متى يجب على الكوتش إلغاء الجلسة؟
هذا المقال مأخوذ عن الكاتب مارتن هيل (Martin Hill)، والذي يُحدِّثنا فيه عن الوقت الذي يستطيع فيه الكوتش إلغاء الجلسة.
يقول الكاتب إيكهارت تول (Eckhart Tolle): "اقبل ثم تصرَّف، فأيَّاً كان ما تحتويه اللحظة الحالية، اقبله كما لو كنت قد اخترته، واعمل دائماً مع تلك اللحظة، وليس ضدها".
استلهمتُ فكرة هذا المقال من جلسة إشراف حديثة، ولكن كن مطمئناً، فالسرية محفوظة؛ إذ لم أطلب إذناً بالنشر من المتدرِّبين فحسب؛ بل تأكدت أيضاً من موافقتهم المسبقة على المحتويات.
كما أسلفت، نشأت فكرة هذا المقال من خلال محادثة مع أحد المرؤوسين حول متى يمكن للكوتش إلغاء جلسة الكوتشينغ، فبعد أن كتبت هذه الجملة، أشعر بأنَّ بعض الناس سيجدون فكرة إلغاء الكوتش لجلسة ما أمراً بغيضاً، لكن هكذا هي الحياة فيها الحلو والمر.
تخيل أنَّك في طريقك إلى جلسة كوتشينغ ومررت بتجربة مروِّعة أو شهدت شيئاً مؤلماً أو مزعجاً، فماذا يجب أن يفعل الكوتش المحترِف الذي يحترم أخلاقيات المهنة في هذه الحالة؟ يجب أن يكون الكوتش حاضراً بالكامل في الجلسة؛ وهذا يعني أنَّه بحاجة إلى إجراء فحص ما قبل الجلسة للتأكد من قدرته على التعامل مع تلك الحادثة، وعلى تجنُّب الأفكار أو العواطف المشتتة، والعمل بكل جوارحه في اللحظة الحالية.
كشفت المناقشة التي جرت في جلسة الإشراف أنَّ المرؤوس فعل ذلك بالفعل، ولكن بطريقة عفوية وسريعة لدرجة أنَّه لم يدرك أنَّه مرَّ بهذه الخطوات، وبإعادة تذكُّر تلك الحادثة من خلال استعراض مجرياتها بالتفصيل وخطوة بخطوة كما يحدث في الإعادة البطيئة لحدث مُسجَّل، ومن ثم تقييم المشاعر والأفكار والأفعال في تلك اللحظة، وجدنا أنَّ المرؤوس طرح هذه الأسئلة على نفسه:
- كيف أشعر؟
- هل أنا مستعد لإجراء الجلسة ككوتش؟
- هل أنا متأكد من استعدادي؟
ما أعجبني في تأمُّلات هذا المرؤوس هو أنَّه ركز على ذاته أولاً ولم يسمح لأفكاره حول مَن يقدِّم لهم الكوتشينغ بتشتيت انتباهه في البداية، وأحببتُ أيضاً السؤال الأخير الذي كان بمنزلة تأكيد، وبالطبع يجب مراعاة تأثير هذا الأمر في متلقي الكوتشينغ، ولكنَّ التفكير فيهم منذ البداية قد يؤثر سلباً في تقييم الكوتش لمشاعره وقدرته على إجراء الجلسة؛ وذلك لأنَّه سيشعر بالذنب بسبب خذلانه لمتلقي الكوتشينغ.
ذكر المرؤوس أنَّ الحادثة وقعت قبل 10-15 دقيقة من الجلسة، وكان هناك بعض القلق بشأن إلغاء الجلسة في اللحظة الأخيرة، لقد طلبتُ من المتدرِّبين التفكير في ردة فعلهم في حال عكس المواقف؛ أي أنَّ متلقي الكوتشينغ هو مَن اتصل في ذلك الوقت للأسباب نفسها، ثم سألت عما إذا كانوا يُعاملون أنفسهم ككوتشز بالإنسانية والتعاطف والمهنية نفسها.
بالطبع، بصفتك كوتشاً، يجب أن تتأكد من قدرتك على إجراء الجلسة بحضور وتركيز كاملَين، وإذا حدث شيء ما يقلِّل من هذه القدرة، فأوصي بشدة أن يلتزم الكوتش بواجبه الأخلاقي والمهني ويتصل بمتلقيي الكوتشينغ لإعلامهم بتأخُّر الجلسة قليلاً، أو حتى بتأجيلها إلى تاريخٍ آخر.
الآن كيف تشرح ذلك للعميل دون الإخلال بالخصوصية؟ في الواقع، ليس هناك حاجة إلى مشاركة أسباب الإلغاء بالتفصيل، فكر فقط فيما تقوله وثائق الكوتشينغ الخاصة بك، على سبيل المثال، تقول وثائقي أنَّ ما قد يتوقَّعوه مني ككوتش أنَّني سأحرص على أن أركِّز عليهم تماماً وأن أعمل بأفضل ما لدي من مهارات وقدرات، وهذا يسمح لي باقتراح إعادة جدولة الجلسة؛ وذلك لأنَّني لا أستطيع الوفاء بهذا الوعد وأنا مدرك أنَّ هذا قد يجعل الجلسة أقل فاعلية.
في المناسبات النادرة التي حدث فيها هذا (الفجيعة، المرض، التأخر بسبب الازدحام)، تقبَّل متلقو الكوتشينغ موقفي، على الرغم من عدم مشاركة الأسباب؛ وذلك لأنَّه عزز التوقعات التي وعدت بها ككوتش، ومن ثم عزز الثقة والألفة.
تتمثَّل إحدى السمات المميزة الرئيسة للكوتش الأخلاقي والمهني في أنَّه يستخدم العقد للمساعدة في تحديد العناصر الأساسية للعلاقة، ولكن عادة ما يحدث ارتباك بسبب كثرة المصلحات والمفردات القانونية التي لا يفهمها العامة.
أهم ميزة في أي عقد أو اتفاق أنَّه يحدِّد بوضوح وبساطة توقعات جميع الأطراف، ويضمن وجود مستوى متسق ومشترك من التفاهم؛ ثق بي، فأنا محامٍ، ومع ذلك، في عقود الكوتشينغ، هناك أيضاً حاجة إلى التأكد من أنَّ "الجوانب القانونية" للعقد لا تتعدى على "الإنسانية" التي ينطوي عليها بناء علاقة كوتشينغ فاعلة وقائمة على الألفة والثقة.
نصَّ عقد المرؤوس على حق الكوتش ومتلقي الكوتشينغ في إلغاء الجلسة في حال تقديم إشعار قبل 48 ساعة، وكان أحد الإجراءات التي أعقبت جلسة الإشراف هو مراجعة أحد بنود العقد التي تنص على أنَّه في حال ألغى الكوتش أو متلقي الكوتشينغ الجلسة لظرف طارئ فيجب النظر في أي نفقات قد تكبَّدها أي منهما بسبب الطرف الآخر، ولكن من المرجَّح حل هذا الأمر بسهولة.
إذاً، في الختام، ستكون هناك مواقف لن يكون فيها إلغاء الكوتش للجلسة أمراً مناسباً فحسب؛ بل واجباً أخلاقياً ومهنياً؛ لذا تذكَّر أنَّك أيضاً إنسان، واحكم على نفسك بالطريقة نفسها التي تتصرف بها تجاه متلقي الكوتشينغ في موقف مشابه.
يتطلب الأمر أحياناً الحزن لمعرفة السعادة، والضوضاء لتقدير الصمت، والغياب لتقدير الحضور.