4 اختلافات بين الكوتش والمستشار


لا يدرك بعض الناس الفرق بين الكوتشينغ وتقديم الاستشارات، ومن هنا دعت الحاجة لإجراء مقارنة شاملة بين المجالين وتوضيح أوجه الاختلاف والتشابه فيما بينهما؛ إذ تهدف هذه المقارنة لمساعدة الأفراد على طلب مساعدة المختص المناسب وتحقيق النتائج والأهداف المرجوة بسرعة أكبر.

تعريف الكوتشينغ:

لقد تغير تعريف الكوتشينغ جذرياً في السنوات القليلة الماضية، وهو يُعرَّف بحسب "الاتحاد الدولي للكوتشينغ" (ICF) على أنَّه "عقد شراكة مع العميل ضمن عملية إبداعية تحفز تفكيره وتلهمه لاستثمار إمكاناته وقدراته الشخصية والمهنية".

يساعد الكوتش عملاءه على تحقيق الأهداف الآتية:

  1. إحراز التقدم.
  2. إعداد خطط عملية لتحقيق أهدافهم.
  3. تقديم النصح والتوجيه.
  4. التغلب على المعتقدات المقيِّدة والمشكلات التي تعوق تقدُّمهم.

كانت تتم عمليات الكوتشينغ فيما مضى وفق "المنهج السقراطي " (Socratic questioning) بشكل كامل، لكن تطورت أساليب وتقنيات الكوتشينغ وبرز نهج جديد يجمع ما بين الوظائف التقليدية للكوتش والمستشار.

يجب أن يعتمد العميل على نفسه لإيجاد الحلول في بعض الحالات، لكن يضطر الكوتش في حالات أخرى لتقديم الحلول الجاهزة لعملائه بناءً على تجربته الشخصية.

يساعد الكوتش عملاءه عبر اتباع الخطوات الآتية:

  1. التعرف إلى العميل على المستوى الشخصي، ومساعدته على تحديد رغباته وأهدافه بدقة.
  2. إعداد خطة مصممة خصيصاً لتوجيه العميل ومساعدته على تحقيق أهدافه.
  3. مساعدة العميل على التغلب على التحديات الشخصية التي قد تطرأ في أثناء تنفيذ الخطة، والبحث عن وسائل أخرى لتحقيق الأهداف عند التعرض لمشكلة ما.

يتزايد الطلب على الكوتشز في الوقت الحالي، ويوجد ما يزيد عن 71000 كوتش مُعتمَد حول العالم، ويشهد "جوجل" (Google) عدداً كبيراً من عمليات البحث عن تخصصات كوتشينغ الحياة والأعمال والكوتشينغ التنفيذي.

فيما يأتي 5 تخصصات رئيسة في قطاع الكوتشينغ:

  1. كوتشينغ الأعمال.
  2. الكوتشينغ المالي.
  3. الكوتشينغ المهني.
  4. كوتشينغ الحياة.
  5. الكوتشينغ التنفيذي.

تقديم الاستشارات:

يقدِّم المستشار خبراته مقابل أتعاب معيَّنة، وقد تشمل خدماته تقديم النصائح والحلول الجاهزة، كما يقدِّم الكوتش أيضاً النصائح والتوجيهات، ولكنَّه يفسح المجال للعملاء لكي يعتمدوا على أنفسهم في إيجاد الحلول اللازمة لمشكلاتهم.

بالمقابل، يقيِّم المستشار المشكلة ويقترح على العميل الهدف المطلوب وخطة العمل اللازمة لتحقيقه، فقطاع تقديم الاستشارات ضخم ويشكل جزءاً كبيراً من حركة الاقتصاد العالمي، وتشمل تخصصات تقديم الاستشارات وضع الاستراتيجيات والخطط التسويقية، وإدارة المسائل المالية.

تختلف منهجية العمل من مستشار إلى آخر، وتعتمد على إجراء الاستطلاعات والمقابلات ووضع الاستراتيجيات والخطط اللازمة لمساعدة العميل على تحقيق أهدافه بأقصى سرعة ممكنة، وقد يقوم المستشار بتعديل الخطة عند الضرورة.

الفرق بين الكوتش والمستشار:

يساعد كل من الكوتش والمستشار عملاءه على تحقيق أهدافهم، كما تتطلب مزاولة كل من الاختصاصين إتقان مهارات التواصل، والقيادة، والتعامل مع الآخرين، ويتعامل المستشار مع المسألة المهنية تعاملاً مباشراً، في حين يركز الكوتش على تغيير طريقة تعاطي العميل مع هذه المسألة.

تجدر الإشارة هنا إلى الكوتش التنفيذي "بيل كامبل" (Bill Campbell) الذي عمل في منطقة "وادي السيليكون" (Silicon Valley) حتى وفاته؛ إذ تعاون "كامبل" مع كبار رجال الأعمال في العالم من أمثال "ستيف جوبز" (Steve Jobs)، و"شيريل ساندبيرج" (Sheryl Sandberg)، و"جيف بيزوس" (Jeff Bezos).

لم يذكر "كامبل" أيَّة معلومات عن الاستراتيجيات التي استخدمها مع عملائه؛ لأنَّه بكل بساطة لم يكن مستشاراً، واقتضى نهجه مساعدة العملاء على تحسين آلية اتخاذ القرارات على الصعيد الشخصي وعلى مستوى الفِرَق والشركة ككل، وقد كان يركز على مساعدة العميل على إيجاد الحل المثالي لمشكلته.

كان "كامبل" يحرص على مساعدة العملاء على تنمية مهاراتهم الشخصية دون أن يركز على مسألة زيادة الأرباح بحد ذاتها بشكل مباشر، وتجدر الإشارة إلى أنَّ تركيزه على التنمية الشخصية ساهم بالفعل في زيادة الأرباح في نهاية المطاف.

فيما يأتي 4 اختلافات رئيسة بين الكوتش والمستشار:

1. محور التركيز:

يركز المستشار على مسائل العمل بحد ذاتها، في حين يركز الكوتش على تنمية شخصية العميل، ويساعد الكوتش عملاءه على تجاوز مشكلاتهم الخاصة المتعلقة بالصحة والعافية وبناء العلاقات والمسائل المالية، ولهذا السبب يكون الكوتش قريباً من عملائه وأكثر اطلاعاً على حياتهم الشخصية من المستشار.

تقتضي وظيفة المستشار التركيز على جانب العمل، فهو يساعد عملاءه على حل المشكلات وتجاوز التحديات التي تؤثر في سير العمل تأثيراً مباشراً مثل المشكلات على صعيد القيادة، أو استراتيجية العمل، أو "تكنولوجيا المعلومات" (IT) على سبيل الذكر لا الحصر، فيعمل المستشار في هذه الحالة مع فِرَق القيادة بشكل مباشر ولا يتعامل مع كل موظف وحده.

2. العلاقة مع العميل:

يتقرب الكوتش من عملائه على الصعيد الشخصي ويطلع على تفاصيل حياتهم الخاصة أكثر مما يفعل المستشار، ويعتمد المستشار على تحليل البيانات والمعطيات المتوفرة في تحديد المشكلة وصياغة الحل.

لا يعتمد الكوتش بالمقابل على البيانات أو المعطيات المتوفرة اعتماداً كاملاً في تحديد المشكلة وإيجاد الصيغة المناسبة لمساعدة العميل، ولكنَّه يرسل استمارة قبول قبل أن يتحدث إلى العميل؛ إذ تتيح له الاستمارة إمكانية تكوين فكرة عن شخصية العميل وأهدافه والأسباب والدوافع الكامنة خلفها.

هذا لا يعني أنَّ الكوتش لا يعتمد نهائياً على تقييم المعطيات العملية؛ وإنَّما يستفيد من أجوبة العميل على استمارة القبول إلى جانب تحليل البيانات والمعطيات، وتجدر الإشارة إلى أنَّ المستشار يعمل مع العميل خلال برنامج زمني محدد مسبقاً لمساعدته على إنجاز مشروع أو هدف ما.

يقدِّم الكوتش من ناحية أخرى خدمات تساعد عملاءه على تحسين حياتهم وتُزوِّدهم بالمهارات اللازمة للاعتماد على أنفسهم، ولا تتم إجراءات الكوتشينغ وفق برنامج زمني محدد، وليس بالضرورة أن تنتهي علاقة الكوتشينغ عند تحقيق الهدف النهائي؛ وإنَّما قد يعمل الكوتش مع بعض العملاء لفترة زمنية مطوَّلة.

3. آلية العمل:

تقتضي وظيفة الكوتش إرشاد العميل إلى الحل، ولكنَّه لا يقدِّم أجوبة أو حلولاً جاهزة، ويطلب العميل مساعدة مستشار خبير في المجال الذي يعمل به، في حين يكون الكوتش بمنزلة منتور يوجه العميل إلى الحل.

المستشار هو شخص خبير يعرف الجواب أو الحل الذي يحتاج إليه العميل، ويطرحه عليه بشكل مباشر بكل بساطة، بالمقابل يثق الكوتش أنَّ العميل قادر على إيجاد الحل بمفرده، ولكنَّه يحتاج إلى بعض المساعدة والتوجيه، وعلى هذا الأساس يقوم الكوتش بتحليل الوضع، ومساعدة العميل على إيجاد الحل الذي يحتاج إليه بالاعتماد على نفسه.

4. التقاطع مع المنتورينغ:

يتشابه عمل الكوتش مع نظيره المنتور، لكن يجب أن يمتلك الكوتش خبرة وتجربة شخصية مباشرة في المجال الذي يحتاج فيه العميل إلى المساعدة والتوجيه.

يكون الكوتش بمنزلة منتور في أثناء تعاونه مع العميل لأنَّه سبق أن خاض التجربة نفسها ونجح في تحقيق أهداف العميل، ولكنَّ مستشار الأعمال التجارية على سبيل المثال هو مختص خبير في قطاع الأعمال، وقادر على تقديم نصائح عملية لمساعدة العملاء على إحداث التغييرات وتحقيق النتائج المطلوبة بسرعة.

تحديد نوع المساعدة اللازمة:

يواجه كثير من الأفراد صعوبة بالغة في تحديد نوع المساعدة اللازمة بسبب تشابه أدوار ووظائف الكوتش والمستشار، ويعتمد الاختيار اعتماداً رئيساً على النتائج المطلوبة من التجربة؛ إذ يقوم الكوتش بمساعدة عملائه على استنتاج الحلول التي يحتاجون إليها.

يُطلَب من عملاء الكوتشينغ الاعتماد على أنفسهم وتحمُّل مسؤولية تقدُّمهم الشخصي والمهني، في حين يقوم المستشار بمساعدة عملائه عن طريق تقديم الحلول الجاهزة خلال العمل على المشاريع المهنية، ويفضِّل العملاء في هذه الحالة الحصول على الحلول الجاهزة بدل الاعتماد على أنفسهم في استنتاجها.

هل يمكنك أن تكون كوتشاً ومستشاراً في آنٍ معاً؟

يمكنك أن تعمل بالطبع في الكوتشينغ وتقديم الاستشارات في آنٍ معاً؛ إذ توجد عيوب ومزايا مرتبطة بمزاولة كل من الكوتشينغ وتقديم الاستشارات، وأصبح الكوتشز في الوقت الحالي يستخدمون نهجاً هجيناً يجمع ما بين وظائف الكوتش والمستشار.

لا يحصل العميل على حلول جاهزة في حالة الكوتشينغ التقليدي، ولكنَّه يحصل على بعض الحلول في حالة النهج الهجين حتى يحقق النتائج المطلوبة بسرعة أكبر.

يقوم الكوتش في النهج الهجين بمشاركة تجاربه الشخصية وتقديم الاقتراحات التي تساعد العميل على تحقيق الأهداف المطلوبة؛ إذ يتيح لك هذا النهج إمكانية مساعدة العميل على تحقيق أهدافه بسرعة وفاعلية، والمحافظة على نجاحه على الأمد الطويل.

رواتب الكوتشز والمستشارين:

يبلغ متوسِّط دخل المستشار في "الولايات المتحدة الأمريكية" نحو 73000$، والكوتش نحو 67800$ عند العمل بدوام جزئي؛ أي لنحو 11.9 ساعة بالأسبوع وفقاً لإحدى دراسات "الاتحاد الدولي للكوتشينغ" في عام 2023.