8 طرائق لتحسين الكوتشينغ الإداري


يبذل عددٌ من المديرين قصارى جهدهم لقيادة المؤسسة رغم الحد الأدنى من التدريب والتأهيل الذي يتلقونه. وقد بيّنت إحدى الدراسات أنَّ 59% من المديرين المشرفين على موظفَيْن اثنين أو أكثر لا يخضعون لأي تدريب إداري، في حين أنَّ 41% من المديرين الذين يشرفون على 3 إلى 5 موظفين لا يحصلون على فرص للتدريب أو الكوتشينغ. ومن هذا المنطلق، يسعى قسم الموارد البشرية إلى تعزيز كفاءة رأس المال البشري عبر برامج تدريبية وكوتشينغ إداري، بهدف تحسين أداء الفِرَق وزيادة فعالية العمل ودعم نمو المؤسسة.

دور قسم الموارد البشرية في إجراءات الكوتشينغ

تُركز مبادرات الكوتشينغ التي يُنفذها قسم الموارد البشرية على مساعدة المديرين في مواجهة الصعوبات والمشكلات المحددة، حيث تتعاقد المؤسسات عادةً مع كوتشز أو مستشارين مستقلين لتطوير مهارات مديريها، أو يُمكن أن يتولى خبراء الموارد البشرية مسؤولية تطبيق الكوتشينغ الإداري في المؤسسة.

لا يقتصر دور قسم الموارد البشرية على تقييم تأثير سلوكيات المدير على الآخرين، بل إنَّه يشمل المشاركة في مبادرات تطوير مهارات الإداريين. تهدف برامج الكوتشينغ الفردية إلى مساعدة القادة في ضبط مستويات التوتر وتعزيز قدرتهم على تسوية النزاعات، وتحقيق الأهداف الشخصية والمهنية. تساعد تدريبات الكوتشينغ الإضافية في تحسين بيئة العمل وفعاليته بالنسبة لكل من الموظفين والإداريين.

كثيراً ما يواجه القادة صعوبة في إيجاد حلول فعالة للمشكلات التي تتفاقم داخل الشركة، بينما يقضي فريق الموارد البشرية وقتاً طويلاً في معالجة الإشكاليات الناتجة عن ضعف مبادرات التدريب والكوتشينغ الإداري. يستعرض هذا المقال دور قسم الموارد البشرية في رصد المشكلات داخل بيئة العمل وتنبيه المديرين قبل تفاقمها وخروجها عن السيطرة، وذلك وفقاً لآراء مجموعة من الخبراء.

إجراءات الكوتشينغ الإداري

فيما يلي 8 طرائق لتحسين الكوتشينغ الإداري:

1. إعلام المديرين بالحالات التي تستدعي تدخل قسم الموارد البشرية

تقتضي الخطوة الأولى، بحسب مستشارة الموارد البشرية "كيت بيشوف" (Kate Bishoff)، إعلام المديرين بالحالات التي تستدعي تدخل قسم الموارد البشرية، مثل الأزمات الصحية وإجازات الأمومة والمشكلات القانونية والحوادث والوفيات. لا يستطيع المدير أن يتعامل مع هذه الحالات لوحده، وهو يحتاج للاستعانة بقسم الموارد البشرية.

بالتالي، يجب تدريب رؤساء العمل وتعزيز دور فريق الموارد البشرية بصفتهم شركاء في حل المشكلات، وتقديم الدعم الذي يحتاج إليه المدير. يتسنى للمدير في هذه الحالة أن يتحقق من قدرته على التعامل مع المشكلة قبل أن يطلب مساعدة قسم الموارد البشرية، كما أنَّه سينجح في تفادي الأزمات الكثيرة.

يجب أن تُتاح للمدير فرصة تطبيق الممارسات الإدارية، وهي مهمة شاقة للغاية، وتتطلب تخصيص الوقت الكافي لبناء الثقة وإبداء التعاطف، والتقرب من الموظفين عبر طرح بعض الأسئلة الشخصية في بداية المحادثة، وهي تشمل: "كيف حالك؟"، و"كيف يمكنني أن أساعدك؟". تساعد هذه الأسئلة في تعزيز فعالية التحاور في الموضوعات كافة، وعلى رأسها الأداء والاندماج والثقافة والإنتاجية، وتحديد المشكلات قبل أن تتأزم وتُحدِث خطراً على استمرارية الشركة.

الكوتشينغ الإداري

2. إقناع القادة بحاجتهم لمبادرات الكوتشينغ

تؤكد المدربة "تامي كولسون" (Tammy Colson) مَهمّة مساعدة القادة في تطوير مهاراتهم وإمكانياتهم تقع على عاتق خبراء الموارد البشرية، وذلك عبر تطبيق تقنيات الكوتشينغ وطرائق الإقناع. يجب أن تكون بيانات تحليلات الأعمال والحالة التجارية محور النقاشات التي تهدف إلى الحصول على الدعم أو الموافقة من وجهة نظر العائد على الاستثمار.

يجب أن تدعم القيادة العليا مبادرات الكوتشينغ وتُشدد على أهميتها؛ لأنَّها غالباً ما تكون مرتبطة بقسم الموارد البشرية والمهارات الداعمة مما يقلل من أهميتها بالنسبة للموظفين. يُنصَح بتكليف مجموعة من الأشخاص ضمن الشركة بدعم فكرة الكوتشينغ وتعزيزها والمساهمة في إقناع الإدارة العليا إذا لزم الأمر. يتطلب إقناع الإدارة الوسطى بقبول الكوتشينغ إطلاق مبادرة مشتركة بين قسم الموارد البشرية والشركاء القياديين؛ بهدف توضيح الأسباب التجارية وراء إجراء التغييرات السلوكية، بالإضافة إلى طلب دعم شخص مؤثر لتسهيل التغييرات الثقافية اللازمة.

يُنصَح بالتواصل المباشر مع الأفراد لتوضيح أهمية مبادرات الكوتشينغ، وخاصة عندما يكون التغيير التجاري ضرورياً وليس مجرد خيار مطروح للنقاش.

وفي حال وجود ممارسة تسبب مشكلات لمجموعة أو فرد ما، عندئذٍ يجب أن يتعاون قسم الموارد البشرية مع الإدارة العليا على حل المشكلة.

3. تزويد المدير بالوسائل والتدريبات اللازمة قبل أن يتسلَّم منصبه الجديد

يقول مدير الموارد البشرية "جون ثورموند" (John Thurmond) أنه غالباً ما يترقَّى الموظف إلى منصب قيادي نتيجة المساهمات الفردية التي يقدمها في الشركة؛ لكنَّه لا يحصل على الأدوات ولا يتلقى التدريبات التي تؤهله ليصبح قائداً فاعلاً في مجال عمله. يجب أن يدرك المدير اختلاف دوافع الموظفين للعمل، وأنماط الإدارة التي تناسب كل واحد منهم، وأهمية معالجة مشكلات الأداء بالكامل وبأقصى سرعة ممكنة.

يجب أن يدعم المدير موظفيه ويصغي إليهم باهتمام ويفي بالوعود والالتزامات المُتفَق عليها. في حال تم ترقية المدير أو نقله إلى منصب قيادي جديد، يُنصَح بعقد اجتماع لتسلم الفريق وتوضيح الأهداف والرؤى والنتائج المتوقعة، والاتفاق مع الموظفين على إجراءات العمل اللازمة لتسهيل هذه النقلة النوعية.

4. ابتكار الحلول للحصول على الموافقات المطلوبة لإجراء مبادرات الكوتشينغ

يجب أن تجد حلولاً مبتكرة عندما تواجه صعوبة في الحصول على الموافقات المطلوبة لإجراء مبادرات الكوتشينغ بسبب القيود المفروضة على الوقت أو الميزانية أو عدم اقتناع الإدارة بأهميتها.

بحسب ما قالته مديرة الموارد البشرية "تامارا راس بيري" (Tamara Rasberry): "يمكن أن تشمل هذه الحلول المبتكرة إجراء محادثات فردية مع المديرين بدلاً من النقاشات الجماعية، بالإضافة إلى تقديم المعلومات والمصادر اللازمة عبر البريد الإلكتروني أو النشرات الإعلامية، كما ينبغي تزويد العاملين في الإدارة والرئاسة التنفيذية ببيانات التغذية الراجعة من الموظفين؛ من أجل تحديد الثغرات ودواعي الحاجة لإجراء الكوتشينغ وفائدته في زيادة معدل استبقاء العمالة وإيرادات الشركة.

تقديم برامج التدريب والكوتشينغ أقل تكلفة من استقطاب المواهب اللازمة لملء الشواغر بعد استقالة العاملين نتيجة سوء الإدارة".

5. إجراء دورة تأهيلية للمدير قبل أن يقوم بأول عملية توظيف في مسيرته

تنصح  المديرة التنفيذية "كاترينا كيبين" (Katrina Kibben) بإجراء دورة تأهيلية للمديرين قبل القيام بأول عملية توظيف في مسيرتهم. هذه الخطوة ضرورية؛ لأنَّ معظم العاملين في المناصب الإدارية لا يتلقون تدريبات تؤهلهم لتأدية دورهم بفعالية في الشركة. غالباً ما يقتصر هذا النوع من التدريبات على برامج ماجستير إدارة الأعمال ودكتوراه علم النفس التنظيمي. يجب إعداد برنامج التدريب بناءً على قيم الشركة واستراتيجياتها والعمليات التي تجري ضمنها. تهدف هذه المبادرات إلى تدريب مديري الشركة على إدارتها وتعيين الموظفين الجدد، ويجب أن يصبح هذا الإجراء أساسياً قبل تكليف المدير بمزاولة مهامه.

يساعد هذا الإجراء في تحسين العلاقة بين مديري التوظيف وفِرَق المواهب من البداية، كما أنَّه يبرز أهمية التعليم في الحياة العملية ويحظى على إعجاب فِرَق التوظيف وتقديرها على الأمد الطويل. تسهم هذه الطريقة في تحسين سمعة الشركة ونمط الإدارة عندما ينتقل الموظف لشركة جديدة.

6. تدريب القادة على تطبيق تقنيات الكوتشينغ وتوثيق المحادثات

تؤكد المديرة التنفيذية في قسم الموارد البشرية "سارة مورغان" (Sarah Morgan) أنّ الكوتشينغ أفضل من تصويب الأخطاء، كما يؤدي تقديم التغذية الراجعة والاقتراحات البنَّاءة في المراحل المبكرة إلى تحقيق مزيدٍ من النجاحات والإيرادات، وتقوية العلاقات أكثر من الإجراءات التصحيحية أو سياسية الانضباط التدريجي. يدرك المديرون أهمية الكوتشينغ تدريجياً ولن يواجه صعوبة في إقناعهم بإجراء مبادراته، ولكن تكمن المشكلة الحقيقية في تدريبهم على تطبيق تقنيات الكوتشينغ وطرائق توثيق المحادثات.

7. تطبيق نهج عمل استباقي

نقلاً عن نائب مدير قسم الموارد البشرية "ستيف براون" (Steve Browne): "تدل كثرة المشكلات التي تتطلب تدخل المدير على تدني مستوى فعاليته وعجزه عن تفادي الأزمات، وهو أسلوب عمل هدَّام للشركة. لذلك، يجب على قسم الموارد البشرية اتباع نهج عمل استباقي، وذلك من خلال تطبيق إحدى الطرائق التالية:

  • تطبيق نهج عمل استباقي والالتزام بالسلوكيات التي يفرضها قسم الموارد البشرية على المديرين. لا يمكنك أن تطالب العاملين في قسم الإدارة باتباع نهج عمل استباقي ما لم تكن تعتمده بنفسك.
  • توقُّع أفضل أداء ممكن من الآخرين؛ أي لا ينبغي أن تترصّد أخطاءهم وتبرز نقاط ضعفهم، بل عليك أن تركز على قدرات الموظفين وإمكانياتهم.
  • السماح للموظفين بتأدية الأعمال المطلوبة منهم دون أن تتدخل، فلا بد أن ينجز الموظف المهام بالجودة المطلوبة منه عندما تُتَاح له الفرصة.

تفتقر الشركات في العصر الحديث لعنصر الثقة بإمكانيات الموظفين، وهذا يتطلب العمل على تغيير وجهات نظر قسم الموارد البشرية والقيادة والإدارة عبر نشر ثقافة عمل استباقية.

الكوتشينغ الإداري

8. وضع خطط احترازية لتفادي المشكلات المحتملة

يشتكي بعض القادة من كثرة المشكلات التي تستنزف وقتهم وتشغل تفكيرهم وانتباههم، وتستهلك مقداراً كبيراً من الجهد المخصص لإدارة الفِرَق. يجب أن ينمِّي المدير قدرته على تفادي المشكلات أو حلها قبل أن تتفاقم وتؤثر على سير العمل في الشركة، وذلك عبر اتباع إحدى الطرائق التالية:

1.8. إجراء جلسات تحقق دورية

غالباً ما تنجم المشكلات في مكان العمل نتيجة إغفال الإشارات التحذيرية، ويمكن تجنب هذه الأزمات من خلال تنظيم جلسات تحقق دورية مع الموظفين.

تتيح هذه الجلسات المنتظمة للمدير والموظف فرصة للتواصل بصورة منظمة وفق برنامج ثابت؛ مما يساعد على وضع خطط طويلة الأمد وتوقع التوجهات المستقبلية. يجب أن لا تقتصر هذه النقاشات على الأزمات والمشكلات اليومية الطارئة فقط، بل تساعد أعضاء الفريق على التنبؤ بالمشكلات المحتملة في المستقبل ووضع الخطط الاحترازية اللازمة لتفاديها أو معالجتها.

2.8. بناء العلاقات

غالباً ما يقضي الإنسان معظم وقته في العمل مع أشخاص لا يعرف تفاصيل كثيرة عنهم؛ حيث يقتصر تفاعله معهم على المهام والواجبات المطلوبة منهم.

يجب أن يتعرف الموظفون على بعضهم، كما ينبغي أن يتقرب المدير من موظفيه لكي يكون قادراً على إضفاء طابع إنساني على تفاعلاته اليومية معهم. لا يُفترَض أن يعرف الموظف تفاصيل حياة زملائه كافة، بل يكفي ببساطة أن تكون علاقات العمل مبنية على الاحترام والثقة المتبادلة من أجل تحسين إنتاجية الفريق وفعالية العمل.

3.8. التخطيط والتحضير

يدرك العاملون في المناصب الإدارية أهمية التخطيط والتحضير في تحقيق النجاح؛ لكنهم بالمقابل لا يطالبون الموظفين بتخصيص الوقت اللازم للتخطيط والإعداد على مستوى الفريق.

تقع مسؤولية التخطيط على عاتق المدير في العادة، وقلما يُطلَب من الموظفين العاملين في الخطوط الأمامية بالقيام بهذه المهمة. يجب تكليف الموظفين بمهمة وضع خطط عمل يومية وأسبوعية، والقيام بالتحضيرات اللازمة لإنجاز المهام الرئيسية المطلوبة منهم.

في الختام

يستحق كل مدير وفريق عمل أن تُتاح له فرصة القيام بالعمل الذي يتقنه. هذه السياسة مفيدة لكل من الموظف والشركة. تقتضي وظيفة المدير حل المشكلات التي تطرأ في مكان العمل، ووضع الخطط الاحترازية اللازمة لتجنب حدوثها من الأساس.