بروتوكول طلب الإذن قوة طلب الإذن غير المستغلة 1
إنَّ طلب الإذن من الآخرين مهارةٌ نحتاج إليها في كثيرٍ من الأحيان، ولكن نادراً ما نلاحظ أنَّ القادة المُلهِمين والأصدقاء والزملاء المشهورين والأفراد المُرهفين وأولئك الذين ينسجمون مع الجميع يمارسونها؛ لذا إليك نموذج بروتوكول طلب الإذن لتوضيح كامل الجوانب التي قد يُحدث فيها طلب الإذن فرقاً:
● الصراع
تصوَّر أنَّك الطرف المُخاطَب بهاتين الجملتين، وتوقف للحظة وفكِّر كيف تشعر تجاه كل منهما:
"نعم، ولكنَّني أعتقد بأنَّه يجب أن نفعل ذلك بهذه الطريقة".
"هل يمكنني اقتراح فكرة؟".
قد تكون "نعم، ولكن" من أكثر الكلمات الخلافية في اللغة الإنجليزية، وهي موجودة في لغات أخرى أيضاً، ففي ثانية واحدة، قد تنسف مثل هذه الكلمات كل ما قيل من قبل، وفي كثير من الأحيان، يشعر الطرف المتلقي بالرفض أيضاً، وهذه هي الطريقة التي تُزرع بها بذور الصراع، سواء بين زميلين في العمل، أم بين اثنين من قادة العالم، وبها تبدأ الحروب كذلك.
لماذا يُعدُّ التحدث بما يدور في أذهاننا أمراً خطيراً عندما نختلف مع شخص ما؟ هل هذا يعني أنَّنا يجب ألا نتحدث أبداً؟ لا، بالطبع لا، فالأمر كله يتعلق بالسيطرة، ويعود إلى العصور البدائية، عندما تشكلت أدمغتنا في عالم قد يعني فيه الافتقار إلى السيطرة الفرق بين الحياة والموت، أو التجمد دون مأوى، أو أن تقع فريسة لحيوان مفترس.
في كثير من الأحيان، عندما نشعر بالسيطرة تتلاشى في مكان العمل اليوم، يبدو الأمر وكأنَّه حالة حياة أو موت؛ إذ يسود الذعر، وتسيطر علينا ردود الأفعال البدائية، وينساب الدم من رؤوسنا إلى أرجلنا، استعداداً للكر أو الفر، مما يجعلنا أقل قدرة على التفكير بوضوح عندما نكون في أمس الحاجة إلى ذلك.
إنَّ طلب الإذن يُكسبنا الوقت عندما نكون الطرف المُخاطَب، ويساعد على استرخاء الآخرين عندما نطلب منهم الإذن؛ حيث تقلل الكلمات ذاتها "هل يمكنني؟"، "هل لي؟"، أو "هل تعتقد؟" التوتر؛ وذلك لأنَّها تمنح الناس الشعور بالسيطرة، والنتيجة هي أنَّ كل شخص يشعر بأنَّه غير مهدد، ويصبح قادراً على تجنُّب استجابة الكر أو الفر، وعلى التفكير بوضوح أكبر، فتتحول المعركة المحتملة إلى مناقشة بنَّاءة؛ إذ من الأسهل حل النزاعات قبل حدوثها أصلاً.
● تقدير الآراء
طلب الإذن مفيد بالقدر نفسه في المواقف الأقل خطورة، فهل سبق لك أن حضرت اجتماعاً فردياً أو جماعياً، ولم تستطع قول كلمة واحدة؟ يبدو أنَّه من الصعب المشاركة في بعض المحادثات، أو ربما نحن لا نشعر بالثقة الكافية للمشاركة.
في هذه المواقف، هناك عبارة قائمة على طلب الإذن تعمل كعصا سحرية لمنع الجميع من التحدث وجذب انتباههم: "هل يمكنني إضافة شيء إلى ذلك؟"، مثال:
"أولاً وقبل كل شيء يجب أن نُجري أبحاثنا، يمكنني استطلاع آراء رؤساء الأقسام في كل بلد، سنحتاج إلى مترجمين بالطبع، وبعد ذلك يمكننا مقارنة الاستطلاعات وإزالة البنود المختلَف عليها، ثم تلخيصها وعرض النتائج على الإدارة، وبمجرد موافقتهم، سنؤمَّن دورات تدريبية للجميع لحل المشكلات التي قد يطرحها الاستطلاع، ثم ..."
"هل يمكنني إضافة شيء قد يكون مفيداً هنا؟".
- "نعم طبعاً".
- "تفضَّل".
تؤدي عبارة "هل يمكنني إضافة شيء إلى ذلك" (أو الكلمات ذات الدلالة نفسها) إلى ثلاث نتائج رئيسة:
- أولاً، عندما يطلب الناس الإذن بالتحدث، فمن غير المرجح أن يرفض أي شخص طلبهم مهما كان وقحاً.
- ثانياً، طلب الإذن في الوقت الذي يُقاطع فيه الجميع ويقولون "نعم، لكن"، سوف يضع حداً لهم.
- ثالثاً، (وهذا هو السبب الأقوى)، بدلاً من أن تنطوي هذه العبارة على الرفض، فإنَّها تُثبت صحة ما قيل من قبل، ومن ثم مصداقية المتحدث نفسه. "هل يمكنني إضافة شيء إلى ذلك؟" تعني "لقد استمعت لما قلته، ووجدته ذا قيمة كبيرة لدرجة أنَّني أودُّ إضافة المزيد، فأفكارك تستحق الاهتمام، ولذلك أقدرك كشخص"، وحقيقة أنَّ ما تضيفه قد يتعارض مع ما قاله المتحدث ليس أمراً جوهرياً، فقد استحوذت على اهتمامه، وسوف يستمع إليك، وكونك جعلته يشعر بقيمته وبأنَّ هناك من يستمع له، فمن المرجح أن يؤيد كل ما ستقوله.
في النهاية، مثل العديد من الأساليب المتعلقة بالكوتشينغ، تُعزى فاعلية هذه الطريقة إلى الأدب واللباقة، فإذا استمعنا وأظهرنا الاحترام للآخرين، فإنَّنا نكتسب الحق في أن نُعامل بالطريقة نفسها.
● التغذية الراجعة
قد يُحدث طلب الإذن فرقاً كبيراً أيضاً في المواقف التي تُقدَّم فيها تغذية راجعة، سواء كان ذلك لمن هم أقل مرتبة أم أعلى مرتبة أم على قدم المساواة معك، وقد ثبت أنَّ هذا مفيد خصوصاً للآباء والأمهات مع أطفالهم أيضاً.
في الختام
لقد تحدَّثنا في هذا الجزء عن بعض الجوانب التي يُحدث فيها بروتوكول طلب الإذن فرقاً، وهي الصراع، وتقدير الآراء، والتغذية الراجعة؛ وسنتناول في الجزء الثاني الجوانب الأخرى، وهي الحدود والانسجام، بالإضافة إلى المزيد من الأمور المتعلقة ببروتوكول طلب الإذن.