14 إستراتيجية لمراعاة اختلاف أنماط التعلم في مكان العمل


لم يعد فهم ومراعاة أنماط التعلم المختلفة مجرد ميزة إدارية، بل متطلب تجاري أساسي، ويُعَد التنوع في أنماط التعلم هاماً كأي شكل آخر من أشكال التنوع اليوم في عصر التحول الرقمي والعمل عن بُعد.

علينا تقبُّل حقيقة اختلاف طرائق تعلم الموظفين والطلاب أثناء سعينا لتحقيق الشمولية، ويؤدي تقدير أنماط التعلم المتنوعة إلى تعزيز الإنتاجية وزيادة رضا الموظفين.

لذلك علينا معرفة كيفية تمكين هذا التنوع في أساليب التعلم داخل أماكن العمل. يناقش هذا المقال كيفية تكييف طرائقق تدريب الموظفين لمراعاة أنماط التعلم المختلفة.

ما هي أنماط التعلم الأكثر شيوعاً؟

يطرح نموذج "فارك" (VARK) الشهير أبرز أنماط التعلم الشائعة إذ يصنف المتعلمين إلى 4 فئات:

1. البصري (Visual)

يستوعب المتعلمون البصريون المعلومات بشكل أفضل من خلال الرسوم البيانية، والمخططات، والخرائط، وغيرها من العناصر البصرية، ويفضلون غالباً تصوُّر المعلومات لفهمها.

2. السمعي (Auditory)

يستوعب المتعلمون السمعيون المعلومات من خلال الاستماع، والمشاركة في المناقشات والمحادثات الجماعية، وترديد المعلومات بصوت عالٍ لحفظها.

3. القراءة/الكتابة (Reading/Writing)

يفضل هؤلاء المتعلمون التعلم من خلال الكلمة المكتوبة، ويتفوقون عند قراءة النصوص، أو كتابة الملاحظات، أو المقالات، أو التقارير، كما يميلون إلى الاستمتاع بالكتب والمقالات والمحاضرات المكتوبة.

4. الحركي (Kinesthetic)

يتعلم هؤلاء المتعلمون بشكل أفضل من خلال الأنشطة العملية، إذ يستوعبون أكثر عندما تُتاح لهم فرصة التفاعل مع المواد، أو التعلم من خلال التمارين العملية والأمثلة الواقعية.

تتداخل هذه الأنماط التعليمية بسلاسة مع التدريب في مكان العمل ضمن التعليم والتدريب المهني (Vocational Education and Training - VET)، مما يسمح بتجربة تعليمية مستهدفة وفعالة.

أنماط التعلم في مكان العمل

كيف تؤثر أنماط التعلم على مكان العمل؟

تؤثر أنماط التعلم على طبيعة التفاعل، ونمط التواصل، والتعاون، وحل المشكلات في مكان العمل. إنَّ تداخل أنماط التعلم مع التدريب المهني والتعلم في مكان العمل هو واقع ملموس.

  • يتطلب التدريب في مكان العمل تطبيق المهارات العملية، ويحتاج المتعلم الحركي على سبيل المثال إلى تطبيقات وتمارين عملية توفر له تجربة غامرة وتفاعلية. 
  • الوسائل البصرية ليست مجرد ميزة إضافية بل غالباً ما تكون ضرورية لمساعدة المتعلمين البصريين على استيعاب المفاهيم المعقدة بشكل أسهل.
  • يجب أن تأخذ الأنماط تجارب المتعلمين في الاعتبار، وتربط أهداف التعلم بالطموحات الفردية، وتعزز التعلم الذاتي.

لذا، فإنَّ فهم ومراعاة هذه الأساليب التعليمية هو أمر ضروري لتوفير بيئة عمل فعالة تشجع على التعلم.

14 استراتيجية لمراعاة أنماط التعلم المختلفة في مكان العمل

تتحسن إنتاجية العمل ويرتفع مستوى رضا الموظفين عند تطبيق إستراتيجيات مدروسة تراعي تنوع أنماط التعلم. فيما يلي 14 إستراتيجية لمراعاة اختلاف أنماط التعلم في مكان العمل:

1. تنويع المحتوى

قدِّم المعلومات بصيغ مختلفة لتلبية جميع أنماط التعلم، أي ينبغي أن تستخدم المستندات النصية للمتعلمين من نمط القراءة/الكتابة، ومقاطع الفيديو للمتعلمين البصريين والسمعيين، والجلسات التفاعلية للمتعلمين الحركيين.

2. استخدام العناصر البصرية

تُستخدَم العناصر البصرية مثل الرسوم البيانية، والمخططات لمساعدة المتعلمين البصريين على ترسيخ المعلومات المكتسبة، كما أنها تفيد في تبسيط الأفكار المعقدة وتجزئتها إلى معلومات سهلة الفهم. 

3. إنشاء عروض تقديمية تفاعلية مباشرة

تجذب العروض التقديمية التفاعلية المتعلمين وتشجع على المشاركة النشطة، وهي مفيدة بشكل خاص للمتعلمين السمعيين والحركيين الذين يفضلون الحوار والتطبيق في عملية التعلم.

4. تطبيق تمارين عملية 

يستفيد المتعلمون الحركيون من التعلم العملي أو التجريبي، إذ يفهمون ويتذكرون بشكل أفضل عندما يتفاعلون جسدياً مع المادة. يمكنك القيام بذلك في مكان العمل من خلال المحاكاة، أو العمل في المختبرات، أو أنشطة حل المشكلات الواقعية.

5. تحسين محتوى مقاطع الفيديو

تفيد مقاطع الفيديو المتعلمين البصريين والسمعيين، ويُنصَح بإضافة الترجمات من أجل المتعلمين من نمط القراءة/الكتابة، والعناصر التفاعلية للمتعلمين الحركيين.

6. تدريب المدربين

يبدأ التدريب الفعال مع المدربين، وينبغي تزويدهم بالمعرفة والأدوات اللازمة لمراعاة أنماط التعلم المختلفة. يشمل ذلك تدريبهم على نموذج فارك ومساعدتهم في تصميم تجارب تعليمية شاملة.

7. مراعاة اختلاف سرعة الاستيعاب

يتعلم الناس بسرعات مختلفة، لذا يجب منح الموظفين المساحة والوقت اللازمين لفهم المهام أو العمليات الجديدة. كن صبوراً، وتجنب الأحكام السريعة، وادعم رحلتهم التعليمية.

8. تنمية الوعي الذاتي للمدربين

شجع المدربين على إدراك أنماط تعلمهم، لكي يكونوا قادرين على إعداد برامج تدريب شاملة تلبي أنماط التعلم المختلفة، بدل التركيز على الأساليب والطرائق المفضلة بالنسبة إليهم. 

9. تشجيع المتدربين على طرح الأسئلة 

تُشجع بيئة التعلم التي تُرحب بالأسئلة الفضول وتعمق الفهم، وهذا يفيد بشكل خاص المتعلمين السمعيين وذوي نمط القراءة/الكتابة الذين يزدهرون في المناقشات الجماعية.

10. استخدام العروض التوضيحية الحية

تفيد العروض التوضيحية جميع المتعلمين، لكنَّها تلبي بشكل خاص احتياجات المتعلمين البصريين والحركيين، فهي توفر مثالاً واضحاً وملموساً لما يجب القيام به، مما يمكِّن الآخرين من اتباعه وتكراره.

11. تطبيق تعلم الأقران

يسمح تعلم الأقران للموظفين بالتعلم من تجارب ومهارات بعضهم بعضاً، وهو يشجع على التعاون والتواصل، ويلبي جميع أنماط التعلم.

12. إنشاء مجتمعات تعليمية

يهدف مجتمع المتعلمين إلى توفير بيئة داعمة تشجع الموظفين على التعلم من بعضهم، ومشاركة المعرفة، والعمل نحو الأهداف المشتركة. تركز هذه البيئة على التعلم المستمر وتعزز ترابط الموظفين.

13. اعتماد تقنيات التلعيب (gamification)

تعزز تقنيات التلعيب اندماج الموظفين من خلال إضافة عناصر المنافسة، والإنجاز، والمتعة إلى التعلم، وهي تفيد بشكل خاص المتعلمين الحركيين، لكنَّها تلبي احتياجات جميع أنواع المتعلمين عندما يكون تصميمها مناسب.

14. تطبيق تمارين تقمص الأدوار

تُستخدَم تمارين تقمص الأدوار لمساعدة الموظفين على فهم وجهات النظر المختلفة وتطبيق معرفتهم في مواقف تحاكي الحياة العملية. هذه الطريقة مفيدة بشكل خاص للمتعلمين الحركيين، لكنَّها يمكن أن تلبي أيضاً احتياجات المتعلمين السمعيين والبصريين.

قد يبدو استيعاب أنماط التعلم المختلفة في مكان العمل تحدياً، لكنه استثمار يستحق الجهد. إنَّ تنفيذ هذه الاستراتيجيات يُغذي ثقافة تعليمية نابضة وشاملة وفعالة.

أنماط التعلم في مكان العمل

4 تحديات مع حلولها في تطبيق أنماط التعلم المتنوعة

1. تحديد أنماط التعلم الفردية 

قد يكون من الصعب التعرف على نمط التعلم الخاص بكل موظف نظراً لتنوع وحجم العديد من الفِرَق الحديثة. 

الحل: استخدم أدوات التقييم الذاتي لتسهيل العملية. شجع الموظفين على إجراء اختبارات أو تقييمات لأنماط التعلم لمساعدتهم على فهم تفضيلاتهم.

2. قيود الوقت والموارد 

يستغرق تصميم وتنفيذ برامج تعلم مخصصة وقتاً طويلاً وقد تكون الموارد محدودة. 

الحل: اختر نهج تعلم مدمج يجمع بين أشكال مختلفة مثل التدريب الحضوري، والتعليم الإلكتروني، والتعلم التجريبي. تساعد هذه الطريقة في تقديم محتوى متنوع دون تجاوز الموارد والميزانية المتاحة.

3. مقاومة التغيير 

يتمسك بعض الموظفين بالأساليب التقليدية ويواجهون صعوبة في تقبُّل إستراتيجات التعلم الجديدة.

الحل: التواصل. اشرح الأسباب وراء التغييرات وكيف يمكن أن تحسن النتائج التعليمية ورضا الموظفين عن العمل.

4. خبرة المدربين 

تعتمد فعالية برامج التعلم إلى حد كبير على قدرة المدربين على تلبية أنماط التعلم المختلفة. 

الحل: تطوير برامج "تدريب المدربين" التي تعزز فهم المدربين لأنماط التعلم المتنوعة. يجب تجهيزهم بالأدوات والتقنيات اللازمة لتلبية أنماط التعلم الخاصة بهم.

في الختام

لم يعد احترام تنوع أنماط التعلم في مكان العمل خياراً بل ضرورة. يمكن للشركات التي تدمج هذه الاستراتيجيات بشكل استباقي تعزيز برامج التدريب بشكل كبير، مما ينمي قوة عمل أكثر تفاعلاً وإنتاجية ورضا. 

ابدأ اليوم، وتكيف، وشاهد القوة التحولية للتعلم تتجلى في مؤسستك.