أقوى الأسئلة لكوتشينغ الحياة ولأنواع أخرى من الكوتشينغ (الجزء الأول)
لا يعطي الكوتش المتميز إجابات؛ وإنَّما بدلاً من ذلك يطرح أسئلة قوية لاكتشاف أفضل طريقة لتقدُّم عملائه.
لكن ما الذي يجب أن تسأله ككوتش للحصول على أفضل النتائج ومساعدة الآخرين على التعامل مع التحديات والنمو؟
ستختلف الأسئلة المناسبة دائماً حسب الظروف، ولكنَّ بعض المواضيع الشائعة تناسب جميع عمليات الكوتشينغ، وفي هذا المقال سنلقي نظرة على سبب أهمية الأسئلة، وما الذي يجب طرحه، وكيف تساعد الآخرين.
لماذا يجب أن تطرح الأسئلة ككوتش؟
تؤدي الأسئلة دوراً هاماً في الكوتشينغ لعدَّة أسباب، وخلال مراحل مختلفة من رحلة التطوير قد تؤدي وظائف مختلفة، لكن عموماً تدفع الأسئلة العميل إلى العثور على الإجابات بنفسه.
دون أيَّة أسئلة سيكون الكوتشينغ إلى حدٍّ ما مثل إعطاء التعليمات دون زيادة الوعي، وإلقاء المحاضرات دون تأمُّل ذاتي، وسيكون من الصعب تطبيق عملية المساءَلة التي تؤدي إلى النتائج.
يتيح طرح الأسئلة والإصغاء بعناية إلى الردود توجيه محادثة الكوتشينغ بصورة صحيحة وفي الاتجاه الصحيح، سواء كان ذلك نحو تحديد الأهداف أم التخطيط لإجراءات محددة.
كما تسمح الأسئلة لك كمحترف بتحفيز بعض التفكير الذاتي لدى عميلك؛ ممَّا يمنحه نظرةً أكثر عمقاً لقيمه "لماذا أريد هذا؟" وعمليات التفكير الخاصة به "لماذا لم أجرب هذا أو ذاك من قبل؟" ورسم مسار للتقدُّم نحو الأمام "كيف يمكنني البدء؟"
لدى كوتشز الحياة - على وجه التحديد - عدد كبير من الأسئلة التي لها دور في كل جلسة.
ما هي بعض الأسئلة الجيدة التي يجب طرحها ككوتش حياة؟
يحتاج كوتش الحياة ليكون فعالاً إلى فهم تصور عملائه للمستقبل ووضعهم الحالي، ويحتاج أيضاً إلى فهم قيمهم وأهم الأمور في حياتهم، والحصول على نظرة عامة جيدة حول طريقة مساعدة العملاء على التغلُّب على العقبات المتصوَّرة.
1. فهم عقلية عميلك:
ما الذي يجعل عميلك سعيداً؟ ما الذي يريده أكثر في حياته؟ وهل هو على دراية بما تحقق هذه المشاعر الإيجابية؟
تساعدك هذه الأسئلة على معرفة المزيد عن عميلك كشخص، ويمكن أن تساعده على البدء بالتفكير في خلق المزيد من هذه اللحظات، كما أنَّها تساعد العميل على البدء بالتفكير في أهداف الحياة طويلة الأمد المحتملة.
على سبيل المثال:
- ما هو أسعد جزء من روتينك اليومي؟
- ما هي الأمور التي تشعر بالامتنان إليها؟
- ما هي أكثر اللحظات التي كانت إيجابية بالنسبة إليك في الأسبوع أو الشهر أو السنة الماضية؟
2. تحديد التوجُّه:
من المفيد أيضاً معرفة ما يأمل عميلك في تحقيقه من جلساته معك؛ إذ يساعدك الوضوح على تعديل العملية وفقاً للإطار الزمني؛ سواء كانت الجلسات سلسلة طويلة من الاجتماعات أم اجتماعاً يُعقَد مرَّةً واحدة.
- ما الذي تتمنى تحقيقه في نهاية جلستنا معاً؟
- كيف ستعرف على وجه التحديد شكل النجاح الذي تريده؟
- ما هو أهم نجاح ترجوه من اجتماعنا؟
3. الاستفادة من القيم:
غالباً ما يتطلَّع العملاء إلى حل مشكلة بالإضافة إلى تحقيق هدف؛ على سبيل المثال قد يشعر العميل بأنَّه لا يرقى إلى مستوى القيَم التي يؤمن بها؛ وذلك لأنَّه لا يرعى عائلته كما ينبغي، وإذا كنتَ تعتقد أنَّ ذلك مناسب، فيمكنك التعمُّق في هذه الأمور للحصول على سبب مقنع؛ ممَّا يساعدك لاحقاً على اكتساب الالتزام والتحفيز.
مع المزيد من الوقت يمكن أن يساعدك أيضاً استخدام تقييم منظم للقيم على تحديد ما يَعُدُّه العميل هاماً.
- ما هي جوانب حياتك الأخرى التي تشعر بأنَّها ستتحسَّن من خلال تحقيق ذلك؟
- كيف سيساعد تحقيقك لهذا الهدف الأشخاص الآخرين من حولك؟
- لماذا من الهام بالنسبة إليك تحقيق هدفك؟
4. تشجيع الاستقصاء الذاتي:
لا يتعلق الكوتشينغ بتلقين الإجابات؛ وإنَّما يتعلَّق الأمر بدعوة متلقي الكوتشينغ لإلقاء نظرة فاحصة على وجهات نظره، ويُعَدُّ الاستقصاء الذاتي - وهو الاهتمام الدائم بالوعي الداخلي كونه الطريقة الأكثر فاعلية ومباشرة لاكتشاف عدم واقعية فكرة - أمراً هاماً في مساعدة العملاء على التحفيز والتخطيط لمواجهة العقبات وتطوير أساس منطقي مقنع للعمل.
- كيف تشعر بأنَّه يمكنك تحفيز نفسك بصورة أفضل؟
- ما هي أفضل الطرائق لدعم نفسك في هذه المرحلة؟
- إذا لم تكُن لديك أيَّة قيود على الإطلاق، فمن ستكون؟
عند السؤال عن أهداف العميل أو مناقشتها؛ من المفيد جعلها ذات صلة، فقد صيغَت هذه الأسئلة بصورة عامة، لكن من الأفضل تخصيصها لمتلقي الكوتشينغ؛ على سبيل المثال سؤال: "كيف سيثري تحقيق هذا الهدف حياتك؟" يصبح: "كيف ستثري حياتك عندما تصبح بنَّاءً محترفاً؟"
يختار العديد من كوتشز الحياة استخدام شكل من أشكال إطار العمل لتنظيم جلساتهم، ونموذج غرو (GROW) هو عبارة عن عملية منظمة معروفة وإحدى أكثر العمليات المتاحة شيوعاً.
كيف تطرح الأسئلة؟
يُوصى دائماً بالعلاج في الجلسة (In-session therapy) كونه المسار المفضَّل للتعرُّف إلى عميلك وطرح الأسئلة الأساسية لبناء علاقة.
ومع ذلك غالباً ما تمثِّل التحديات اللوجستية عثرة أمام الكوتشينغ المستمر.
تُعَدُّ القدرة على التواصل مع عميلك باستخدام تطبيق ذكي هي الحل الأمثل للتحديات التي تعوق الاندماج المستمر، سواء بسبب ضيق الوقت أم بسبب التباعد الاجتماعي أم بسبب البعد المكاني.
توجد بعض التطبيقات على الإنترنت التي يمكن أن تساعدك على تقديم الاستبيانات للكوتشينغ؛ مثل تطبيق الكوتشينغ كوينزا (Quenza)؛ وهو تطبيق كوتشينغ عبر الإنترنت يسمح لك بوضع استبيانات مخصَّصة لعميلك؛ ممَّا يضمن إجراء مناقشة مستمرة وطريقة بسيطة لطرح الأسئلة، ويمكن أن يجيب العميل عن هذه الأسئلة على انفراد في منزله باستخدام البرنامج الآمن المشفر.
يوفر هذا التطبيق الذكي المتوافق مع العديد من البرامج أيضاً دعماً للوسائط المتعددة، ويُعَدُّ إعداد جلسة فيديو مع عميلك لطرح أسئلة الكوتشينغ وجهاً لوجه أمراً سهلاً وفعَّالاً.
بالإضافة إلى ذلك فإنَّ التطبيق قابل للتخصيص بالكامل؛ ممَّا يسمح لك بتحديد مسارات اهتمام ورعاية مناسبة لكل فرد، وبصفتك كوتشاً يمكنك تتبُّع تقدُّم العملاء مباشرةً والبقاء على اطِّلاع على إنجازاتهم.
ما هي أسئلة نموذج غرو للكوتشينغ؟
إنَّ نموذج غرو (GROW) هو إطار عمل مكوَّن من أربع خطوات يمكن أن يستخدمها كوتشز الحياة للمساعدة على تنظيم سلسلة جلسات الكوتشينغ ككل أو لتوجيه المناقشات مع كل عميل، ونموذج غرو هو عبارة عن اختصار؛ إذ يمثل كل حرف مرحلة رئيسة:
- الهدف (Goal): تحديد الأهداف العامة للعميل.
- الواقع (Reality): فهم وضع العميل الحالي أو الواقع قبل اتِّخاذ أي إجراء.
- الخيارات أو الفرص (Options/Opportunities): النظر في الخيارات الممكنة التي قد يتبعها العميل.
- المضي قدماً أو ما هو التالي أو الإرادة (Way Forward/What’s Next/Will): اتِّخاذ قرار بشأن الإجراءات التي سيتخذها العميل في المستقبل.
بالنظر إلى أنَّ كل مرحلة لها هدف مميز، سيُطلَب من كوتش الحياة طرح أسئلة مختلفة ذات صلة مع بدء العملية.
الهدف:
السؤال الأساسي في هذه المرحلة الأولى هو: "ما هو هدفك طويل الأمد؟"
تهدف هذه المرحلة إلى الاستفادة من القيَم الشخصية التي تحدد رغبات عميلك وتستوضح عما يريد تحقيقه.
فمثلاً:
- ما الذي يهمك أكثر فيما يتعلق بهذه القيمة أو هذا المجال من الحياة؟
- ما الذي تحرص على تحقيقه من جلسة الكوتشينغ الشخصية هذه؟
- ما الذي ترغب في رؤيته يحدث؟
- ما الذي تريد تحقيقه بالضبط؟
- كيف تصف النتيجة المثالية من هذا الكوتشينغ؟
- هل تستطيع أن تخبرني المزيد عن هذه النتيجة المثالية؟
- لماذا تريد تحقيق هذا الهدف؟
- ما هو المعنى الأعمق أو الأهمية الشخصية التي يحملها هذا الهدف بالنسبة إليك؟
- ما هي الأمور الإيجابية التي تشعر بأنَّها ستحدث إذا أنجزتَ ما تحاول تحقيقه؟
- أخبرني كيف ستعرف ما إذا كنتَ قد حققت النتيجة المرجوَّة؟
في الختام:
لا يعطي الكوتش المتميز إجابات؛ وإنَّما بدلاً من ذلك يطرح أسئلةً قويةً لاكتشاف أفضل طريقة لتقدُّم عملائه.
لقد تحدثنا في هذا الجزء من المقال عن الأسباب التي تدفع الكوتش إلى طرح الأسئلة، ثم ذكرنا بعض الأسئلة الجيِّدة التي يجب طرحها ككوتش حياة والتي تتعلق بفهم عقليَّة العميل وتحديد التوجُّه والاستفادة من القيم وتشجيع الاستقصاء الذاتي، ثم تحدثنا عن طريقة طرح الأسئلة، وفي النهاية ذكرنا نموذج غرو مع الأسئلة المتعلقة بالمرحلة الأولى منه وهي الهدف، في الجزء الثاني من المقال سنتابع الحديث عن بقية الأسئلة المتعلِّقة بمراحل نموذج غرو وغيرها من الأسئلة، فتابعوا معنا.