6 خطوات لإنشاء شركة تدريب


يشهد سوق التعلم الإلكتروني نمواً سريعاً لدرجة أنَّ حجم السوق وصل إلى 200 مليار دولار في عام 2019، ومن المتوقع أن يصل إلى 375 مليار دولار بحلول عام 2026، ولأنَّ الناس باتت تدرك أنَّ التعلم الإلكتروني يضاهي التدريب التقليدي فاعلية؛ فهذا هو الوقت المناسب للتفكير في إنشاء شركة تدريب.

لا يختلف إنشاء شركة تدريب كثيراً عن إنشاء أيَّة شركة أخرى؛ إذ يجب عليك التفكير في جميع الجوانب الأساسية للمشروع، مثل تحديد قاعدة العملاء، وطريقة إقناعهم بالعمل معك، وكيفية التفوق على المنافسين.

6 خطوات لإنشاء شركة تدريب:

نستعرض فيما يأتي 6 خطوات لإنشاء شركة تدريب ناجحة:

1. التعرف إلى الجمهور المستهدف:

قبل أن تنشئ شركة التدريب، يجب عليك أن تحدد شريحة الناس الذين ستستقطبهم، وننصحك هنا بإجراء أبحاث السوق، وأفضل طريقة لذلك هي الاستعانة بشركة متخصصة في إجراء هذه الأبحاث، والتي يمكنها تقييم مدى فائدة مشروع التدريب التي تفكر في إنشائه.

أما إذا أردتَ حلاً أقل تكلفة، فيمكنك طلب آراء الناس، أو إجراء استطلاع غير رسمي، أو وضع نموذج بسيط على صفحتك على منصة "فيسبوك" (Facebook) أو صفحة الهبوط على موقعك الإلكتروني، تطلب فيه "التسجيل للحصول على التحديثات"، وذلك لتقييم مدى اهتمام الناس بالمشروع.

الهدف هو الوصول إلى جمهور محدد يستفيد من خدماتك قبل إطلاق شركة التدريب، وتحديد ما يحتاجون إلى تعلُّمه، أما الخطوة التالية فهي تحديد حجم هذا الجمهور، لتتمكن من تقدير أرباح الشركة.

يجب عليك التركيز على كل من الاستدامة والربحية قبل الالتزام بإنشاء مشروع تدريب عبر الإنترنت، وبالطبع لن تستطيع التأكد من مدى استدامة المشروع وربحيته إلا بعد أن تطلقه، لكن سيساعدك ذلك على تجنب اختيار مجال لا يدرُّ الأرباح.

يجب عليك أن تراعي أيضاً ما إذا كنتَ تطلق خدماتك لسوق محلية أم دولية، الأمر الذي يؤثر في أمور مثل المحتوى (فربما تحتاج إلى تقديم دورات تدريب محلية اعتماداً على الجمهور الذي ترغب في الوصول إليه)، وأسلوب تقديم التدريب (قد تحتاج إلى منصة تعلُّم إلكتروني كاملة الميزات للوصول إلى جمهور دولي بسهولة)، وحتى أسلوب الدفع، كما يجب عليك أن تحدد ما إذا كنت تستهدف السوق العامة أو الشركات.

فكر أيضاً في خيار تقديم التدريب للمؤسسات بصفة متعاقد خارجي؛ إذ لا تقدِّم جميع المؤسسات برامج تدريب داخلية، وحتى تلك التي تقدِّمها لا تلبي جميع احتياجات التدريب، فتستطيع في هذه الحالة أن تقدِّم لهم برنامج تدريب كاملاً يوفر عليهم عناء إنشائه ونشره.

2. استخدام التقنيات والأدوات المناسبة:

من الهام اختيار التقنيات المناسبة لإدارة مشروع تعلُّم إلكتروني ناجح؛ إذ يعتمد 50% منه على المحتوى و50% على أسلوب التقديم، والذي يشمل سرعة التقديم، وواجهة المستخدم، وسهولة الاستخدام، وتوفُّر الميزات، وغيرها من الأمور التي تعتمد جميعها على التكنولوجيا.

لقد أدت التكنولوجيا الحديثة والإنترنت عالي السرعة وظهور منصات لنظام إدارة التعلم (LMS) جاهزة وكاملة الميزات إلى تكافؤ الفرص، فمع توفُّر الأدوات المناسبة، أصبح بإمكان حتى شركة صغيرة يديرها شخصان التنافس مع شركة تدريب كبيرة وراسخة، وحتى لو لم تتمكن من تقديم حجم المحتوى ذاته، ولكنَّها تستطيع تقديم جودة عالية وأسلوب عرض مميز.

إضافة إلى ذلك، ستؤثر التكنولوجيا التي تختارها في مدى قدرتك على توسيع المشروع في المستقبل، فربما تريد أن تكون شركة التعلم الإلكتروني قابلة للتوسيع منذ بداية إطلاقها، ولكنَّ تحقيق ذلك ليس بالأمر السهل (ولا حتى تمويله ممكن)، لا سيما إذا كنت تفكر في إنشاء منصة التعلم بنفسك؛ لذا فهو ليس أمراً ضرورياً في بداية إنشاء المشروع.

في هذه الحالة، يُعَدُّ استخدام نظام إدارة تعلُّم قائم على السحابة الحل الأفضل؛ إذ تكلف مسؤولية حل مشكلة قابلية توسيع الشركة لمزود السحابة، لتستطيع بعدها توسيع خطتك (ونطاق وصول التدريب) كلما دعت الحاجة لذلك.

يتطلب هذا الحل أن يدفع المستخدمون رسوماً بسيطة تُدفع لمورد السحابة، ولكنَّ ذلك أفضل من دفع مبلغ ضخم مقدَّماً لإنشاء مجموعة خوادم، إلى جانب الرواتب التي يجب أن تدفعها لفريق تكنولوجيا المعلومات.

3. إنشاء المحتوى:

إنشاء المحتوى المناسب هو أساس نجاح مشروع التدريب، فمهما كان نوع التدريب الذي تقدِّمه، سواء أكان موجَّهاً للعامة أم للمؤسسات، يجب أن تكون جودة المحتوى عالية؛ لأنَّه ما سيميز مشروع التعلم الإلكتروني.

أنشئ محتوى احترافياً، ومصمَّماً بإتقان، وذا قيمة إنتاجية عالية، ودون صياغة ركيكة أو إضافة عروض مملة على برنامج "باوربوينت" (PowerPoint)، أو مقاطع فيديو غير مثيرة للاهتمام.

خصص ما يكفي من الوقت لإنشاء المحتوى بإتقان بنفسك، أو عيِّن كاتباً موهوباً واكتشف جميع الحيل التجارية التي تعزز جودة المحتوى، لكن أهم شيء هو اختيار نوع المحتوى الذي ستستثمر فيه، فربما أنت مهتم باللغة اللاتينية، إلا أنَّ هذا لا يعني أنَّ الآخرين يشاركونك هذا الاهتمام أيضاً، لا سيما وأنَّ الأشخاص المهتمين بها قليلون، ولا يكفي ذلك لتوسيع مشروع التدريب عبر الإنترنت.

يجب عليك أيضاً أن تنتبه من اختيار موضوع رائج حالياً؛ وذلك لأنَّ الناس قد يفقدون اهتمامهم به بعد فترة، فقد تكون العملات الرقمية موضوعاً رائجاً الآن مثلاً، لكن ربما لن يكون هاماً في العامين المقبلين، ولن تعود عليك الأموال التي استثمرتها فيه بالأرباح.

4. إقامة شراكة مع الأشخاص المناسبين:

قد ترغب بالعمل على جميع مهام المشروع بنفسك، ولا مشكلة في ذلك في بدايته؛ لأنَّك ربما لا تستطيع دفع تكاليف توظيف قسم مخصص للتسويق أو المبيعات، ولكنَّ القيام بكل شيء بنفسك ليس حلاً مناسباً أيضاً.

بدلاً من ذلك، ابحث عن عاملين مستقلين مناسبين وأقِم شراكة معهم؛ إذ يمكنك مثلاً توكيل مسؤولية أداء عدد من مهام إدارة الأعمال لمساعد افتراضي، أو توظيف موظفين مستقلين لأداء مهام التسويق، وحتى تعيين مصمِّمي تعلُّم وخبراء مادة لتصميم الدورات، فحدد نقاط قوَّتك وضعفك، ثم عيِّن أشخاصاً مناسبين لتولِّي المهام التي لا تتقنها.

5. التسويق للمشروع:

قد تعتقد أنَّك ستكون جاهزاً تماماً بعد الحصول على ترخيص لمشروعك، وإعداد المحتوى وتحميله، وتجهيز نظام إدارة التعلم للمتدربين؛ ولكنَّ هذا مجرد جزء من مشروع التدريب، أما الجزء الأصعب فهو تسويق هذا المشروع كي يسجل فيه ما يكفي من المتدربين.

يعتمد كل هذا على ميزانيتك التسويقية وبراعتك، فعلى الأقل يجب عليك أن تصمم موقعك الإلكتروني وخدمتك باحترافية استناداً إلى علامتك التجارية، ويعتمد أسلوب تسويق عروض التعلم الإلكتروني أيضاً على الجمهور.

على سبيل المثال، إذا كنت تقدِّم تدريباً حول مجال معين (مثل دورات إنتاج الموسيقى)، فمن الأفضل الإعلان عنه في المجلات والمواقع التجارية، أما إذا كنت تسعى إلى توقيع عقود تدريب مع المؤسسات، فيجب عليك النشر في منصات مثل "لينكد إن" (LinkedIn) والتحدث مع المديرين التنفيذيين مباشرة.

إذا كانت فكرة مشروع التعلم الإلكتروني مميزة والمحتوى مدروساً بعناية، فلن تبذل جهداً في تسويقه؛ وذلك لأنَّه سينتشر نتيجة مديح الناس للعلامة التجارية أمام معارفهم والمراجعات الإيجابية عبر الإنترنت، لكن لا تعتمد على ذلك فقط، وركز على التسويق دائماً.

6. إدارة المشروع:

هذا أمر واضح، لكن إذا أردت إطلاق مشروع تدريب عبر الإنترنت، فيجب عليك إدارته، فأولاً، يجب عليك التسجيل في دورة تدريبية سريعة حول الاقتصاد للتعرف إلى مفاهيم مثل الإيرادات والضرائب والتسعير.

لا تفترض أنَّك تعرف هذه الأمور وأنَّ إدارة المشاريع سهلة، فصحيح أنَّ بعض المفاهيم الاقتصادية معروفة، ولكنَّ معظمها ستكون جديدة عليك، فعدم فهم مفاهيم مثل التكلفة الغارقة وتكلفة الفرصة البديلة ومنحنى العائد، قد أضرَّ بكثير من الشركات، كما يجب عليك مراقبة المنافسين، والبحث عن فرص عمل وشراكات جديدة، ولا تنسَ أنَّ إدارة المشروع يتطلب وقتك وجهدك.

في الختام:

بعد معرفة كيفية إنشاء مشروع تدريب، وعلى الرغم من صعوبته، ولكنَّ هذا هو الوقت المناسب للعمل عليه؛ وذلك لأنَّ مجال التدريب عبر الإنترنت يستمر في الازدهار والنمو.