3 خرافات حول العمل عن بعد


هذا المقال مأخوذ عن الكاتب جيفري إي أورباخ (Jeffrey E. Auerbach) والذي يُحدِّثنا فيه عن الخرافات حول العمل عن بُعد.

مثل العديد من عملائنا وزملائنا، تحوَّل فريقنا بين عشية وضحاها تقريباً من مكتب مركزي إلى فريق يعمل عن بُعد، فتعلَّمنا الكثير بسرعة، وحققنا نجاحاً باهراً بكل المقاييس، وأحد الأشياء التي تعلَّمناها هو كيف يمكننا المواظبة على العمل بفاعلية حتى عندما لا نكون في المكتب نفسه، ومن الملاحظ أنَّنا نمرُّ الآن بأكبر تجربة عمل من المنزل في العالم.

يُشير العمل عن بُعد إلى العمل من كافة المواقع، وقد أصبح يُستخدَم على نطاق واسع منذ فترة، ولم يعد امتيازاً خاصاً، وإنَّما منهج عمل مُستخدَم في كافة أنحاء العالم، ولكن بعد انتشار الوباء، طُلب من الكثيرين الانتقال إلى العمل عن بُعد بين عشية وضحاها، دون الكثير من الوقت لوضع خطة مُحكمة.

لذا إذا كنت أنت أو فريقك أو مؤسستك من هؤلاء، فلنتوقَّف لحظة لدحض بعض الخرافات والقوالب النمطية المتعلِّقة بالعمل عن بُعد، ولكن بدايةً، إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي تدير فيها فريقاً عن بُعد، أو تعمل عن بُعد، فاعلم أنَّك قد تواجه بعض الفوضى ريثما تتعلَّم كيف تسير الأمور؛ لذا أودُّ أن أشجِّعك على التعامل مع القضية بعقلية إدارة التغيير، بافتراض أنَّه قبل أن تتحسن الأمور وتصبح فاعلة، قد تواجه المزيد من التحديات والإحباطات والمصاعب.

ما يواسينا هو أنَّنا جميعاً نواجه المعضلة نفسها، فإن كنت تجد صعوبة في إحداث التغيير، فمن المحتمَل أن يكون هناك شخص آخر يعاني ما تعانيه؛ لذا يجب أن نتكاتف، وندعم بعضنا بعضاً، ونجد الحلول معاً.

يُعدُّ هذا الوقت رائعاً للتحول من السؤال بصيغة "لماذا" والذي يؤدي إلى دورة من اجترار الأفكار وتفاقم الإحباط، إلى السؤال بصيفة "ماذا" الذي يساعدنا على التفكير بعقلية حل المشكلات.

على سبيل المثال، لا تسأل: "لماذا أشعر بالإحباط الشديد الآن؟"، بل اسأل: "ما الشيء المختلف الذي أستطيع أن أفعله لجعل هذا الواقع الجديد أكثر فاعلية؟"، قال العديد من عملائي إنَّهم يدركون ويقبلون أنَّ الأمور عادة ما تكون أصعب خلال فترة التغيير والانتقال، وهم يركزون على المضي قدماً بعقلية التعلُّم، والأهم من ذلك، التعامل مع الأمور بشيءٍ من حس الدعابة كون الجميع مثقل بالهموم في الوقت الحالي.

إذاً، لن يتوقف كلبك عن النباح في أثناء إجراء مكالمة جماعية، ولن تتوقف قطتك عن المشي أما شاشة الكمبيوتر في أثناء مؤتمر فيديو، ولن يتوقف طفلك الصغير عن الثرثرة في أثناء محاولتك الدردشة مع فريقك؛ لذا تعامل مع هذه الأمور ببساطة، وابتسم، وتابع عملك.

لقد تحدَّثت مؤخراً مع قائد كبير قال: "ستكون ابنتي البالغة من العمر سنتين معي هذا الصباح، لن أعتذر عن ذلك، لكنَّني أردت أن تعرف ذلك"، نحن جميعاً بشر، وقد أصبحنا نرى في هذه الظروف المزيد من حياة ومنازل بعضنا بعضاً أكثر من أي وقت مضى، وإذا استفدنا من هذا الوضع، فستكون وسيلة فاعلة للتواصل.

والآن، بعد أن اطلعت على بعض الاستراتيجيات الشخصية لتجاوز هذا التغيير، دعنا ندحض بعض الأساطير التي تروِّج للتحيز ضد العمل عن بُعد، وتؤدي إلى شعور العاملين المرنين بالذنب.

  • الخرافة الأولى: يُنجز الأشخاص الذين يعملون عن بُعد أقل من أولئك الذين يعملون في مكتب تقليدي.

الواقع: بغض النظر عن مكان عمل شخص ما، سيكون هناك دائماً أشخاص أكثر إنتاجية من غيرهم؛ حيث تؤثر بيئة العمل، والشعور بالدافع، والملاءمة الوظيفية في الإنتاجية، فإن كان موظفوك موهوبين ومتحفزين ومناسبين لمناصبهم، وطلبت منهم العمل من المنزل، فلن يصبحوا ببساطة غير منتجين بين عشية وضحاها.

لذا دعونا نقتلع هذه الخرافة من جذورها ونتابع التقدُّم؛ إذ تشير الدلائل إلى أنَّه عندما تُعرض على الموظفين خيارات العمل عن بُعد، يتحسن أداؤهم نتيجة زيادة الرضا الوظيفي.

يجادل دان بينك (Dan Pink) مؤلِّف كتاب "القيادة: الحقيقة المدهشة حول ما يحفزنا" (Drive: The Surprising Truth about What Motivates Us) بأنَّ الأداء هو في الواقع مزيج من ثلاثة عناصر جوهرية:

  1. الاستقلالية: الحرية والتحكُّم لتوجيه حياتنا.
  2. الغرض: الرغبة في القيام بشيء هادف.
  3. الإتقان: السعي الدؤوب إلى التحسن في عملنا.

لاحظت عندما فكرت في تعليقات "بينك" أنَّه لم يذكر أنَّ "الرغبة في العمل في مكتب" يُحسِّن الأداء؛ لذا وبكل جديَّة، عندما تنتقل إلى العمل عن بُعد، فكر في كيفية الاستفادة من عناصر التحفيز الثلاثة هذه بغض النظر عن الموقع.

  • الخرافة الثانية: الموظفون التقليديون أكثر التزاماً بعملهم من الموظفين عن بُعد.

الواقع: تُشير الدلائل إلى أنَّ الموظفين الذين يستفيدون من العمل بمرونة يميلون إلى أن يكونوا أكثر التزاماً، ويرجع ذلك على الأرجح إلى التأثير الإيجابي للمرونة في صحتهم وعافيتهم، وشعورهم بالسيطرة والاستقلالية، وتقليل التضارب بين العمل والحياة.

تتضح العلاقة الإيجابية بين التزام الموظف والعمل عن بُعد في خيارات العمل غير الرسمية؛ وذلك لأنَّها تظهر دون تخطيط سابق، وفي أوقات الحاجة إليها، على سبيل المثال، فيروس كورونا، أو من خلال التفاوض مع المشرف أو الرئيس، ومن المحتمَل أن تلقى كامل الدعم منهما.

  • الخرافة الثالثة: من الأسهل التواصل والتعاون عندما يكون الجميع في مكان واحد.

الواقع: حسناً، هل من الأسهل التواصل والتعاون عندما يكون زملاؤك في القاعة؟ بالتأكيد.

إنَّ التذرع بسهولة التواصل في مكتب تقليدي مقارنة بالعمل عن بُعد هو عذر لا بأس به، ولكنَّ الحقيقة أنَّ العمل عن بُعد أصعب في البداية فقط؛ وذلك لأنَّه يتطلب الكثير من التغيير في طريقة عملنا، وتعاوننا، وتواصلنا؛ لذا على الرغم من أنَّ هذا العذر ليس بالضرورة خرافة؛ إلا أنَّه يتعين علينا دحضه.