4 مهارات أساسية لإجراء محادثات كوتشينغ فعالة


يجدر بالقائد الناجح أن يحفز الموظفين ويساعدهم على تنمية مهاراتهم ورفع سوية أدائهم؛ وهذا يعني أنَّ جلسات التقييم وتقديم النصائح العامة لا تكفي لتحسين أداء الموظف وتحقيق أهداف الشركة؛ لذا يجب تقديم برامج كوتشينغ مدروسة للموظفين؛ وذلك لأنَّ نجاح القائد يعتمد اعتماداً مباشراً على نجاح الموظفين في تأدية مهامهم على أكمل وجه.

ما زال التدريب القائم على الاستعانة بالخبراء المستقلين يحظى بالأهمية، لكن تتجه مزيد من الشركات إلى إجراء الكوتشينغ ضمن مكان العمل بهدف تنمية المواهب والوصول إلى مستوى الأداء المطلوب؛ إذ يؤدي المدير دوراً بارزاً في إجراءات الكوتشينغ ضمن مكان العمل.

تقع على عاتق المدير مهمة تنمية مهارات الموظفين، لكن تبرز المشكلة عندما لا يتم إعداد المديرين وتلقينهم مهارات وتقنيات الكوتشينغ اللازمة، وينتهي بهم المطاف في عقد جلسات تقييم أداء وتقديم النصائح دون أن يعرفوا كيفية إجراء محادثة كوتشينغ فعالة مع الموظفين.

المهارات الأساسية اللازمة لإجراء برنامج كوتشينغ فعال:

يجدر بالكوتش أن يعمل على تنمية مهارات الكوتشينغ، ويتقرب من الموظفين، ويبني علاقة وثيقة معهم، وفيما يأتي 4 مهارات أساسية لإجراء محادثات كوتشينغ فعالة:

1. الإصغاء إلى الموظفين بغية فهم وجهات نظرهم:

يتطلب الإصغاء الانتباه إلى كلام المتحدث، وتكرار الأفكار التي طرحها، وتلخصيها، فلا تكفي هذه التقنيات البسيطة عند تطبيق إجراءات الكوتشينغ؛ بل يجب الانتباه إلى المزيد من العوامل حتى تتأكد من فهمك لكلام الموظف بشكل كامل؛ إذ يتمُّ تلقِّي المعلومات خلال المحادثات عبر 3 مستويات؛ الحقائق، والعواطف، والقِيم.

تكمن المشكلة في ميل الفرد إلى التركيز على الحقائق التي يطرحها محاوره دون أن ينتبه إلى باقي مستويات المعلومات؛ لذا يجب عليك أن تنتبه إلى القيم والعواطف الكامنة خلف كلام الموظف، عن طريق ملاحظة نبرة صوته، ولغة جسده، ومعتقداته، والجوانب التي يعطيها الأولوية في حياته، وبهذه الطريقة أنت تصغي إلى كلام المتحدث وتحاول فهم وجهات نظره.

2. طرح أسئلة قيِّمة:

يجب أن يكون الكوتش قادراً على طرح أسئلة تحفز الموظف على التفكير الإبداعي واستنتاج وجهات نظر جديدة، بدل أن يقدِّم له معلومات جاهزة؛ إذ إنَّ قدرة الكوتش على طرح أسئلة غير مباشرة تحفز الموظف على مشاركة المزيد من المعلومات، وتوسيع نطاق تفكيره هي مهارة يمكن اكتسابها وتنميتها عن طريق الممارسة، وفيما يأتي أمثلة عن الأسئلة القيِّمة:

  • ماذا كان بإمكانك أن تفعل غير ذلك؟
  • مع من ناقشتَ هذه الحادثة؟
  • من تأثر بالوضع سواك؟
  • كيف تريد أن يشعر باقي أعضاء الفريق تجاه الموقف؟

تساهم هذه الأسئلة في الكشف عن وجهات نظر الموظف، ودفعه إلى الإفصاح عن الأفكار التي يتحفظ عن ذكرها، إلى جانب تعزيز التفاهم المتبادل بين المدير والموظف.

3. التحدي والدعم:

يحتاج الإنسان إلى القيام بتحدي أفكاره ووجهات نظره في بعض الأحيان، حتى يختبرها ويتحقق من صحتها ويكتشف افتراضات ومفاهيم جديدة، وهو ما يؤدي بدوره إلى تحسين جودة التواصل والتفاهم بين الأفراد؛ إذ تهدف برامج الكوتشينغ إلى دفع الموظفين لخوض تجارب وإجراءات جديدة تختلف عن الأساليب والتقنيات التي يطبقوها في العادة، كما أنَّها تساعدهم على تغيير وجهات نظرهم، ويقتضي الكوتشينغ تحفيز الموظفين على مشاركة أفكارهم عن طريق طرح الأسئلة القيِّمة، وتأمين بيئة مريحة تشجعهم على الانفتاح والبحث والاستكشاف؛ لذا يجب أن تضع في حسبانك أنَّه ليس ثمة حلول سريعة.

تنجح التحديات في تحقيق الأهداف المطلوبة عند تأمين الدعم اللازم، وهذا يعني أنَّك يجب أن تبيِّن للموظف أنَّك تصغي إليه وتتفهم مشاعره وقيمه ضمن بيئة آمنة تشعره بالراحة، وقد يتسبب التحدي بأذية الموظف في حال ضغطتَ عليه أو كانت ظروفه لا تسمح بإجراء التحدي، وعند عدم تقديم الدعم اللازم.

يساهم التحدي في بناء الثقة ويشجع على الصدق والصراحة، دون أن يشعر الموظف بأنَّه يتعرض لهجوم ويحتاج إلى الدفاع عن نفسه عندما تختار الوقت والظرف المناسبين، وتقدِّم له الدعم والأمان اللذين يحتاج إليهما.

4. تحديد الإجراءات التالية وتعزيز الشعور بالمسؤولية:

إجراء المحادثات الفعالة لا يعدو كونه مجرد خطوة مبدئية في برنامج الكوتشينغ الناجح؛ إذ يبدأ العمل الفعلي في وقت لاحق عند تطبيق وجهات النظر والسلوكات الجديدة، فقد يحفز الكوتش شعور المسؤولية عند الموظف عن طريق تحديد إجراءات عمل واضحة وهادفة ودقيقة، ومن ثمَّ يجب عليك أن تحدد الخطوات والإجراءات اللاحقة في نهاية المحادثة، حتى يعرف الموظف أنَّ الأفكار والقرارات والنتائج المستخلصة من الحديث لن تضيع سدىً؛ وإنَّما ستُستَخدَم في اتخاذ تدابير فعلية مستقبلية.

يتحقق الغرض من المحادثة عندما يكون النقاش مفهوماً وواضحاً بالنسبة إلى الطرفين، وهو ما يؤدي بدوره إلى اتخاذ قرارات وتدابير تساهم في تحقيق التقدُّم والنماء، وتشجع على تطبيق إجراءات تؤدي إلى إحداث تغييرات هادفة ومثمرة على مستوى المؤسسة.

أهمية بناء العلاقات عند تطبيق برامج الكوتشينغ:

يعمل القائد الناجح على تنمية مهارات الموظفين ورفع كفاءتهم بشتى الوسائل، وليكن عن طريق إجراء محادثة عرضية قصيرة عندما يصادفهم ضمن مبنى الشركة؛ لذا يجدر بالقائد أن يتقرب من الموظفين ويبني علاقة وثيقة معهم، من أجل توفير بيئة آمنة تتيح له إمكانية إجراء محادثات الكوتشينغ بأريحية، وتحقيق الأهداف المرجوة منها؛ إذ يصبح القائد كوتشاً ناجحاً عندما يركز على تعزيز وعيه الذاتي، ويبدي تعاطفه، ويوفر بيئة آمنة من الناحية النفسية، ويشدد على الالتزام بالمعايير الأخلاقية، ويضع قواعد الاتفاق والتفاهم بين الأفراد.

تصبح محادثات الكوتشينغ طريقة فعالة لتحفيز الموظفين وتنمية مهاراتهم عند استخدام الأدوات المناسبة وتنمية مهارات المحادثة الأربع المذكورة آنفاً، ويتسنى للقائد بهذه الطريقة أن ينمِّي مهارات الكوتشينغ والقيادة الخاصة به، وهو ما يساعده على تحسين علاقاته المهنية الأخرى، كما يؤدي المدير دوراً بارزاً في تنمية مهاراتك القيادية عندما يكون قادراً على بناء العلاقات، وحث الموظفين على الإفصاح عن المعلومات، ونبذ الافتراضات المسبقة، ودعم الآخرين، وتوضيح الأهداف.

إنشاء ثقافة كوتشينغ عن طريق تنمية مهارات المحادثة:

يساهم الكوتشينغ في إحداث تأثيرات إيجابية على مستوى الموظف بحد ذاته والمؤسسة ككل؛ إذ إنَّ مساعدة القائد على تنمية مهارات الكوتشينغ والمحادثة اللازمة لإجراء محادثات كوتشينغ فعالة هي الخطوة الأولى نحو تطبيق ثقافة كوتشينغ على مستوى المؤسسة ككل؛ إذ يستفيد جميع العاملين في المؤسسة من استخدام مهارات الكوتشينغ، وإنَّ تطبيق مهارات المحادثة الأربع المذكورة آنفاً يساهم في تعزيز مستوى التواصل والتفاهم بين القائد وبقية الموظفين، وخلق بيئة مستقرة وداعمة تشجع على إيجاد الحلول.

يصبح القائد بفضل هذه المهارات قادراً على التقرب من الموظفين، وبناء علاقة وثيقة معهم، وتوفير بيئة مريحة وآمنة، وتعزيز اندماج العاملين، وتحقيق أهداف المؤسسة في التقدم والنماء؛ لذا يجب أن تعمل المؤسسات على تحقيق الأهداف الآتية من أجل خلق بيئة كوتشينغ فعالة:

  1. مساعدة جميع العاملين على تنمية مهارات الكوتشينغ الأربع المذكورة آنفاً.
  2. تعيين قائد ملهِم يكون بمنزلة كوتش مثالي يُحتذَى به.
  3. تقديم برامج كوتشينغ تتماشى مع أهداف المؤسسة.
  4. تطبيق برامج الكوتشينغ على فِرق القيادة العليا.
  5. تقدير سلوكات الكوتشينغ الفعالة ومكافأة الكوتش الناجح.
  6. دمج إجراءات الكوتشينغ مع عمليات الإدارة في المؤسسة.