29 تقنية فعالة في مجال الكوتشينغ (الجزء الثاني)
يحتاج الكوتش لتنويع تقنياته ومراعاة اختلافات العملاء أثناء تطبيق ممارسات الكوتشينغ. قدم الجزء الأول من المقال 8 تقنيات فعالة في مجال الكوتشينغ، ويبحث الثاني في مجموعة أخرى من التقنيات، فتابعوا معنا السطور التالية.
الكوتشينغ الموجه للعاملين في المناصب القيادية والإدارية
يتميز المدير والقائد الفذ برغبته وقدرته على إلهام الموظفين ومساعدتهم في تنمية إمكانياتهم ومهاراتهم وزيادة مستوى نجاحهم، وهو يتخذ التدابير التي تراعي مصالحهم وتسهم في تقدمهم على الصعيد المهني.
يرتفع مستوى حماس الموظفين، ورضاهم عن العمل، ويتحسن أداؤهم عندما يطبق المدير تقنيات الكوتشينغ في مكان العمل ويمتنع عن إصدار الأوامر وممارسات فرض السلطة على العاملين.
فيما يلي 5 تقنيات أساسية تضمن نجاح الكوتشينغ القيادي والإداري:
1. تقدير جهود الموظفين
ينجح القائد عندما يحقق التوازن بين النقد البنَّاء والمديح، وقد تبين أنَّ الموظف يفقد حماسه عندما تقتصر محادثاته واجتماعاته مع المدير على مناقشة الأخطاء والتقصير الحاصل في مكان العمل.
بينت نتائج الدراسات البحثية أنَّ تقدير الموظفين بصورة منتظمة يسهم في تحسين الإنتاجية والاندماج في مكان العمل، ورفع معدل استبقاء العمالة، وزيادة ولاء العملاء ورضاهم عن الخدمات والمنتجات التي تقدمها الشركة.
ثمة عدد كبير من الطرائق والأساليب المبتكرة لتقدير الموظفين، وقد بينت نتائج إحدى دراسات شركة "ديلويت" (Deloitte) أنَّ شكر الموظفين على الجهود التي يبذلونها في مهامهم اليومية كفيل بإرضاء 75% منهم.
يعرف الموظف بهذه الطريقة أنَّ المدير يقدِّر قيمة الجهود التي يبذلها في العمل، وهو ما يؤدي إلى ترسيخ شعوره بالانتماء وبوجود معنى وهدف من تفانيه والتزامه بالعمل. تساعد هذه التقنية البسيطة في زيادة مستوى الألفة، والسعادة، وتحسين الإنتاجية في مكان العمل، فضلاً عن دورها في استقطاب المواهب والحفاظ عليها.
2. توثيق العلاقة مع الموظفين
تزداد فعالية الممارسات القيادية عند التقرب من الموظفين وبناء علاقة وثيقة معهم وذلك عن طريق الاستعلام عن اهتماماتهم، وأحلامهم، ونقاط قوتهم وضعفهم، وقيمهم الشخصية.
تساعد هذه الطريقة في تكوين فكرة عن الممارسات التي تساعد في الحفاظ على حماس الموظفين وتركيزهم، ومعرفة الدوافع الكامنة خلف قراراتهم. يمكنك أن تحصل على هذه المعلومات عن طريق استشارة الموظف وطلب رأيه في مسألة معيَّنة وتحليل وجهات نظره.
3. بناء الثقة مع الموظفين
يؤدي غياب عنصر الثقة إلى امتناع الموظف عن مشاركة أفكاره ومخاوفه والمشكلات التي يتعرض لها في العمل، ورفض التغذية الراجعة التي يتلقاها من المدير.
بناء الثقة ضروري لنجاح الممارسات القيادية، وهو يتم عن طريق التشجيع على الشفافية، والامتناع عن إصدار الأحكام، وتطبيق سياسية الباب المفتوح. ينبغي أن تبدي اهتمامك بوجهات النظر التي يطرحها الموظف وتثبت له حسن إصغائك عن طريق تلخيص كلامه بدقة وتكراره على مسامعه.
خلاصة القول، ينبغي أن تبدي اهتمامك بالموظفين وتراعي احتياجاتهم وتأخذ وجهات نظرهم بعين الاعتبار لكي تنجح في بناء الثقة معهم.
4. تحديد أهداف ونتائج واضحة ودقيقة
تتحقق أهداف جميع الأطراف عندما يتفق المدير والموظفين على أهداف واضحة ومحددة.
يجب أن يطلع القائد موظفيه على أهداف الشركة ويوضح لهم أدوارهم والمساهمة المطلوبة منهم لتحقيقها.
تساعد هذه التقنية في تحويل رؤية الشركة إلى أهداف ونتائج واضحة وقابلة للقياس، وتوجيه جهود الموظفين نحو غاية محددة، ومساعدتهم في الحفاظ على حماسهم ووضع معايير للأداء.
يؤدي الموظف دوره على أكمل وجه ويقدم المساهمة المطلوبة منه عندما يعرف خطوات العمل اللازمة لتحقيق أهداف الشركة.
5. تحفيز الموظفين
يجب أن تعرف كيف تحفز موظفيك لكي تقود الفريق نحو النجاح في تحقيق الأهداف المطلوبة، فقد تبين أنَّ زيادة حماس الموظفين في العمل يسهم في تحسين الإنتاجية، ورفع المعنويات، وتخفيض معدل دوران العمالة. ليس ثمة نظرية شاملة تشرح موضوع الدوافع الإنسانية بدقة، لهذا السبب يواجه كثير من القادة والمدراء صعوبة بالغة في تحفيز الموظفين. يوجد عدد كبير من التقنيات المستخدمة في تحفيز الموظفين، ولكن ليس ثمة طريقة موحدة ومضمونة تصلح في جميع الحالات، بل إنَّ النجاح يعتمد على خصوصية الموظف ووجهات نظره.
الكوتشينغ الوظيفي
يهدف الكوتشينغ الوظيفي أو المهني إلى تزويد الموظفين بالدعم الذي يحتاجون إليه لاتخاذ قرارات مدروسة في المسائل المتعلقة بمسيرتهم المهنية وطموحاتهم في تحقيق المزيد من التقدم في العمل. يحتاج الكوتش الوظيفي لاستخدام مجموعة متنوعة من المهارات مثل تقديم النصائح، والاستشارات، والمنتورينغ.
يمكنك أن تستخدم الاختبارات النفسية لمساعدة العملاء في تكوين فكرة عن ميولهم المهنية، ومعرفة تأثير سماتهم الشخصية على قراراتهم في العمل.
فيما يلي 3 تقنيات تساعد العملاء في تحديد أهدافهم المهنية وتحقيقها:
1. أدوات تقييم المهارات والاختبارات النفسية
الاختبارات النفسية هي عبارة عن طريقة علمية معيارية تُستخدَم لتقييم القدرات العقلية، والأنماط السلوكية، وتحديد السمات العامة الحاكمة في شخصية الفرد.
تساعد أدوات تقييم المهارات في تحديد المواهب والإمكانيات التي لا يدركها العميل، فضلاً عن دورها في تقدير مدى أهليته للتخصص في مجال مهني معيَّن أو تسلم منصب ما.
تُستخدَم أدوات الاختبارات النفسية للحصول على تقارير موضوعية وحيادية توضح شخصية الفرد، ودوافعه، واهتماماته، وهي مُعتمَدة من قبل 75% من الشركات المذكورة في قائمة أفضل 100 شركة في المملكة المتحدة في مجلة "التايمز" (Times)، و80% من الشركات الواردة في التقرير السنوي لمجلة "فورتشن 500" (Fortune 500) في الولايات المتحدة الأمريكية.
2. تمرين "اليوم المثالي"
تمرين "اليوم المثالي" هو عبارة عن تقنية تُستخدَم في مجال كوتشينغ الحياة وتهدف إلى مساعدة العميل في تحديد أهدافه الحياتية، وتكوين فكرة عن مسيرته المهنية عن طريق معرفة قيمه الشخصية وأولوياته على صعيد العمل.
تُستخدَم هذه التقنية على نطاق واسع منذ عدة سنوات من قبل المستشارين والكوتشز المختصين في المجال المهني، ووكالات التوظيف والشركات الكبرى حول العالم. يطرح فريق التوظيف في شركة "ميتا" (Meta) على المرشحين أسئلة تتطلب منهم تقديم توصيف شامل لليوم المثالي في العمل بحسب وجهة نظرهم.
يمكن تطبيق هذه التقنية مع عملاء الكوتشينغ عبر تكليفهم بتحديد المهام التي لا يشعرون بمرور الوقت أثناء العمل عليها. تساعد هذه الطريقة في معرفة المهام والوظائف التي يتقنها الفرد ويستمتع بتأديتها، وتقتضي وظيفة الكوتش تشجيع العميل على التحلي بالمصداقية والدقة قبل أن يدلي بأفكاره.
3. تقمص الأدوار
تُعتبَر مقابلات التوظيف من أصعب مراحل عملية البحث عن العمل، وهنا تبرز فعالية تقنية تقمص الأدوار في تدريب العميل ومساعدته في ضبط أعصابه وانفعالاته والاستعداد للمقابلة.
يقوم الكوتش بإجراء مقابلة تدريبية تتضمن أسئلة يمكن أن تُطرَح على العميل خلال المقابلة الحقيقية. تتيح هذه التقنية للعميل فرصة ممارسة مهارات الحوار وتنميتها قبل إجراء المقابلة مع مسؤول التوظيف. تُستخدَم تقنية تقمص الأدوار من ناحية أخرى لتدريب العميل على التعامل مع المواقف والحالات الصعبة التي يتعرض لها في مكان العمل، بحيث يؤدي الكوتش دور الطرف المقابل وليكن الزبون، أو المدير، أو أي شخص آخر في المؤسسة.
التقنيات التحفيزية
التحفيز هو عبارة عن عملية يجري فيها تطبيق سلوكيات تساعد في تحقيق الأهداف الموضوعة، وهو يؤدي دوراً بارزاً في الحفاظ على الالتزام وتوجيه السلوكيات والجهود المبذولة نحو نتيجة معيَّنة. التقنيات التحفيزية ضرورية في كافة مجالات وتخصصات الكوتشينغ. لا يمكن الجزم فيما إذا كان الدافع ينجم عن الاحتياجات الغريزية أو الأهداف المادية، وإلى أي درجة يمكن اعتباره غريزي أو مكتسب. علم التحفيز هو مجال دراسة قائم بحد ذاته، وفي جميع الأحوال، ينبغي أن تطلع على التقنيات التحفيزية التي يمكن تطبيقها مع مختلف عملاء الكوتشينغ.
فيما يلي 3 تقنيات تحفيزية أثبتت فعاليتها في مجال الكوتشينغ:
1. توفير بيئة داعمة
ينبغي أن تشجع العميل على تهيئة الظروف والعوامل التي تضمن نجاحه في تحقيق الهدف.
يمكنك أن تطلب من العميل أن يضع حذاءه الرياضي بجانب السرير لكي ينتبه إليه فور استيقاظه ويخرج للركض إذا كان ينوي الالتزام بالركض الصباحي.
كما يمكن مساعدة العملاء في الإقلاع عن تناول الأطعمة غير الصحية عن طريق إزالة هذه الأصناف ومكوناتها من المطبخ.
أما إذا كان العميل يحاول تأليف كتاب على سبيل المثال، عندئذٍ ينبغي أن تطلب منه تجهيز مكان عمل يوفر ظروف ومقومات تشجع على الإبداع والكتابة. تقتضي مهمة الكوتش تشجيع العميل على قضاء وقته مع أشخاص إيجابيين يدعمونه لتحقيق أهدافه، ويحد من تواصله مع من يحبطه ويثبط همته.
2. وضع أهداف معقولة وقابلة للتحقيق
وضع الباحث والمؤلف "جيمس كلير" (James Clear) مفهوم أطلق عليه اسم "قاعدة غولديلوكس" (The Goldilocks Rule) التي تؤكد ميل الإنسان لخوض التحديات الصعبة عندما تكون ضمن نطاق قدراته.
يؤكد "كلير" أنَّ الفرد يشعر بالملل عندما تكون المهمة دون مستوى قدراته الحالية بكثير، لكنه بالمقابل يصاب بالإحباط عندما تفوق إمكانياته. يبلغ الدماغ البشري ذروة التحفيز عندما تكون المهمة على قدر إمكانيات الفرد ومهاراته الحالية.
أي باختصار، أثبتت أبحاث علم التحفيز أنَّ العمل على مهام صعوبتها مقبولة يساعد في تحفيز الفرد على إنجازها، وتقتضي وظيفة الكوتش مساعدة العميل في اختيار أهداف معقولة وقابلة للتحقيق على أرضع الواقع، مع الحرص على متابعة التقدم وتقييم التجربة، وقد أثبتت هذه التقنية فعاليتها في تحفيز العملاء ومساعدتهم في تحقيق أهدافهم.
3. توليد الحماس والدافع من العمل
يتولد الإلهام والدافع الطبيعي لمواصلة العمل والتقدم عندما يقوم الفرد بالخطوات الأولى، وقد تبين أنَّ الإنسان يواجه صعوبة في البداية لكنه ما يلبث أن يتحمس حالما يباشر العمل ويحرز بعض التقدم.
تقتضي إحدى التقنيات الأساسية لتحفيز الأفراد إجراء تغيير سلوكي بسيط يساعد في توليد الدافع والحماس اللازم لإجراء المزيد من التغييرات على نطاق أوسع.
الحماس هو حالة شعورية، في حين يعبر الدافع عن القوة التي تحفز الإنسان على العمل، ورغبة العميل وعزمه على تحقيق الهدف يتراجعان مع مرور الوقت. يمكن أن ينخفض مستوى حماس العميل في مرحلة معيَّنة وعندها ينبغي أن تطلب منه القيام بخطوة بسيطة لا تتطلب الكثير من المجهود ولكن تساعده في تحقيق التقدم صوب هدفه. يستعيد العميل حماسه ويتابع التقدم عندما يباشر العمل على هذه المهمة البسيطة.
في الختام
قدم الجزء الثاني من المقال مجموعة من التقنيات المستخدمة في مجال الكوتشينغ الإداري والقيادي والوظيفي بالإضافة إلى تحفيز الموظفين. تضمن هذه التقنيات نجاح ممارسات الكوتشينغ في تحقيق أهداف العميل، يبحث الجزء الثالث في بقية التقنيات.