10 خطوات لإنشاء ثقافة تنظيمية تشجع على الكوتشينغ


تقدِّم معظم المنظمات الكبرى في العالم برامج الكوتشينغ التي تتضمن تقديم الكوتشينغ فردياً للمديرين التنفيذيين المتوسطين أو الكبار أو كليهما عبر توظيف كوتشز من خارج الشركة، أو تدريب الإداريين على مهارات الكوتشينغ، أو تدريب الكوتشز الذين يعملون في الشركة.

لقد اتبع عدد من مؤسسات القطاع العام نهجاً مبتكَراً؛ وهو توظيف مجموعة من الكوتشز من داخل المنظمات لتقديم خدمات الكوتشينغ مقابل رسوم، بحيث تُنقَل جميع الأموال من خزانة عامة إلى أخرى دون الاستعانة باستشاريين خارجيين.

ما يزال المعنى الحقيقي لمصطلح "الكوتشينغ" غامضاً، فعند تقديم دورات تدريب للمديرين، من الشائع أن يكون المديرون قد تلقوا تدريباً على مهارات الكوتشينغ خلال عملهم في مؤسسة سابقة، ولكنَّهم يقولون إنَّهم لم يروا قيمة الكوتشينغ في ذلك التدريب، ولكنَّهم يفهمون قيمته الآن، وهذا يجعلنا نتساءل "ما الذي كانوا يتعلمونه بالضبط سابقاً؟".

ركائز الثقافة التنظيمية التي تشجع على الكوتشينغ:

  1. المسؤولية.
  2. الثقة بالنفس.
  3. التعلم من الأخطاء.

1. المسؤولية:

كلما تحمَّل المدير مزيداً من المسؤولية في مكان العمل، قلَّت المسؤوليات التي يتحملها المرؤوسون، ولكنَّ الناس مبدعون بطبيعتهم، ويستمتعون بالمساهمة ويرغبون بقدر من التحكم في مهام عملهم، ولكنَّ المديرين يحرمون موظفيهم من التصرف على طبيعتهم من خلال التنمر عليهم أو انتقادهم أو إهانتهم أو إدارتهم إدارة تفصيلية.

على الجانب الآخر، ترك الموظفين على هواهم دون تقديم أيَّة تغذية راجعة إيجابية أو اقتراحات للتحسين، لا يشجعهم على تحمُّل المسؤولية أيضاً، وهنا يأتي دور العنصرين التاليين.

2. الثقة بالنفس:

يمكن تعزيز ثقة الموظفين بأنفسهم من خلال الحصول على الثناء من مديريهم وأقرانهم، ولكنَّ التقدير من الآخرين لا يكفي، فالطفل الذي يتعلم المشي لن يكفيه تشجيع والديه وثناؤهما عليه؛ وإنَّما يحتاج إلى السقوط والنهوض والتعلم من أخطائه حتى ينجح، وهذا يقودنا إلى العنصر الثالث.

3. التعلم من الأخطاء:

تُظهِر الأبحاث أنَّ البشر يتعلمون من خلال ارتكاب الأخطاء؛ لذا يجب منح الموظفين فرصة تحقيق التقدم عبر التجارب وارتكاب الأخطاء، بدءاً من المدير التنفيذي ووصولاً إلى أصغر الموظفين الجدد؛ إذ يحتاج الموظفون إلى مساحة للتجربة، إضافة إلى قدر من الدعم وبعض الاقتراحات وشخصيات يقتدون بها ومبادئ توجيهية واضحة لما هو متوقَّع منهم والتدريب المناسب للوظيفة.

يجب أن نطرح على أنفسنا السؤال الآتي عندما يرتكب أحد المرؤوسين خطأً ما "ما هو الرد المناسب الذي يساعد هذا الموظف على التطور والبقاء متحفزاً؟"، ففي كثير من الحالات، الإجابة عن هذا السؤال هي التزام الصمت، فإذا عرف الموظف خطأه وكيفية إصلاحه، فسوف تجعله ملاحظات مديره يشعر بالحرج، وهذا يقلل من طاقته وتحفيزه، بينما سوف تمده فرصة إثبات مهارته من خلال إصلاح الخطأ، بشعور بالرضى والفخر والدافع.

بالطبع توجد حالات لا يدرك فيها الموظفون أخطاءهم، أو يُظهِرون سلوكات غير مقبولة، ويتمثل نهج الكوتشينغ المناسب هنا في مطالبة الموظفين بمناقشة أدائهم قبل إخبارهم بأخطائهم، والنتيجة المتوقَّعة من ذلك هو تقديم فرصة للموظف للتحدث، ومن ثمَّ وصف المشكلات والخروج بالحلول التي كان المدير يخطط للحديث عنها، وهذا يريح المدير من همِّ مناقشة هذه المشكلات.

إن لم يعترف الموظف بخطئه، فربما يجب على المدير التحدث معه مباشرة، ويسأله عن التحديات التي يواجهها، فإذا لم ينجح ذلك في حثِّه على التفكر بأخطائه، فما عليك سوى تقديم التغذية الراجعة، ويُفضَّل بعد طلب إذنه أولاً، كأن تقول: "هل يمكنني أن أشاركك بعض الأمور التي لاحظتها حول أدائك؟"، فعادةً ما يتقبل الناس الإصغاء عندما تتاح لهم فرصة للتحدث مطولاً أولاً، وتطلب إذنهم للتحدث، وهذا يمنحهم شعوراً بالسيطرة على الوضع.

يواجه المديرون صعوبة في تقديم التغذيات الراجعة السلبية أو المرتبطة بالتعلم أو التطوير؛ لذا أسلَمُ حل عندما يجب عليك أن تقرر ما إذا كان يجب تقديم تغذية راجعة، أو ما هي التغذية الراجعة التي يجب عليك تقديمها، هو أن تسأل نفسك "ما الذي كنتُ أرغب بسماعه في هذا الموقف؟"، ثم تتصرف وفقاً لإجابتك.

من النادر أن تجد منظمة تلتزم بجميع العناصر الثلاثة المذكورة آنفاً، حتى وإن طبقوها، فقد يفشل أحدها من وقت لآخر، لكن كلما التزمت بها أكثر، ارتفع مستوى الثقة في جميع أنحاء المنظمة، وبالطبع يمكن تفهُّم بعض الأخطاء في القيادة أو في علاقات الفريق والتسامح معها، تماماً مثلما يسامح أفراد عائلة مُحبِّة بعضهم.

كيفية إطلاق برنامج الكوتشينغ:

أكثر ما يتساءل عنه المديرون عند إنشاء برنامج الكوتشينغ هو الأمور المتعلقة بالميزانية والموافقة أكثر من اختيار البرنامج نفسه؛ إذ تتعلق المعضلة الأولى بما إذا كان يجب توظيف كوتشز من خارج الشركة أم تدريب المديرين في الشركة على مهارات الكوتشينغ، وإذا ما تم اتخاذ الخيار الثاني، فهل يجب تدريب المديرين على مهارات الكوتشينغ لاستخدامها في نشاطاتهم اليومية، أم تطوير فريق من الكوتشز المعتمَدين في الشركة؟

تخطط المنظمات أحياناً لتوظيف كوتشز خارجيين لتقديم الكوتشينغ لمستوى من الإداريين، ليقدِّموه بدورهم لجميع المستويات الأدنى منهم، ولكنَّ تلقِّي الكوتشينغ وممارسته وتعليم مهارات الكوتشينغ للآخرين يختلفون عن بعضهم اختلافاً كلياً؛ فمتلقي الكوتشينغ لا يقدِّم المهارات المطلوبة للثاني والثالث؛ إذ يلتمس المتلقي فائدة نهج الكوتشينغ، ولكنَّه لا يدرك بنيته الأساسية والمبادئ التي تجعل الكوتش ماهراً.

إذا كانت ميزانية الشركة محدودة، فإنَّ تدريب المديرين على مهارات الكوتشينغ سيفيد المنظمة أكثر من توظيف كوتشز للمديرين، إضافة إلى ذلك، في أثناء الدورة التدريبية للكوتشينغ وبعدها، سيتلقى المديرون الكوتشينغ الفعال من بعضهم بعضاً، وبالطبع، إذا توفرت الميزانية الكافية لتوظيف كوتشز خارجيين والتدريب على الكوتشينغ، فهذا أفضل خيار.

الآن، إلى أي مدى ينبغي تدريب المديرين؟ قد تعتقد المنظمة ومديروها أحياناً أنَّ المديرين لا يحتاجون أو يرغبون بأن يصبحوا كوتشز داخليين؛ لذا قد تقدِّم لهم دورة تدريبية لمدة يومين في مهارات الكوتشينغ التي من المفترض أن تحوِّلهم إلى مديري كوتشينغ، ولكنَّ بعض المديرين يستمتعون بالكوتشينغ لدرجة أنَّهم يعملون بصفة كوتش داخلي على أي حال، لكن دون أن يتلقوا ما يكفي من التدريب الذي يتطلبه ذلك.

لن تكون نتيجة ذلك كارثية؛ وذلك لأنَّ الكوتشينغ يقوده المتلقي بالكامل؛ لذا طالما المديرون ملتزمون بالمبادئ المطلوبة، لن تتسبب قلة خبرتهم بأي ضرر كبير، لكن يُفضَّل تدريبهم على كيفية تقديم سلسلة من الجلسات، وفهم حاجة الكوتش إلى مشرف، والتطوير المهني المستمر، وتعزيز المهارات والمعرفة باستمرار.

10 خطوات لإنشاء ثقافة تنظيمية تشجع على الكوتشينغ:

1. تحديد الرؤية والهدف:

أفضل نهج كوتشينغ هو التطلع إلى النتيجة المرجوة، وهذا يجعل مسار الكوتشينغ أكثر وضوحاً، ويوحد جهود الجميع، ويحدد هدفاً معيناً، فهو يتيح قياس التقدم، وتتأكد من خلاله من أنَّ المشروع يسير في الاتجاه الصحيح، ويمكن تحقيق ذلك بطرائق عدة، بدءاً من التحدث إلى الموظفين لمعرفة ما يريدون، ووصولاً إلى إطلاق تحليل شامل لاحتياجات التدريب يشمل الاستطلاعات ومجموعات التركيز والمقابلات.

2. التحقق من وضع المنظمة:

بعد تحديد أهداف البرنامج، يجب استكشاف وضع المنظمة حالياً، فما هي الموارد الموجودة؟ وما هو المطلوب إلى جانب ذلك؟ وما الذي يحتاج إلى تغيير؟ وما الذي تم إنجازه حتى الآن؟ ومن الذي يجب أن يشارك؟ أما إذا أُجري تحليل شامل لاحتياجات التدريب، فيجب العمل عليه في الوقت الذي تُحدَّد فيه الأهداف.

3. تحديد أصحاب المصلحة:

أصحاب المصلحة هم الأشخاص الذين يتأثرون ببرنامج الكوتشينغ أو لديهم اهتمام به، وإليك فيما يأتي أنواع أصحاب المصلحة في الشركة:

يؤثر بعضهم في البرنامج، وبعضهم الآخر يعطون موافقتهم عليه، ويوجد من يَحضُر البرنامج، ومَن يُنشئ بنيته ويخطط له، فموافقة أصحاب المصلحة على إطلاق البرنامج ضرورية، وإلا فلن يتم تنفيذه أبداً، إلى جانب أهمية الذين يُنشئون ويخططون للبرنامج لدورهم في تشكيله وقيادة العملية، لكن عند تصميم البرنامج، من المفيد أخذ آراء كل من سيتأثر به، وليس الأشخاص الذين لهم دور محوري فقط.

حاول دائماً إشراك الأشخاص الذين يدعمون خططك ومَن لديه تأثير منهم في صُنَّاع القرار، فجميع أصحاب المصلحة هامون، وبعضهم يؤثرون حتى في إطلاق البرنامج أو عدم إطلاقه.

  • قد يكون أصحاب المصلحة المؤثرون من أعضاء مجلس الإدارة ورؤساء الموارد البشرية والتطوير التنظيمي ورؤساء الأقسام.
  • قد يكون أصحاب المصلحة الذين يجب أخذ موافقتهم على البرنامج المديرين التنفيذيين ورؤساء الشؤون المالية ورؤساء الأقسام.
  • قد يكون أصحاب المصلحة المستفيدون من البرنامج هم المديرون وقادة الفِرق ومديرو الحسابات.
  • قد يكون أصحاب المصلحة الذين يشاركون في إنشاء بنية البرنامج هم قسم التعلم والتطوير ومديرو الموارد البشرية ورؤساء الأقسام.

بالطبع، تختلف هذه الفئات من منظمة إلى أخرى.

4. الحصول على الموافقة:

إذا تم تنفيذ أول خطوتين في قائمتنا هذه، فلعلَّك حصلت على الموافقة الآن؛ إذ سيشعر كل طرف بالمسؤولية تجاه البرنامج وكيف سيلبي احتياجاته، كما أنَّ الرؤية الواضحة للبرنامج تعزز الحماسة والطاقة قبل البدء به حتى.

5. اختيار المورِّدين:

يجب وضع كثير من الأسس حتى قبل التخطيط، ناهيك عن تنفيذ البرنامج، فقد حان الوقت الآن للبحث عن المورِّدين المحتملين والتركيز على أولئك الذين يمكنهم مساعدة المنظمة على تحقيق الأهداف التي حُدِّدت بعد إجراء تحليل احتياجات التدريب.

ابدأ بإجراء محادثات بسيطة؛ إذ يمكن تعلُّم كثير من الأمور عبر التحدث إلى الخبراء، حتى لو كانوا يحاولون بيع منتجاتهم لك، فهذه طريقة فعالة ومجانية لاكتشاف ما تحتاج إلى معرفته، وقد تتطلب هذه المحادثات مزيداً من البحث، وهذا سيمكِّنك من تشكيل صورة لأفضل نوع من البرامج التي يجب عليك اختيارها.

بعد ذلك، يبقى فقط اختيار المورِّدين المحتملين الذين تعتمد قيمة التدريب على مدى مهارتهم، وبعد تحديد مجموعة من المورِّدين من أصحاب الخبرة المناسبة، حدد مَن تريد العمل معهم من خلال التحدث إليهم، ويجب على هؤلاء المورِّدين فقط المشاركة في المناقصة لتوفير وقتك ووقتهم.

6. تحديد ما يجب قياسه:

يبدأ القياس حتى قبل تصميم البرنامج، فبعد تحديد أهداف البرنامج، يمكن وضع مقاييس محددة لقياسه، ومن الهام التمييز بين الفوائد المستمدة من برنامج الكوتشينغ والبرامج أو الأحداث الأخرى التي قد تجري في المنظمة في نفس الوقت، وذلك من خلال طرح الأسئلة الآتية:

  • ما هي الفوائد المستمدة من برنامج الكوتشينغ فقط؟ وما مدى فائدته (كنسبة مئوية تقديرية)؟
  • ما هي الفوائد الملموسة التي عادت على المنظمة نتيجة برنامج الكوتشينغ؟ فإذا قدَّم فوائد نوعية أو مهارات ناعمة، فاربطها بالفوائد الكمية أو المهارات الصلبة، وإليك المحادثة الآتية مثلاً:

- مُراجِع العائد على الاستثمار: "كيف أفاد برنامج الكوتشينغ المنظمة؟".

- المشارِك: "عملاؤنا أكثر سعادة".

- مُراجِع العائد على الاستثمار: "ما هو الفرق الذي يُحدِثه ذلك في المنظمة؟".

- المشارِك: "إنَّنا نبيع مزيداً من المنتجات".

- مُراجِع العائد على الاستثمار: "ما هي النسبة التي تقدِّرها لزيادة الأرباح؟".

- المشارِك: "10%".

من خلال طرح هذه الأسئلة على عدد من أصحاب المصلحة، سيظهر نمط من الإجابات التي ستفيدك.

7. تقديم دورات تجريبية:

يُنصَح بتقديم دورة تجريبية أو أكثر للتأكد من أنَّ كل شيء على ما يرام، فيجب أن يَحضُر بعض أصحاب المصلحة الرئيسين كي يقدِّموا اقتراحات حول كيفية تعديل التدريب ليكون مفيداً قدر الإمكان من حيث تحقيق أهداف البرنامج التي تم الاتفاق عليها.

8. التقييم والتخطيط المستقبلي:

بعد تقديم التجارب، يمكن إعادة تقييم البرنامج لتحديد أي تعديلات يجب إجراؤها لتناسب المنظمة، كما يجب استطلاع آراء جميع أصحاب المصلحة المعنيين، وهذا سيمنحك معلومات ذات قيمة، ويعزز إحساسهم بالمسؤولية تجاه البرنامج.

9. تنفيذ المرحلة التالية:

بعد إجراء التعديلات، يمكنك طرح البرنامج بأكمله.

10. المحافظة على الزخم:

برامج الكوتشينغ محفِّزة بطبيعتها بسبب الحماسة التي تولِّدها، ولأنَّ تأثيراته ملحوظة على الفور في جميع القوى العاملة؛ إذ يرى الموظفون أنَّ المديرين المدرَّبين حديثاً يتواصلون بفاعلية أكبر، ويحققون نتائج أفضل، إلى جانب أنَّ التعامل معهم أصبح أكثر سلاسة.

يمكن ملاحظة هذه التغيرات والاستفادة منها من خلال إنشاء نشاطات الكوتشينغ، مثل الكوتشينغ المشترك أو مجموعات الإشراف، وتوفير الكوتشينغ المتعلق بالتطوير المهني المستمر (CPD)، كما من الجيد أن تحدد أياماً لتجديد المعلومات، ربما مرة كل ستة أشهر.