كيف يختلف الكوتشينغ حول العالم؟


يمنحنا الاطلاع على وضع الكوتشينغ العالمي وجهة نظر حول توجهاته المتباينة في أنحاء مختلفة من العالم، حيث تكمن اختلافات آلية تقديم الكوتشينغ في العديد من البلدان في طريقة وضع برامج الكوتشينغ، والمدة الزمنية المفضلة للدورات التدريبية، وطريقة تقديم هذه الدورات بصورة مباشرة أو افتراضياً.

ولكن مع ذلك، هناك تشابه واضح في ضوء هذه الاختلافات المتباينة، وهو أنَّه يمكن للمنظمات العالمية في الوقت الحاضر الوصول إلى أي كوتشينغ محلي عالي الكفاءة بغض النظر عن مكان تواجده؛ كما يوجد مدربون فعالون في جميع أنحاء العالم، ويعدُّ هذا خبراً ساراً للمؤسسات الكبيرة التي تسعى جاهدة إلى تقديم حلول تدريبية على نطاق واسع.

كيف تريد المؤسسات تقديم الكوتشينغ؟

أظهر بحث أجرته شركة (Acuity Coaching) حول طرائق الكوتشينغ المفضلة أنَّ جميع المدربين يفضلون الجلسات التدريبية الشخصية على الجلسات عبر الهاتف أو الإنترنت؛ ولكن لا يعدُّ ذلك خياراً متاحاً لهم على الدوام بسبب التكلفة المفروضة على الميزانيات؛ أمَّا بالنسبة إلى كبار المديرين التنفيذيين، فما يزال الطلب على هذا النمط من التدريب قائماً بقوة؛ وذلك بسبب فوائد الكوتشينغ الشخصي المذهلة، وإمكانية توفير مدربين محليين في أي جزء من العالم.

رغم القيمة الكبيرة التي أضافها تدريب المديرين التنفيذيين، يقضي المدربون جزءاً كبيراً من وقتهم في الكوتشينغ عبر الهاتف في عدد كبير من البلدان؛ وقد أظهرت دراسة الكوتشينغ العالمي التي أجراها الاتحاد الدولي للكوتشز (ICF) في عام 2012 أنَّ 44% فقط من برامج الكوتشينغ تُقدَّم بشكل شخصي في أميركا الشمالية، في حين يُستخدَم التواصل المباشر بشكل أساسي من قبل أكثر من 80% من الكوتشينغ في مناطق أخرى من العالم؛ ومن أسباب ذلك: أنَّ شبكة كوادر الكوتشينغ غير مكتملة غالباً، كما تقدم فرص العمل للمدربين الذين يعرفونهم بدلاً من محاولة العثور على مدربين محليين.

تُقدَّم نسبة كبيرة من الكوتشينغ عبر الهاتف أو من خلال برنامج سكايب (Skype) في الصين؛ وهذا أمر معيب، حيث يمكن للكوتشينغ المحليين تقديم مزيد من المساعدة في المسائل الثقافية التي يجب أن يُبنَى الكوتشينغ عليها.

في المقابل، يُقدَّم الكوتشينغ بشكل شخصي في لندن وفي العديد من الأماكن المتقدمة في مجال الكوتشينغ، ويرجع ذلك جزئياً إلى سهولة السفر؛ كما تفضل بلدان عديدة الجمع بين طريقتي تقديم التدريب على الكوتشينغ، سواءً شخصياً أم افتراضياً.

تباين التوقعات

تختلف التوقعات العامة المبنية على الكوتشينغ من بلد إلى آخر حسب إمكانية تكييف الكوتشينغ لتلبية المتطلبات الفردية، حيث يفضل المدربون في الدول الإسكندنافية -مثلاً- عقد جلسات تدريبية على الكوتشينغ ذات مدة طويلة، في حين يفضل المدربون في أميركا الشمالية والجنوبية عقد جلسات أقصر، كما يفضل المدربون في الولايات المتحدة الأميركية -على وجه الخصوص- تقديم برامج تدريبية على الكوتشينغ محددة بعدد الساعات.

لسوء الحظ، إذا استخدم المتدربون المورد الخطأ لبرامج الكوتشينغ، فيمكن للمعنيين بذلك المبالغة في تقدير الساعات المطلوبة لتحقيق النتائج المرجوة؛ ممَّا قد يؤدي إلى تكاليف باهظة.

أمَّا فيما يتعلق بمسألة رسوم الكوتشينغ عالمياً، فتكون التكلفة متشابهة نسبياً في جميع أنحاء العالم، ولا تختلف تبعاً لمستوى معيشة كل بلد كما هو متوقع، وحتى الدورات التدريبية التي تُقدَّم بمعايير فاخرة تتشابه في رسومها عالمياً؛ حيث  يعمل الكوتشز الجيدون غالباً مع الشركات متعددة الجنسيات، ويتلقون الأجور التي تُدفَع في الولايات المتحدة الأميركية أو المملكة المتحدة.

من الذي يقود الاختلافات الثقافية؟

يمكن القول أنَّ الكوتشز أنفسهم هم غالباً من يقود الاختلافات الثقافية، وليس المستفيدون من التدريب على الكوتشينغ؛ وقد يعود ذلك إلى أسباب تجارية، إذ قد يفضل الشخص الذي يحتكم إلى وجهة نظر تجارية جلسة مدتها ساعتان على جلستين منفصلتين مدة كلٍّ منهما ساعة واحدة؛ وذلك لأسباب قد تتعلق بالوقت الذي يحتاجون إلى تخصيصه من جدول أعمالهم المزدحم لجلستي كوتشينغ، بالإضافة إلى الوقت اللازم لوصولهم إلى مكان الجلسة؛ حيث تعدُّ هذه الجلسات المكثفة مناسبة أكثر لمن يعيشون في بيئة سريعة التطور ومحدودة بالوقت.

إنَّ معايير الكوتشينغ ومصداقيته متطورة وفي تقدم مستمر، حيث اتخذت بعض الدول العديد من الإجراءات لتحسين معايير الكوتشينغ الموجودة محلياً؛ فعلى سبيل المثال: سعت سنغافورة جاهدة إلى التدخل وتشجيع الكوتشز للتدريب على الكوتشينغ في الأسواق المحلية منذ أكثر من عقد من الزمن، واتخذت العديد من الإجراءات كي تضمن وجود كوتشينغ عالي المستوى.

الكوتشينغ في الأسواق الناشئة

لقد حصلت الكثير من التغييرات في مجال الكوتشينغ منذ عام 2007، وكانت مراحل تطويره في البلدان الناشئة مذهلة جداً؛ فقد كان من الصعب العثور على كوتشز جيدين في بعض البلدان مثل الهند.

في الأيام الخوالي، كان الكوتشز يركزون على العائدات والناتج بصورة غير انتقائية، وأصبحت جودة الكوتشينغ الذي يقدمونه متغيرة باستمرار نتيجة لذلك، حيث كان الدافع والمحفز في هذا المجال هم أشخاص يسعون إلى كسب المال من خلال تدريب الآخرين على مهارات الكوتشينغ.

لقد استغرق تطوير مجال الكوتشينغ في الهند ما بين خمس إلى عشر سنوات، حيث يمكنك الآن العثور على مدربين ممتازين في أرجاء البلد كافة؛ لذا يعدُّ التنسيق بين خبرة الكوتش والأهداف التي يتعين تحقيقها من خلال الكوتشينغ أمراً بالغ الأهمية.

وكما هو الحال سابقاً، يعدُّ كونك انتقائياً في الأمور ذات الصلة بالكوتشينغ الذي تقدمه مفتاح نجاح مبادرات الكوتشينغ؛ حيث تُتخَذ إجراءات لمطابقة متطلبات المتدربين بدقة مع مجموعة المهارات والخبرات التي يتمتع بها المدرب في مجال تدريبه؛ كما يعدُّ التنسيق بين خبرة الكوتش والأهداف التي يتعين تحقيقها من خلال الكوتشينغ أمراً بالغ الأهمية.

لا يوجد أسلوب واحد يناسب الأنماط التدريبية على الكوتشينغ كافة في أنحاء مختلفة من العالم؛ وذلك لكون الأمر الأهم هو العمل مع الأفراد وعدم الالتزام بقالب واحد كتقديم كوتشينغ نموذجي في كل منطقة بعينها، بل يجب تخصيص الكوتشينغ بحيث يتناسب مع الأفراد وثقافتهم وتفضيلاتهم.