الدليل الكامل لتطوير مواد التدريب (الجزء الثاني)
ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "أندريو باري" (Andrew Barry)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في عملية تطوير مواد التدريب.
إذا كنت ترغب في تجنب الأخطاء التي تواجهها في أثناء جلسات التدريب وغيرها الكثير، فيجب عليك تطوير مواد التدريب التي تستخدمها، ففي الجزء الأول من المقال تحدثتُ عن 3 خطوات لتطوير المواد التدريبية؛ الأولى كانت عن إجراء تحليل للاحتياجات لحلول التدريب الخاص بشركتك، والثانية كانت عن تقييم المحتوى الحالي لعملية تطوير محتوى التدريب الخاص بك، أما الخطوة الثالثة فكانت عن دمج المعرفة السابقة للمتعلم، وفي هذا الجزء من المقال سنتابع الحديث عن باقي الخطوات؛ لذا تابعوا معنا.
الخطوة الرابعة: إنشاء مخطط الدورة
غالباً ما أخبر الخبراء المتخصصين من عملائي أنَّه يجب عليهم تحديد هدف التعلم الأساسي لكل عنصر من عناصر حلول التدريب المؤسسي الخاص بهم، وهذا هو الأساس لتحديد المحتوى الذي يجب إدراجه والمحتوى الذي يجب استبعاده.
سيتذكر المتعلمون (3-5) أمور فقط؛ إذ أظهرت الأبحاث أنَّ الذاكرة العاملة يمكن أن تحتوي على (3-5) عناصر منفصلة في وقت واحد، وإنَّ سعة تخزين الذاكرة العاملة هي ما تُمكِّن المتعلمين من تذكُّر الرسالة الشاملة لوحدة التعلم.
تُعَدُّ سعة تخزين الذاكرة العاملة هامةً؛ وذلك لأنَّها تُستخدم في المهام العقلية، مثل فهم اللغة "على سبيل المثال، الاحتفاظ بالأفكار من بداية مقطع فيديو تعليمي بحيث يمكن دمجها مع الأفكار لاحقاً"، وحل المشكلات "تذكر نماذج الحقائق عند محاولة التوصل إلى حل"، والتخطيط "تحديد الترتيب الأفضل لإكمال المهمة".
وإذا كان مقدار المحتوى الذي يمكنك إدراجه محدوداً، من الأفضل:
كتابة نتائج تعليمية جيدة:
من المفيد استخدام التصنيف للتفكير في نتائج التعلم؛ ففي شركة "كيوريوس ليون"، نستخدم تصنيف "كراثول المُنقح" (Krathwol’s taxonomy) لنتائج التعلم "وهو نموذج يصف طريقة معالجة الفرد واستيعابه لمواد التعلم على المستوى العاطفي".
البعد المعرفي:
يصل المتعلمون إلى مستويات أعلى من المعرفة عن موضوع ما، ومن هنا يجري التركيز على الأسماء المستخدمة؛ أي المصطلحات والتعاريف.
المستويات الأربعة هي:
- الواقعية: تعريفات المصطلحات والتفاصيل وعناصر المفهوم العام؛ على سبيل المثال: "ما هي وحدة الديسيبل؟" في دورة تتحدث عن الترددات الراديوية.
- المفاهيم: العلاقات المتبادلة بين العناصر الواقعية للمعرفة التي تُمكِّنها من العمل معاً؛ على سبيل المثال، مقياس ديسيبل وكيف يُقارَن بالواط.
- الإجراءات: معرفة الطرائق؛ على سبيل المثال، طريقة ضبط الهوائي في جهاز ما.
- ما وراء المعرفة: معرفة طريقة تفكير المرء؛ على سبيل المثال، كيف ستستجيب لمشكلة الهوائي هذه؟ وبعد مراجعة الحل، ما الذي فعلته بطريقة مختلفة؟
أبعاد العملية المعرفية:
ينتقل المتعلمون عبر مستويات أعلى من الفهم لكل مستوى معين من المعرفة، وهنا يجري التركيز على الأفعال المستخدمة؛ أي الكيفية.
والمستويات الستة هي:
- التذكر: استرجاع المعلومات من الذاكرة طويلة الأمد.
- الأفعال التي يجب استخدامها: يدرك، ويتذكر، ويدرج، ويُعرِّف ، ويحدد.
- الفهم: تحديد معنى الرسائل التعليمية.
- الأفعال التي يجب استخدامها: يفسِّر، ويُجسِّد، ويُصنِّف، ويلخص، ويستنتج، ويقارن، ويشرح.
- التطبيق: تنفيذ إجراءات في حالة معينة.
- الأفعال التي يجب استخدامها: ينفذ، ويطبق، ويستجيب، ويُوفِّر، ويستخدم.
- التحليل: تقسيم المواد إلى أجزاء واكتشاف طريقة ارتباطها ببعضها بعضاً والهدف الشامل.
- الأفعال التي يجب استخدامها: يُفرِّق، وينظِّم، ويعزو، ويختار، ويُدرِج.
- التقييم: إصدار الأحكام بناءً على المعايير والقواعد.
- الأفعال التي يجب استخدامها: يتحقق، وينتقد، ويحدد، ويحكم، ويفكر.
- الإنشاء: الجمع بين العناصر لتكوين وحدة متكاملة فريدة ومتماسكة أو لإنتاج نتيجة أصلية.
- الأفعال التي يجب استخدامها: يوفر، ويخطِّط، وينتج، ويُجمِّع، ويصمم، وينشئ.
يوجد إطار عمل مفيد آخر لكتابة الأهداف التعليمية الرئيسة، وهو التأكد من أنَّها أهداف ذكية (SMART) وتعني:
- محددة (Specific): هل تصف هدف التعلم الأساسي بأكبر قدر ممكن من التفاصيل؟ عادةً ما يكون هذا الأمر مُرضياً باستخدام الأسئلة الخمسة ماذا؟ ولماذا؟ ومن؟ وأين؟ وما هي الموارد أو القيود التي ينطوي عليها الأمر؟
- قابلة للقياس (Measurable): كيف ستعرف أنَّ هدف التعلم الأساسي قد تحقق؟
- قابلة للتحقيق (Attainable): ما هو مدى واقعية تحقيق هدف التعلم الأساسي؟
- ذات صلة (Relevant): هل يرتبط هدف التعلم الأساسي بأهداف المنظمة والاحتياجات التي حددتها في الخطوة الأولى؟
- مُقيَّدة زمنياً (Time-bound): ما هو الموعد النهائي لتحقيق هدف التعلم الأساسي؟ ومتى يجب أن يتحقق؟
الآن بعد أن أصبح لديك مخطط تفصيلي للدورة التدريبية، مع تحديد هدف التعلم الأساسي لكل عنصر، فقد حان الوقت للتعمق في تصميم تجربة التعلم المثالية التي ستوجه المتعلمين نحو تحقيق النتائج المرجوة.
الخطوة الخامسة: تصميم تجربتك التعليمية المخصصة
سنلخص النقاط الرئيسة بسرعة:
اختيار وسائل تعلُّم الوسائط المتعددة المناسبة للعمل:
توجد 4 أنواع أساسية من وسائل التعلم يجب التفكير فيها عند تطوير مواد التدريب:
- الفيديوهات "التسجيلات المباشرة والرسوم المتحركة"، وهي جيدة لإدارة الحمل المعرفي والتحفيز.
- البث المباشر، وهو جيد لجذب الانتباه والتفاعل.
- وسائل الإعلام المطبوعة، وهي جيدة لتركيز الدراسة والمعلومات الواقعية.
- اختيار المعلومات وعرضها، وهي جيدة للانتباه والتحفيز والفضول.
مخطط القصة أو نصوص نقل المعرفة الخاصة بك:
توجد 7 عناصر في تصميم التعلم يجب التأكد من ذكرها في تطوير مواد التدريب الخاصة بك، وهي:
- صياغة تدفق سردي للمحتوى الخاص بك.
- تطبيق مبادئ الوسائط المتعددة لإدارة الحمل المعرفي.
- اتباع إرشادات التصوير لتطوير الفيديوهات السريعة.
- توفير فرص للمتعلمين للتدرب في ظروف جديدة.
- توفير فرص للتفاعل مع الخبير.
- التحقق من تقدُّم المتعلم عن طريق إجراء عمليات تحقق منتظمة للمعرفة.
- تعزيز العمل الجماعي من خلال تشجيع المتعلمين على تقديم التغذية الراجعة لبعضهم بعضاً.
التفكير في تعزيز محتوى التدريب:
الخطوة الأخيرة في العملية المكونة من 5 خطوات هي تعزيز التعلم بعد الدورة، فلقد أصبح هذا الأمر هاماً بصورة متزايدة في عالم يُعَدُّ فيه العمل عن بُعد هو الوضع الطبيعي الجديد لمعظم الشركات، لكن ما هو نوع الدعم الذي ستقدمه للمتعلمين بعد انتهاء الدورة؟
من الأمثلة التي يمكنك استخدامها:
- أنظمة الأصدقاء لتعزيز المحتوى باستمرار من خلال التدخلات المصممة مسبقاً.
- ساعات العمل في المكتب لمعالجة أسئلة المتابعة من المتعلمين.
- عمليات التحقق عبر البريد الإلكتروني لطرح الأسئلة المصممة مسبقاً.
- لوحات المناقشة لتعزيز المناقشات التي تستمر بعد انتهاء الدورة.
لذا جرِّب هذه الإجراءات واحصل على تغذية راجعة من المتعلمين بشأن الأمور التي تنجح والأمور التي لا تنجح.
الخطوة السادسة: اختيار الفريق المناسب لإنجاز المهمة
يوجد عدد قليل من المناصب الهامة التي عليك الاعتماد عليها لبناء تجربة التعلم الخاصة بك، والأهم من ذلك، أنَّك تحتاج إلى مصمم تجربة التعلم، ومدير المشروع وكاتب سيناريوهات ومصمم جرافيك ورسام الرسوم المتحركة ومصور فيديوهات ومحرر ومطور.
لذا دعونا نستكشف الآن ما هي الأمور التي نبحث عنها لدى هؤلاء.
1. مصمم تجربة التعلم:
مصمم تجربة التعلم الخاص بك هو القائد لخطة العمل بأكملها؛ إنَّه يحتاج إلى فهم كل عنصر من عناصر عملية تطوير المواد التدريبية وكيف تتناسب جميعها مع بعضها، ومن الناحية المثالية، يشارك في الخطوات السابقة، ما لم يكون مسؤولاً عن كل الخطوات؛ إنَّه يحتاج أيضاً إلى أن يكون قادراً على المشاركة في أيٍّ من الأدوار المتبقية في الفريق وتطبيق الأفكار. وفي أيِّ مشروع تعليمي، يوجد عدد قليل من التفاعلات الأساسية التي يجب إدارتها بعناية.
لدى أصحاب المصلحة توقعات معينة لما يجب أن تحققه الدورة، وإذا كنت قد أنجزت عملاً جيداً في تحليل احتياجاتك، يجب أن تنعكس هذه التوقعات على أهداف التعلم الأساسية الخاصة بك، فإنَّ إدارة هذه الاحتياجات والقدرة على ترجمتها إلى ما هو ممكن في تجربة تعليمية مخصصة هو دور مصمم تجربة التعلم.
توجد طريقة أخرى تتضمن النظر في حقيقة ما هو ممكن، فنادراً ما يتطابق هذا الأمر مع توقعات أصحاب المصلحة تماماً، وتتمثل مهمة مصمم تجربة التعلم في نقل توقعات أصحاب المصلحة إلى بقية الفريق والتأكد من أنَّ المنتج النهائي يلبي المتطلبات مهما كانت القيود.
كما يحتاج مصمم تجربة التعلم إلى معرفة ما هو جيد؛ ويعني ذلك أن يكون مواكباً لتوجهات التعلم، والانفتاح على أفكار جديدة، وتقديم أفكاره الخاصة، كما يعني ذلك مراجعة كل عنصر من عناصر الدورة للتأكد من أنَّه يقدِّم رؤية لتجربة التعلم المخصصة.
2. مدير المشروع:
إنَّ مهمة مدير المشروع هي تسهيل المراسلات واتخاذ القرارات وتحديد المواعيد النهائية في عملية تطوير المواد التدريبية الخاصة بك.
3. كاتب السيناريوهات:
هو مسؤول عن تجميع المحتوى الخام في أيِّ تنسيق مطلوب حسب التصميم، فيمكن أن يكون هذا أيَّ شيء من البرامج النصية الخاصة بالفيديوهات إلى الرسوم البيانية ووصولاً إلى التعليم الإلكتروني التفاعلي.
الصفات الرئيسة التي يجب البحث عنها هنا هي الصفات الواضحة "القدرة على الكتابة" والصفات غير الواضحة 'القدرة على فهم موضوع جديد بسرعة، وتحديد النقاط الرئيسة والتعبير عن ذلك من خلال السرد المنطقي الذي ينقل فكرةً ما بوضوح".
4. مصمم الجرافيك:
في ظل عصر "سناب شات" (Snapchat) و"إنستغرام" (Instagram) و"تيك توك" (TikTok)، أنت تحتاج إلى مصمم جرافيك للحصول على المعلومات بسرعة، وقد ذكرت تلك الأمثلة لتسليط الضوء على حقيقة أنَّنا نعيش في عصر بصري متزايد؛ إذ تحكي الصور ومقاطع الفيديو القصيرة قصصاً كاملةً.
لذا يجب أن تبحث عن مصمم جرافيك لديه خبرة في تصميم الرسوم البيانية؛ إذ يُعَدُّ توصيل المعلومات بطريقة جيدة أمراً ضرورياً، وعندما يكون مصمم الجرافيك قادراً على تصميم أفضل طريقة لعرض المعلومات بصرياً سيتمكن من إضافة قيمة هائلة إلى فريقك.
5. رسام الرسوم المتحركة:
إذا أوصلت الصور المعلومات بسرعة أكبر من النصوص، فإنَّ الفيديوهات ستحقق ذلك بصورة أسرع أيضاً؛ إذ تُعَدُّ الرسوم المتحركة الوسيلة الأكثر فاعليةً من حيث التكلفة لإيصال المعلومات، ويمكن إنشاء الرسوم المتحركة بسرعة إذا كان رسام الرسوم المتحركة على علاقة عمل قوية وجيدة مع مصمم تجربة التعلم الخاص بك.
مرةً أخرى، ما تبحث عنه هنا هو شخص يمكنه تصوُّر الأفكار، وتحديداً في حالة الفيديوهات، وتقديم نموذج أولي سريع لهذه الأفكار للحصول على تغذية راجعة لتكرار الفكرة الأصلية، كما تجعل حلقة التغذية الراجعة المتكررة هذه الأمور أسهل على مصمم تجربة التعلم لتربط بين توقعات أصحاب المصلحة مع إمكانات وقيود مختلف أشكال التدريب متعدد الوسائط.
6. مصور الفيديوهات والمحرر:
ما نتحدث عنه هنا هو تصوير الحركات الحية؛ لذلك أنت تحتاج إلى شخص مبدع في استخدام الكاميرا، ومن منظور التحرير، فأنت تحتاج إلى شخص يتمتع بإحساس بالإيقاع؛ إذ يتم تقديم التعلم على شكل إيقاعات؛ تماماً كما هو الحال في الموسيقى، يجب أن يحافظ كل إيقاع من تجربة التعلم على اندماج المتعلم وتركيزه في اللحظات الدقيقة التي ترغب أن ينتبهوا إليها بشدة.
7. المطور:
أنت تحتاج إلى مطوِّر يتقن استخدام أدواتك لتجميع وتقديم تجربة التعلم المخصصة، فكل ما تختاره للتقديم سيتطلب بعض المواصفات التقنية، ويحتاج مطورك إلى أن يكون شخصاً ذكياً وناجحاً ومؤثراً في الفريق.
الآن بعد أن كوَّنت فريقك المناسب، ستدرك أنَّك بحاجة إلى طريقة لتتبع النشاطات اليومية.
الخلاصة:
في هذا الجزء من المقال تحدثنا عن 3 خطوات أخرى لتطوير موادك التدريبية؛ فكانت الخطوة الأولى عن إنشاء مخطط الدورة، وتحدثت الخطوة الثانية عن تصميم تجربتك التعليمية المخصصة، أما الخطوة الثالثة والأخيرة هنا، فكانت عن اختيار الفريق المناسب، وفي الجزء الثالث والأخير من المقال سنتحدث عن باقي الخطوات؛ لذا تابعوا معنا.