11 طريقة لتعليم المتدربين التعامل مع الناقد الداخلي - الجزء الأول


يشتكي معظم الناس من سيطرة المعتقدات المقيِّدة، والانتقادات، والشكوك على تفكيرهم، وهو ما يُطلَق عليه اسم النقد الداخلي. يمنع هذا الناقد الداخلي الإنسان من تحقيق أهدافه، كما أنه يزعزع ثقته بنفسه وبإمكانياته، ويقع على عاتق الكوتش مهمة مساعدة العميل في فهم أفكاره ومشاعره وتقويم طريقة تفكيره ونظرته تجاه نفسه.

11 طريقة للتعامل مع الناقد الداخلي

1. إدراك وظيفة الناقد الداخلي

يتمثل صوت الناقد الداخلي في الشكوك التي تساور الفرد تجاه أهدافه ومسيرته المهنية. تكمن مشكلة هذه الأفكار السلبية في عجز الفرد عن التحقق من صحتها، وهو ما يزيد من حيرته وارتباكه، ويُنصَح في مثل هذه الحالة بتذكر وظيفة الناقد الداخلي. تقتضي وظيفة الناقد الداخلي تنبيه الفرد إلى العواقب والمخاطر المحتملة عندما يُقبل على خوض تجربة جديدة، أو اتخاذ قرار يمكن أن يغير حياته أو يهدد استمراريته واستقراره.

لا يُفترَض أن يكون الناقد الداخلي مصدر المعتقدات والأحكام السلبية التي تبرز عيوب الإنسان وتشكك بإمكانياته وقدراته. تقتضي وظيفة الناقد الداخلي حماية الفرد، وهو يعتمد بشكل أساسي على التجارب السابقة، والغرائز الإنسانية ولا يأخذ الظروف الحالية بعين الاعتبار. يمكنك أن تضبط صوت الناقد الداخلي عبر تكرار عبارة تشجيعية تهدئ من روعك وترجعك إلى صوابك. مثال عن هذه العبارات التشجيعية: "أشكرك أيها الناقد الداخلي، وأعرف أنك تبذل ما بوسعك لحمايتي، ولكن أرجوك أن تمنحني راحة البال، والشجاعة، والصفاء، والمعرفة التي أحتاج إليها في حياتي. سوف أعتني بنفسي، وشكراً لمساندتك ووجودك بجانبي في الأوقات الصعبة". هذا يعني أنك يجب أن تتعامل مع الناقد الداخلي بلطف ومحبة لكي يهدأ ويكف عن التدخل في قراراتك وإعاقة تقدمك. _ الكوتش "دوغلاس تشو" (Douglas Choo)

2. فرض السلطة على الناقد الداخلي

لطالما شككت بقدرتي على مساعدة عملائي وعانيت من القلق والتوتر خلال الجلسات، وكنت أسعى جاهدةً لإثبات خبرتي وأحرص على تقديم خدمات قيِّمة تتناسب مع الأتعاب التي أتقاضاها من العملاء.

لقد منعتني هذه الشكوك من تركيز كامل انتباهي خلال الجلسات، ولم أكن قادرة على تقديم أفضل ما عندي واستثمار خبراتي وإمكانياتي في مساعدة عملائي. بالرغم من نجاحي في الحد من تأثير الناقد الداخلي على حياتي الشخصية، إلا أني أدركت وجود بعض المعتقدات المقيِّدة المترسخة في عقلي تجاه مسيرتي المهنية، وعندها قررت أن أسيطر على المخاوف التي تثير صوت الناقد الداخلي. لقد نجحت منذ ذلك الحين في الحفاظ على ثقتي بنفسي، وتركيزي، وانتباهي، وقدرتي على ابتكار الحلول الإبداعية خلال جلسات الكوتشينغ، مما عزز من قدرتي على مساعدة عملائي في تحقيق أهدافهم. _ الكوتش "ليسا كريستن" (Lisa Christen)

11 طريقة لتعليم المتدربين التعامل مع الناقد الداخلي

3. بناء الألفة مع الناقد الداخلي

لقد بدأت العمل على ترويض الناقد الداخلي عندما كنت راقصة رئيسية في فرقة باليه. ينجح الراقص في تحسين أدائه عندما يعترف بأخطائه ويصوبها، وهو ما يُطلق عليه اسم النقد الذاتي البنَّاء، ولكنه بالمقابل يحتاج لقدر عالٍ من الشجاعة والثقة بالنفس أثناء الرقص أمام الجمهور. لهذا السبب عودت نفسي على الإصغاء لصوت الناقد الداخلي عندما أحتاجه لتطوير نفسي وتنمية إمكانياتي، ولكني أتجاهله كلياً عندما أؤدي أمام الجمهور. يعتقد البعض أنَّ النقد الذاتي يتسبب في تدني مستوى الأداء، ولكن دحضت العديد من الأبحاث العلمية صحة هذا الاعتقاد الشائع.

يستطيع الفرد أن يتحمل مسؤولية فشله عندما يتقبل الانتقادات الذاتية ويحاول الاستفادة منها في تطوير إمكانياته. تساعد هذه العقلية من ناحية أخرى في تعزيز قدرة الفرد على تقبل تجاربه الفاشلة، وتحليلها، والتعلم منها، وهذا يتطلب التعايش مع الناقد الداخلي وتقدير مساعدته والمعلومات المفيدة التي يقدمها. يمكن إجراء هذا التغيير في العقلية عبر مخاطبة الناقد الداخلي، والاعتراف بفضله، وطلب مساعدته، وإنه سيصبح مع مرور الوقت بمثابة صديق ينصحك ويساعدك في تقويم أخطائك، ويكف عن التدخل في شؤونك عندما لا تحتاج إليه. _ الباحثة "نانسي غلين" (Nancy Glynn)

4. التفكير في كافة الاحتمالات الواردة

يبدأ الناقد الداخلي بإلقاء اللوم على الفرد عندما يخوض تجربة فاشلة، ويقتضي الحل في مثل هذه الحالة التفكير في كافة الاحتمالات والافتراضات التي تفسر خلفية الحادثة.

فيما يلي 5 مراحل يجتازها الفرد عندما يتعرض لحادثة مزعجة:

  • تلقي نبأ الحادثة المزعجة، ولتكن عجزك عن الوصول إلى اتفاق مع أحد الموردين الكبار في السوق.
  • تكوين افتراضات خاطئة عن خلفية الحدث، ولتكن بحسب المثال المذكور أعلاه: "يا لي من قائد فاشل، فقد عجزت عن الوصول إلى اتفاق مع المورد والحفاظ على استمرارية العمل في الشركة".
  • التفكير في أسوأ الاحتمالات التي يمكن أن تنجم عن الافتراضات والتأويلات الخاطئة للحدث: "سوف تخسر الشركة نتيجة فشلي وتقصيري، وعندها لا بد أن يعفيني مجلس الإدارة من منصبي، ولن أتمكن من الحصول على فرصة عمل مماثلة طوال حياتي، وستنفذ مدخراتي وأعلن إفلاسي، وعندها ستهجرني زوجتي وأعيش وحيداً بقية عمري". يركز الفرد في هذه المرحلة على أسوأ الاحتمالات الممكنة.
  • التفكير في الافتراضات الأخرى التي تفسر الحادثة، والتوصل إلى الحلول الممكنة. قد تكتشف أنَّ المورد يواجه أزمة تجارية، وعندها يمكنك أن تتدخل وتعرض مساعدتك، أو يمكن أن تكون الأزمة الاقتصادية الحالية هي السبب الرئيسي لفشل الاتفاق. ربما يكون تغير المدير هو السبب الكامن وراء عجزك عن تجديد الاتفاقية، وعندها عليك أن تتواصل معه شخصياً. تساعد هذه الافتراضات في التعامل مع الحادثة بطريقة بناءة تركز على استثمار الحلول المتوفرة. سوف تدرك وقتها أنَّ الحادثة لا تعدو كونها مشكلة مؤقتة ومحدودة، ولا يُفترَض أن تقلل ثقتك بنفسك وبإمكانياتك، بل ينبغي أن تعتبرها فرصة لتطبيق مهاراتك القيادية في تجاوز الأزمات.
  • زيادة شعور الفرد بالقوة والقدرة على مواجهة الصعوبات. _ الكوتش "ألان غراهام" (Alan Graham)

5. تقدير جهود الناقد الداخلي

تلقت مدرستي دعوة للمشاركة في تجربة أداء من أجل اختيار مجموعة من الأطفال للرقص في برنامج تلفزيوني شهير عندما كنت في الصف الثالث. كنت في غاية الحماس للمشاركة، وبذلت ما بوسعي للاستعداد، واجتهدت في التدريب، وارتديت أجمل ما عندي لتجربة الأداء. بدأت اللجنة بإعلان أسماء الطلاب الذين تم اختيارهم للمشاركة في البرنامج التلفزيوني، ونادوا عليَّ باسمي الأخير. كنت في غاية السعادة ومشيت بفخر واعتزاز إلى المنصة، ولكن لسوء حظي، كان ثمة فتاة أخرى تحمل نفس اسم عائلتي، فسارعت اللجنة إلى تصويب سوء الفهم وأعلنت عن الاسم الأول، وهو اسم الفتاة الأخرى.

مازلت أتذكر شعوري بالخزي والحرج وأنا أعود أدراجي إلى مقعدي، وصوت الناقد الداخلي يوبخني ويقلل من شأني وقيمتي قائلاً: "من تحسبين نفسك؟ أنت تفتقرين للموهبة المطلوبة للمشاركة في البرنامج". بت أدرك الآن أنَّ الناقد الداخلي موجود لمساعدتي والحفاظ على سلامتي، ويقتضي دوري أن أشكره وأقدِّر جهوده وأطمئنه. _ الكوتش "باميلا هيلفيج" (Pamela Helwig)

في الختام

يعاني بعض الناس من مشكلة النقد الذاتي التي تحرمهم راحة البال والطمأنينة في حياتهم. يعيش الإنسان في صراع مستمر مع ذاته نتيجة هذه الأحكام والانتقادات، ولقد قدم الجزء الأول من المقال 5 طرائق للتعامل مع صوت الناقد الداخلي واستعادة شعور الثقة بالنفس، ويبحث الجزء الثاني والأخير منه في بقية الطرائق.