10 تقنيات فعالة لتطبيق الكوتشينغ في مكان العمل (الجزء الثاني)


قد يستفيد القائد من تطبيق الكوتشينغ في الشركة في زيادة فاعلية العمل، وتأهيل الموظفين للاعتماد على أنفسهم في إيجاد الحلول التي يحتاجون إليها حتى يتفرغ للمهام القيادية، فقد قدَّم الجزء الأول من المقال 5 تقنيات فعالة لتطبيق ممارسات الكوتشينغ في مكان العمل، ويبحث الجزء الثاني في بقية التقنيات، فتابعوا معنا السطور القادمة.

6. توفير الأمان النفسي للموظفين:

تهدف ممارسات الكوتشينغ إلى مساعدة الكوتش ومتلقي الكوتشينغ على اكتشاف إمكاناتهم وقدراتهم واستثمارها في العمل والحياة الشخصية، ويمكن تحقيق هذه الأهداف عبر بناء علاقة كوتشينغ آمنة، وفاعلة، وقابلة للإصلاح، كما أنَّ توفير الأمان النفسي خلال محادثات الكوتشينغ ضروري لحث الطرف الآخر على التصرف على طبيعته دون أن تصدر الأحكام عليه.

الأمان النفسي هام جداً، لكن يجب على القائد من ناحية أخرى أن يحرص على بناء علاقات فاعلة وقابلة للإصلاح مع الموظفين، وعنصر الفاعلية ضروري لحث الأفراد على تجاوز منطقة راحتهم، وقابلية الإصلاح هامة؛ لأنَّ العلاقات بمختلف أنواعها معرضة لحدوث المشكلات والنكسات.

يجب أن تتحلى بالالتزام والقدرة على تصويب المشكلات والمضي في علاقة الكوتشينغ؛ إذ تزداد فاعلية ممارسات الكوتشينغ عند الاهتمام ببناء العلاقات بهذه الطريقة.

7. تمثيل قدوة حسنة أمام الموظفين:

قَدِمت إحدى الأمهات إلى السياسي البارز "مهاتما غاندي" (Mahatma Gandhi) ذات مرة وطلبت منه أن يساعدها على حل المشكلة الآتية "أريدك أن تطلب من ابني أن يتوقف عن تناول السكر، لا أستطيع احتمال هذه العادة"، وعندها أجاب "غاندي": "فلتعودي بعد أسبوع من الآن".

استجابت المرأة لطلب "غاندي" وعادت بعد أسبوع، وعندها أخبر "غاندي" الولد بكل بساطة: "توقف عن تناول السكر"، وبدت أمارات الحيرة والارتباك على محيا الأم، وأردفت قائلةً: "شكراً لك، لكن لِمَ انتظرت لمدة أسبوع كامل حتى تسدي إليه هذه النصيحة؟"، وعندها أجابها "غاندي": "يجب عليَّ أن أتوقف عن تناول السكر قبل أن أسدي هذه النصيحة لابنك".

يُستنتَج من القصة أنَّ القائد مثال يحتذي به الناس من حوله، فقد تنقل سلوكات الكوتشينغ إلى بقية العاملين وتشجعهم على طرح الأسئلة وكبح النزعة التي تدفعهم لتقديم النصائح والاقتراحات بشكل مباشر.

8. تقديم الدعم والتشجيع:

يحتاج الإنسان إلى تلقِّي المديح والثناء على العمل والجهد الذي يبذله والتقدم الذي يحرزه على الأصعدة الهامة في حياته، ويشعر الفرد أنَّ حياته هادفة ومُرضية عندما يدرك التقدم الذي يحرزه.

يجب عليك أن تداوم على تقديم الدعم والتشجيع، وتثني على النجاحات والإنجازات الصغيرة، وتذكِّر الموظفين بقيمتهم وأهميتهم في الشركة، وتتعامل معهم بنية حسنة، فهذه السلوكات كفيلة بتحسين ممارسات الكوتشينغ ومساعدة الموظفين على إدراك أهميتهم وقيمتهم.

9. تقديم تغذية راجعة تركز على المجهود الإنساني:

يعتمد الكوتشينغ اعتماداً أساسياً على تقديم التغذية الراجعة، فيمكنك أن تطبق التغذية الراجعة ضمن ممارسات الكوتشينغ عن طريق استخدام نموذج التواصل اللاعنفي  لعالم النفس الأمريكي "مارشال روزنبرغ" (Marshall Rosenberg)؛ إذ تتألف عمليات التواصل وفق نموذج "روزنبرغ" من 4 عناصر؛ ألا وهي المعطيات، والمشاعر، والأحكام، والاحتياجات أو الرغبات.

يُفضَّل أن تعتمد على المعطيات والأهداف دون أن تسمح لأحكامك الخاصة أو لموقفك من الوضع بتحريف الحقائق والتأثير في مضمون التغذية الراجعة، كما يجب أن تستند التغذية الراجعة إلى البيانات الفعلية بعيداً عن الآراء والأحكام الشخصية.

يُفضَّل أن تأخذ التغذية الراجعة في الحسبان المجهود الإنساني ولا تركز على المهمة قيد النظر؛ أي يجب أن تتضمن التغذية الراجعة توصيفاً وافياً عن أداء الفرد عموماً ومقدار التقدم الذي أحرزه في الآونة الأخيرة على صعيد اتخاذ القرارات وفاعلية العمل دون أن تركز على مهمة أو نتيجة معيَّنة بحد ذاتها، ومن ثمَّ يجب عليك أن تقدِّر المجهود الإنساني وتثني عليه حتى تنجح في بناء الألفة مع الموظفين.

10. إدراك الحكمة من الفشل:

من الطبيعي أن يتعرض متلقي الكوتشينغ لبعض التجارب الفاشلة ويقترف الأخطاء عندما يكتشف إمكاناته ويتجاوز منطقة راحته، وفي الواقع، يجب عليه أن يفشل ولا يسمح للخوف والحيطة والحذر الزائد عن الحد الطبيعي بثنيه عن اكتشاف قدراته الكامنة؛ إذ تحدث الأخطاء بشكل متكرر في مكان العمل، وتقتضي وظيفة القائد مساعدة الموظفين على تجاوز التقصير الحاصل.

يشرح المؤلفان "بنجامين زاندر" (Benjamin Zander) و"روزاليند زاندر" (Rosalind Zander) في كتابهما "فن الاحتمالات" (The Art of Possibility) تقنية تقتضي قول العبارة: "يا له من أمر رائع!" بأعلى صوت ممكن عند اقتراف الأخطاء.

تساهم هذه التقنية في تغيير موقف الفرد تجاه الخطأ الحاصل، ومساعدته على التعلم مما حدث واكتساب مزيد من الخبرة وتجنب تكرار الأخطاء في التجارب المستقبلية، بدل أن يقوم القائد بإحراج موظفيه وتوبيخهم، ويمكنك أن تطرح أيضاً أسئلة من قبيل "ما الذي سار على ما يرام؟"، و"ما هي التحسينات التي يمكن إجراؤها في المحاولات المقبلة؟".

في الختام:

ممارسات الكوتشينغ أبسط مما تعتقد، وهي تعتمد اعتماداً أساسياً على طرح الأسئلة التي تساعد على تحليل المشكلة والبحث في تفاصيلها وأبعادها.