6 طرق لقياس فاعلية الكوتشينغ


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش "روما بيسواز" (Ruma Biswas)، وتُحدِّثنا فيه عن 6 طرائق لقياس فاعلية الكوتشينغ.

قال أحد عملائي خلال إجراء مراجعة بعد انتهاء جلسات الكوتشينغ التي قدَّمتها له: "لقد حقق الكوتشينغ نجاحاً كبيراً، وغيَّر حياتي"، وعميلي هذا مدير مبيعات إقليمي، وقد ارتفعت نسبة مبيعاته ارتفاعاً كبيراً بنسبة 50% كل ربع سنة في الأشهر الثمانية الأخيرة، كما أتم صفقة بملايين الدولارات وكان سعيداً جداً.

بعدها سألت متلقي الكوتشينغ: "كيف تعرف أنَّ جلسات الكوتشينغ حققت نجاحاً كبيراً؟ وما الذي تغير؟"، فنظر إليَّ بابتهاج قائلاً: "أنا الآن محور نجاح الشركة، فمنذ بدء جلسات الكوتشينغ ارتفع أدائي في المبيعات ارتفاعاً كبيراً، وازدادت أرباحي المستمرة على مدى الأشهر الثمانية الماضية بنسبة 50% كل ربع سنة، وبعدها أتممت هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات.

لقد ازداد وعيي على الصعيد الشخصي، وأصبح تأثيري في المبيعات سلساً جداً، وأعتقد أنَّ العائد على الاستثمار من جلسات الكوتشينغ كان رائعاً".

ولكنَّني سألته بعدها: "إذن، هل ما تقوله يعني أنَّ بعد جلسات الكوتشينغ هذه ستستمر في تحقيق أرباح مستمرة بنسبة 50% كل ربع سنة، وستحصل على صفقات بقيمة ملايين الدولارات كل 8 أشهر من الآن فصاعدا؟"، فأطبق الصمت على الغرفة بعد سؤالي هذا.

كان يعرف العميل ما أعنيه، وذلك بعد أن مضى على جلساتنا 8 أشهر، إذاً هل العائد على الاستثمار أو التغذية الراجعة من متلقي الكوتشينغ هما الطريقة المناسبة لقياس فاعلية الكوتشينغ؟

إذا كانت الإجابة عن السؤال السابق نعم، فقد حققت جلسات الكوتشينغ نجاحاً كبيراً للمتلقي وفقاً له ولحساب العائد على الاستثمار الخاص به، لكن هل يُعَدُّ مجرد شعور المتلقي بالرضى مؤشراً مناسباً بما يكفي؟ وإذا لم يكن كذلك، ما هي معايير القياس الصحيحة؟ وكيف يتم القياس؟

يرغب جميع الكوتشز بإحداث تأثير، وبما أنَّ المديرين التنفيذيين في جميع أنحاء العالم يرون الكوتشينغ أساسياً في القيادة، فقد بات بمنزلة وسيلة سريعة ليبلغ الفرد هدفه، لكن كيف يعلم المرء ما إذا كان بلوغه هدفه بسرعة ناتجاً عن التغيرات التي طرأت عليه أم بسبب سوق العمل أم ظروف أخرى؟

أخبرني متلقي الكوتشينغ عن شعوره بالارتياح؛ وذلك لأنَّ منافسه خرج من طريقه بسبب بعض الممارسات الطائشة التي اكتشفها العملاء بشأنه، فهل أتم الصفقة إذاً بسبب عوامل ظرفية، أم لأنَّه غيَّر طريقته في التعامل مع العميل بعد تلقِّي الكوتشينغ؟

يعود السبب إلى الأمرين معاً؛ إذ ضَمِنَت قدرة المتلقي على استخدام مفاهيم الكوتشينغ مع عميله إلى دفعه إلى إجراء عملية التقييم بسرعة وإتمام الصفقة، فيجب على المرء أن يتعمق لقياس فاعلية الكوتشينغ تقييماً دقيقاً، فلا يعيش الإنسان أو يتغير في معزل عن الآخرين؛ بل يأتي ذلك نتاج تفاعله الدائم مع بيئة تتغير باستمرار، وهذا يعني أنَّ هدف المتلقي قد يتغير أحياناً، ولا مشكلة في ذلك إطلاقاً.

6 طرق لقياس فاعلية الكوتشينغ:

لأنَّ موضوع المقال هو فاعلية الكوتشينغ، فإليك 6 طرائق لقياسها:

1. طلب التغذية الراجعة ب 360 درجة قبل الكوتشينغ وبعده

تعطي التغذية الراجعة بـ 360 درجة فكرة عن الآراء بمتلقي الكوتشينغ، ويُعَدُّ هذا الأسلوب إجراء رسمياً في عدد من المنظمات، ويُنصَح بإجراء التغذية الراجعة بـ 360 درجة قبل بدء جلسات الكوتشينغ وبعدها، على أن يجريها أصحاب المصلحة ذاتهم.

يجب أن ينبِّه الكوتشز أصحاب المصلحة بأن يستخدموا نفس المقياس لقياس المتلقي قبل الجلسات وبعد انتهائها؛ إذ يرى أصحاب المصلحة أحياناً أنَّه يجب عليهم تقييم المرء بصرامة بعد تلقِّي الكوتشينغ، لكن لا تجري الأمور على هذا النحو؛ بل يجب أن يتم التقييم بنزاهة مع مراعاة دعم تطوير المتلقي.

توجد منظمات لا تُحبِّذ التغذية الراجعة بـ 360 درجة؛ وذلك لأنَّها لا تريد أن يعرف أي أحد أنَّ المتلقي يتلقى الكوتشينغ، أو ربما حتى متلقي الكوتشينغ نفسه لا يرغب بانتشار هذا "الخبر"، لكن من الشجاعة أن يعترف القائد بأنَّه على الرغم من قوَّته وفاعليته، إلا أنَّه بحاجة إلى وسيلة تساعده على أداء واجباته على أكمل وجه.

2. إجراء تقييم نفسي للمتلقي قبل الكوتشينغ وبعده:

أحد الجوانب الهامة الأخرى لقياس فاعلية الكوتشينغ، هو إجراء تقييم نفسي للمتلقي قبل الجلسات وبعدها، فبما أنَّ الكوتشينغ يعزز الوعي الذاتي، ويُحدِث تغييرات في السلوك، تُعَدُّ "تقييمات هاريسون" (Harrison assessments) مفيدة جداً في ذلك؛ إذ تُظهِر "تقييمات هاريسون" كيف يتصرف الفرد بشكل طبيعي وتحت الضغط؛ لذا يوضح إجراء هذا التقييم بعد مرور 9 إلى 12 شهراً من بدء برنامج الكوتشينغ التغيرات التي طرأت على المتلقي.

على سبيل المثال، سجَّل قائد يتسم بصراحته الفظة في برنامج الكوتشينغ ليتمكن من التفاعل بصورة أفضل، وأظهر "تقييم هاريسون" قبل إجراء الكوتشينغ ميله إلى الصراحة في أسلوب تواصله.

لكن لا يمكننا أن نقول إنَّ أسلوبه خاطئ؛ وذلك لأنَّ الدافع من فظاظته كان نبيلاً للغاية، فهو أراد أن يتسم بالفاعلية والحسم والصدق وأن يراه الآخرون شخصاً نزيهاً، وهي جميعها دوافع نبيلة ولا تحتاج إلى تغيير، لكن لم يحبه الناس بسبب فظاظته تلك، ولم يرغب زملاؤه أو موظفوه في العمل معه خوفاً منه، ولم يكن يريد أن يترك مثل هذا التأثير.

إذاً، الهدف من برنامج الكوتشينغ سيكون القدرة على الحفاظ على دوافعه النبيلة، لكن تقليل التأثير السلبي الذي يتركه، وهذا يعني أن يختار الصراحة أو الدبلوماسية اعتماداً على الموقف.

أراد هذا القائد إجراء هذا التغيير، واستمتع بطريقته الجديدة في العمل؛ وذلك لأنَّ توتره زال وأصبحت المحادثات أسهل، فواصل العمل بها، وهذا ما عزز وعيه وقلل توتره وتوتر فريقه، وأصبحت بيئة العمل أفضل، وازدادت الثقة والإنتاجية والإيجابية، ولقد أظهر "تقييم هاريسون" بعد 12 شهراً التغيرات التي طرأت على سلوكه بكل وضوح.

3. إجراء جلسات مراجعة مع أصحاب المصلحة:

تضمن جلسات المراجعة مع أصحاب المصلحة في بداية الكوتشينغ وفي أثناء إجرائه وبعد انتهائه أن يدرك المتلقي وداعموه التغييرات والاحتياجات اللازمة، فلا يحدث التغيير بمعزل عن الآخرين أبداً؛ بل يتطلب الدعم من الأشخاص المحيطين بالفرد.

إعلام أصحاب المصلحة ومشاركتهم بكل شيء طريقة فعالة لضمان الحصول على موافقتهم، ليصبح بعدها طلب الدعم لإجراء التغييرات أسهل، وعلى الرغم من أنَّ جلسات الكوتشينغ سرية، إلا أنَّه يجب تشجيع متلقي الكوتشينغ على المشاركة باستمرار، فلا يجب إخفاء أي شيء إلا إذا أراد المتلقي الاحتفاظ بأمر ما لنفسه، وقد صُمِّمت عدد من جلسات الكوتشينغ بحيث يُتوقَّع من المتلقي اتخاذ إجراءات معينة، وتطبيق بعض منها على الأشخاص المحيطين به.

يرى متلقي الكوتشينغ أنَّ مشاركة ما يحدث في الجلسات مع عدد من أصحاب المصلحة فكرة جيدة؛ إذ تزداد بذلك المساءلة واستدامة الجلسات، ويستطيع أصحاب المصلحة قياس مدى فاعليتها أو غيابها باستخدام نفس المقياس.

4. مشاركة متلقي الكوتشينغ ما يتعلمه مع المرؤوسين والأقران:

يشجع بعض الكوتشز المتلقين على تعليم ما يتعلمونه في الجلسات للآخرين انطلاقاً من مقولة "تعليم الآخرين هو أفضل طريقة للتعلم"، فقد تفعل ذلك من خلال مشاركة ما تتعلمه في الجلسات مع الفريق، مثل مهارات الإصغاء أو مهارات طرح الأسئلة الفعالة، وبهذه الطريقة يتعلم فريقك وزملاؤك منك ويتفاعلون معك تفاعلاً داعماً وتنموياً.

يمكن قياس الفاعلية في نهاية جلسة الكوتشينغ ببساطة من خلال تسجيل التغييرات السلوكية التي طرأت على الفريق أو المنظمة أو كليهما نتيجة الكوتشينغ.

5. تدريب المرؤوسين على تقديم تغذيتهم الراجعة باستمرار:

أحد الجوانب الأخرى لتطوير القادة هو اعتماد الشفافية بعد أخذ موافقة المتلقي بالطبع، فإذا كان هدف القائد هو تجنب الصراحة بفظاظة، يتم تدريب المرؤوسين على تقديم تغذية راجعة معينة عندما يلاحظون أنَّ القائد فظ، الأمر الذي يؤدي إلى قياس فاعلية الكوتشينغ بسرعة كبيرة؛ وذلك لأنَّ الكوتش ومتلقي الكوتشينغ والفريق بأكمله يراقب التقدم في تحقيق الهدف من الجلسات.

6. قياس إنتاجية الفريق وإيجابيته:

إلى جانب الكوتشينغ الفردي، يوجد أيضاً كوتشينغ يُقدَّم لجميع أفراد الفريق؛ إذ ينصبُّ التركيز انصباباً أساسياً على كيفية عمل الفريق معاً، وعادةً ما يكون الهدف هو زيادة الإنتاجية والإيجابية.

في هذه الحالة، يتم تقييم الفريق قبل جلسات الكوتشينغ وبعد 3 أشهر من انتهائها لقياس مدى فاعلية الكوتشينغ للفريق.

في الختام:

يمكن القول إنَّ قياس فاعلية الكوتشينغ هو أمر مهم لضمان تحقيق أهداف الكوتشينغ. يجب على الكوتش والمتلقي الاتفاق على كيفية قياس فاعلية الكوتشينغ، واستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب لضمان الحصول على صورة شاملة للفاعلية.