نموذج وضع الهدف الدقيق للكوتشز الجزء الثاني


تحدَّثنا في الجزء الأول عن نظام التنشيط الشبكي، وقارنَّا بين نموذجي الهدف الدقيق (EXACT) والذكي (SMART)، وشرحنا كيفية وضع هدف، وسنتناول في هذا الجزء الحديث عن الفَرق بين الاستراتيجيات والنتائج، وندرج تاريخ حالة كوتشينغ فردي، ونتطرق إلى كيفية وضع أهداف للفرق.

الفرق بين الاستراتيجيات والنتائج

يميل الأشخاص عند تحديد أهدافهم الخاصة إلى وضع أهداف سهلة المنال، وخلال ذلك يطلقون فعليَّاً على إحدى الاستراتيجيات أو نقاط الانطلاق اسم الهدف، على سبيل المثال:

تنمية مهاراتي الاستراتيجية: جزء من المجموعة.

ممارسة العمل الجماعي بفاعلية أكبر: فريق مستقل يحرز أهدافه.

تحسين إدارتي للوقت: العودة إلى المنزل في الساعة 7 مساءً للعب مع الأطفال.

إذا حدث هذا، اطلب من متلقِّي المنتورينغ أن يفكِّر في النتيجة النهائية التي يمكن تحقيقها خلال مدَّةٍ محددة وما هي النتيجة الحقيقية المرجوة.

عندما يُحدِّد متلقو المنتورينغ هدفهم الحقيقي، ستلاحظ تغيراً في الطاقة يتجلى في نبرة الصوت ولغة الجسد وتعبيرات الوجه، ولكن قد يكون ما يبدو كاستراتيجية هو في الواقع هدف نهائي لمتلقِّي المنتورينغ يلبي معايير الإثارة والتحفيز؛ لذا فإنَّ مهمة الكوتش هي التأكد من أنَّ هذا الجانب دُرس دراسة صحيحة، وليس إملاء ما إذا كان الهدف مقبولاً، فالتغيير في الطاقة هو المفتاح لمعرفة أنَّك حدَّدت هدفاً فعالاً.

 عرض حالة: كوتشينغ فردي

 قدَّم زميلي جيمس رايت (James Wright) جلسات كوتشينغ لأم شابة لولدين مصابين بالتوحد، وكانت معلمة في مدرسة تضم أطفالاً مماثلين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن على الرغم من تميُّزها في عملها، إلا أنَّها كانت تواجه السخرية والتعليقات غير اللائقة وقلة الدعم من مدير المدرسة.

بدأ "جيمس" بمساعدتها على وضع ثلاثة أهداف بقصد العمل معاً لمدة 12 أسبوعاً، والاجتماع مرة واحدة في الأسبوع، فكانت أول جلسة حول عملها، والجلستين الثانية والثالثة حول حياتها الشخصية، لقد كان الهدف من العمل هو إثبات جدارتها لرئيسها، وقد صاغته صياغةً استفزازية: "سأريه".

أعرب "جيمس" عن قلقه من أنَّ النتيجة كانت إلى حد ما تحت سيطرة طرف ثالث، مديرها بالتحديد، على افتراض أنَّه لن يقتنع بجدارتها، عندها ستكون نتيجة هدفها في يديه وليس يديها. لكنَّها أصرَّت على هذه الصياغة لأنَّها وجدتها مُحفِّزة.

خلال الجلسة الثانية، ساعد "جيمس" المرأة على وضع مجموعة من الاستراتيجيات، بدءاً من الكتابة عن الوضع الحالي وكيف تشعر به، والكتابة عن صورة الحياة التي تتخيلها عندما يتحقق الهدف، ووصولاً إلى إنشاء استراتيجيات أخرى حول قضايا الثقة واحترام الذات، وهنا كانت أفكارها كثيرة وسريعة.

لكن في الأسبوع الرابع من الكوتشينغ، تبين أنَّه من الصعب خلق "طاقة" قوية حقاً حول الهدف على الرغم من كونه استفزازي، كان التزامها بهذا الهدف يتضاءل؛ حيث وجدت أنَّه على الرغم من جهودها لدعم التلاميذ (بما في ذلك تقديم بعض الأنشطة اللاصفية لأول مرة)، ظل المدير متردداً تجاهها كعادته؛ لذا أعلنت أنَّها تفكر في التخلي عن هذا الهدف والتركيز على الهدفين الآخرين، سألها "جيمس" عما إذا كانت ترغب في التفكير في إعادة صياغة الهدف بحيث تكون النتائج ضمن سيطرتها بالكامل، فوافقت على التفكير في الأمر.

بعد يومين، اتصلت به لمناقشة أمر هام معه، وقالت إنَّه من خلال استكشاف ثقتها بنفسها واحترامها لذاتها في أثناء الكوتشينغ، أصبحت على دراية بمدى تقديرها لنفسها وبإنجازاتها الأكاديمية والمهنية وطاقاتها الرائعة كأم عاملة ولديها طفلان يحتاجان إلى الرعاية، منذ جلسة الكوتشينغ السابقة، طرحت على نفسها عدداً من الأسئلة الصعبة حول ما هو هام حقاً بالنسبة إليها، وكتبت إجاباتها وألصقتها على جدران منزلها لتكون عباراتٍ مُشجِّعةً لها.

من خلال عملية استكشاف الذات هذه، بدأت ترى حياتها من منظورٍ جديد؛ حيث أصبحت تركز على عالمها الخاص، كان هذا منظوراً مختلفاً عن منظورها السابق؛ حيث كانت تصورات الآخرين عنها هي محور التركيز دائماً، وقالت إنَّ هدفها المعلن "سأريه" لم يعد مناسباً، وإنَّها سألت نفسها: "كيف يمكنني جعل هذا الهدف يركز علي وليس على أحد غيري؟"، فتوصلت إلى هذا الهدف: "أنا مستشارة تربوية رائعة".

لقد أخبرَت "جيمس" أنَّ مجرد سماعها لنفسها تقول هذه الكلمات غيَّر مشاعرها، وعندما سألها "جيمس" عما تنوي فعله حيال ذلك، أجابت: "حسناً، أتمنى أن يكون كل شيء على ما يرام، لكنَّني اتخذت بالفعل بعض الإجراءات التي لم نتفق عليها في جلسة الكوتشينغ؛ بالأمس، ذهبت إلى المدرسة مبكراً وطلبت مقابلة المدير، وأخبرته برأيي فيه وفي أساليبه ومواقفه، وقلت له أن يذهب إلى الجحيم هو ووظيفته، سلَّمته رسالة استقالة كنت قد أحضرتها معي وخرجت فوراً".

طمأنها "جيمس" قائلاً إنَّ ما فعلَتْه هو عين الصواب، وسألها عما حدث بعد ذلك، فقالت: "حسناً، توجَّهت مباشرة إلى إدارة التعليم المحلية وأخبرتهم بما قمت به، فهنؤوني وقالوا لي إنَّهم يستغربون كيف تحمَّلت البقاء 18 شهراً مع هذا المدير؛ وذلك لأنَّه كان معروف عنه كرهه للنساء، وبعد ساعتين، حصلت على فرصة عمل لتقديم استشارات لمدة 77 يوماً بسعر 750$ في اليوم، مع المزيد من عروض العمل لاحقاً.

قالت إنَّها تشعر بالبهجة وإنَّه من خلال تركيز الهدف على نفسها تحديداً، أصبحت قادرة على "استعادة زمام الأمور" و"رسم مسارها الخاص" بنتائج فورية من شأنها تغيير حياتها، سألها "جيمس" عما تعلَّمته من هذا التحول، فقالت: "في المستقبل، في أي وقت أضع أهدافاً لنفسي، سوف أتذكر أن أركز فيها على نفسي فقط، وأتذكر من أنا، وما أريده، وأنَّه لا شيء ولا أحد يستطيع أن يمنعني".

لذا المعلومة البسيطة والعملية التي يجب أن يستوعبها الكوتشز هي أنَّه عند تحديد الأهداف مع متلقِّي الكوتشينغ، يجب أن نتأكد من صياغة هذه الأهداف بحيث يعتمد نجاحها عليهم؛ أي يجب أن تكون شخصية، وألا تتمحور حول شخص آخر، فهنا يكمن الدافع عندما تصبح الأمور صعبة، كما هو الحال دائماً مع الأهداف الصعبة، والطريقة الفعالة والعملية لتحقيق ذلك هي طرح أسئلة حول ما هو هام حقاً لمتلقِّي الكوتشينغ؛ لذا اسأل كيف يمكنهم أن يصوغوا رسائل تذكِّرهم بالأمور التي يستطيعون التأثير فيها شخصياً، كما فعلت تلك المرأة عندما ألصقت عباراتٍ مُشجِّعةً على جميع جدران المنزل.

تحديد الأهداف للفرق

على الرغم من أنَّ نموذج الهدف الذكي "Smart" فعَّال عند تحديد الأهداف للموظفين غير المشاركين في العملية، يمكن أيضاً استخدام نموذج الهدف الدقيق (EXACT) بنجاح مع الفرق لإنشاء هدف إذا كانوا مشتركين في العملية.

ثمَّة مديرون يستبدلون ممارساتهم المعتادة المتمثلة في تحديد أهداف ربع سنوية لفرقهم باجتماعات لوضع أهداف دقيقة (EXACT)؛ حيث يضع الفريق أهدافه، وغالباً ما تكون هذه الأهداف أكثر تحدياً من تلك التي كان المدير ينوي وضعها في المقام الأول، وفي الوقت نفسه، يشعر الناس بمزيد من التمكين؛ وذلك لأنَّهم مسؤولون عن الهدف.