4 أسباب لسرد القصص في تدريبك
كلنا نعرف راوي قصص عظيم يمتلك الكثير من القصص الرائعة، وجيد في بناء التشويق وإلقاء النكات المضحكة؛ إذ تثير القصة الرائعة إعجاب الجميع وتبقيهم مهتمين ومستمتعين؛ لذا فكر فقط في شعور الإحباط الناتج عن قصة غير مكتملة وألم عدم معرفة كيف ستنتهي! من الواضح أنَّ القصص تساعد على الاندماج بصورة طبيعية، لكن هذا واحد من الأسباب التي تجعل رواية القصص أداةً قويةً جداً عند إنشاء الدورات التدريبية.
في هذا المقال، سنكتشف 4 أسباب تدفعك إلى إدراج القصص في كل دورة تدريبية تنشئها:
1. القصص تجذب انتباهنا:
تعد قدرة الدورة التدريبية على جذب انتباه المتعلم مقياساً هاماً لنجاحها؛ فنادراً ما يتعلم المتعلمون غير المنتبهين؛ إذ من المرجح أن يتخطوا ويفوِّتوا المعلومات الهامة؛ لذا يمكن أن تكون مقاطع الفيديو والعناصر التفاعلية طرائق جيدةً لجذب انتباه المتعلمين، ولكنَّ القصة التي تُسرَد جيداً يمكن أن تكون بنفس القدر، إن لم تكن أكثر قوةً لجذب المتعلمين وإبقائهم مندمجين.
كما نعلم جميعاً من تجاربنا الشخصية، فإنَّ القصص تساعد على الاندماج بصورة طبيعية، سواء كنَّا نستمع لصديق أم نشاهد فيلماً أم نقرأ كتاباً، فإنَّ القصص لديها القدرة على جذب انتباهنا لفترات طويلة من الزمن.
اكتشفت دراسة أجرتها جامعة نورث إيسترن (Northeastern University) في ولاية بوسطن (Boston) آثار القصص في مقدار انتباهنا؛ إذ عُرِضَ سيناريو على المشاركين يتضمن شخصيات وصور، وفي عرض السيناريو، أُعطيت مجموعة واحدة من المشاركين المزيد من عناصر القصة، مثل عناصر المفاجأة والتشويق.
أظهر الاستطلاع أنَّ المشاركين الذين حصلوا على المزيد من التفاصيل وعناصر القصة في سيناريوهاتهم، كانت لديهم نشاطات الموجات الدماغية أكثر من أولئك الذين تلقوا سيناريوهات الحقائق المجردة؛ إذ يعكس هذا النشاط اهتمامهم المتزايد بالمهمة.
يمكننا أن نولي الكثير من الاهتمام للقصص الجيدة التي يمكن أن تجذبنا تماماً؛ إذ ننتقل عقلياً إلى مكان مختلف ونبدأ التعاطف مع شخصيات القصة من خلال عملية يسميها علماء النفس "الاندماج".
يعد الاندماج عنصراً أساسياً في التعاطف، فعندما نتفهَّم منظور وهوية شخصية القصة، فإنَّنا نكون أكثر تعاطفاً مع وجهات نظر تلك الشخصية ومقتنعين بها أكثر، ويمكن لمصممي التدريب الاستفادة من هذه الآلية لجذب انتباه المتعلمين ثم التعاطف مع الشخصيات في القصة.
2. القصص غير قابلة للنسيان:
هل بدأت قصةً ما بعبارة "لا أتذكر مَن أخبرني بهذا أو متى، لكن ..."، من الشائع جداً أن ننسى تماماً ظروف القصة، بينما القصة نفسها والشخصيات والحبكة والنهاية كلها تبقى في ذاكرتنا، ونبقى جاهزين لتذكُّرها ومشاركتها.
من الطبيعي أن تكون القصص غير قابلة للنسيان بالنسبة إلى البشر، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنَّ مفتاح القصة التي تُسرَد جيداً هو قدرتها على إثارة المشاعر؛ فمشاعر الفرح والخوف والحزن والغضب والذهول وكل المشاعر القوية تبقى معنا لفترة طويلة؛ إذ تستمر أدمغتنا في محاكاة مشاعر وسلوكات الشخصيات في القصة بعد سماعها أو رؤيتها أو قراءتها.
لا تحتاج القصص إلى أن تكون فريدةً جداً للاستفادة من هذه الظاهرة، فقد كشف العمل المؤثر للكاتب جوزيف كامبل (Joseph Campbell’s) "البطل ذو الألف وجه" (The Hero with a Thousand Faces)، أنَّ بطل القصة يمكن أن يتِّبع نفس مسار المغامرة تقريباً في كل مرة، وستبقى عقولنا مستمتعة بالقصة.
كما توجد فكرة أخرى عن إمكانية تذكُّر القصص تأتي من نظرية التعلم البنائية (نظرية تعليمية) لعالِم النفس جين بياجيه (Jean Piaget)؛ فمن خلال عمليات التكيف والاندماج، تحاول أدمغتنا ربط المعلومات الجديدة بخبراتنا ومعرفتنا السابقة، وإذا استطعنا ربط قصة ما بتجاربنا أو فهمنا، فإنَّ دماغنا سيكون قادراً على بناء مسارات عصبية بين نوعين من الذكريات، وتعزز هذه المسارات العصبية بصورة كبيرة قدرتنا على تذكُّر القصص والمعلومات الجديدة.
لذلك، من الهام التأكد من أنَّ القصص في سيناريوهات التدريب لها أحداث وشخصيات ذات صلة، وتثير المشاعر طوال فترة التدريب.
3. القصص تُعلِّمنا:
يوجد سبب يجعل القصص تساعد على الاندماج وغير قابلة للنسيان، فهي من أهم الطرائق التي نتعلم منها، ومن السهل النظر إلى معرفة القراءة والكتابة على نطاق واسع بوصفها أمراً مفروغاً منه، لكنَّ قدرة معظم الناس على القراءة والكتابة تعدُّ تطوراً حديثاً، وفي العديد من الأماكن حول العالم ما يزال الأمر مختلفاً.
بدلاً من ذلك، كان البشر يتشاركون المعرفة لآلاف السنين من خلال سرد القصص الغنية بالتجارب المباشرة والخرافات والأساطير، وبهذه الطريقة يمكننا نقل الدروس الهامة من جيل إلى آخر.
هل سبق لك أن استمعت لقصة ثم فكرت: "حسناً، لن أفعل ذلك أبداً"، ربما كانت قصة عن شخص يفعل أموراً غبيةً ويعاني من عواقب سلبية نتيجةً لذلك، أو ربما كان من الواضح أنَّ الشخصية شريرة ولقيت مصرعها بسبب أفعالها الشريرة.
إنَّ سماع قصة عن فعل يترافق بنتائج سيئة يمكن أن يعلمنا أن نتجنَّب هذا الإجراء، وعلى النقيض من ذلك، عندما تكون القصة ذات نتائج إيجابية، تلهمنا لنكون مثل أبطال القصص؛ لذا يعدُّ هذا الأمر هامَّاً لتعلم المعرفة العملية والاجتماعية.
إنَّ قدرة القصص على تعليمنا دروساً هامةً يمكن أن تقودنا إلى البحث بصورة طبيعية عن المغزى في القصص، ونحن بطبيعة الحال، نشعر بالراحة تجاه القصص التي تحتوي رسالةً واضحةً، ونشعر بعدم الارتياح تجاه القصص الغامضة أو المثيرة للجدل في رسائلها.
4. القصص تغير المشاعر والأفكار:
إلى جانب أنَّ القصص تساعد على الاندماج وغير قابلة للنسيان وتعلمنا الأمور بصورة طبيعية، يساهم كل عنصر من هذه العناصر في قوة العناصر الأخرى، على سبيل المثال، القصص غير قابلة للنسيان لأنَّها تساعد على الاندماج، ونتعلم منها لأنَّها غير قابلة للنسيان، وما إلى ذلك.
كل هذه العناصر الثلاثة تعطي فرصةً قويةً للتأثير في سلوك المستمع، وغالباً ما يكون تغيير السلوك بمنزلة شيء يريده المدربون والمصممون المتعلمون لكن يصعب الحصول عليه، وسواء كنت تتطلع إلى تنفيذ إجراءات السلامة أم تحسين مهارات القيادة أم مشاركة قيم مؤسستك، فأنت تتطلع في النهاية إلى التأثير في سلوكات المتعلمين.
في الختام:
أظهرت الأبحاث أنَّ القصص أكثر فاعليةً لتغيير السلوك من الروايات المليئة بالمعلومات، فنادراً ما تغير الحقائق المجردة والإحصاءات الجامدة المشاعر والأفكار، لكنَّ القصص تفعل ذلك؛ لهذا السبب، حاول إدراج قصة أو اثنتين في دورتك التدريبية القادمة، وذلك من خلال الحديث عن شخصيات تتعلق بالموضوع المتناول وإثارة المشاعر وإيصال رسالة واضحة، إذ يمكنك تحسين فرص المتعلمين في الاندماج في الدورة التدريبية وتذكُّرها وتغيير سلوكهم بعد ذلك.