الخطوات الأربع للوعي اللحظوي وكيف تساعدك في اكتساب منظور أوضح كمتعلم
ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة جاكي كليفورد (Jackie Clifford)، والتي تتحدَّثُ فيه عن أهمية الوعي اللَّحظوي في إدارة الذات وتعميق الفهم الصحيح لعواطفنا وأفكارنا.
الوعي اللَّحظوي ليس مجرد كلمة طنَّانة، ففي الواقع يمكن أن يساعد فهم هذه الحقيقة على بناء الوعي الذاتي وتعميق القدرة على التعلُّم.
لم أفكِّر جديَّاً في مصطلح الوعي اللَّحظوي حتى فترة قريبة عندما بدأتُ بالاستكشاف والبحث؛ فوجدتُ مقالاً يعود إلى العام 2018 في موقع ترينينج زون (Trainingzone) بقلم الكاتبة ميجان ريتس (Megan Reitz)؛ حيث قدَّمَت تعريفاً ممتازاً لوصف الوعي اللَّحظوي كالتالي: "الوعي اللَّحظوي هو القدرة على مراقبة أفكارك ومشاعرك، وأحاسيسك ودوافعك وقت حدوثها".
قادني هذا إلى التفكير في أهمية التأمُّل اللَّحظوي بالنسبة إلينا جميعاً سواءَ كُنَّا كوتشز أم مدربين أم مسؤولين عن عملية التعليم والتطوير، ورحتُ أتساءَلُ كيفَ يُمكِننا التأكُّد من أنَّ أفكارنا أو عواطفنا لا تقف حائلاً بيننا وبين تحقيق الأهداف المطلوبة؟ وبالمثل كيف يُمكِنُنا التأكُّد من أنَّنا نستثمر خبراتنا وتجاربنا وكفاءاتنا على أكمل وجه؟ وكما نعرف فإنَّ إدارة الصحة والسلامة (HSE) تنظر إلى الوعي بالمواقف من وجهة نظر السلامة.
ما هو الوعي اللَّحظوي؟
نجدُ أنَّ الأمور لا تسير في كثير من المناسبات وفق ما خطَّطنا له تماماً؛ حيث تبدأ عواطفنا بالتأثير في سلوكنا بطرائق لا تصبُّ في مصلحتِنا، ويُحفِّزُنا الوعي اللَّحظوي على الانتباه إلى مشاعرنا وأفكارنا في أيَّة لحظة؛ حيث نستجيب بطريقة صحيحة إلى الموقف الذي نجد أنفسنا فيه، ويؤدي هذا إلى أفكار حول الوعي المُتعلِّق بالمواقف وإلى نموذج مُستمَد من إدارة الصحة والسلامة (HSE)؛ وهي هيئة أجد نفسي أكثر أعجاباً بها هذه الأيام.
إذاً كما قُلنا فإنَّنا نتوقَّعُ أن يتمَّ النظر إلى الوعي المُتعلِّق بالمواقف من وجهة نظر السلامة؛ وذلك وفقاً لمعايير الصحة والسلامة والبيئة والنظر إلى الأمور من زاوية إنشاء بيئة آمنة تتيح للأفراد والشركات والفِرَق التعلُّم.
خطوات نموذج إس إل إيه إم (SLAM):
- التريُّث (Stop).
- التفكير (Look).
- التقييم (Assess).
- الإدارة (Manage).
هذه الخطوات الأربع مفيدة لنا جميعاً من أجل تطوير وعينا اللَّحظوي؛ سواء كُنَّا نمارس التدريب أم الكوتشينغ أم كُنَّا في اجتماع مع المعنيين الذين يستكشفون مشروع التعلُّم والتطوير، وهذه هي الطريقة التي يتم من خلالها استخدام خطوات هذا النموذج عندما لا تسير الأمور كما هو مُخطَّط لها أو تخرج مشاعرنا عن السيطرة:
1. التريُّث:
خُذْ بعض الوقت لتهدأ، ويُمكِنُكَ القيام بذلك من خلال طلب استراحة قصيرة في أثناء القيام بالعمل، والطلب من المشاركين القيام ببعض التأمُّل، أو يُمكِنُكَ ببساطة أن تطلب بعض الوقت من أجل الراحة، وستكون لديك الفرصة خلال الاستراحة للتركيز في نفسك من الناحية الذهنية والعاطفية والجسدية، وهذا يقود إلى الخطوة التالية.
2. التفكير:
يُمكِنُكَ من خلال التركيز في تنفُّسك أن تُثبِّطَ تأثير الهرمونات التي تؤدي إلى التوتُّر، كما يُمكِنُ أن يساعدك ذلك على تنظيم أفكارك والتفكير في مشاعرك، ولا تستند معظم معتقداتنا عن موقف ما إلى الحقائق، كما أنَّه من الممكن أن يكون لها تأثير كبير في استجاباتنا العاطفية التي تَظهَر في سلوكنا، ويُمكِنُنا من خلال تمحيص أفكارنا ومشاعرنا أن نكون أكثر موضوعية؛ حيث نُحلِّلُ عواطفنا من منظور عقلاني، وبعدها نكون جاهزين لاتِّخاذ الخطوة الثالثة.
3. التقييم:
بعد أن نعود إلى حالة عاطفية أكثر موضوعية يُمكِنُنا تقييم الموقف الذي نجدُ أنفسنا فيه من حيث علاقته بأهدافنا التي نخطط لها، ويمكن أن تسأل نفسك الأسئلة التالية:
- ما الذي نحاول تحقيقه هنا؟
- إلى أي مدى يساعدني مساري الحالي على تحقيق الهدف؟
- ما مدى فائدة المناقشة التي نجريها الآن؟
- إلى أي مدى تؤثر تحيزاتي وقيَمي ومعتقداتي في الوضع الحالي، وما فائدة ذلك؟
- كيفَ يُمكِنُني استثمار خبراتي الخاصة لإضافة قيمة إلى هذا الموقف؟ وما الذي يُمكِنُ أن يكون مفيداً في حال شاركتُه مع الآخرين؟ وما الذي يجدرُ بي أن أحتفظ به لنفسي؟
- ما هي الأشياء التي من المُحتملِ أنَّها تجعلني أشعر بعدم الأمان للتعاون مع الآخرين بطريقة بنَّاءة؟
- ما هي الأشياء التي من المُحتمَل أنَّها تجعل المشاركين الآخرين يشعرون بعدم الأمان للتعاون بطريقة بناءة؟
- ما هي أفضل طريقة لاستخلاص بعض الدروس من هذا الموقف؟
بعد أن نضع في الحسبان هذه الأسئلة، يُمكِنُنا أن ننتقل إلى المرحلة الرابعة.
4. الإدارة:
العنصر الأول في عملية الإدارة هو إدارة الذات، وهو ما كنَّا نقوم به في الخطوات الثلاث الأولى، وأحد الأسئلة القيِّمة التي يُمكِنُ أن نسألها لأنفسنا في هذه المرحلة هو: "ما هي الخيارات المُتاحة أمامي حالياً؟" ومن ثم يُمكِنُ أن نسأل أنفسنا: "كيف سيكون ردي على هذا الموقف؟" من خلال طرح هذه الأسئلة على أنفسنا فإنَّنا نرسل رسالة إلى دماغنا مفادها أنَّنا نمتلك زمام الأمور مجدداً، فقد فكَّرنا في مرحلة التقييم بالاحتمالات المُمكِنة، ويُمكِنُنا في هذه المرحلة البدء بتنظيم وإدارة أنفسنا بطريقة استباقية.
بمجرد أن نصبح قادرين على التفكير بحيادية وموضوعية؛ يُصبِحُ في إمكاننا التفكير في استراتيجيات لدعم وإدارة بقية الأشخاص ممَّن يحضرون الاجتماع، وستكون هذه المَهمَّة أسهل إذا كنتَ المُيسِّر أو مَن يترأَّس الاجتماع، كما يُمكِنُنا مساعدة الآخرين على استعادة تركيزهم من خلال تذكيرهم بالنتائج المرجوَّة، ومن ثم مساعدتهم على اتِّباع نموذج إس إل إيه إم بأنفسهم.
في الختام:
يزدادُ إعجابي بالتأمُّل في بيئات العمل، وبالطرائق التي يُمكِنُ أن تُحفِّزنا وتحفِّز الآخرين على القيام بذلك، وقد أدخلتُ الوعي اللَّحظوي والوعي المُتعلِّق بالمواقف إلى مجموعة ممارساتي اليومية، وآمل أن يُشجِّعكم هذا المقال على استكشافِ المزيد حول هذه المفاهيم وكيف يمكن أن تساعدكم على أداء عملكم.