كيف يمكن للكوتشينغ الجيد أن يحل محل مراجعات الأداء السيئة؟
هذا المقال مأخوذ عن الكاتب مات سومرز (Matt Somers) والذي يُحدثنا فيه عن ضرورة التخلي جزئياً عن مراجعات تقييم الأداء، والتركيز على الكوتشينغ.
لقد بدأت كثير من المنظمات بالتخلي عن التقييمات السنوية ومراجعات الأداء الرسمية، ولكن قبل أن "نحرق الفراش من أجل التخلُّص من برغوثٍ يُعشعش فيه"، دعنا نفكر فيما إذا كان الكوتشينغ يُعَد بديلاً أفضل.
يبدو أنَّ النقاش يحتدم في عالمَي الموارد البشرية والتعلم والتطوير حول فكرة التخلي عن مراجعات الأداء والتقييمات السنوية؛ إذ يُزعَم أنَّ هذه العمليات تُعَد من مخلفات العمل اليدوي البالية التي تعود إلى القرن العشرين، وليس لها صلة باقتصاد المعرفة اليوم.
يوجد بالتأكيد بعض المشكلات الواضحة؛ فعلى سبيل المثال، كيف نضمن أنَّ آراء المديرين متشابهة حول الصفات الذاتية مثل "ممتاز" و"متوسط"، إلخ؟
عندما كنت أعمل على تنفيذ واحدة من أهم عمليات إدارة الأداء منذ بضع سنوات، كان الحل هو إنتاج كُتيِّبات ضخمة تتعمق في مستوى المؤشرات السلوكية بالتفصيل؛ ومع ذلك، لم تستطع هذه الأنواع من أُطر العمل القائمة على الكفاءة تلبية حاجة المديرين المشغولين في الحصول على شيء يسهل التعامل معه.
أمَّا بما يخصُّ أنظمة المراجعة ذات الصلة المباشرة بالرواتب، فلدينا مسائل متعلقة بكيفية منع الشعور بالظلم من تدمير الحافز، وكيفية منع القادة والمديرين من التلاعب بالنظام تحقيقاً لمصالحهم الخاصة؛ حتى أنَّني عملت مع شركة قبل بضع سنوات، وأخبرني أحدهم آنذاك أنَّ الموظفين جمعوا المكافآت الموزعة حسب الأدء، ثم أعادوا توزيعها بينهم بالتساوي.
التخلي عن مراجعات الأداء
أفادت شركة الأبحاث بيرسن (Bersin) قبل بضع سنوات، أنَّ حوالي 70٪ من الشركات تُعيد النظر في استراتيجية إدارة الأداء، وكان من بينها شركات عريقة شملها الاستطلاع؛ حيث أفادت شركات مثل أكسنتشر (Accenture) وآي بي إم (IBM) وأدوبي (Adobe) أنَّ مراجعات الأداء الرسمية باهظة الثمن وتستغرق وقتاً طويلاً، وأنَّها غير فعَّالة في النهاية.
وحتى شركة جنرال إلكتريك (General Electric) التي يَعُدها كثيرون شركة رائدة في هذا النوع من العمليات، تخلَّت عن المراجعات السنوية الرسمية ونظام إدارة الأداء، واستبدلتها بتطبيق يوفِّر تغذيات راجعة دورية.
قد يكون إجراءاً خطئاً
ذكر مقال نشرته مجلة فوربس (Forbes) في يناير (كانون الثاني) من عام 2018، أنَّ 35 من أصل 37 من المديرين المباشرين سوف يتخلون عن مراجعات الأداء؛ وهذا يجعلني أشعر بالتوتر، ذلك لأنَّني أتساءل عمَّا سيفعلونه عوضاً عنه؟ على الأرجح لا شيء؛ فالمديرون مشغولون، وسوف يكون لديهم كثيراً من المهام الأخرى التي تملئ وقتهم.
أنا أفهم أنَّ أنظمة التقييم السنوية الرسمية التي تفككها المؤسسات الكبيرة باتت أنظمة قديمة وغير فعَّالة إلى حد كبير؛ ولكن ومع ذلك، لا يمكن أن أوافق على أنَّ مراجعة الأداء ليست عملية مفيدة في معرفة ما يسير وما لا يسير على ما يرام.
في الواقع، يستمر البحث في توضيح أنَّ معظم الشركات المدرجة لم تتخلَّ عن مراجعات الأداء كلياً، وإنَّما استبدلوا النهج الرسمي البيروقراطي بجلسات تغذية راجعة مباشرة ومستمرة وأقل رسمية، أو بمحادثات منتظمة.
ماذا لو قدمنا الكوتشينغ بدلاً من ذلك؟
يبدو أنَّ ما نحتاجه هو قليل من الإجراءات ومزيداً من الحوار، ولكن مع عامل المثابرة حتى يعرف المديرون ما يفعلونه، ويحصل موظفوهم على تجربة مستمرة، وتحصل المنظَّمة على نظرة عامة عن أداء الأفراد (أعتقد أنَّه كان لدينا مثل هذا النهج وطبَّقناه بعض الوقت).
وإذا قدَّمنا الكوتشينغ المناسب إلى موظفينا، يمكننا تحميلهم المسؤولية عن أدائهم وتطويرهم في الوقت نفسه. وإذا نظرنا إلى أكثر أُطر عمل الكوتشينغ شيوعاً "جروو" (GROW)، سنجد أنَّه يحتوي على عناصر أربعة نريد معالجتها في النقاشات التي تدور في أثناء مراجعات الأداء الجيدة، حيث يُمثِّل كل حرف من كلمة "GROW" أحد هذه العناصر، وهي:
● الأهداف (Goals)
عند استكشاف الأهداف، يمكننا الجمع بينها وبين مؤشرات الأداء الرئيسة التي تتطلبها المنظَّمة، إضافةً إلى الأهداف التي يمكن للأفراد قبولها من أجل تقديم مساهماتهم.
وعلاوة على ذلك، نحن لسنا مُلزَمين بالأهداف الموضوعة في شهر يناير، والتي راجعناها بعد ذلك في شهر ديسمبر، باستثناء بعض النقاط؛ وذلك لأنَّها تغيرت جميعها في يونيو.
● الواقع (Reality)
سوف تستغرق جلسة الكوتشينغ الجيدة وقتاً لاستكشاف الواقع الحالي كما يراه المؤدي؛ والفكرة هي زيادة الوعي غير القائم على إصدار أحكامٍ مُسبقة، بحيث يبدأ الفرد في تسريع قدرته على التعلم من خلال تجربته الخاصة، ولا يتعلق الأمر بتوزيع اللوم بسبب أشياء خاطئة قد حدثت.
كان أحد الانتقادات الرئيسة للنهج التقليدي في إدارة الأداء هو قضاء كثير من الوقت في تأمل الماضي، في حين أنَّ التحديات الحقيقية تكمن في الحاضر والمستقبل.
● الخيارات (Options)
تُعَد مرحلة الخيارات فرصة جيدة للتطلع إلى الأمام والتفكير في الطرائق التي يمكن للأفراد من خلالها إجراء التغييرات والتطور.
قلَّل عدد كبير جداً من أتباع المدرسة القديمة مسألة تقييم الخيارات إلى مجرد الحصول على كُتيِّب وإخضاع الموظفين إلى دروة تدريبية، لكنَّنا الآن أكثر تطوراً، حيث يمكننا التفكير في مجموعة من تجارب التعلُّم في أثناء العمل والإعارة وفرص التدرب تحت إشراف الكوتشز وما إلى ذلك.
● التطلع إلى المستقبل (Will)
التطلع إلى المستقبل هو النقطة التي يمكننا الانطلاق منها في تحويل الأفكار إلى إجراءات خُطِّط لها مسبقاً، والتعمق -عندما يحين الوقت المناسب- إلى مستوى تحديد تاريخ إنجاز المهام والأهداف المرحلية، وإعداد قوائم بالمساهمين وما إلى ذلك.
تذكَّر أنَّ "جروو" (GROW) لا يعني مطلقاً أن يُستخدم بانصياع كامل، وليس من الضروري تطبيقه بالتسلسل أيضاً؛ فقد تبدأ محادثة مراجعة جيدة بنقاش حول الواقع وتنتهي بإعداد الأهداف.
هل سيفي هذا بالغرض؟
من واقع خبرتي، يحتاج الناس إلى الإجابة عن خمسة أسئلة رئيسة عندما يفكرون في أداء عملهم:
- ما هو عملي؟
- ما مدى الجودة التي يجب أن يرتقي إليها عملي؟
- كيف أدائي الآن؟
- كيف كان أدائي؟
- ما التالي؟
لا تتطلب الإجابة عن هذه الأسئلة نماذج لا حصر لها، كما أنَّها لا تتطلب عدداً لا حصر له من النماذج الرقمية المماثلة؛ فهناك بعض أنظمة إدارة الأداء الإلكترونية المتطورة جداً؛ ولكن مرة أخرى، لن يستخدم المديرون المشغولون هذه الأدوات ما لم يتأكدوا أنَّها تساعدهم؛ ذلك لأنَّهم سيجدون وسائل أخرى حولهم، أو يقومون بالحد الأدنى اللازم للابتعاد عن المشكلات بالطريقة نفسها التي يتفادى بها مندوبو المبيعات أنظمة إدارة العلاقات مع العملاء منذ سنوات.
وكذلك الأمر، لا يوجد حاجة إلى قضاء ساعات من الوقت في غرف الاجتماعات، أو إجراء اختبارات التوافق ذات الطبيعة المعقدة من قبل الإدارة العليا.
الخطوات التالية
افعل مزيداً مما أظنُّك تفعله بالفعل؛ أعطِ أهمية أكبر للكوتشينغ وقلِّل من أهمية تقييم الأداء؛ وعبِّر عن هذه السياسة بوضوح لمديرك وذكِّره بأنَّ محادثة التدريب الجيدة تحدث كجزء من العمل اليومي بدلاً من نشاط منفصل، وأجب عن الأسئلة الخمسة المذكورة أعلاه، ليشعر الأشخاص بعد ذلك بمزيد من التركيز على أولوياتهم، وبمزيد من الحماس لتنفيذها.
بالطبع، قد يحتاج المديرون المباشرون إلى المهارات أو تحسين مهارات الكوتشينغ، ولكنَّنا سنوفر مبالغ كبيرةً من المال عندما نتخلى عن عمليات التقييم غير الضرورية، وبإمكاننا أيضاً الاستفادة من المال في تطوير الشركة.