هل يجب أن نتوقف عن إدارة الأداء ونبدأ بالكوتشينغ؟


لقد حان الوقت لقلب مفهوم إدارة الأداء رأساً على عقب؛ فبدلاً من إدارة الأداء، يجب أن يضطلع المديرون بمهام الكوتشينغ.

إذا أردنا أن تزدهر شركاتنا، نحتاج إلى توظيف موظفين متحمسين، ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى نظام إدارة أداء يُعزِّز التواصل والثقة والتغذية الراجعة الثمينة بطريقة يعرف كل شخص فيها معنى أنَّه عضو أساسي في الفريق، وأنَّ آراءه محل اهتمام وتقدير، وأنَّ مديره يقف إلى جانبه؛ ولسوء الحظ، لا تزال العديد من الشركات تعمل بنظام إدارة الأداء الذي يُركِّز على التحكم بدلاً من التشجيع والدعم والتطوير.

على مدى السنوات القليلة الماضية، لاقى مفهوم تقديم الكوتشينغ للموظفين مزيداً من الاهتمام؛ فهل يمكن لفكرة تقديم الكوتشينغ للموظفين بدلاً من إدارتهم أن تغير قواعد اللعبة؟ أم أنَّها إحدى المفاهيم الأخرى التي يحاول العاملون في مجال الموارد البشرية تلميعها؟

ما هي محادثات الكوتشينغ؟

تتضمَّن محادثات الكوتشينغ التفكير في المستقبل، والمناقشات الفردية مع الموظفين التي تضمن أنَّهم يعون أعمالهم وأهدافهم، وأنَّ لديهم الأدوات التي يحتاجون إليها في العمل بالإضافة إلى الثقة والمهارات المطلوبة للنجاح.

فيما يتعلق بإدارة الأداء، من المهم أن نشير إلى أنَّ هدف التحسين المستمر هو نفسه كما كان دائماً، ولكن من خلال تقديم الكوتشينغ للموظفين، يزداد التعاون في مكان العمل.

يُطلب من الموظفين قيادة المحادثات واتخاذ المزيد من القرارات حول أدوارهم وأهدافهم وتدريبهم؛ فمع ازدياد المساهمة والاستقلالية، يصبح الموظفون أكثر ثقة وفاعلية، ولكن لا يمكن للموظفين القيام بذلك بمفردهم؛ إذ يجب على المدير أن يقف إلى جانبهم، ويقدم لهم التوجيه والدعم والتشجيع.

ومن خلال محادثات الكوتشينغ، يحتفظ المدير بدور هام، ولكن بدلاً من مجرد إصدار الأوامر والتعليمات، يجب أن يضطلع بدوره في مساعدة الموظفين وحثهم على التطور والاعتماد على الذات؛ ويجب أن يكون الهدف من محادثات الكوتشينغ هو تشجيع الموظفين على أمورٍ منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • فهم الموظف مهاراته ونقاط قوته.
  • التعرف إلى نقاط الضعف التي يمكنه تحسينها.
  • القدرة على تحديد أهداف واضحة.
  • القدرة على التعامل مع المواقف المُجهدة.
  • فهم الدور الذي يؤدونه بصفهم جزءاً من الفريق وكيف تؤثر أعمالهم ومواقفهم في الآخرين.

مراجعات الأداء مقابل محادثات الكوتشينغ

إذاً ما هو الفارق الحقيقي بين مراجعة الأداء وجلسة الكوتشينغ، وما أهمية ذلك؟

تقليدياً؛ كانت مراجعات الأداء عبارة عن محادثات رسمية نادرة مخصَّصة لتقييم الأداء، وعادةَّ ما تكون هذه المحادثات مليئة بالضغوط؛ لأنَّ الموظفين يعرفون تأثيرها فيهم من ناحية الترقيات وزيادة الرواتب والمكافآت، علاوة على ذلك، من النادر أن يستمتع الموظف بالحكم عليه؛ لذلك تُمثل هذه المحادثات مصدر رعب لأولئك المعنيين، وتُعدُّ مراجعات الأداء أيضاً أكثر تنظيماً؛ فهي اجتماعات يُخطَّط لها وتُجدول بعناية.

يمكن التخطيط لمناقشات الكوتشينغ، لكنَّها بشكل عام أكثر عفوية وسهولة؛ إذ يُشجَّع الموظفون على الحضور للمناقشة عندما يحتاجون إليها، ويمكن للمديرين التحدث إلى الموظفين عند الحاجة، وقد يختار الموظف والمدير مناقشة الأمور التالية:

  • فرص التدريب أو التطوير.
  • الأهداف والغايات، وما إذا كان الموظف يحصل على الدعم الذي يحتاجه.
  • أي تغيير سلوكي يؤثر في العمل وما إذا كان الموظف بحاجة إلى تطبيق إجراءات معينة.
  • أي تغييرات داخل الشركة.
  • التحديات المحددة التي يواجهها الموظف.

الفوائد التي تجنيها الشركة من محادثات الكوتشينغ

تُركِّز محادثات الكوتشينغ على التحسين والاحتياجات الفردية المحددة، وهذا يعني - إذا أُجريت بشكل جيد - أنَّ نهج الكوتشينغ للإدارة قد يكون فاعلاً للغاية من حيث الجدوى الاقتصادية؛ فبدلاً من الاضطرار إلى تعيين موظفين جُدد يتمتعون بمهارات محددة - مما قد يترتب عليه تكلفة باهظة - يسمح الكوتشينغ للمديرين بتطوير مهارات الموظفين الحاليين؛ ويُعدُّ هذا أيضاً هاماً للغاية للموظفين؛ ذلك لأنَّهم يبحثون عموماً عن فرص التعلم والتطور المستمر في دور وظيفي؛ وهو الأمر الذي يؤدي إلى زيادة تفاعل الموظفين وتحسُّن نسب الاحتفاظ بهم.

يُظهر الكوتشينغ للموظفين أنَّهم محل تقدير، وأنَّ الشركة تحتاجهم وتدعمهم؛ وبذلك لن يشعر الموظفون الذين يحظون بهذه الدرجة من الاحترام والثقة بأنَّهم مضطرون إلى البحث عن فرص عمل في مكان آخر، يَروق الكوتشينغ أيضاً بشكلٍ كبيرٍ لجيل الألفية فهم يريدون تغذية راجعة ودعماً مستمراً؛ لكنَّهم لا يريدون أن يخضعوا لإشراف دقيق، ويُفضِّل معظمهم العمل باستقلالية، وهذا النهج التعاوني بقيادة الموظف هو حل وسط يُرضي جميع الأطراف.

وعلاوةً على ذلك، تسمح محادثات الكوتشينغ للمديرين والموظفين ببناء علاقات ودِّية؛ فمع زيادة التواصل والثقة والصراحة، يعلم الموظفون أنَّ مديرهم يقف إلى جانبهم، وأنَّه ليس شخصية نافذة معنية بالمردود المادي فقط.

قد يُحدث الكوتشينغ فرقاً كبيراً في مستويات التحفيز؛ فمن خلال السماح بمشاركة الموظفين بشكل أكبر في عملية تحديد الأهداف، والسماح لهم بالتعبير عن آرائهم في كيفية عملهم، يزداد شعورهم بالمسؤولية تجاه حياتهم المهنية، وتصبح أهدافهم منطقية وذات معنى؛ مما يدفعهم إلى العمل بجد في سبيل تحقيقها.

أخيراً، تتيح محادثات الكوتشينغ المزيد من الفرص للاحتفال بالنجاح، ونعلم جميعاً أهمية التقدير والمكافأة عندما يتعلق الأمر بتفاعل الموظفين ورضاهم.

كم مرة يجب أن تُجرى محادثات الكوتشينغ؟

يكمن جمال محادثات الكوتشينغ في أنَّها ليست شديدة الصرامة ولا تستنزف الكثير من الوقت، ومع ذلك، يجب على المديرين التأكد من حدوث ذلك بانتظام إلى حد ما، فمن الأفضل تبادل المعلومات بشكل متكرر وغير رسمي وسريع، ومن الجيد ألَّا يكون لديك محادثات كوتشينغ أكثر من مرة واحدة في الأسبوع، ولكن ليس أقل من مرة واحدة في الشهر.

كيف تُجري محادثات كوتشينغ؟

عند إجراء محادثات الكوتشينغ، يحتاج الموظفون إلى تعلم كيفية الاستماع، ويجب على المديرين -بدلاً من فرض الحلول- توجيه الموظفين ومساعدتهم على التوصل إلى استنتاجاتهم الخاصة مع تزويدهم بالمعلومات الثمينة والتشجيع؛ إذ يتعلق الكوتشينغ بسؤال "كيف يمكنني المساعدة؟" بدلاً من قول: "هكذا يجب أن تفعل ذلك".

يجب كوتشينغ المديرين على الاستماع كذلك إلى أكثر مما يقال؛ لذا تذكر: يُشكِّل التواصل الشفهي 7% فقط؛ إذ نُعبِّر عن الكثير بلغة جسدنا ونبرة صوتنا؛ لذا، يجب أن يكون المديرون على درجة عالية من اليقظة بطريقة يستشعروا بها علامات الإنهاك والإهمال واعتلال الصحة، ويصبح هذا أسهل وطبيعياً أكثر مع زيادة التفاعل؛ لذا، تأكد من مقابلة الموظفين بانتظام وأظهر لهم أنَّهم يمثلون ثروة حقيقية لشركتك.