كوتشينغ الأطفال: تعريفه وطرق تقديمه (الجزء الثاني)
يرغب كل والد في أن يرى طفله ناجحاً، ولا أحد يريد أن يرى طفله يعاني، ومع وجود الكثير من النصائح والإرشادات المتاحة لدعمهم خلال المراحل الانتقالية الصعبة من الطفولة إلى المراهقة إلى مرحلة البلوغ يمكن أيضاً أن تحقق بعض المفاهيم من الكوتشينغ الكثير من القيمة عند دعم الشباب.
لقد تحدثنا في الجزء الأول من المقال عن كوتشينغ الأطفال وتحديداً كوتشينغ العواطف والعناصر التي يتكون منها، والصور النمطية الأبوية الرئيسة الأربع التي حددها العالم النفسي جون غوتمان (John M. Gottman) وذكرنا الاختلافات بينه وبين العلاج والاستشارة، وفي النهاية ذكرنا الخطوات الأساسية لكوتشينغ العواطف، وفي هذا الجزء من المقال سنتابع الحديث أكثر عن كوتشينغ الأطفال، فتابعوا معنا.
5 فوائد لكوتشينغ الأطفال:
عندما يُقدَّم الكوتشينغ بطريقة صحيحة يمكن أن تكون الفوائد التي تعود على الأطفال الصغار كثيرة، ويمكن أن يساعد الكوتشينغ الأطفال الصغار على تطوير المهارات والصفات الحياتية التي ستُمكِّنهم من التغلُّب على بعض التحديات واتِّخاذ القرارات الصعبة في الحياة.
لا يتعلق الكوتشينغ بالمكاسب أو الحلول السريعة؛ وإنَّما التركيز في التطوير المستمر مع مرور الوقت.
تشمل فوائد كوتشينغ الأطفال الصغار أيضاً ما يلي:
1. يساعدهم على فهم أنَّ الإنجازات لا تؤدي إلى السعادة دائماً:
إنَّ الحصول على أعلى درجة في الاختبارات أو الفوز في مسابقة ما أو الحصول على المركز الأول في مباراة هو شعور رائع وتجربة مثيرة، ولكنَّ ما سيتفق عليه الكثيرون من البالغين هو أنَّ السعادة لا تتعلق بالفوز فقط.
يمكن أن يساعد الكوتشينغ الأطفال على فهم أنَّ الفوز أمر رائع، ولكنَّه ليس المقياس الوحيد للنجاح أو الطريقة الوحيدة للشعور بالسعادة.
2. يُعلِّم الأطفال أنَّ العواطف والتجارب أمران منفصلان:
غالباً ما تضطرب عواطف الأطفال في يوم معيَّن بناءً على ما يحدث ومدى شعورهم بالتعب، أو إذا كانوا جائعين أو حتى إذا قُدِّمَ لهم العصير في كوب غير كوبهم.
يمكن أن يساعدهم الكوتشينغ ويساعد الأهل على استكشاف سبب ظهور المشاعر وفصلها عن تجاربهم؛ على سبيل المثال يمكن أن يكون هذا مفيداً بصورة خاصة إذا خسروا منافسةً أو حصلوا على درجة منخفضة.
يمكن أن يساعدهم كوتشينغ العواطف بصورة خاصة على فهم أنَّهم يشعرون بالحزن لأنَّهم لم يفعلوا كما كانوا يأملون، ولا بأس في ذلك، وإنَّ هذه التجربة لا تحدد هويتهم.
3. يساعدهم على بناء التوازن والفضول:
عندما يُظهِر الأطفال موهبةً في شيء ما، فمن السهل أن تنشغل بهم وتشجعهم على التركيز الكامل في هذه الموهبة سواء كانت رياضة أم عزف على آلة موسيقية أم أيَّة هواية أخرى.
يُفضِّل الأطفال الحصول على اقتراحات من الأشخاص الكبار، وغالباً ما يوافقون عليها، ويساعد الكوتشينغ على تشجيع التوازن؛ أي التأكيد على أنَّ الانجذاب نحو شيء معين هو أمر رائع، ولكنَّ التحلي بالفضول والبحث عن اهتمامات متعددة لاستكشاف مجالات جديدة سيكون أكثر فائدةً على الأمد الطويل.
4. يساعدهم على فهم أنَّ كل شخص مختلف، وأنَّ هذا أمر جيد:
من خلال عدم حصر اهتمام الأطفال بشيء واحد فقط أو بالأشياء التي نهتم بها نحن، فإنَّنا نسمح لهم بتطوير فهم أكبر للاهتمامات والهوايات الموجودة، وتعلُّم أنَّه لا توجد أشياء خاطئة لا يمكن الاستمتاع بها وأشياء صحيحية يمكن الاستمتاع بها، أو طرائق للشعور بالسعادة.
5. يحافظ على التركيز في بناء الشخصية:
يمكن أن يساعد الكوتشينغ الأطفال على تعلُّم ما يجعلهم يشعرون بالسعادة حقاً، ويتعلق الأمر بالعمل الجاد وبذل قصارى جهدهم والتغلُّب على العقبات عند ظهورها.
الكوتشينغ عبارة عن مجموعة من الأساليب والأدوات التي تساعد على تشكيل الصفات والعادات الجيدة بطرائق إيجابية ممتعة، وهذا بدوره يمكن أن يساعد الأطفال الصغار على تعلُّم أنَّ الحياة في النهاية تتعلق بالرحلة وليس بالمكافآت.
طريقة تقديم الكوتشينغ للأطفال بصورة فعَّالة:
توجد العديد من الأساليب والطرائق المختلفة المتاحة عندما يتعلق الأمر بالكوتشينغ، فمن الهام التأكُّد من العثور على الأساليب التي تشعر بأنَّها طبيعية بالنسبة إليك، وتنجح بصورة أفضل مع كل طفل تُقدم له الكوتشينغ.
استرجِع ذكريات الماضي عندما كنتَ في المدرسة، هل كان يوجد أي كوتشز أو مدرسين مميزين بالنسبة إليك؟ ما الذي جعلك مندمجاً معهم وتستمتع بجلساتهم؟ هذه نقطة انطلاق رائعة لبدء بناء فكرة عن طريقة الكوتشينغ الفعَّال.
تتضمن بعض المؤشرات الأخرى ما يلي:
1. تذكُّر أهمية اللعب:
اللعب هام للغاية في أثناء الطفولة، ويشارك الأطفال في اللعب لعدة أسباب، ولكنَّ أحد الأسباب الرئيسة التي يتفق عليها الباحثون هي فهم العالم من حولهم وتجاربهم.
مع تقدمنا في السن نشارك في اللعب بصورة أقل؛ ممَّا يجعل من الصعب على الكوتشز عد هذا الأمر جانباً هاماً في جلساتهم.
يشجع اللعب على الإبداع وحل المشكلات والفضول والاستكشاف المفتوح؛ لذلك احرص على تضمين بعض الأنشطة الممتعة من أجل جلسة كوتشينغ فعَّالة.
2. اختيار أفضل أساليب التواصل:
عندما نفكر في التواصل، نفكر مباشرةً فيما نقوله وكيف نقوله، ولكنَّ التواصل الفعَّال أكثر من ذلك بكثير.
يتضمَّن التواصل الفعَّال الكثير من الإصغاء وطرح الأسئلة ولغة الجسد "خاصة مع الأطفال" ومشاركة المعلومات بدلاً من التلقين.
إنَّ الحرص على استخدام المفردات والمصطلحات المناسبة للعمر - لكن ليس الكلام الطفولي - هو أمر هام بنفس القدر، كما أنَّ العثور على التوازن الصحيح باستخدام لغة تناسب الأطفال الذين تقدم لهم الكوتشينغ سيُقدِّم لك نتائج رائعة.
3. التخطيط:
التخطيط أمر بالغ الأهمية. احرص على تحديد النتيجة التي تريدها من كل جلسة. وعند تحديد الأنشطة اسأل نفسك: "هل أرغب في القيام بذلك؟" إذا كانت الإجابة لا، فاختر أمراً آخر.
فكِّر في الخطأ الذي يمكن أن يحدث وكيف ستساعد على تفاديه، وكيف يمكنك ترتيب الجلسة مع الوقت المُخصَّص إذا انتهى النشاط؟ ماذا لو استغرق النشاط وقتاً أقل بكثير ممَّا كنت تتوقع؟ كيف ستتوسع في النشاط الذي تقدمه في الجلسات القادمة؟
كن قابلاً للتكيُّف ومرناً في طريقة تقديمك، لكن تأكَّد من أنَّك تعرف ما تفعله وكيف ترغب في القيام به. ما من أحد يفقد الشعور بالاندماج أسرع من الكوتش الذي لا يعرف ما يفعله.
3 أنشطة لكوتشينغ عواطف الأطفال:
1. فهم العواطف - لوحة الإلهام:
هذا النشاط رائع للأطفال الأصغر سناً الذين بدؤوا للتو بالتعبير عن مشاعرهم وربما يجدون صعوبةً في صياغة الكلمات بالشكل الذي يشعرون به بالضبط.
ستحتاج إلى:
- مجموعة من المجلات والكتب والصحف القديمة.
- مقص وغراء.
- كرتون قديم أو ألواح فلين.
طريقة بدء النشاط:
- البدء بإجراء محادثة عامة مع أطفالك. اسألهم عن عواطفهم الأخيرة واجعلهم يبدؤون بتحديد الطرائق المختلفة التي يشعرون بها؛ إذ يمكنك قيادتهم بتذكيرهم بمواقف مختلفة استجابوا فيها بطرائق مختلفة.
- شرح أنَّك ستُنشِئ لوحة للعاطفة لكل شعور يشعرون به أحياناً، حتى يتمكنوا من استخدامها عندما يشعرون بأنَّهم لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم.
- اختيار المشاعر التي تريد التركيز فيها واستخدم الورق المقوى أو لوح من الفلين لكل شعور. تصفَّح المجلات معهم وابحث عن أيَّة صور لوجوه الأشخاص أو الكلمات التي تتعلق بكل شعور.
- جعل كل لوحة تمثل شعوراً واحداً. يمكنك استخدام أقلام التلوين أو الملصقات لجعل الأمر يبدو ممتعاً للأطفال.
- الاحتفاظ باللوحات في منطقة يسهل الوصول إليها حتى يتمكن أطفالك من استخدامها متى احتاجوا إليها.
2. لعبة التعاطف:
هذا النشاط أكثر تعمقاً قليلاً، ويركز في تطوير فهم التجارب المختلفة والاستجابات العاطفية.
ستحتاج إلى:
- بطاقات مختلفة الألوان أو قصاصات ورقية.
- أقلام أو ملصقات أو صور إذا كنت تفضِّل ذلك.
طريقة بدء النشاط:
- ستحتاج إلى ثلاث مجموعات من البطاقات: مجموعة عليها سيناريوهات أو مواقف مختلفة "يمكنك تخصيصها لتكون نموذجيةً للتجارب التي قد يمر بها الأطفال حسب أعمارهم"، ومجموعة أخرى ستكون عليها استجابات محتملة عن المواقف، والمجموعة الأخيرة مكتوب عليها العاطفة.
- بمجرد كتابة كل هذه الأمور "أو يمكنك كتابتها على جهاز كمبيوتر وطباعتها إذا كان ذلك أسهل"، قدِّم لأطفالك إحدى بطاقات السيناريو؛ على سبيل المثال "ذهب توم إلى المدرسة ولكنَّه نسي مستلزمات الرياضة في المنزل، وهو لا يستطيع الآن لعب كرة القدم. كيف يشعر توم؟ "اطلب من أطفالك استخدام بطاقات الاستجابة والعاطفة لشرح اعتقادهم تجاه شعور توم.
- تشجيع المناقشة والتوصل إلى سبب اختيار أطفالك للاستجابات التي قدموها، بينما يجب ألَّا تكون هناك إجابات خاطئة أو صحيحة، تأكَّد من طرح الأسئلة وتشجيع التفكير التعاطفي.
3. ورقة عمل:
يُوفر هذا النشاط كوتشينغ للأطفال لمقارنة طريقة تفكيرهم وشعورهم وتصرفهم عندما يواجهون صعوبةً مع عاطفة ما، وكيف يفكرون ويشعرون ويتصرفون إذا تغير تفكيرهم.
ستحتاج إلى:
- ورقة عمل.
- أقلام.
طريقة بدء النشاط:
- البدء بتقديم النشاط لطفلك كفرصة لاستكشاف كيف يمكن لأفكاره أن تؤثر إيجاباً أو سلباً في عواطفه.
- السماح لطفلك بإكمال الجملة في الجزء العلوي من ورقة العمل مشيراً إلى الشعور الذي ينشأ أحياناً استجابة إلى حدث ما؛ "على سبيل المثال قد يفكِّر في مشاعر الغضب التي شعر بها عندما كسر طفل آخر لعبته".
- بعد ذلك السماح لطفلك بملء المربعات على الجانب الأيسر من ورقة العمل؛ إذ يصف أفكاره استجابة إلى غضبه من تحطيم لعبته؛ "على سبيل المثال لقد فعل ذلك عمداً"، ويجب أن يلاحظ بعد ذلك كيف يشعر جسده استجابةً إلى هذه الأفكار وكيف يتصرف لاحقاً.
- أخيراً دعوة طفلك إلى تكرار النشاط وتخيُّل فكرة أكثر تكيُّفاً يمكن أن تتبع هذا الحدث "على سبيل المثال لقد كان حادثاً عرضياً"، ويجب أن يلاحظ الأطفال مرةً أخرى الأحاسيس الجسدية والأفعال التي يعتقدون أنَّها ستنتج من هذه الفكرة المنقحة.
- إنهاء النشاط من خلال تسليط الضوء على كيف أنَّ إدراكنا لأفكارنا ومراجعتها عند الضرورة يمكن أن يساعدنا على تجربة عدد أقل من المشاعر السلبية وتجنُّب التصرف بطرائق قد نأسف عليها لاحقاً.
في الختام:
عندما يُقدَّم الكوتشينغ بطريقة صحيحة يمكن أن تكون الفوائد التي تعود على الأطفال الصغار كثيرة، ويمكن أن يساعد الكوتشينغ الأطفال الصغار على تطوير المهارات والصفات الحياتية التي ستُمكِّنهم من التغلُّب على بعض التحديات واتخاذ القرارات الصعبة في الحياة.
في هذا الجزء من المقال تحدثنا عن 5 فوائد لكوتشينغ الأطفال، وطريقة تقديم الكوتشينغ للأطفال بصورة فعَّالة، و3 أنشطة لكوتشينغ عواطف الأطفال، وفي الجزء الثالث والأخير سنتحدث عن معلومات أخرى، فتابعوا معنا.