، نستعرض سريعاً أبرز القضايا الواردة في محاضراته:

  1. ما شعورك إن كنت مثل الخفاش؟
  2. هذا سؤال مُستفِّز طُرِح في كتاب "سيرل" من خلال الإشارة إلى مقال كتبه توماس ناجل (Thomas Nagel) بعنوان "اضربني" (hit me)؛ وذلك لأنَّه من السهل التعامل مع ظروف متلقي الكوتشينغ بسطحية.
  3. في النهاية، هناك عدد قليل من الأشخاص الذين ليس لديهم صديق أو قريب أو زميل لم يمرض بسبب الوباء أو لم يُصَب بخطبٍ أسوأ من ذلك، والهدف من سؤال الخفاش هو أنَّه على الرغم من أنَّنا نعرف الكثير من خلال علم وظائف الأعضاء العصبية عن قدرة الخفاش على أن يكون مختلفاً تماماً عنا، وكيف يبقى معلَّقاً رأساً على عقب، وينام طوال النهار، وينشط في الليل، إلا أنَّنا لا نعرف شيئاً عن شعورنا في أن نكون مثله، وكما يقول "سيرل" في كتابه (العقل): "يستفسر أي عاقل عن ماهية شعوره فيما لو كان كائناً مختلفاً".
  4. إنَّ استنتاجي بصفتي كوتشاً في الوقت الحالي هو محورية إدراك مدى ضآلة معرفتنا بما يشعر به متلقو الكوتشينغ في الوقت الحالي، والحساسية المطلوبة لاستيعاب ذلك في نهجنا.
  5. على سبيل المثال، برز العدل كموضوع بروزاً جديداً؛ حيث رأى الناس وتأمَّلوا الحقيقة الواضحة التي مفادها أنَّ الوباء لا يحترم الناس وأنَّه غير عادل على الإطلاق.
  6. أشار مارك كارني (Mark Carney) في محاضراته إلى الظلم في مجتمعنا فيما يتعلَّق بالأسواق وقضايا تغيُّر المناخ، وتناولت المناقشات الإذاعية الأخيرة الإنصاف وقيمة بعض المهن، على سبيل المثال مقدِّمو الرعاية، ودُور الوباء في تسليط الضوء عليها.
  7. مع أخذ هذا بالحسبان - ولا شك العديد من القضايا الأخرى - كيف كان أداء متلقِّي الكوتشينغ؟
  8. يشير علم الأعصاب إلى أنَّنا صورة عما نفكر فيه، وكما يقول "ستانييه": "عندما تفكر في شراء سيارة مازدا حمراء، تبدأ فجأة بملاحظة كل سيارة مازدا حمراء في الطريق".
  9. إذاً، على سبيل المثال، إذا كانوا يشعرون بظلم يُثقل كاهلهم، فهذا ما سيسيطر عليهم، ويجب الاعتراف بذلك قبل إحراز أي تقدُّم فعَّال.
  10. يؤثر الوباء فينا جميعاً، ويتحدى وجهات نظرنا، ويستحق منا نحن الكوتشز التفكير فيه.
  11. قد يكون السؤال المفتوح "ما الذي يدور في ذهنك؟" بداية جيدة، وكل ما تحتاج إليه، ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك، فقد تساعدك توصية "ستانييه" بطرح أسئلة "وماذا بعد ذلك؟".

أخيراً، لفتت انتباهي النقطة التي أوضَحَها "ستانييه" في كتابه "عادة الكوتشينغ"؛ نظراً لأهمِّيتها، وهي أنَّه عندما يخبرك متلقي الكوتشينغ عن المشكلة التي تواجهه، نادراً ما تكون هي المشكلة الحقيقية؛ لذا فإنَّ فائدة المتابعة بطرح السؤال: "ما هو التحدي الحقيقي بالنسبة إليك؟" تزداد مع أخذ الاعتبارات الموضَّحة آنفاً بالحسبان، وتهدف الكلمتان الأخيرتان إلى اكتشاف الإجابة عن سؤال "الخفاش" المطروح آنفاً.