ما هو الفرق بين الكوتشينغ والمنتورينغ؟


يستخدم الكثيرون من الناس مصطلحَي "منتور" و"كوتش" حيث يكون كلٌّ منهما مكان الآخر، ولكنَّهما يؤديان وظيفتين مختلفين، فعلى الرغم من وجود بعض أوجه التشابه بينهما، إلَّا أنَّ هناك العديد من العناصر التي تميزهما عن بعضهما بعضاً.

تُوجَدُ اختلافات بين المنتور والكوتش، وهذا يعني اختلافات بين برامج المنتورينغ والكوتشينغ؛ لذا سنشرح في هذا المقال ما هو المنتورينغ والكوتشينغ، وكيف تقرِّر أيهما أفضل بالنسبة إليك، أولاً دعنا نستكشف الفارق بين المنتورز والكوتشز.

ما هو الفرق بين الكوتشينغ والمنتورينغ؟

Coaching vs Mentoring

  • يقيس الكوتشينغ الأداء، بينما لا يهتم المنتورينغ بذلك.
  • يعزِّز الكوتش العلاقة بينه وبين متلقِّي الكوتشينغ، بينما يعزِّز متلقي المنتورينغ العلاقة بينه وبين المنتور.
  • قد لا يراعي برنامج الكوتشينغ الاختلافات بين المتلقين، بينما يراعي برنامج المنتورينغ الاختلافات الشخصية بينهم.

مَن هو الكوتش؟

يهتم الكوتشز بأداء الفرد في نشاطات محددة؛ فهم يراقبون مَن يتلقى الكوتشينغ وهو يمارس مهارات معيَّنة، ثم يحددون المجالات التي يجب تحسينها؛ فيأخذ مَن يتلقى الكوتشينغ بذلك بتغذيتهم الراجعة ثم يتدرب مجدداً، ويكررون العملية.

تُذكِّرُنا فكرة الكوتشز بفيلم "المدرب كارتر" (Coach Carter)، وكيف رأى الإمكانات في لاعبيه، فقد كان يلاحظ السلوكات وأنماط التفكير التي كانت تعوقهم، ويساعدهم على تغيير العادات السيئة ليصبحوا أبطالاً.

لم يكُنْ الكوتشينغ يُستخدَم في الماضي سوى في مجال الرياضة، لكنْ في ثمانينيات القرن الماضي بدأ الكوتشينغ يدخل عالم الأعمال؛ حيث رأى "توماس ليونارد" (Thomas Leonard) - وهو مخطِّط مالي - أنَّ عملاءَه يتَّبعون نصائحه المرتبطة بالمال والحياة، فقد كان يعلِّمهم بعض الأُطُر لتنظيم حياتهم؛ فأَخرجَ بذلك الكوتشينغ من إطار الملاعب وأدخلَهُ إلى حياة الناس؛ إذ جعل "توماس" فكرة كوتشينغ الحياة مهنة مُعتبَرة.

كان الكوتش كارتر أكثر من مجرد كوتش لكرة سلة؛ بل كان منتوراً أيضاً؛ وذلك لأنَّه ساعدَ اللاعبين على التطوُّر شخصيَّاً ومهنيَّاً.

مَن هو المنتور؟

يساعد المنتور مَن يتلقُّون المنتورينغ على التطوُّر على الصعيدين الشخصي والمهني؛ فهو يهتم أكثر بتحسين متلقِّي المنتورينغ تحسيناً شاملاً، بدلاً من التركيز في مهارات محدَّدة يمكن تعلُّمها من خلال الممارسة.

فمثلاً كان الكوتش كارتر يهتم بلاعبيه، وأراد مساعدتهم على أن يصبحوا ناضجين وواثقين من أنفسهم وكذلك لاعبين رائعين، ولقد كان قدوة يُحتذَى بها بالنسبة إليهم كما يجب أن يكون المنتور؛ لهذا السبب عادةً ما يكون المنتور في منصب أعلى يرغب متلقي المنتورينغ في الوصول إليه؛ لذا لا تُقدَّر خبرة المنتور بثمن بالنسبة إلى متلقي المنتورينغ؛ إذ تمتد علاقتهما إلى ما هو أبعد من الكوتشينغ المحدود، فهي علاقة قائمة على تبادل المنفعة؛ حيث يتشاركان خبراتهما المتنوعة بهدف التعلُّم المتبادل والتنمية.

باختصار؛ يمكن للمنتورز تقديم الكوتشينغ للأفراد، ولكنَّهم لا يتوقفون عند هذا الحد؛ بل يقدمون لهم المشورة والمنتورينغ الذي يستمدونه من تجاربهم الخاصة.

من الهام إدراك أنَّ المنتور لا ينبغي أن يكون المدير المباشر للموظف؛ وذلك لأنَّ الأمر قد يسبِّب تضارباً في المصالح، فالمدير يهتم بتعزيز أداء متلقي المنتورينغ بالدرجة الأولى، لكنْ ماذا لو كان الموظف يحاول تغيير منصبه الحالي؟ لذا يمكن للمنتور أن يساعد متلقي المنتورينغ على العمل على تحقيق أهدافه بغض النظر عن كيفية تأثير ذلك في منصبه الحالي.

علاقة الكوتشينغ أحادية الجانب، لكنْ لبناء علاقة منتورينغ ناجحة تحتاجان إلى الثقة وتقدير كل طرف لأهداف الطرف الآخر، والالتزام بمساعدة بعضهما على النمو؛ فلا يُوجَدُ سبب يمنع المنتور عن الاستفادة من مساعدة متلقي المنتورينغ.

هل يمكن أن يكون الكوتش منتوراً؟

على الرغم من أنَّه يمكننا استخدام مصطلحَي "منتور" و"كوتش" حيث يكون كل منهما مكان الآخر، إلَّا أنَّ ثمة اختلافات واضحة بين الاثنين، فمثلما أراد الكوتش كارتر للاعبيه ما هو أكثر من الفوز بالبطولة، يمكن للكوتش أن يأخذ بذلك دور المنتور؛ فعادةً ما يحدث هذا التحوُّل بعد أن ينجح الكوتش الماهر في تحسين أداء متلقي الكوتشينغ، ومن ثم يحقق بذلك الهدف الأساسي من عمله ككوتش؛ مما يفسح له المجال لتطوير العلاقة من كوتشينغ إلى منتورينغ.

قد يتكوَّن لدى متلقي الكوتشينغ شعوراً عميقاً بالامتنان إلى الكوتش لكل الدعم الذي قدمه له، وبالمثل قد يفخر الكوتش بمدى تقدُّمهما معاً؛ فتصبح علاقتهما بذلك أكثر فائدة للطرفين وأقرب ما تكون إلى الصداقة.

الفرق بين الكوتشينغ والمنتورينغ

العامل

المنتورينغ

الكوتشينغ

المدة

طويل الأمد.

قصير الأمد.

التقييم

لا يتضمن أي تقييم: لا ينبغي أن يؤدي المنتور دور المدير.

يتضمن تقييماً: يقيِّم الكوتش الأداء.

طرح الأسئلة

يطرح متلقي المنتورينغ الأسئلة على المنتور ليتعلم من خبرته

يطرح الكوتش الأسئلة على متلقي الكوتشينغ ليكتشف المجالات التي تحتاج إلى تحسين

مراعاة الفروقات الشخصية

غير رسمي، ويسعى المنتور فيه إلى تطوير المتلقي تطويراً شاملاً

مُكرَّر ولا يراعي الفروقات الشخصية؛ فهو يتَّبع عملية منظَّمة لتحسين مهارات محددة

الفرق بين الكوتشينغ والمنتورينغ:

1. يكون المنتورينغ طويل الأمد، بينما يكون الكوتشينغ مؤطَّراً بإطار زمني:

علاقات المنتورينغ طويلة الأمد؛ وذلك لأنَّها تركِّز في تطوير الحياة المهنية بصورة أكثر شمولية؛ حيث يستكشف المنتور ومتلقي المنتورينغ الطموحات والأسئلة والتحديات المختلفة التي يمكن أن تتطور مع تقدُّم علاقتهما.

على الجانب الآخر يكون الكوتشينغ مؤطَّراً بإطار زمني، ومن المُتوقَّع أن يصل فيه الكوتش إلى أهداف محدَّدَة في إطار زمني مُحدَّد؛ حيث يعقُد الكوتشز اجتماعات منظَّمة ويقدِّمون نشاطات مُصمَّمَة لقيادة متلقي الكوتشينغ نحو اتِّجاه معيَّن.

2. لا يتضمَّن المنتورينغ تقييماً، بينما يشمل الكوتشينغ تقييماً:

الاختلاف الأساسي بين المنتورينغ والكوتشينغ هو أنَّ المنتورينغ لا يتطلَّب تقييماً، بينما يعتمد الكوتشينغ على قياس تغيُّر الأداء سواءَ من خلال مراجعات أداء الشركة أم اختبارات الكوتشينغ؛ لهذا السبب لا ينبغي أن يكون المنتور مشرفاً مباشراً أو مديراً لمتلقي المنتورينغ، بينما غالباً ما يكون الكوتش متخصصاً أو مديراً يتم تعيينه من خارج الشركة، يركز في مجالات محددة لتحسين المهارات.

3. يقود متلقو المنتورينغ عملية المنتورينغ، بينما يقود الكوتش عملية الكوتشينغ:

يقود المتلقي عملية المنتورينغ، فيُحدِّد مع المنتور الأهداف من العلاقة وما يريدان العمل عليه، كما يطلب وقتاً مع المنتور ليناقشا المشكلات التي تحتاج إلى حلول، أمَّا في حالة الكوتشينغ؛ فيكون الكوتش أو المشرف مسؤولاً عن جدول أعمال العلاقة؛ وذلك لأنَّ الكوتشينغ مرتبط بالأداء؛ حيث يقدِّم الكوتش المشورة لتحسين مهارة أو هدف مُحدَّد يكون خبيراً فيه، ولا يتعدى توجيهه أبداً مساعدة العامل على تطوير المهارة.

4. يكون المنتورينغ مخصصاً للغاية، بينما تكون جلسات الكوتشينغ مُكرَّرة:

في المنتورينغ تكون لدى المتلقي احتياجات محدَّدة، وعليه مناقشة التحديات التي لا ترتبط بالضرورة بمبادرات الأداء على مستوى الشركة، كما يفيد المنتورينغ في تعزيز شبكة علاقاتك؛ وذلك من خلال مقابلة العديد من المنتورز والتعرُّف إلى أشخاص جدد.

يُعَدُّ المنتورينغ بهذه الطريقة مفيداً، ولا سيما عند تأهيل موظفين جدد، أمَّا في حالة الكوتشينغ؛ فتُحدِّد المنظمة فجوة في مهارات معينة، ثم تختار كوتشاً واحداً أو أكثر لتقديم برنامج عام لإجراء التحسينات؛ حيث يُعاد استخدام المحتوى دون مراعاة الاختلافات الشخصية، ولا يقدِّم الكوتش عادةً فرصة ليعزز متلقي الكوتشينغ من شبكة علاقاته.

5. يُعنى المنتورينغ بالتنمية الشاملة، بينما يركِّز الكوتشينغ في تحسين المهارات القابلة للقياس:

يُعَدُّ المنتورينغ أمراً رائعاً للاستفادة من معرفة وخبرة شخص أعلى منصباً منك؛ حيث يوفِّر طرح أسئلة على المنتورز - تُبرِز الدروس التي تعلَّموها طوال حياتهم المهنيَّة - معرفةً ذات قيمة يصعب الحصول عليها في مكان آخر، وتؤدي الاستفادة من هذه الخبرة دوراً لا يُقدَّر بثمن في تعزيز تطورك.

لا يكون ما ستتعلمه واضحاً تماماً قبل أن تبدأ بالتحدث إلى المنتور؛ لذا عليك الإصغاء إلى حديثه عن التحديات أو اللحظات الحاسمة في حياته المهنية عن كثب؛ لتستطيع بذلك اختيار أفكار ذات قيمة لحياتك المهنية؛ مما يجعل تطويرك أكثر شمولية.

على الجانب الآخر؛ يختلف الكوتشينغ عن ذلك؛ حيث تحاول فيه تحقيق تحسينات محددة مسبقاً، فقد ترغب في تحسين مهاراتك في العروض التقديمية أو التفاوض؛ لذا قد يطلب منك الكوتش شرح أسلوبك في تطوير هذه المهارات واكتشاف المجالات التي يمكنك فيها تجربة تقنيات جديدة، وبالإضافة إلى ذلك قد تكون لديك معتقدات معينة تمنعك عن تطوير مهاراتك في التفاوض مثلاً؛ لتكون بذلك المساعدة التي سيقدمها الكوتش لك - لتغيير طريقة تفكيرك ومنحك المزيد من الثقة لطلب زيادة أو تقديم عرض تقديمي قوي - لا تُقدَّر بثمن.

متى عليك البحث عن كوتش أو منتور؟

Mentor vs Coach

المنتور:

  • لتعزيز شبكة علاقاتك.
  • للحصول على المشورة حول مهنتك.
  • للبحث عن قدوة تحتذي بها.
  • لمناقشة المشكلات وحلها.

الكوتش:

  • لتطوير مهارة محددة.
  • لإنجاز المهام المتكررة.
  • لإنشاء علاقة لمدة محدودة.
  • للحصول على تغذية راجعة تدفعك إلى العمل.

أسئلة شائعة حول الفرق بين الكوتشينغ والمنتورينغ:

بعد أن تعرَّفتَ إلى الاختلافات الرئيسة بين الكوتشينغ والمنتورينغ، قد ترغب في معرفة أيهما أفضل لك؛ حيث يتعلق ذلك بأهدافك.

1. متى يكون المنتور هو الأفضل لك؟

يمكن أن تساعدك علاقة المنتورينغ على تطوير مهارات جديدة في مجال عملك؛ إذ يمكن أن يمنحك المنتور الوصول إلى شبكة علاقات أكبر في مجالك، ويمكنك الاستفادة من خبرته الواسعة للتحدُّث عن المشكلات وإيجاد الحلول.

في حياتك المهنية؛ يُعَدُّ وجود منتور أعمال يثير إعجابك أمراً ذا قيمة كبيرة في إعدادك لتصبح مديراً أو لاكتساب مهارات جديدة أو تسريع عملية تطوير حياتك المهنية.

2. متى يكون الكوتش هو الأفضل لك؟

إذا كنتَ تحاول تطوير مهارة معيَّنة كأن تصبح مقدِّم عروض أفضل مثلاً؛ فالعمل مع كوتش أعمال - يكون ضليعاً بتقديم العروض - يُعَدُّ أمراً مثالياً؛ حيث سيتمكن الكوتش من تحديد المجالات التي تحتاج إليها لتحسين مهارات التحدث أو التعامل مع الآخرين، والتي تؤدي إلى تحسُّن مهاراتك في تقديم العروض تحسُّناً ملحوظاً.

على سبيل المثال؛ يمكن أن يحاكي كوتش المبيعات مكالمة مع عميل محتمل وينصحك بطرائق لتحسين طريقة تعاملك مع الاعتراضات؛ حيث تختار استراتيجيات محددة لاختبار المكالمات المستقبلية؛ مما يمنحك أيضاً المزيد من الثقة في النفس في ترويج منتجك أو خدمتك. لن يفيدك هذا الكوتش بالطبع في استكشاف سبب رغبتك في الحصول على وظيفة في المبيعات؛ بل لتستفيد من خبرته في عملية المبيعات.

3. أي الخيارين مناسب لمنظمتك؟

يجب أن تكون المنظمات التي تتطلع إلى تعزيز اندماج الموظفين وأدائهم ومعرفتهم بالثقافة التنظيمية واضحة بشأن ما إذا كان الموظفون سيستفيدون أكثر من المنتورينغ أو الكوتشينغ؛ فإذا كانت إحدى المنظمات ترغب في تحسين الأداء وتعزيز المعرفة بالثقافة التنظيمية ونقل المعرفة وسرعة التطوير الوظيفي، فإعداد برنامج منتورينغ هو أفضل خيار للوصول إلى تلك الأهداف، ففي هذه الحالة؛ كل متلقي للمنتورينغ لديه احتياجات مختلفة وستلبِّي جلسات المنتورينغ المخصصة لكل فرد كل هذه الاحتياجات، أمَّا إذا حدَّدَت المنظمة وجود نقص معيَّن في المهارات بعد أن كثُرَت الشكاوى حول المديرين الجدد، أو أنَّ الإدارة الوسطى تفتقر إلى الخبرة، فقد يكون برنامج الكوتشينغ أكثر ملاءَمة لتقديم تدريب موحَّد ويمكن تكراره.