التيسير في التدريب: كيفية تحسين الجلسات التدريبية باستخدام التيسير (الجزء الأول)


نستكشف في هذه المقالة ما يمكن للمدربين تعلمه من الميسِّرين: الرؤى وأفضل الممارسات والنشاطات التي يمكنك تنفيذها في الصف التدريبي لتعزيز المشاركة والتعاون، فقد يكون التيسير مجرد مصدر للرؤى والأطر والأفكار التي تفتقدها في سعيك لجعل تدريبك في أفضل حالاته.

ما التيسير في التدريب؟

يستفيد الميسر الفعال من قوة المجموعة لرفع مستوى أعضائها حتى يقدِّموا أفضل أداء ويحققوا نتائج رائعة بوصفهم فريقاً واحداً، ويمكنك تطبيق عقليته ومهاراته على العمل مع المتدربين، من خلال وجهة نظر التيسير، فالصف التدريبي عبارة عن مجموعة ذات هدف محدد وهو التعلم معاً.

يعني استخدام التيسير في البيئات التدريبية التركيز على الممارسات التي تحسن التعاون الجماعي وتستخدم الطاقة الجماعية للمجموعة لدعم التعلم الفردي. 

لماذا نستخدم التيسير في الصف التدريبي؟

تحل القدرة على التسهيل ومشاركة أدوات التيسير مع المتدربين بعض التحديات الشائعة التي تظهر عند التدريب، مثل:

  • الحفاظ على مستوى عالٍ من التفاعل والمشاركة، بدءاً من أدوات التنشيط وحتى مجموعات الأدوات المرحة؛ إذ يعرف الميسرون كثيراً عن كيفية الحفاظ على نشاط المتدربين طوال ورشات العمل الطويلة.
  • يساعد التيسير على تفادي النزاعات، من خلال إنشاء مساحات تدريبية ترحب بالجميع والاستفادة من التنوع ووضع قواعد المشاركة بوضوح.
  • الميسرون مصممون رائعون ويمكنهم مشاركة كثير من النصائح حول كيفية إنشاء جداول أعمال ناجحة.
  • يزود تطوير ممارسات التيسير في الصف التدريبي المتدربين بمهارات العالم الحقيقي في العمل الجماعي، والإصغاء النشط، والتواصل، وحل المشكلات، والتخطيط الاستراتيجي، والتعاون الذي يحتاجون إليه في مكان العمل.

مقارنة بين التدريب والتيسير 

لا يمكن للمدربين أن يكونوا ميسرين "محضين"، وبجب التأكد من أنَّنا واضحون بشأن الفرق بين تلك الأدوار، فالميسِّر ليس مزوداً للمحتوى، فهو يقدِّم النشاطات والعمليات للمجموعات ولكنَّه يتيح لهم تحديد أهدافهم المخصصة وإيجاد الحلول بأنفسهم، بالتالي يُطبَّق هذا النهج في مواقف معيَّنة في الصفوف التدريبية، فمثلاً لمساعدة المتدربين على التعرف لبعضهم بعضاً، وإنشاء "ثقافة الصف التدريبي".

هدف الميسر هو دعم رحلة المجموعة، ولكنَّ للمدرب أدواراً هامة أخرى يجب أن يأخذها في الحسبان، مثل توفير المعلومات والمحتوى للمتدربين، وتقييم أدائهم.

يجب أن تحافظ على فكرة أنَّ التدريب هو دورك الأساسي ومجموعة مهاراتك الأساسية، وأنَّ التيسير جزء "إضافي" مفيد يمكن أن يحوِّل جلسات التدريب إلى جلسات تفاعلية وتجارب مجزية، وفق نوع التدريب الذي تقدمه.

التيسير في التدريب 

مهارات التيسير للمدربين

طوَّر الميسرون مهارات مخصصة بالعمل مع المجموعات والتي قد تكون مفيدة للمدربين أيضاً، وإنَّ احتياجات وتحديات الميسرين والمدربين متشابهة تماماً، ولكن نظراً إلى أنَّ التدريب الذي يقدمه المدربون عادة ما يكون أكثر تركيزاً على المحتوى، فقد تكون بعض الأفكار من أولئك الذين يقضون وقتهم في العمل على الإجراءات مفيدة، وإليك بعضاً من مهارات التيسير التي تتداخل مع التدريب:

1. الاعتدال

طوَّر الميسرون مجموعة من الاستراتيجيات والأدوات الفعالة لتحسين تدفق المحادثات وتعزيز المشاركة، فاستخدام أدوات، مثل أداة التحدث أو اعتماد أسلوب التحدث واحداً تلو الآخر يضمن إعطاء الجميع فرصة للتعبير عن آرائهم وإسماع أصواتهم، ويعد التعزيز الإيجابي، والذي يتقنه عدد من المدربين، أداة قوية في التيسير لتعزيز ثقة المشاركين الهادئين بأنَّ آراءهم مسموعة ومقدَّرة، ولكن تعد هيمنة بضعة أصوات على المحادثة أمراً شائعاً في الصفوف التدريبية وغرف الاجتماعات على حد سواء؛ لذا يجب مساعدة المتدربين على فهم أهمية تبادر الآراء، فذلك أكثر متعة وإثارة للاهتمام من اعتماد مبدأ "الحديث للأعلى صوتاً"، ويمكن تحقيق ذلك من خلال ألعاب وتدريبات التيسير التي تعزز التعاون وتخلق بيئة تفاعلية إيجابية.

يرفع البشر أصواتهم عندما يشعرون بوجود مسافة أو فجوة بينهم، ونطبق الآلية نفسها على المسافة النفسية، بالتالي نريد أن نُسمع، فنرفع أصواتنا، ولكنَّ رفع الصوت ليس دائماً الاستراتيجية الأمثل، فكما نعلم، قد لا تكون هذه الطريقة فعالة دائماً، سواء بالنسبة للمدربين أم المتدربين.

يمكن أن تكون المناقشات والجدالات التي تتصاعد حدتها مؤشراً على شعور المتدرب بأنَّ صوته غير مسموع وأنَّ رأيه غير هام، وكذلك الأمر بالنسبة للاستسلام والهدوء الزائد، فكلاهما قد يكون نتيجة لعدم الشعور بالتقدير أو عدم القدرة على التعبير عن الذات؛ لذا، فإنَّ إنشاء بيئة تعليمية شاملة، يشعر فيها المتدربون بالراحة في التعبير عن آرائهم، وبأنَّ آراءهم هامة ومحل تقدير، قد يخفف التوترات ويمنع حدوث النزاعات في الصف التدريبي.

2. الوعي بديناميكيات المجموعة

يجب فهم ديناميكيات المجموعة وكيف يمكن أن تؤثر في العملية التدريبية؛ إذ يدرك الميسرون أنَّ الفرق يجب أن تمرُّ بمراحل "التكوين" و"وضع القواعد" (وأحياناً "المواجهة") قبل أن تتمكن من "الأداء" بفعالية، وعند تطبيق ذلك على الصف التدريبي، فإنَّ هذا يعني أنَّ المتدربين بحاجة إلى الشعور بالانتماء والأمان، وفهم التوقعات والقواعد ضمن المجموعة.

يجب ملاحظة أنَّ عملية إنشاء قواعد المجموعة وثقافتها ستحدث بالفطرة، سواء يُسِّرَت أم لا، فهي جزء من طبيعة البشر بوصفهم كائنات اجتماعية، بالتالي يستفيد المدربون، بوصفهم ميسرين من هذه الجزئية لتعزيز طموحات المتدربين ومساعدة الصف التدريبي على التطور والنمو.

قد يبدو هذا مثالياً، لكن يُحقَّق من خلال تنفيذ نشاطات تفاعلية في بداية جلسات التدريب، فيمكن تشجيع المتدربين على التعرف لبعضهم بعضاً، ومشاركة تجاربهم الشخصية، ومناقشة أهدافهم وطموحاتهم، فمن خلال خلق مساحة آمنة ومفتوحة للنقاش، يستكشف المتدربون هويتهم بوصفهم مجموعة واحدة، ويحددون القيم والمبادئ التي يرغبون في تبنيها، ويفكرون في كيفية دعم بعضهم بعضاً خلال رحلة التدريب.

قد تقع المجموعة دون هذه المحفزات والنقاشات في أنماط سلبية، مثل الهيمنة والتنمر والسخرية، والتي تعكس للأسف بعض السلوكات السائدة في المجتمع. 

3. تصميم جدول الأعمال

يؤكد التيسير أهمية التخطيط الجيد والرؤية المستقبلية، وقبل ورشة عمل أو حدث ما، يُعِدُّ الميسر الماهر جدول أعمال مفصلاً يشبه إلى حد ما سيناريو لما سيحدث خلال اليوم، فقد يبدو هذا متناقضاً مع القدرة على استشعار ديناميكيات المجموعة وتغيير المسار وفقاً لذلك، ولكننا ندرك أنَّ أفضل الخطط هي تلك التي تتغير وتتطور في التنفيذ.

تعد صياغة جداول الأعمال مهارة عملية في التيسير تُطبَّق لتحسين خطط جلسات التدريب؛ لذا حدِّد النتيجة المرجوة من الجلسة، ما هي أهدافك؟ واجعل الجلسة التدريبية متنوعة من خلال الجمع بين أنواع مختلفة من النشاطات مثل التأمل الفردي، والعمل الجماعي، والمحاضرات. صمِّم تدفقاً مناسباً لمجموعتك؛ لأنَّ استعادة التركيز والهدوء قد يكون أمراً صعباً في الصف التدريبي، ربما عليك الانتقال من التأمل الفردي إلى مناقشة جماعية بخطوات تدريجية.

4. الثقة والفضول

ستجد عند التفكير في أفضل المدربين أنَّهم يتمتعون بصفات مشتركة تجعلهم مميزين؛ إذ يمتلك أفضل المدربين، والميسرين ثقة كبيرة وفضولاً لا ينضب، وإنَّهم قادرون على تخيُّل أفضل مستقبل ممكن للمتدربين، واقتراح طرائق عملية للوصول إلى ذلك المستقبل المنشود.

تعد القدرة على رؤية الإمكانات الكامنة في المتدربين، وتطويرها مهارة أساسية يجب على المدربين امتلاكها، فمن خلال الثقة والفضول، يخلقون بيئة تدريبية ديناميكية ومحفزة، تساعد المتدربين على اكتشاف قدراتهم وتحقيق أهدافهم.

في الختام

تحدثنا في هذا الجزء من المقال عن تعريف التيسير وأهميته وأوجه الشبه والاختلاف بينه وبين التدريب، وسنتحدث في الجزء الثاني عن كيفية استخدام التيسير في الصف التدريبي.