ما هو الكوتشينغ؟
الكوتشينغ عملية تعلُّم يتلقى فيها الفرد التوجيه والدعم من شخص متمرس (يُسمى الكوتش) ويسعى إلى زيادة إمكاناته، ويُعَدُّ الهدف من الكوتشينغ مساعدةَ العميل على تحقيق أهدافه على الصعيدين الشخصي والمهني من خلال سلسلة من الدورات التدريبية.
وفي الوقت الحاضر، يُوجد وعي أكبر بتحسين الذات، كما أنَّ الناس حريصون على تطوير المهارات الحياتية الأساسية؛ لذا يتيح الكوتشينغ للشخص التعلم من الخبراء في المجال بطريقة منظمة وفعَّالة.
يُعَدُّ الكوتشينغ هاماً؛ لأنَّه يجهِّز الفرد للمساءلة الذاتية، كما يمكِّن الشخص الذي يسعى إلى التطوير المهني والحصول على المساعدة، وفي هذه العملية، يُوجِّه الفرد نحو اكتشاف إمكاناته الفطرية بنفسه؛ إذ يقدِّم الكوتش الاقتراحات والخبرات التي تفيده.
إنَّ الغرض الأساسي للكوتشينغ هو زيادة إمكانات الشخص وإنتاجيته، ويحدث ذلك من خلال مساعدة الأفراد على تعزيز العادات المالية والجسدية والعاطفية والصحية ضمن جداول أعمالهم، وخلال بداية عملية الكوتشينغ، يحدِّد العميل أهدافاً معيَّنة ويسرد توقعاته من التجربة، وفي سياق هذه العملية، يهدف الكوتش إلى تحقيق هذه الأهداف وتلبية التوقعات.
للكوتشينغ فوائد عديدة، منها تشجيع شعور أكبر بالمسؤولية، وتعزيز التواصل الفعَّال، وتمكين الناس بمهارات صنع القرار وتحسين إنتاجيتهم وأدائهم العمل، ومثل أيِّ نشاط آخر، فإنَّ مفهوم الكوتشينغ مبني على مبادئ أساسية معيَّنة، ويضمن الكوتش الجيد اتباع هذه القواعد بإخلاص.
قبل أن تستمر في القراءة، يجب أن تدرك أنَّ كونك كوتشاً جيداً لا يعني أن تكون قادراً على بدء أو إدارة أعمال الكوتشينغ؛ إذ إنَّ أقل من 24% من الكوتشز قادرون على الاستمرار والتركيز على الكوتشينغ طوال الوقت.
تمنحك مهنة الكوتشينغ الحرية لتقديم الكوتشينغ أينما كنت، والسفر كثيراً، والعيش بصورة مريحة، والتأثير في العديد من الأشخاص، فضلاً عن مكافأتك على ما تفعله والاعتراف بما تقدِّمه، وهذا هو الأهم بالنسبة إليك لتكون قادراً على الاستمرار بصفتك كوتشاً، وتُحقِّق أهداف حياتك من خلال الكوتشينغ.
ما هو تاريخ الكوتشينغ؟
أول من قدَّم مفهوم الكوتشينغ المهني، هو "توماس جيه ليونارد" (Thomas J. Leonard) في عام 1992؛ وذلك عندما قدم برنامج "كوتش يو" (Coach U)؛ إذ عرَّف الكوتش على أنَّه شريك الفرد في تحقيق الأهداف الشخصية، ومدربه في مهارات التواصل والحياة، ومرشده في الأوقات العصيبة.
تأتي كلمة كوتشينغ من الكلمة الإنجليزية "عربة" (Carriage)، التي بدورها مأخوذة من "كوشي" (Coche) الفرنسية أو "كلاتش" (Klatsch) الألمانية؛ إذ يكمن أصل هذه الكلمات في القرية "الهنغارية" (Hungarian) المسماة "كوكس" (Kocs)؛ حيث صُنِّعت العربات أول مرة. وفي الأساس، تعني الكلمة أنَّ الكوتش يعالج العقبات والتحديات عن طريق تقديم النصائح التعليمية والمنطقية.
بينما استُعمِلَت كلمة كوتشينغ أول مرة كإشارة إلى مدرب من قِبل "جامعة أكسفورد" (Oxford University) في عام 1830؛ إذ اكتسبت الكلمة شعبية في المجال الرياضي بسرعة، ومع حلول منتصف الستينيات، كان الكوتشينغ يُستعمَل بانتظام في الرياضة.
أحد الكوتشز التنفيذيين الأوائل في العالم، هو "جون وايتمور" (John Whitmore)، الذي عرَّف الكوتشينغ في كتابه "الكوتشينغ من أجل الأداء" (Coaching for Performance) على أنَّه عمليةٌ لإطلاق إمكانات الشخص لتحقيق أقصى قدر من الأداء، فهو يساعد الأشخاص على التعلُّم بدلاً من تعليمهم، وقد صدر الكتاب في العام نفسه الذي أُطلِق فيه برنامج "كوتش يو" (Coach U).
ما هو الهدف من الكوتشينغ؟
يختلف الهدف من الكوتشينغ باختلاف طرائق الكوتشينغ؛ إذ اعتماداً على أسلوب الكوتش في الكوتشينغ والمعرفة السابقة للجمهور، يتغير الهدف من جلسة الكوتشينغ، فقد يبحث الفرد عن برنامج كوتشينغ لتعلُّم أساسيات موضوع ما، وللحصول على بعض نصائح الخبراء من الكوتش، بينما يبحث شخص آخر عن ارتباط طويل الأمد للوصول إلى هذا المستوى من الخبرة بنفسه.
على سبيل المثال، على الرغم من أنَّ أسلوب الكوتشينغ الاستبدادي مناسب للمشاركين الهواة الذين يكون هدفهم من تلقِّي برنامج كوتشينغ هو تعلُّم الأساسيات، إلا أنَّ نهج الكوتشينغ الشامل يُمارَس ممارسة أساسية بين المشاركين ذوي الخبرة الذين يبحثون عن النصائح والاقتراحات، ومن ثم، يمكن تكييف أساليب الكوتشينغ اعتماداً على المعرفة والمهارات الموجودة مسبقاً لدى المشاركين.
مبدئياً، الهدف من الكوتشينغ سهل جداً، فهو يساعد الفرد على إطلاق إمكاناته الكاملة من خلال تعليمه في موضوع معيَّن؛ إذ يوفِّر الكوتش للعميل الدعم والتوجيه الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في أدائه وطريقة تفكيره، كما يهدف الكوتشينغ إلى تحفيز قدرة التعلُّم الفطري لدى الشخص من خلال تصحيح الأخطاء السابقة وصياغة مسارات العمل المستقبلية.
عندما يتلقى شخص ما الكوتشينغ، فإنَّه فضلاً عن تعلُّمه المزيد عن موضوع ما، يصبح قادراً على اتخاذ قراراته الخاصة والاعتراف بالمسؤولية الكاملة عن أفعاله؛ وهذا يساعده في بناء الثقة بنفسه.
ما هي فوائد الكوتشينغ؟
تكمن فوائد الكوتشينغ في التحفيز الذاتي وتطوير الأفكار والقدرة على التعلُّم، ومع ذلك، فإنَّ الفائدة الأساسية من الكوتشينغ أنَّه يمنح الفرد الفرصة لتحديد الأهداف، ووضع خطة عمل لتحقيق هذه الأهداف.
كما أنَّه يجعل الفرد مهتماً بمجاله؛ إذ يستمر الكوتش في تعليمه بالتغذية الراجعة الشخصية والحكمة، ويحافظ هذا الأمر على مشاركة الشخص وإنتاجيته؛ وهذا ما يعزِّز تطوره الشخصي والمهني، ثم إنَّ أهم فائدة من عملية الكوتشينغ هي حقيقة أنَّها تبقى مساحة آمنة للعملاء للتعلُّم واستكشاف الفرص خارج منطقة الراحة الخاصة بهم.
يوفِّر الكوتش الجيد بيئة داعمة للمتعلم، ويساعده على تحقيق كامل إمكاناته من خلال تقديم الدعم والتشجيع وتجنب إصدار الأحكام، فخلال عملية الكوتشينغ، يتعلم الفرد نقاط قوَّته وطريقة استعمالها، ويصبح أيضاً مدركاً لذاته ويتعامل مع عيوبه.
ماذا يفعل الكوتش؟
سيدعمك الكوتش ويرشدك في الحياة من خلال مساعدتك على إطلاق العنان لإمكاناتك والتحرر من قيود عقليتك؛ إذ يشجعك الكوتش على التعلُّم والنمو وتحقيق أهدافك من خلال التحفيز الذاتي والمساءلة.
وفيما يأتي المهام الأساسية للكوتش:
- تحفيز العملاء وإلهامهم من خلال فهم العوامل الرئيسة المؤثرة فيهم.
- دفع الأفراد إلى التركيز على أهدافهم من خلال تشجيع المشاركة ووضع خطط للعمل.
- توفير مساحة آمنة للناس للتعبير عن نقاط ضعفهم ومساعدتهم على التغلب عليها.
- جعل الناس أكثر وعياً بأنفسهم والتعامل مع أوجه القصور لديهم لمنع حدوث مشكلات في المستقبل.
ما هي الأمور التي يمكن أن يساعد الكوتش فيها؟
يمكن للكوتش مساعدة الأشخاص في العديد من القضايا الشخصية والمهنية، وعموماً، يعاني الأفراد مع التوجيه الإيجابي والخجل والخروج من منطقة الراحة ومهارات اتخاذ القرار، والناس إمَّا أن يستسلموا للوضع الراهن، أو يُحدِثوا التغييرات باندفاع وتحت الضغط.
قد يمنع الكوتش حدوث ذلك من خلال توفير المكان المناسب لهم لمعالجة المشاعر والأسباب وراء اتخاذ قرارات معيَّنة، وعموماً، الكوتش هو شخص خبير يساعدك على التعلُّم والنمو وفقاً لسرعتك الخاصة.
ما هي الصفات التي يجب أن تبحث عنها في الكوتش؟
يحتاج الكوتش إلى امتلاك الكثير من الخبرة ومجموعة متنوعة من المهارات لمساعدة الأشخاص في جميع السيناريوهات المحتملة؛ لهذا السبب توجد صفات معيَّنة يجب أن يمتلكها كل كوتش، وإذا كنت تبحث عن كوتش لمساعدتك في تحقيق أهدافك، ففكر في الصفات الآتية:
1. الفهم
تتمثل المهمة الأساسية للكوتش في مساعدة العميل؛ لهذا السبب، يجب أن يفهم مشاعر وأفكار العملاء، كما يحتاج الكوتش إلى تقديم رؤى حول مشكلات العميل، لكن من الهام أيضاً تقديمها بلطف وإيجابية مع مراعاة أهداف العميل.
2. الشغف
إذا لم يكن لدى الكوتش الشغف والحافز لمساعدة الناس على حل مشكلاتهم، فليس من الجيد التعامل معه، وتذكَّر أنَّه من المفترض أن يكون الكوتش الشخص الفاعل في فريقك، وإذا لم يرغب في معرفة المزيد عن أهدافك وتطلعاتك، فهو ليس الشخص المناسب لك؛ إذ يولي الكوتش الجيد والناجح اهتماماً كبيراً بتقدُّم العملاء، ويحاول بشغف مساعدتهم على الارتقاء إلى مستوى أعلى.
3. النزاهة
يساعدك الكوتش الجيد في الحصول على نتائج مذهلة، كما يساعدك على القيام بالأمر نفسه من خلال تقديم المشورة إليك وسط بيئة استشارية غير سامة ولا يسودها التوتر؛ إذ إنَّك يجب ألَّا تتخلى عن سلامتك وصحتك العقلية لتحقيق أهدافك، وسيساعدك الكوتش الذي يتمتع بالنزاهة على الارتقاء من دون المساس بأخلاقياته أو بصحتك الجسدية والعقلية.
4. التحدي
بينما يدعم الكوتش الجيد أهدافك ويحترم حدودك، من الهام أيضاً أن يمنحك تحديات منتظمة؛ وهذا لا يعني أنَّ عليك تقبُّل توقعات مفرطة أو غير واقعية؛ وإنَّما الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك وتجربة أمور جديدة لتحقيق أهدافك.
كيف تجد كوتشاً ناجحاً؟
ليس العثور على كوتش ناجح بالمهمة الصعبة في عالم اليوم السريع الذي تحكمه وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ إنَّ بحثاً سهلاً في "غوغل" (Google) ستنتج عنه مئات الأسماء، ولكن كيف ستعرف ما إذا كان الكوتش مناسباً لك؟ البحث هو الجواب.
توجد العديد من الصفات التي يتمتع بها الكوتشز الجيدون، منها مهارات التواصل والتعاطف والشغف والتفاهم، لكن ما يميِّز الكوتش الناجح عن البقية هو الخبرة؛ فهذه الخبرة هي التي تقود الكوتشز إلى امتلاك تلك الصفات بالأساس، فالكوتش الذي عمل مع العديد من العملاء الناجحين في الماضي هو الشخص المناسب لك بالتأكيد لتحقيق أهدافك؛ إذ سيكون الشخص الذي لديه أفكار مبتكرة ويمتلك المرونة في التعامل مع احتياجاتك، هو الكوتش المثالي.
كم تبلغ تكلفة الكوتش؟
سيكلِّفك كوتش الحياة الجيد ما يُقدَّر بنحو (60-75) ألف دولار بالسنة؛ فوفقاً لـ "مكتب الولايات المتحدة لإحصائيات العمل" (U.S. Bureau of Labor Statistics)، فإنَّ كوتشز الحياة يندرجون تحت فئة مستشاري التعليم والتوجيه والمستشارين المهنيين، ويكسبون متوسطاً قدره نحو 57.040 دولاراً سنوياً، وتتراوح رواتبهم بين 34.380 دولاراً و96.090 دولاراً سنوياً خلال فترات مختلفة من حياتهم المهنية.
يقدِّم كل كوتش مجموعة فريدة من المهارات والخبرات؛ ولهذا السبب، يكاد يكون من المستحيل التنبؤ بالمبلغ الذي سيتقاضاه الكوتش، كما توجد الكثير من أنواع الكوتشينغ المختلفة، فقد تبحث عن كوتش حياة من أجل تجديد شامل لأسلوب حياتك، أو كوتش مواعدة لتحسين حياتك العاطفية، وربما كوتش تنفيذي لمساعدتك على إعادة عملك إلى المسار الصحيح، وكما ذكرنا، يقدِّم الكوتشز المختلفون خدمات مختلفة، ومن الضروري فهم مقدار ما تطلبه من الكوتش الخاص بك.
هل توجد خدمات كوتشينغ مجانية؟
نعم، توجد العديد من خدمات الكوتشينغ المجانية؛ إذ يوفِّر الكثير من الكوتشز المشهورين موارد كوتشينغ مجانية، مثل مقاطع الفيديو والمحاضرات والكتب التحفيزية، على مجموعة متنوعة من منصات الوسائط الاجتماعية، مثل "يوتيوب" (YouTube) و"إنستغرام" (Instagram) و"فيسبوك" (Facebook).
تُعَدُّ هذه النصائح الرقمية مفيدة تحديداً للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمُّل تكاليف الكوتشينغ الشخصي، ومع ذلك، من غير المحتمل أن تحقِّق هذه الطريقة نتائج هامة؛ ذلك لأنَّها أُنشِئَت لأجل جمهور عام وأوسع من دون مجال للتخصيص.
وفي حين أنَّ إنشاء مثل هذا المحتوى يستغرق الكثير من الوقت والجهد، إلا أنَّه لا يقع تحت تعريف الكوتشينغ؛ إذ لا يوجد تفاعل شخصي بين الكوتش والجمهور، ونظراً إلى أنَّ الكوتشينغ يشمل التفاعل الشخصي والتغذية الراجعة المنتظمة ومراقبة التقدم والجداول الزمنية المرنة، فمن المستحيل القيام به مجاناً؛ وهذا هو السبب في أنَّ تجربة الكوتشينغ الشخصية المصمَّمة بعناية لتناسب احتياجاتك ورغباتك تتطلب منك استثمار الوقت والمال.
ما هي شهادة الكوتشينغ؟
يتطلب منك برنامج شهادة الكوتشينغ إكمال مجموعة من التعليمات التي تقيس فهمك للكفاءات الأساسية المعيَّنة التي تضعها وكالة اعتماد الشهادات، وبمجرد الانتهاء من البرنامج، تُمنَح شهادة كوتشينغ تجعلك كوتشاً معتمداً.
لا يتطلب الكوتشينغ امتلاك مؤهلات تعليمية معيَّنة؛ إذ يمكن لأيِّ فرد يتمتع بالمؤهلات المناسبة أن يصبح كوتشاً، ومع ذلك، إذا كنت تريد أن تكون مديراً تنفيذياً أو كوتشاً للأعمال، فقد يساعدك الحصول على شهادة في إدارة الأعمال.
عموماً، يُعَدُّ مجال الكوتشينغ متاحاً للجميع؛ وهذا هو السبب في أنَّ الكوتشز يميلون إلى تمييز أنفسهم بشهادات الكوتشينغ.
ومن بين الشهادات الأكثر شيوعاً، شهادة "معهد التميُّز المهني في الكوتشينغ" (iPEC)، المعتمَدة من قِبل "الاتحاد الدولي للكوتشز" (ICF) (وهو الهيئة الإدارية وأكبر اتحاد للكوتشينغ على مستوى العالم)، و"معهد الشهادة المهنية لتدريب كوتش الحياة" (Institute for Life Coach Training Professional Certification) (وهو برنامج الكوتشينغ الأكثر شمولاً في هذا المجال).
تتراوح أسعار معظم شهادات الكوتشينغ المعتمدة بين (1000-3000) دولاراً، ومع ذلك، يفضِّل الكثير من الكوتشز الحصول على شهادات متعددة أو تخصيص أموالهم لموارد كوتشينغ أخرى، فأن تصبح كوتشاً الآن يكلِّف ما يزيد عن 5000 دولاراً؛ لذلك لا ريب في أن تكون الشهادة مكلفة.
على الرغم من أنَّ الشهادات ليست ضرورية، إلا أنَّها تتمتع بالكثير من الفوائد، فهي تزوِّدك بأدوات مفيدة وأساليب مجرَّبة لمواجهة التحديات في أثناء مسيرتك في الكوتشينغ، وإذا كنت قد بدأتَ للتو، فإنَّ الحصول على شهادة كوتشينغ يُعَدُّ طريقة جيدةً لترسيخ صورتك بصفتك كوتشاً كفئاً.
ونظراً إلى أنَّ عملاءك يتوقعون منك رؤية صادقة وحكمة حقيقية، فإنَّ متطلبات شهادة الكوتشينغ ستكون ضمن قائمتهم.
ما هي الاختلافات بين الكوتشينغ والتعليم والمنتورينغ والاستشارة؟
غالباً ما تُستعمَل بالتبادل كلمات مثل التعليم والمنتورينغ والكوتشينغ والاستشارة، لكنَّ لها اختلافات كبرى، فربما يكون التعليم هو الطريقة الأكثر استعمالاً لنشر التعلُّم، فالمعلم شخص خبير في نقل المعرفة إلى الطلاب من خلال عملية شاملة تهدف إلى تزويد المتعلِّم بكل ما يحتاج إليه.
أمَّا المنتورينغ، فيحتل مكاناً بين التعليم والكوتشينغ؛ إذ يوجِّه المنتور متلقي المنتورينغ خلال رحلته، لكنَّه لا يمتلك دوراً تعليمياً رسمياً في حياته، فالمنتور أيضاً شخصٌ خبيرٌ في مجاله، لكنَّه لا يقدِّم منهجاً، وبدلاً من ذلك، يقدِّم المنتور النصائح والتوجيه حول طريقة تحقيق الأهداف.
يمتلك الكوتش العديد من أوجه التشابه مع المنتور والمعلِّم، باستثناء أنَّ دوره أكثر شموليةً، شأنه شأن المعلِّم، فالكوتش شخصٌ خبيرٌ في هذا المجال، لكنَّه - بخلاف الأول - يساعد الفرد على إظهار إمكاناته الكاملة بنفسه، فهو لا يعلِّم عملاءه فحسب؛ وإنَّما يزوِّدهم أيضاً بمهارات حياتية هامة مثل بناء الثقة ومهارات التواصل والشغف، وما إلى ذلك.
وبالمثل، فإنَّ الكوتش يشبه المنتور؛ إذ إنَّه يقدِّم تغذيةً راجعةً حول تقدُّم عميله وتطوُّره، لكنَّه يمتلك أيضاً دوراً تعليمياً رسمياً في حياته.
والعملية الأكثر تعاوناً وتكثيفاً هي تقديم الاستشارة؛ ففي الاستشارة، يساعد الخبير الاستشاري المعتَمد مهنياً العميل على البحث عن حلول للمشكلات التي تسبِّب الاضطراب العاطفي، ويهدف إلى تحسين صحته العقلية وآليات التكيُّف وتعزيز الثقة بالنفس ومهارات التواصل، كما تركِّز الاستشارة في الغالب على الاحتياجات العاطفية والعقلية للعملاء بدلاً من تثقيفهم في موضوع معيَّن.
ما هي أدوار الكوتشز؟
إذا كان الكوتش يهدف إلى تزويد العملاء برؤى مفيدة وبيئة تعليمية مناسبة، فيجب عليه ابتداءً أن يدرك الأدوار المتعددة التي سيتوجب عليه القيام بها ضمن عملية الكوتشينغ.
ولأنَّ مهمة الكوتش واسعة النطاق، فيجب أن يفهم الكوتش جميع مسؤولياته؛ إذ يجب على الكوتش الجيد تعليم عملائه من خلال كونه مدرِّساً، ويجب أن يمتلك الحافز لمساعدة عملائه على التركيز في الأهداف المحدَّدة، ويجب أن يكون قدوةً يُحتذى بها، وأن يحثَّ العميل على التفكير في نفسه، فبعد فهم شامل لواجبات الكوتش، تظهر الأدوار الآتية:
● الداعم الفني
يمكن للكوتش المتعلِّم مساعدة العملاء بكفاءة على معالجة الجوانب الفنية المرتبطة بأعمالهم؛ على سبيل المثال، إذا كان رب العمل يتطلع إلى معرفة المزيد عن التسويق، لكنَّه لا يستطيع استثمار الكثير من الوقت فيه، فسيكون من الحكمة تعيين كوتش تسويق متمرس؛ إذ سيعلِّم الكوتش العميل الفروق الدقيقة في التسويق ويقدِّم له نصائح وإرشادات مفيدة.
● المحفِّز
الكوتش الجيد هو المحفِّز الجيد، ونظراً إلى أنَّ الكوتشينغ يتضمن الكثير من الدعم والتوجيه، يجب أن تعمل مع كوتش يدفعك إلى القيام بأفضل ما لديك من خلال مساعدتك في تحديد الأهداف، ووضع خطة عمل، والتعمُّق فيما يدفعك إلى القيام بأفضل ما لديك.
● القائد
يقود الكوتش جلسات الكوتشينغ الخاصة به من خلال وضع جدول زمني للتطور التدريجي للعملاء، فيجب أن يتصرف الكوتش بطريقة رسمية عندما يتعلق الأمر بمبادئ الكوتشينغ الهامة، ويجب أن يضمن التقدم السلس للبرنامج من خلال قيادة العميل عبر منطقة غير مألوفة له.
● المعالج النفسي
يُشاع أنَّ كوتشينغ الحياة هو علاج نفسي متخفٍّ، وعلى الرغم من أنَّ هذا الأمر غير موثوق به لأنَّ كلا الوظيفتين مختلفتان، إلا أنَّهما تشتركان في بعض أوجه التشابه؛ إذ يجب على الكوتش، فضلاً عن المساعدة في الحصول على النتائج، أن يضمن ألَّا يكلِّف هذا النجاح العميل سلامته وصحته العقلية، وهذا يحدث وحسب عند إجراء حوار مناسب بين الكوتش والعميل.