6 سمات تميز الكوتش البارع
لا بد أن يواجه الفرد بعض الأزمات في علاقاته ولا يعرف كيف يتصرف لكي يحافظ على أحبَّته، أو قد يكتشف بعد دخول سوق العمل أنه يود تغيير مجاله. يقرر البعض السعي خلف أهداف على صعيد الصحة النفسية والجسدية لكنهم يعجزون عن تحديد طريقة العمل المناسبة لتحقيقها.
لا يمكن للإنسان أن يتغلّب على جميع صعوبات الحياة بمفرده، بل إنَّه يحتاج للاستعانة بخبير مختص لكي يفهم وضعه ويغير وجهات نظره وطريقة تفكيره، وينجح في تذليل الصعوبات وتحويلها إلى أهداف قابلة للتحقيق على أرض الواقع.
يمكنك أن تحصل على الدعم الذي تحتاج إليه لحل المشكلات وتحقيق النجاح في حياتك عن طريق الاستعانة بخدمات الكوتشينغ. تساعد خدمات الكوتشينغ المهني وكوتشينغ الحياة في ترسيخ شعور الاستقرار والأمان وتوجيه الفرد لتنمية ذاته والحفاظ على ثباته في أوقات الأزمات أو عند الحاجة لتلقي الدعم والمساعدة في مسائل الحياة العادية.
يوجد عدد هائل من الكوتشز المحترفين في السوق، ويمكن أن تواجه صعوبة في اختيار أحدهم، لهذا السبب عليك أن تطَّلع على مواصفات الكوتش البارع، وتتعلم كيف تطرح الأسئلة المناسبة عليه، وتعرف الفوارق بين تخصصات الكوتشينغ المختلفة.
تعريف الكوتش
الكوتش هو اختصاصيّ متمرّس يتعاون مع العملاء ويوجههم خلال المراحل الانتقالية في حياتهم الشخصية والمهنية وعند تعرُّضهم للمشكلات والأزمات. يتحدد عدد الجلسات بناءً على احتياجات العميل.
يمكن إجراء جلسات الكوتشينغ على أرض الواقع أو عبر الإنترنت عن طريق المكالمات الصوتية، أو المرئية، أو المحادثات الكتابية. ثمة تخصصات كوتشينغ تُعنَى بكافة جوانب الحياة الشخصية والمهنية، ويُذكَر منها ما يلي:
- كوتشينغ التنمية الشخصية.
- كوتشينغ الحياة.
- كوتشينغ الأعمال التجارية.
- كوتشينغ الشؤون المالية.
- كوتشينغ اليقظة الذهنية.
- كوتشينغ المحاسبة.
- كوتشينغ العلاقات.
- الكوتشينغ المهني.
- كوتشينغ الصحة.
وظائف الكوتش
تُعقَد جلسات الكوتشينغ بشكل دوري، وفيها يجري مساعدة العميل على إيجاد الحلول اللازمة لمشكلاته، ووضع خطط عملية لتحقيق أهدافه في العمل أو الحياة الشخصية. يمكن أن تطلب مساعدة الكوتش لتحقيق أهداف معيَّنة ولتكنْ الترقية في العمل أو تحسين مهارات التواصل على سبيل المثال.
قد تتطلب بعض الحالات تقديم توجيهات عامة وهذا يحدث عندما تكون تعيس في عملك لكنَّك تعجز عن تحديد مصدر هذه المشاعر على سبيل المثال. يمكن أن يساعدك الكوتش في تحديد المشكلات والأهداف وصياغتها بطريقة واضحة ودقيقة.
الكوتشينغ عبارة عن تجربة يقوم فيها الكوتش بطرح الأسئلة على العميل ومساعدته في وضع إستراتيجيات وخطط عملية لتحقيق أهدافه بمفرده. تقتضي وظيفة الكوتش تقديم الدعم ومساعدة العميل في تكوين استنتاجات منطقية عن وضعه وإعداد خطط العمل بمفرده دون أن يقدم له حلول جاهزة.
فوائد تجارب الكوتشينغ
يتعلم الفرد خلال تجربة الكوتشينغ أن يخصص بعض الوقت لتحليل قراراته ومشكلاته بأسلوب منطقي وعقلاني، وتقتضي مهمة الكوتش تقديم الدعم وتأمين بيئة مريحة تتيح للعميل إمكانية التعلُّم والتفكير في حياته وتنمية شخصيته.
تفيد نتائج أحد أبحاث منصة "بيتر أب" (BetterUp) بأنَّ ظاهرة فُتور الهمَّة منتشرة بين 55% من الموظفين، وهي حالة يعجز فيها الفرد عن تحديد التغييرات المطلوبة ولا يتأمل تحسُّن وضعه. فيها لا يشعر الفرد بالرضا عن حياته ولا ينجح في تحقيق أهدافه لكنَّه غير معرّض للانهيار النفسي في وضعه الحالي.
تساعد خدمات الكوتشينغ في تحديد إجراءات العمل اللازمة لتجاوز حالة الفتور، وتحقيق النجاح، وتحسين العافية، واكتساب عادات حسنة مثل الالتزام بممارسة التمارين الرياضية والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، ووضع تعريف خاص لمفهوم النجاح، وتنمية المهارات المفيدة مثل إدارة الوقت.
تشهد حالة فتور الهمّة تحسناً يُقدَّر بنسبة 38% بعد 3 أشهر من الالتزام بجلسات الكوتشينغ الفردي. تقدم تجارب الكوتشينغ الناجحة فوائد طويلة الأمد للعملاء.
يساعد الكوتشينغ في اكتساب المهارات الأساسية مثل الفعالية الذاتية، وتنمية القدرة على التحمُّل، والثقة بالنفس التي تساعد في تحسين الصحة النفسية على الأمد الطويل بعد انتهاء علاقة الكوتشينغ.
الفرق بين الكوتشينغ والمِنتورينغ
تحدث تجارب المنتورينغ بالعادة بين خبيرين يعملان في نفس المجال أو المؤسسة، وفيها يقوم المِنتور بالاعتماد على خبراته الشخصية وتجاربه الحياتية في توجيه متلقي المنتورينغ، وتزويده بنصائح ووجهات نظر مهنية عامة، إلى جانب تقديمه إلى شبكة علاقاته المهنية.
يقع على عاتق متلقي المنتورينغ مهمة الاستفادة من المعلومات المكتسبة وشبكة العلاقات واستثمارها في وضع إستراتيجيات تساعده في تحقيق التقدم المهني المطلوب. يجري تحديد الأهداف في 41% فقط من علاقات المنتورينغ، ما يعني أنَّك المسؤول عن اتخاذ إجراءات العمل اللازمة لتحديد أهدافك الشخصية والمهنية وتنمية ذاتك ضمن إطار علاقة المنتورينغ.
قد تكون تجربة المنتورينغ من ضمن إجراءات برامج التدريب قصيرة الأمد في المؤسسة، أو يختار البعض ترسيخها في ثقافة العمل فتستمر علاقة المنتورينغ على الأمد الطويل. تزداد صعوبة حجز المواعيد مع المنتور كلّما كان منصبه أعلى في الشركة.
يكمن الفرق بين الكوتشينغ والمنتورينغ في مجال التركيز، حيث يركز الكوتش على التطبيق العملي، وتقتضي وظيفته مساعدة العميل في وضع الأهداف وتحديد الحلول المناسبة لتحسين سلوكه وتنمية مهاراته.
يركّز الكوتش على تقنيات التنمية الذاتية خلال الجلسات، ويقابل متلقي الكوتشينغ وفق مواعيد محددة مسبقاً ما يعني أنَّه يوفر ما يكفي من الوقت لتقديم المساعدة والدعم.
الأسئلة التي يجب أن تطرحها على الكوتش
يجب أن يؤمّن الكوتش للعميل بيئة مريحة تشجعه على مشاركة الصعوبات والتجارب القاسية. ولكل كوتش خلفية مهنية وأسلوب عمل خاص به، ومن الطبيعي أن ترتاح لأحدهم وتستفيد منه أكثر من غيره.
ينبغي أن تحضِّر بعض الأسئلة لكي تطرحها على الكوتش خلال اللقاء الأول بينكما لكي تستفهم أكثر عن شخصيته وأسلوب العمل الذي يتّبعه مع عملائه. في ما يلي مجموعة من الأسئلة التي يمكنك أن تطرحها على الكوتش خلال الجلسة الأولى:
- ما هو مجال تخصصك؟
- كيف بدأت العمل في مجال الكوتشينغ؟
- ما الذي يميز نهج العمل الخاص بك؟
- كيف تقوم بتحديد الأهداف وإعداد إستراتيجيات العمل مع العملاء؟
- ما هي الطريقة التي تعتمدها في تقييم نتائج العملاء؟
- ما هي التغييرات التي طرأت على أسلوبك في الكوتشينغ مع مرور الوقت؟
- كيف تجري جلسات الكوتشينغ؟ كم مرة في الأسبوع؟
- هل يستطيع العميل أن يتواصل معك خلال الفترات الفاصلة بين الجلسات؟
قد تكتشف من خلال إجاباته أنَّه لا يناسبك، وفي هذه الحالة، عليك أن تصارحه وتتابع البحث عن كوتش آخر يتوافق مع احتياجاتك. لا تشغل بالك برد فعل الكوتش لأنَّه لن يأخذ رفضك على محملٍ شخصي.
سِمات الكوتش البارع
يحتاج الكوتش لإتقان مجموعة من المهارات الناعمة لكي ينجح في مساعدة عملائه، وهو يبذل ما بوسعه للتعاطف مع العميل، وتوفير بيئة آمنة ومريحة تشجعه على مشاركة مشكلاته.
فيما يلي 6 سمات تميز الكوتش البارع:
1. الانفتاح
ما مدى انفتاح الكوتش لتجربة الكوتشينغ؟ هل يطرح عليك أسئلة مفتوحة تساعدك في تكوين استنتاجاتك الخاصة أم يوجهك للتصرف بأسلوب معيَّن؟ يتميز الكوتش البارع بقدرة بارزة على الإصغاء لعملائه، كما أنَّه يصبر عليهم ويوجههم ويساعدهم في اكتشاف الحلول والأجوبة التي يحتاجون إليها بمفردهم.
2. الحماس
يحتفي الكوتش البارع بالتقدم والتحسن الذي يحرزه العميل مهما كان بسيطاً، وهو يتميز بقدرته على إدراك نقاط القوة والضعف، وإعداد منهجيّة عمل تشجع العميل، وتثير حماسه، وتحفزه على تطوير نفسه وتحقيق أهدافه.
3. التعاطف
تنجح علاقة الكوتشينغ عند توفير بيئة آمنة تشجع العميل على التعبير عن ذاته بأريحية في كل جلسة. يبذل الكوتش الناجح ما بوسعه لمعرفة مصدر الدافع والحافز في حياة العميل من أجل إنشاء نظام دعم يساعده في تجاوز منطقة راحته وتحقيق أهدافه. لا ينبغي أن تركز ممارسات الكوتشينغ على الأهداف الحالية للعميل، بل يُفترَض أن تساعده في تحسين حياته وطريقة تفكيره على الأمد الطويل.
4. الوعي الذاتي
يجب أن تركز جلسات الكوتشينغ على تجربة العميل. يمكن أن يؤثّر الكوتش على قراراتك ويتحكم في توجهاتك الحياتية عندما يركز خلال الجلسات على تجاربه الشخصية ولا يوفر لك ما يكفي من الوقت للتفكير في تجربتك الخاصة واستنتاج الحلول التي تحتاج إليها بمفردك.
5. الالتزام
يلتزم الكوتش عالي الأداء بمساعدتك ودعمك حتى عندما تكون على وشك الاستسلام، وهو يحفزك في كافة مراحل عملية اتخاذ القرار.
6. الثقة
يشعر الإنسان بالخطر عندما يسعى لإجراء التغييرات في حياته، وهذا يتطلب وجود كوتش قادر على توفير بيئة آمنة تشجع العميل على مشاركة معلوماته الخاصة والسرية وهو واثق أنَّ الكوتش لن ينتقده أو يصدر الأحكام عليه أو يسرِّب معلوماته الشخصية.
الكوتشينغ في مكان العمل
يمكن الاستفادة من الكوتشينغ في كافة ميادين الحياة وخاصة في مجال العمل. يطمح الموظف لاستثمار إمكانياته وقدراته في العمل، ولكن تكمن المشكلة في جهل البعض لقدراتهم أو عجزهم عن استثمارها والاستفادة منها. تقتضي مهمة الكوتش مساعدة الموظفين في إدراك إمكاناتهم واستثمارها في زيادة مستوى الاندماج والمشاركة في العمل وتحقيق النجاح المهني.
قد لا يكون الكوتش خبير رسمي من خارج الشركة، بل يمكن أن يؤدي المدير أو المشرف هذه الوظيفة، وهو نمط قيادة يركز على التعلُّم ودعم أعضاء الفريق وتشجيعهم على تحقيق التنمية المهنية.
يساعد الكوتش عميلهُ في اكتشاف إمكاناته واستثمارها والتعاون مع بقية أعضاء الفريق من أجل ضمان تضافر الجهود المبذولة لتحقيق الأهداف المشتركة وتحسين الأداء على مستوى المؤسسة.
لا يمكن أن يُغْني المدير عن الكوتش مهما كان بارعاً في عمله، بمعنى أنَّ المدير يستطيع أن يساعدك في بعض مسائل العمل، لكنه غير متفرغ للكوتشينغ ولديه الكثير من الواجبات والمسؤوليات الأخرى. يمتلك مختص الكوتشينغ خبرة أكبر في هذا المجال وهو قادر على مساعدتك بشكلٍ موضوعي لأنَّه لا يمتلك أحكام مسبقة عن بيئة العمل وبقية زملائك.
في الختام
يجب أن تعرف مواصفات الكوتش البارع لكي تختار المرشح المثالي لمساعدة الموظفين وتحسين أداء العمل في الشركة. يتميز الكوتش البارع بقدرته على تحديد الوضع الحالي للموظفين واكتشاف الطريقة المناسبة لمساعدتهم في تحقيق أهدافهم، ما يعني أنَّ دوره لا يقتصر على إلقاء الخطابات التشجيعية والتحفيزية كما يَفترض البعض.
ينبغي أن تختار كوتش يُشعرك بالأمان والراحة، لكي تكون علاقة الكوتشينغ مبنيّة على الدعم وتساعدك في تحسين عافيتك على الأمد الطويل.