29 تقنية فعالة في مجال الكوتشينغ (الجزء الثالث)
قدم الجزء الثاني من المقال مجموعة من التقنيات المستخدمة في مجال الكوتشينغ الإداري والقيادي والوظيفي بالإضافة إلى تحفيز الموظفين. تضمن هذه التقنيات نجاح ممارسات الكوتشينغ في تحقيق أهداف العميل. يبحث الجزء الثالث في بقية التقنيات فتابعوا معنا السطور التالية.
تقنيات الكوتشينغ الجماعي
تتيح الجلسات الجماعية للكوتش إمكانية استثمار وقته بكفاءة وتوسيع نطاق خدماته، وهي تضم عملاء يخضعون لتجارب مشابهة في حياتهم الشخصية أو المهنية.
يمكن إجراء جلسات الكوتشينغ الجماعي على أرض الواقع، أو عن طريق المكالمات الهاتفية، أو أدوات الاتصال المرئي.
في الكوتشينغ يجب أن تركز على التقنيات المطلوبة مثل تحديد الأهداف، والمساءلة، والتواصل، مع الحرص على جمع المزيد من المعلومات عن أساليب الكوتشينغ الجماعي.
فيما يلي 3 تقنيات خاصة بالكوتشينغ الجماعي:
1. تحديد الالتزامات المطلوبة من المشاركين
تحديد الالتزامات المطلوبة من العملاء بالغ الأهمية في هذا النوع من الكوتشينغ من أجل التعامل مع الاختلافات في أنماط الشخصية والتفكير بين أفراد المجموعة الواحدة. يُنصَح بتوضيح الالتزامات في بداية الجلسة الأولى والتشديد على أهمية الدقة بالمواعيد، والسرية، والتغذية الراجعة، وغيرها من القواعد العامة.
ينبغي أن توضح من البداية المواضيع والأهداف المشتركة التي يقوم على أساسها إطار العمل مع المجموعات المتنوعة.
2. كوتشيغ الأقران والمساءلة
تنجح ممارسات الكوتشينغ عندما يقنع الكوتش عملاءه بتحديد المسؤولية الواقعة على عاتقهم من جلسة إلى أخرى، ولكن يواجه الكوتش صعوبة في تطبيق المساءلة والالتزام ضمن إطار الكوتشينغ الجماعي.
يساعد تطبيق كوتشينغ الأقران في تطبيق نظام مساءلة بين جميع المشاركين في المجموعة. يسهم تبادل الدعم على تحقيق الأهداف في تطوير المهارات القيادية لجميع الأطراف المشاركة في كوتشينغ الأقران.
3. استخدام مجموعات التعارف الاجتماعي
يمكن استخدام منصات التواصل الاجتماعي في إنشاء منتدى يتيح للمشاركين إمكانية التواصل مع بعضهم خلال الفترة التي تفصل بين الجلسات من أجل المحافظة على حماسهم وإلهامهم. يُنصَح بإنشاء منتدى يتيح لمجموعة المشاركين إمكانية طرح الأسئلة، ومشاركة الأفكار، وتقديم التغذية الراجعة، ومساءلة بعضهم.
يمكن إنشاء المجموعة على منصة "فيسيوك" (Facebook) أو "واتساب" (WhatsApp) على سبيل المثال.
يقع على عاتق الكوتش مسؤولية الحفاظ على خصوصية العملاء، كما يجب أن يكون التواصل على المنصات الاجتماعية اختياري.
تقنيات كوتشينغ الحياة
يُعنى الكوتشينغ المهني بجانب العمل والأداء الوظيفي، في حين يركز كوتشينغ الحياة على التطور الشخصي، والعافية، وجودة حياة العميل.
ليس ثمة طريقة موحدة تصلح للاستخدام مع جميع العملاء، بل يعمد الكوتش المتمكِّن إلى تنويع أساليبه بناءً على أهداف العميل ونمط شخصيته. فيما يلي مجموعة من التقنيات التي أثبتت فعاليتها في مجال كوتشينغ الحياة:
1. تدوين اليوميات
أثبتت الدراسات العلمية في السنوات القليلة الماضية فعالية تدوين اليوميات في تخفيف التوتر، وتعزيز القدرة على الإبداع وفهم المشاعر والأفكار، وغيرها من الفوائد على الصعيد العقلي والعاطفي.
يساعد تدوين اليوميات في فهم الأفكار والمشاعر، وإعطاء الأولوية للتعامل مع المشكلات والمخاوف، وتحديد أنماط التفكير والسلوكيات المؤذية، والعوامل التي تصدر عنها.
تؤثر التجارب الحياتية المؤلمة مثل خسارة الوظيفة، أو الإصابة بالمرض، أو الطلاق على كافة مناحي الحياة الأخرى، ولكن تساعد كتابة اليوميات في استعادة التركيز والتعامل مع هذه التجارب الصادمة.
لا تقتصر فعالية التدوين على الظروف الصعبة، فقد تبين أنَّ هذه التقنية تساعد أيضاً في تشجيع العملاء على الالتزام بالعمل على تحقيق أهدافهم وأحلامهم. يقدم التدوين معلومات وأفكار هامة يستفيد منها الكوتش في فهم احتياجات العميل ومساعدته في تحقيق المزيد من التقدم وتحسين حياته.
2. تقنيات اليقظة الذهنية
تعبِّر اليقظة الذهنية عن قدرة الفرد على ملاحظة العمليات العقلية والنفسية التي تجري في داخله، وما يحدث في البيئة المحيطة به في الزمن الحاضر دون أن يصدر الأحكام عليها.
التأمل هو الطريقة الرئيسية لممارسة اليقظة الذهنية، ولكن ثمة تقنيات وتمارين أخرى يمكن تطبيقها مع العملاء وهي مشروحة بالتفصيل في المحتوى المتوفر عبر الإنترنت.
أثبتت الدراسات العلمية فعالية الالتزام بممارسة اليقظة الذهنية في الحياة اليومية في تحسين جودة النوم، ووظائف جهاز المناعة والذاكرة، فضلاً عن دورها في تعزيز العواطف الإيجابية والحد من نظيرتها السلبية، وتخفيف التوتر، وعلاج الاكتئاب.
يمكن الاستفادة من تمارين اليقظة الذهنية في علاج كثير من الاضطرابات الصحية، وتحقيق شتى أنواع الأهداف مثل إنقاص الوزن، ذلك أنَّ التركيز على حاجة الجسم من الطعام يعوِّد العميل على التوقف عن الأكل عندما يشعر بالشبع، وتمييز شعور الرغبة بتناول الطعام بداعي الملل أو الجوع.
يمكن استخدام تمارين اليقظة الذهنية لحل المشكلات على صعيد العلاقات، فهي تساعد العميل في الانتباه للسلوكيات التي تؤذي علاقاته مثل ردود الفعل المتسرعة وعدم الإصغاء لوجهات نظر الطرف الآخر على سبيل المثال.
تقتضي وظيفة الكوتش تدريب العميل على التيقظ والانتباه وتطبيق ممارسات اليقظة الذهنية في حياته اليومية.
3. الإصغاء الفعال
يصنف "الاتحاد الدولي للكوتشينغ" (International Coach Federation) الإصغاء الفعال من ضمن الكفاءات الأساسية المطلوبة في ممارسات الكوتشينغ ويعرفه على النحو التالي:
"يعبِّر الإصغاء الفعال عن القدرة على التركيز كلياً على كلام العميل والانتباه للقضايا التي يتجنبها ويتحفظ عن ذكرها من أجل تحديد الصلة بين كلامه ورغباته، ومساعدته في التعبير عن أفكاره ومشاعره".
تقنية الإصغاء الفعال بالغة الأهمية في مجال الكوتشينغ والقيادة وهي تساعد في بناء العلاقة مع العميل وتمكينه من تكوين استنتاجاته الخاصة وتحقيق أهدافه.
يُطبَّق الإصغاء الفعال مع الأسئلة المفتوحة، وهو يتم عن طريق الاستماع لإجابات العميل وتلخيصها وتكرارها على مسامعه. يقتضي هذا النوع من الإصغاء ملاحظة نبرة الصوت وإشارات لغة الجسد، وفهم الكلام بغية جمع المعلومات اللازمة لمساعدة العميل.
تقنيات تحديد الأهداف
تقتضي أولى خطوات الكوتشينغ تحديد الهدف الذي يبتغي العميل تحقيقه من علاقة الكوتشيتغ سواء كان على صعيد العمل أو الحياة الشخصية.
غالباً ما يرتبط تحقيق الأهداف باكتساب العادات الجديدة، وكثيراً ما يشعر العملاء بالإحباط والضيق في هذه المرحلة بسبب كثرة التغييرات الجذرية التي يُطلَب منهم إجراؤها دفعة واحدة. يُفضَّل أن تكون التغييرات السلوكية بسيطة وتدريجية.
فيما يلي 4 تقنيات لوضع الأهداف:
1. تحديد المخططات اليومية
تركز الأهداف على المستقبل، ولكن تُعنى المخططات اليومية بالزمن الحاضر. المستقبل مجهول وغير مضمون ويسبب الشعور بالقلق، في حين يساعد التفكير بالزمن الحاضر في الحفاظ على إحساس الاستقرار.
لهذا السبب يساعد التركيز على إجراءات العمل اليومية في تجنب شعور الإنهاك المرافق للأهداف طويلة الأمد. تساعد هذه التقنية في التركيز على الوقت الحاضر بصرف النظر عن مدى بعد الفرد عن تحقيق هدفه النهائي.
يجب أن يتعاون الكوتش والعميل على التوفيق بين النتائج النهائية المرجوة والمخططات اليومية بناءً على قيمهم وأولوياتهم، وتأتي بعد ذلك مرحلة تحديد الأهداف بشكل طبيعي.
2. المكافآت الفورية
يواجه الفرد مشقة بالغة في الالتزام عندما لا يلاقي نتيجة التغييرات السلوكية على الفور، وهو يحتاج لإدراك التقدم والتحسن خلال رحلة الإنجاز لكي تزداد قدرته على الالتزام والمثابرة لتحقيق الهدف النهائي.
تم إجراء مجموعة أبحاث في "جامعة شيكاغو" (University of Chicago) لتقييم مدى التزام الأفراد بقرارات ومخططات السنة الجديدة، وقد بينت النتائج أنَّ المكافآت المنتظرة قد تزود الفرد بالحماس اللازم لمتابعة العمل على الأهداف طويلة الأمد، في حين أنَّ المكافآت الفورية مرتبطة ارتباطاً أقوى بالالتزام والمثابرة على تحقيق هدف طويل الأمد.
بالتالي، يجب أن تتعاون مع العميل على تحديد أنشطة معيَّنة أو أهداف مرحلية للاحتفاء بتحقيقها، بالإضافة إلى المكافآت التي تحفزه وتحافظ على حماسه. يمكن أن تشمل هذه المكافآت أنشطة تتعلق بالترفيه، والطعام، والرعاية الذاتية، والتسوق، والسفر، والطبيعة، وأي شيء آخر يستمتع العميل بتأديته.
3. الاستفادة من علم العادات
غالباً ما يتطلب تحقيق الأهداف اكتساب عادات وسلوكيات جديدة، أو تغيير السلوكيات الحالية، وقد أثبت الباحثون المختصون في مجال السلوكيات وجود 3 مراحل للعادة:
- التذكير: المنبه الذي يحفز السلوك.
- الروتين: السلوك بحد ذاته، أو الفعل الذي تقوم به.
- المكافأة: الفائدة التي تحصل عليها من تطبيق السلوك.
يشرح الكاتب "تشارلز دويج" (Charles Duhigg) أنَّ تغيير العادات الهدامة يتطلب تعديل مرحلة الروتين، أي يجب أن تستخدم منبه موجود في الوقت الحالي، وتستبدل السلوك أو الفعل الذي تقوم به بعادة صحية تحاول أن تكتسبها. تنطبق نفس الآلية على اكتساب العادات الجديدة، وهي تقتضي اختيار منبه وربط فعل معيَّن جديد مع إشارة أو سلوك تمارسه حالياً.
4. تقنيات الكوتشينغ السلوكية
يركز "العلاج المعرفي السلوكي" (CBT) على البحث في أفكار الفرد، ومشاعره، وسلوكياته ضمن إطار علاقاته. يتعاون المعالج مع المريض على اكتشاف أنماط التفكير المؤذية وكيف يمكن أن تؤدي إلى تكوين سلوكيات ومعتقدات هدامة.
لقد أثبت "العلاج المعرفي السلوكي" فعاليته في علاج الاكتئاب، والقلق، وغيرها من الاضطرابات، وهو يُستخدَم في الوقت الحالي على نطاق واسع لمساعدة الأفراد في تغيير المعتقدات المؤذية، وتعزيز الحماس، والقيمة الذاتية، والقدرة على حل المشكلات.
يدمج الكوتشينغ السلوكي المعرفي بين العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج السلوكي العقلاني الانفعالي، والمنهجيات التي تركز على الحلول، ونظرية تحديد الأهداف، ونظرية الإدراك الاجتماعي، وهو يُعتبَر تخصص واعد في مجال الكوتشينغ.
يعتمد العلاج السلوكي المعرفي، والكوتشينغ السلوكي المعرفي على التعاون وتحديد الأهداف، ولكن يركز الكوتشينغ السلوكي المعرفي فقط على الحاضر باعتباره طريقة لتغيير المستقبل، في حين يبحث العلاج المعرفي السلوكي في أحداث الماضي ويستفيد من علم الأمراض في تحديد مشكلات العميل.
يتعاون الكوتش والعميل في الكوتشينغ السلوكي المعرفي على تحديد مصدر الصعوبات التي يعاني منها العميل، والعوائق التي تمنعه من استثمار كامل إمكانياته، وإجراءات العمل اللازمة لتغيير الوضع.
الكوتشينغ المعرفي السلوكي مجال ناشئ وحديث العهد في أوساط الكوتشينغ، وقد أثبت الباحثون فعاليته في بعض الدراسات المحدودة، ولكنه لا يُستخدَم على نطاق واسع في الوقت الحالي وليس ثمة دراسات كافية عنه.
في الختام
يوجد عدد كبير من التخصصات في مجال الكوتشينغ، وثمة تقنيات مشتركة بين معظم الكوتشز مثل بناء الثقة، وتحديد الأهداف، وحل المشكلات، والتخلص من المعتقدات المقيِّدة. تزداد خبرة الكوتش وبراعته في تطبيق التقنيات مع الممارسة واكتساب المزيد من المعلومات والمهارات.