4 فئات لمنهجيات التدريب


اعتماداً على نتائج التدريب والعملية المستخدمة لتحقيق ذلك، يمكن تصنيف منهجيات التدريب المختلفة على نطاق واسع إلى 4 فئات على النحو الآتي:

1. فئات التدريب الموجه الذي يُقدَّم في أثناء العمل:

كما يشير الاسم، فإنَّ الطرائق المدرجة في هذه المجموعة هي تلك التي تتركز أهدافها الرئيسة على مكان العمل؛ أي التعلم في نفس الوظيفة من خلال مجموعة متنوعة من الأساليب.

الطرائق الرئيسة التي تندرج في هذه الفئة هي:

التدريب في أثناء العمل (OJT):

ربما يكون التدريب في أثناء العمل هو الأسلوب الأكثر شيوعاً للتدريب، والذي يمكن أن يتراوح من طريقة "المراقبة والتطبيق" البسيطة نسبياً إلى الدورات المنظمة للغاية.

وفي هذه الطريقة، يُعيَّن الموظف الجديد في وظيفة ويُعلَّم المهارات اللازمة لأدائها من قبل المدرب أو المدير، ونظراً لأنَّ المتدرب يتعلم من خلال مراقبة العمل والتعامل معه، فإنَّ هذه الطريقة تسمى بـ "المراقبة والتطبيق" أو "التعلم بالممارسة".

التدريب على تعليمات العمل (JIT):

في هذه الطريقة، يعطي المدرب أو المشرف تعليمات للموظف عن طريقة أداء عمله. وطريقة التدريب هذه مناسبة لاكتساب أو تحسين المهارات الحركية والعمليات الروتينية والمتكررة.

يتضمن هذا النوع من التدريب 4 خطوات:

1. التحضير:

يُجهَّز المتدرب بناءً على مهاراته الحالية؛ وهذا يؤمن له الاهتمام والانتباه.

2. العرض:

تُقدَّم العمليات الوظيفية للمتدرب بوصفها نموذجاً لتطبيقه.

3. الأداء:

يُطلَب من المتدرب تجربة تعليمات المدرب.

4. المتابعة:

يُنجِز المتدرب المهمة بصورة مستقلة دون إشراف، ويحصل على تغذية راجعة عن ذلك.

الكوتشينغ:

هذه الطريقة مشابهة لطريقة التدريب على تعليمات العمل، وفيها يُعلِّم المدير أو يوجِّه الموظف الجديد نحو المعرفة والمهارات الخاصة بوظيفة محددة، كما يشير إلى الأخطاء التي يرتكبها الموظف الجديد، ثم يقدم اقتراحات لتحسينها، ولتقديم الكوتشينغ للمتدرب أو الموظف الجديد بفاعلية، يجب أن يتمتع المدير بالكفاءة الشخصية وأن يكون قادراً على بناء علاقة وطيدة مع المتدرب.

التنقل بين الوظائف:

في هذه الطريقة، ينتقل المتدرب من وظيفة إلى أخرى ومن قسم إلى آخر؛ إذ يُعَدُّ هذا النوع من أساليب التدريب الأكثر ملاءمةً لتطوير مرونة تشغيلية متعددة المهارات، وتوفير الرضى من خلال القيام بمهام متنوعة وغير روتينية، وتوسيع النظرة العامة للمتدرب.

2. فئات المحاكاة:

المحاكاة هي تقنية تطابق الظروف الفعلية التي تواجهها في الوظيفة قدر الإمكان، وقد استُخدِمَت هذه الطريقة على نطاق واسع في مجال الطيران.

ومن الأساليب التي تندرج تحت هذه الفئة:

تأدية الأدوار:

هذا الأسلوب أشبه بتمثيل دور معين كما هو الحال في مسرحية، وفي هذه الطريقة، يُطلَب من المتدربين القيام بأدوار محددة على أساس وصف شفوي أو كتابي لحالة معينة، وتُستَخدم هذه الطريقة في الغالب لتطوير التفاعلات والعلاقات الشخصية بين الموظفين العاملين في مجال المبيعات والتسويق والشراء والمشرفين الذين يتعاملون مع الناس.

طريقة دراسة الحالة:

الحالة عبارة عن حدث أو موقف فعلي يتعلق بمشكلات تنظيمية، وهي وصف مكتوب لغرض المناقشة، ويُطلَب من المتدربين تحليل الحدث أو الظروف بهدف تحديد المشكلات وتتبع أسبابها ومعرفة حلولها.

تعتمد طريقة التدريب هذه على إدراك أنَّه في العديد من الحالات في العالم الحقيقي قد لا يكون لدى المديرين جميع المعلومات ذات الصلة قبل اتخاذ القرار، وهذا ما يسمى أيضاً اتخاذ القرار في ظل عدم اليقين؛ لذلك، هذه الطريقة مناسبة لتطوير مهارات اتخاذ القرار بين كبار المديرين.

خطط الإدارة:

لقد صُمِّمت هذه الطريقة وفقاً لنموذج حالة العمل؛ إذ يُقسَّم المتدربون إلى مجموعات تمثل إدارة الشركات المنافسة، ويتخذون قرارات مثل تلك التي تُتَّخذ في مواقف الحياة الواقعية، كما تُقيَّم القرارات التي تتخذها المجموعات وترسل الآثار المترتبة على القرارات إلى المجموعات، وتستمر الخطة في عدة جولات لأخذ البعد الزمني في الحسبان.

تدريب السلة:

هذا ما يسمى أيضاً بطريقة تدريب الصندوق، ويُبنى هذا التدريب حول "البريد الوارد" للمدير؛ إذ يُقدَّم للمتدرب حزمة من الأوراق والملفات في علبة تحتوي على مشكلات إدارية، ويُطلَب منه اتخاذ قرارات بشأنها خلال فترة زمنية محددة، ثم تُقارَن القرارات التي يتخذها المتدربون مع بعضها بعضاً، ويزوَّد المتدربون بتغذية راجعة تتعلق بقراراتهم؛ إذ يجبرهم هذا الأمر على إعادة النظر في إجراءاتهم الإدارية وأنماطهم السلوكية، ومن هنا يحدث تعلم المتدرب.

تدريب الدهليز:

في هذا التدريب يتم تعليم الموظفين على المعدات التي سيستخدمونها، لكن يُجرى التدريب بعيداً عن مكان العمل الفعلي، ويُستَخدم هذا النوع من التدريب استخداماً شائعاً لتدريب الموظفين الذين يعملون في الأعمال المكتبية والروتينية ولديهم مهارات متوسطة، وتتراوح مدة التدريب من بضعة أيام إلى بضعة أسابيع، وتربط هذه الطريقة الأمور النظرية بالممارسة.

3. الفئة القائمة على المعرفة:

في هذه الطريقة، تجري محاولة لنقل معرفة الموظف في أيِّ مجال موضوعي يغطي بعض الجوانب مثل المفاهيم والنظريات والمبادئ الأساسية والمعرفة البحتة والتطبيقية للموضوع، ومن الطرائق الشائعة التي تندرج في هذه الفئة:

المحاضرات:

المحاضرة هي إلى حدٍّ بعيد أكثر طرائق التدريب المباشر استخداماً، وفي هذه الطريقة، يقدم المدرب المعرفة للمتدرب عادةً من خلال محاضرات مكتوبة جاهزة، وتعطى هذه المحاضرات له، ولقد وجِدَ أنَّ هذه الطريقة أكثر ملاءمةً في المواقف التي تتطلب مشاركة بعض المعلومات مع عدد كبير من المتدربين، والتي لا تتطلب المزيد من المشاركة منهم؛ إذ إنَّها طريقة منخفضة التكلفة، وأحد القيود الرئيسة لهذه الطريقة هو أنَّها لا توفر المشاركة النشطة للمتدربين.

المؤتمرات والندوات:

في هذه الطريقة، يلقي المدرب محاضرةً عن موضوع معين تليها بعض الاستفسارات والمناقشات، فيجب أن يتمتع مدير المؤتمر بالمهارات اللازمة لقيادة المناقشة بطريقة هادفة دون إغفال الموضوع، وتُستخدَم هذه الطريقة لمساعدة الموظفين على تطوير مهارات حل المشكلات.

التعليمات المبرمجة:

هذه هي التقنية التي طُوِّرت مؤخراً على أساس مبدأ التعزيز الإيجابي الذي طوره اختصاصي علم النفس "بورهوس فريدريك سكينر" (Burrhus Frederic Skinner)، وتُستخدَم هذه الطريقة لتعليم المهارات غير الحركية والسلوكية، ويُجهَّز الموضوع المراد تعلمه وتكثيفه وفق تسلسل منطقي من البسيط إلى الأكثر تعقيداً، كما يراقب المدرب التقدم الذي يحققه المتدرب من خلال البرنامج، ويحصل المتدرب على تغذية راجعة فورية عما يتعلمه، ومع ذلك، فإنَِّ هذه الطريقة باهظة الثمن وتستغرق وقتاً طويلاً أيضاً.

4. الطرائق التجريبية:

الهدف من هذه الطرائق هو مساعدة الفرد على فهم الآخرين، ويحدث ذلك من خلال تغيير المواقف؛ إذ يساعد هذا الفهم الفردَ على فهم ديناميكيات العلاقات الإنسانية في أماكن العمل، ومن ذلك الأسلوب الإداري، وبعض الطرائق المستخدمة لهذا الغرض هي:

تدريب الحساسية:

يُعرَف تدريب الحساسية بمجموعة متنوعة من الأسماء مثل "مجموعات تي" (T- Groups)، والتدريب المخبري ومجموعات المواجهة (الحرف "T" يرمز للتدريب، والهدف من تدريب الحساسية هو زيادة رؤى المشاركين بشأن سلوكهم وسلوك الآخرين من خلال تشجيع التعبير الصريح عن المشاعر في "مجموعات تي" التي يوجهها المدرب، كما يعتمد هذا الأمر على الافتراض بأنَّ الموظفين الذين تلقوا التوعية حديثاً سيجدون بعد ذلك أنَّه من السهل العمل معاً بصورة ودية بوصفهم مجموعةً أو فريقاً.

ويسعى تدريب الحساسية إلى تحقيق الهدف المتمثل في زيادة الانفتاح الشخصي، والاهتمام بالآخرين، والتغاضي عن الاختلافات الفردية، وتحسين مهارات الإصغاء، وزيادة الثقة والدعم، وتجتمع "المجموعة تي" باستمرار لفترات تصل إلى أسبوع أو أسبوعين، وهذه الطريقة أقل تصنُّعاً من تأدية الأدوار؛ وذلك بقدر ما يؤدي المتدرب نفسه الدور بدلاً من أن يُملى عليه.

تحليل المعاملات:

إنَّه أسلوب تدريب طوَّره الطبيب النفسي "إريك بيرن" (Eric Berne) وعمَّمه المؤلف "توماس هاريس" (Thomas Harris) في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو عبارة عن أداة لتحسين العلاقات والتفاعلات البشرية، وتعزيز المنطق والسلوك الناضج؛ فهو يحدد ثلاثة جوانب رئيسة للشخصية البشرية: الأهل (السلوك المُدرَّس)، والبالغون (السلوك الفكري)، والطفل (السلوك المحسوس).

الاقتراح الأساسي هو أنَّه يجب على الناس التصرف بوصفهم أشخاصاً بالغين، على الرغم من أنَّ سلوك الأهل والطفل في بعض الأحيان يكون مفيداً أيضاً بحسب المواقف والاحتياجات وهدف الفرد الشخصي.

يتميز سلوك البالغين بالموضوعية والتوجه نحو حل المشكلات والاحترام المتبادل والتفاهم، في حين يتصف سلوك الأهل بالاستبداد والحماية والتعالي، ويرتبط سلوك الطفل بالتمرد والغضب والحالات المزاجية الموجهة نحو الاعتماد على الآخرين، كما أنَّ نوبات الغضب - على الرغم من المواقف الإبداعية والعفوية - ليست مستبعدة.

هذا الأسلوب مفيد لفهم سلوك الناس، خاصةً عندما يشاركون في العلاقات الشخصية؛ إذ إنَّ تطوير التفكير الإيجابي وتحسين العلاقات بين الأفراد والتحفيز المناسب لهم والتطوير التنظيمي هو من بعض الفوائد الهامة لتحليل المعاملات، كأسلوب للتدريب.

في الختام:

كل فئة وطريقة تدريب لها بعض نقاط القوة والضعف، وعند التفكير في الهدف من البرنامج التدريبي، ومستوى المشاركين، وكفاءة المدربين، وما إلى ذلك، يجب اختيار الطريقة المناسبة لتقديم التدريب، كما تشير الدراسات البحثية إلى أنَّه من المرجح استخدام طرائق التدريب الثلاث الآتية في المستقبل على نطاق واسع:

  1. خطط الأعمال والمحاكاة.
  2. دراسة حالة.
  3. مجموعات المناقشة.