كيف تطلق العنان لإمكاناتك وتتحلى بمهارات تقديمية لا تقاوم


لا يقتصر التواصل مع الجمهور في بيئة الأعمال على المحتوى الذي تقدمه فحسب، بل يتعلق بالقدرة على إظهار شخصيتك الأصلية؛ ولتحسين أدائنا في العروض التقديمية، علينا إيلاء الاهتمام لأنفسنا أولاً.

لقد وصلت 25 امرأة إلى نهاية برنامج التدريب على القيادة عقدَ في لندن، وكنَّ على وشك الدخول إلى عالم الأعمال الحقيقية.

جهَّزت المشاركات أنفسهنَّ لهذه المناسبة، وشاركن القصص والتحديات وخطط العمل، ووقفن في ختام اليوم في دائرة لبدء ما أسموه "طقوس التقدير"؛ والتي تتضمن أخذ أنفاس عميقة وبطيئة مع وضع المشاركات لأياديهن على قلوبهن لتقدير اللحظة التي يعشنها، وتقدير أنفسهن.

عند النظر إلى هذه الغرفة المليئة بالنساء الواقفات بكل ثقة، واللواتي يتنفَّسن مع اعتراف عميق بذواتهم؛ ترى العديد من العيون التي تنهمر بالدموع، والوجوه التي تخفي سيلاً من العواطف الجياشة.

التنفس أداة عظيمة يمكننا استثمارها، حيث يجعلنا حاضرين ذهنياً، ويعزز وجودنا وطاقتنا وصوتنا وتفكيرنا، ويثير مشاعرنا؛ وهذا السبب وراء انهمار دموع الجميع في المكان الذي تجري فيه هذه التجربة.

في عصر السرعة الذي نعيشه، وفي زخم الحياة اليومية التي تحركها الأحداث، خاصة حياة الشركات؛ يمكن أن يصبح تنفسنا سطحياً وضعيفاً؛ وهذا ما يُنتِج كلاماً رتيباً وسريعاً جداً في مختلف الظروف، فما بالك في أثناء تقديم عرض أو الحديث أمام جمهور؟

التواصل مع المشاعر

كلَّما تنفسنا بعمق أكثر، اضطررنا إلى التمهل؛ وكلَّما تمهَّلنا، زاد إدراكنا  للعواطف والمشاعر التي تعترينا في هذه اللحظة بالذات.

يرتبط التنفس بكل ما يجري من حولنا وفي داخلنا؛ إذ يترك كلٌّ من التعاسة، والسعادة، والحب، والخسائر، والمخاوف، والأحلام، والشجاعة، والفشل، والانتصارات، وكل قصص حياتنا؛ أثراً عميقاً في الطريقة التي نتنفس بها.

عندما نتنفس بعمق، ونجعل أنفاسنا تملأ صدورنا وتروي قلوبنا حرفياً؛ فإنَّنا نكرِّم أنفسنا أيَّما تكريم.

أزل القناع، واسمح لنفسك بالتعبير عن المشاعر بدلاً من إخفائها

لا يعني لمس جوهر الضعف للحظة من خلال قوة التنفس أنَّك ستنهار في المكتب، أو ستكون عاطفياً جداً في العرض التقديمي التالي؛ إنَّما يعني هذا فقط أنَّ لديك مصدر قوة يمكن استخدامه وقتما تشاء، وطريقة لتقدير نفسك والتعاطف معها ومع الآخرين؛ حيث يُظهِر الارتباط بمشاعرك تجاه ما تقوله وتفعله إنسانيتك، ويهبك الثقة بالنفس التي تحتاجها في هذه المواقف.

تعلم الكلام من القلب

كنت في الآونة الأخيرة أدرب رئيسة إحدى الشركات الرائدة في قطاع السيارات ذاتية الحركة على خطابها الرئيس؛ حيث أرادت الرئيسة -التي تُدعَى "آفا"- نصائح حول الظهور بمظهر أكثر ثقة. وبعد الإصغاء إليها ورؤية ما لديها، لم أشعر بشيء من الانجذاب إلى ما سمعت، ولم يغرِني ما قالته قط.

لمَ على أي شخص يستمع إلى حديث آفا أن يشعر بالإلهام أو التأثر أو حتى أن يقتنع بأفكارها أو يثق بها، إذا لم يكن يعرف من تكون حقاً، وإذا لم تشارك إنسانيتها معهم؟

طلبت من آفا أن تخبرني قصة حياتها، وبينما كانت تتحدث عن الخسارة والعمل الجاد والمثابرة، بدأت عيناها تنهمران بالدموع، فشجعتها على الاستمرار في البكاء لكسر كل القواعد التي لطالما تمسكَّت بها، ولكي تتحدث معي من القلب إلى القلب.

في هذا الجو الآمن، كشفت آفا قصتها بشجاعة، وتركت الدموع تنهمر من عينيها، واستمرت في ذلك حتى تحولت جذرياً لتصبح من بعدها قائدة لا يمكن لأي قيود تكبيلها.

عندما وصلت إلى نهاية قصتها، بدت آفا مختلفة جداً، وكسرت حاجز خوفها من التعبير عن مشاعرها، واستطاعت تحرير نفسها الحقيقية من خلال التخلي عن اعتقادها بأنَّ الضعف محظور في قاعة مجلس الإدارة، ولم يكن هناك شيء تحتاجه آفا للتعرف على التمرينات الصوتية أو تقنيات التحدث؛ حيث تمكنت آفا من إيجاد صوتها الداخلي من خلال مواجهة الخوف من قصة قديمة وتقدير الحكمة والتجربة وراء دموعها.

حتى لو اختارت عدم إخبار القصص الشخصية مطلقاً في حديثها إلى الجمهور، إلَّا أنَّها اختبرت قوتها الكامنة، وأدركت أنَّ بإمكانها أن تظهر بإنسانيتها الكاملة عندما تمشي إلى المنصة وتتنفس بعمقٍ وتبدأ؛ ومن المؤكد أنَّها ستلهم جمهورها بثقل حضورها وكلماتها النابعة من القلب.

شارك نقاط ضعفك بدلاً من حجبها، واستغل شخصيتك المفعمة بالحيوية وشغفك وعواطفك الحية، ولا تدعها تضمر فقط كي تتناسب مع رؤى الآخرين وأحكامهم.

كن شخصاً شجاعاً

هناك الكثير من الأشياء التي يمكنك القيام بها للمضي قدماً بشجاعة وإبداع، وباعتبار ذاتك كاملة وأكثر أصالة من أي شيء آخر؛ لذا أسقِط قناع الشركة الذي يثقل كاهلك، واسمح لنفسك بالتعبير عن مشاعرك بدلاً من تثبيطها، وشارك نقاط ضعفك بدلاً من حجبها، واستغل شخصيتك المفعمة بالحيوية وعواطفك ولا تدعها تضمحل لمجرد أن تتوافق مع رؤى الآخرين وأفكارهم، والقيم والمبادئ التي ربَّما ولَّى زمانها إلى غير رجعة.