كيف يؤدي تطبيق الكوتشينغ في الشركة إلى زيادة مرونة الموظف؟
من المعروف أنَّ الكوتشينغ مفيد، لكنْ مع تزايُد استخدامه على نطاق الشركة بأكملها، فقد أصبح أداة تعليمية ضرورية تقع ضمن اختصاص فِرَق التعلُّم والتطوير لتعزيز المرونة، ومع أزمة غلاء المعيشة وأزمة الركود التي تلوح في الأفق، يصبحُ من الهام جداً تطوير مهارة المرونة لدى الموظفين، وفي حين أنَّ مسؤولي التعلُّم والتطوير قادرون على النهوض بهذه المَهمَّة إلَّا أنَّه من المنطق أكثر أن نجعلَ هذا الهدف جزءاً من ثقافة الشركة ككل.
يعود دعم الموظفين كي يتمكنوا من التكيُّف وإجراء التغييرات اللازمة بفوائد على الشركة والموظفين على حدٍّ سواء، فإذا لم يكُنْ الموظف يتمتع بقدرٍ جيِّد من المرونة، فمن المُحتمَل أن تتأثر سعادته وصحته النفسية سلباً، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى إضعاف الحماسة والمشاركة، وازدياد معدل دوران العمالة، وإذا لم يكُنْ الموظفون في شركتك مرنين، فستكون فرص بناء ثقافة مرونة على مستوى الشركة ككل ضعيفة جداً.
كيف من الممكن أن نؤسِّسَ لثقافة مرونة في الشركة؟
تُؤسَّس هذه الثقافة من خلال القادة القادرين على تقديم الإرشاد لفرقهم خلال الفترات العصيبة وأوقات الاضطرابات؛ حيث يستطيع أفراد الفريق الحفاظ على عقلية إيجابية تساعدهم على العمل بفاعلية وكفاءة حتى خلال فترات الأزمات، وتتكوَّن هذه الفِرَق من موظفين يفهمون أهمية الحفاظ على صحتهم العاطفية والجسدية؛ بمعنى أنَّهم قادرون على التعامُلِ بطريقة مدروسة مع الصعوبات، وبدلاً من الشعور بالعجز في مواجهة التحديات والأوضاع الصعبة، فإنَّهم يجدون السُّبل لتجاوز هذه الفترات العصيبة والاستمرار في تحقيق النجاح.
الموظف هو الأساس:
كما قلنا آنفاً: "إذا لم يكُنْ موظفوك مرنين، فإنَّه من الصعب أن تُكرِّس ثقافة المرونة على مستوى الشركة"، فإذا لم يكُنْ الموظَّف يتمتع بالمرونة الكافية، فمن المُمكِن أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بسعادته وصحته النفسية، وإذا كانت هذه الظاهرة منتشرة في الكثير من أقسام الشركة، فمن المُمكِن أن تتسبَّب بشتى أنواع المشكلات؛ مثل تضاؤل الاندماج وارتفاع معدل دوران العمالة وانخفاض الإنتاجية.
علاقة مرونة الموظف بمرونة الشركة:
قد يعتقدُ المسؤولون في الشركات أنَّه لا يُوجَدُ الكثير مما يستطيعون القيام به من أجل تعزيز مرونة الموظف، لكنْ تُوجَد في الواقع الكثير من الخطوات والحلول العمليَّة التي يُمكِنُ أن تطبِّقها الشركات لتعزيز مرونة الموظفين، وإحدى أهم هذه الخطوات هي تطوير ثقافة الكوتشينغ.
أهمية الكوتشينغ:
قد يكون بعضُنا أكثر مرونة بطبيعته من بعضنا الآخر، لكنْ لا تُعَدُّ المرونة سمة فطرية على وجه العموم؛ بل هي عبارة عن سمة تتطور من خلال الطرائق التي يستجيب بها الموظف إلى الأوضاع المختلفة، ومدى استعداده للتعامُل مع الصعوبات التي يواجهها، وفي نهاية المطاف فإنَّ عدداً قليلاً من الموظفين يجدون أنفسهم قادرين على تجنُّب الظروف الصعبة أو تغييرها بشكل جذري، لكنْ سيكون الموظفون من خلال تلقِّي الكوتشينغ قادرين على استيعاب أساليبهم في الاستجابة والعمل على تطوير وتقوية هذه الأساليب.
من الممكن أن يُصبِح الموقف الذهني للشخص سلبياً في حال شعرَ بأنَّه مُرهَق أو مُرتبِك، ومن الممكن أيضاً أن يَشعُرَ بالحيرة بطريقة تؤدي إلى انخفاض معنوياته.
كيف يساعد الكوتشينغ على إعادة صياغة الموقف؟
من الممكن تغيير نمط التفكير من خلال استيعاب الطريقة التي يُمكِنُ من خلالها إعادة صياغة الموقف وإدارة ردود الفعل بطريقة أكثر إيجابية، ويمكن للمديرين استخدام محاورات الكوتشينغ لدفع الموظف إلى التركيز في الجوانب الإيجابية وتطوير الذات بشكل يؤدي إلى اكتساب المرونة في الوقت الحالي وعلى الأمد الطويل؛ وذلك من خلال تشجيعه على إعادة تقييم أساليبه في الاستجابة إلى المواقف العصيبة، فبدلاً من التصرُّف تلقائياً وفق سلوك يهدف إلى تجنُّب الموقف العصيب، سيسمحُ الكوتشينغ للموظف بالعمل على مواجهة المشكلة بطريقة متوازنة وسيساعده على تحديد الأشياء التي يتحكم بها والأشياء الخارجة عن سيطرته؛ وبذلك سيكون قادراً على التوصُّل إلى حلول عملية.
كيف تدير عقلية موظفيك؟
كما أَشَرنا آنفاً؛ من الممكن أن يُصبِحَ الموقف الذهني للشخص سلبياً في حال شعرَ بأنَّه مُرهَق أو مُرتبك، ومن الممكن أيضاً أن يَشعُرَ بالحيرة بطريقة تؤدي إلى انخفاض معنوياته.
سيبدأُ الموظف من خلال الكوتشينغ بالتركيز في الخطوات التي يُمكِنُ اتِّخاذها من أجل التعامُل مع الموقف أو التخفيف من حدَّته أو التكيُّف معه، بدلاً من التركيز في الأشياء التي لا يُمكِنُه القيام بها، وبعد أن يكتسب المزيد من الثقة في قدرته على التأقلم، فسيبدأ الموظف بالسيطرة على عواطفه بشكل أكثر فاعلية.
يُمكِنُ أن تُعزِّز ممارسات أخرى مثل كتابة اليوميات هذه القدرة وتزيد من إدراك الموظف لقدراته ليبدأ باكتشاف عدد كبير من الحلول الممكنة.
أهمية التنبؤ بانخفاض مرونة الموظفين:
تأكَّد من أنَّ المديرين التنفيذيين في شركتك قادرون على ضبط السلوكات التي قد تشيرُ إلى ضعف المرونة أو ارتفاع مستوى التوتر لدى أعضاء الفريق، ويُمكِنُ أن تتضمَّن هذه الأشياء التي يجب الانتباه إليها التغييرات في السلوك؛ مثل تراجع اندماج الموظف مع الآخرين من حوله، واستخدام اللغة السلبية بشكل متكرر، أو التفاعل بطرائق عاطفية بشكل مُبالَغ فيه مثل الشكوى من التعب وربما الحزن حتى، وسيكون المديرون قادرين من خلال ملاحظة هذه المؤشرات على استخدام محاورات الكوتشينغ للحديث عن السعادة، وتقديم الدعم للموظف الذي يعاني من صعوبات.
تشجيع المديرين على تطوير مرونتهم:
إحدى الفوائد الأخرى للكوتشينغ هي تسليط الضوء على سلوك المديرين أنفسهم ومدى وعيهم بذواتهم وبتأثير سلوكاتهم في الموظفين، وعلى درجة مرونة أعضاء الفريق، ويُمكِنُ أن تساعد بعض التعديلات اليومية البسيطة في السلوك من خلال محاورات الكوتشينغ على إعادة توجيه هذا الوضع في المسار السليم، فغالباً ما تتم مناقشة الحاجة إلى المرونة عند شعور الأشخاص بضرورة امتلاك المزيد من هذه المهارة، في حين يعني تطبيق ثقافة الكوتشينغ أنَّ الجميع مُطالبون بأن يُفكِّروا في تأثير سلوكاتهم في درجة المرونة التي يتمتع بها الأشخاص من حولِهم.
في الختام:
لا يمكن تكريس ثقافة المرونة في الشركة بين عشية وضحاها، ومع ذلك يجب البدء بالعمل على تكريسها، وأفضل ما يمكن القيام به كبداية هو التعديلات اليومية البسيطة في السلوك من خلال محادثات الكوتشينغ التي ستجعل الأمور في مسارها الصحيح من أجل تحقيق هذه الغاية.